شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الدكتور عبد الله المعطاني أستاذ اللغة العربية
بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين لعلَّ الأستاذ القرقوري فتح لي بداية أجد أنها فرصة لكي أتحدث عنها وهي الاثنينية أنا أتصور أن الاثنينية اسم تدفق في شرايين الثقافة السعودية، وترحّلَ على أجنحة سندباد المعرفة إلى العالم العربي، لا أدري إلى العالم الآخر يبدو أن فيها، لكن إلى العالم العربي دعنا نقول هذا، الاثنينية أيضاً هي حضور للصالونات الأدبية الموجودة في تراثنا العربي وخاصة في الأندلس، لأن الأندلس استطاعت أن تُبِاهي بصالوناتها وبلقاءاتها في المساء حتى أنك حينما تقرأ "نفح الطيب" للمبقري أو حينما تقرأ مثلاً "البيان المغربي" للمراكشي أو "الذخيرة" لابن بسام تجد أن هذه الكتب تحفل بالأمسيات الثقافية، وأنا أتصور أنها خطوة صحيحة وجريئة إلى الحضارة والثقافة، ودعوني أنتشلكم قليلاً من صرامة الكلمات العلمية فأذكر أن المنصور بن أبي عامر كان في مجلسه وفي صالونه يتناشدون الشعر ويطرحون الفكر ويغنّونَ الموشحات، فطربوا ورقصوا وجاء الدور إلى أحد الوزراء المشلولين فقالوا نعفيك من الرقص قال ولكنها والله في نفسي أيها الأمير أريد أن أرقص وليمسك بي أحدهم، فأمسك به أحدهم قال قصيدة يخاطب المنصور ابن أبي عامر:
قال هاك شيخاً قاده عذر
لك قام في رقصته مستمسكاً
عاق عن هزها معتدلاً
نفرسٌ أحنى عليه فاتكاً
أنا لو كنتكما تعرفني
قمت إجلالاً على رأسي لكا
قهقه الإبريق مني ضحكاً
ورأى رعشةَ رِجْلِي فبكى
 
أنا أتصور أن العرب حينما تقول أن للشعر شيطان أو شياطين يبدو أن الأستاذ زاهد زهدي يبدو أنه أهداني هذا الشيطان في هذه الليلة، فسوف أتحدث قليلاً عن المحتفَى به الأستاذ سمير عطاالله، ولكي لا أنساه فأنا أرحب به ترحيباً حاراً ومتدفقاً من خلال ثنايا الثقافة والأدب في هذه البلاد، والتي لا شك أننا نفخر بها جميعاً أكثر مما نفخر بأي شيء آخر.
الأستاذ سمير أقتنص نقطتين وأتحدث عنهما، أولاً الغربة، مما لفت نظري في سيرته الذاتية أنه قد ترحل كثيراً ويبدو أن الغربة تقدح زناد الفكر والثقافة والأدب، وقد قال هذا أجدادنا العرب في كثير من تعليق على النقاد خاصة التعليق على القصائد الإبداعية، وأتساءل لماذا الغربة يا أستاذنا؟ لماذا أنت تركت لبنان الجميلة وترحلت في هذه البلاد؟ هل تحضر لدينا قصة الجواهري الذي دخل مطعماً في باريس هو ومجموعة معه وقال أحدهم لماذا لا تدخل يا أستاذ محمد؟ قال دعني أشم الهواء الذي لم أستطع أن أشمه في بلادي، هذا تساؤل. النقطة الثانية: الأسلوب الأدبي الرفيع الذي يكتب به الأستاذ سمير عطا الله، وأتصور أن الصحفي الذي يؤثر في الناس لا يمكن ولا يتأتى له أن يكون صحفياً ناجحاً إذا لم يمتلك ناصية اللغة، إذا لم يمتلك ناصية هذه التراكيب الجميلـة والدلالات المبدعة والإيماءات والرمز، وكيف يتلاعب ويتعامل مع المعنى ومع الكلمة أتصور أنه يفقد شيئاً مهماً كما قال، قالت العرب وقال المرزوقي: الكلمة تُسْتَكْرَمُ بانفرادها، ولكنها إذا دخلت في جملة ليست هي منها تضيمها أو تهجّنها فتصبح اللغة ليست لغة متمكنة وليست لغة مؤثرة، أنا أتصور أن أيضاً الذين نجحوا في دراسة العلم في السابق كانوا أدباء وكانوا يمتلكون ناصية هذه اللغة والأسلوب الجميل، ولعلَّ هذا طبعاً يعني مبحث يمكن أن يُطْرَقَ بشكل أكثر لو كان هناك حديث ندوة أو ما إلى ذلك عن الأستاذ سمير، لقد كتبتَ يا سيدي عن الرحلات، والشعر رحلة إنسانية تتغلغل في أعماق الحضارة، وقلتُ لكم بأن هذا الشاعر الكبير أهداني شيئاً من شيطانه أو كما تقول العرب "التلازم اللفظي" أن اللفظة تستعدي أختها أنا أهديك قصيدة من شعري لا أريد أن أباري بها شاعراً كبيراً مثل زاهد زهدي كتبتها قبل خمس سنوات عنوانها "وجوهٌ في الضوضاء" وهي هديةٌ من مثقفٍ بسيط:
أبْحَرَ الركبُ وفاتَ المركبُ
فكأنْ العمرَ نهرٌ ينضبُ
لا تلمْني حين أبدو ساكناً
أربعون السن مني تهربُ
كَمْ أعاني من شظايا غربةٍ
عبر ليلٍ عزَّ فيه المطلبُ
في زوايا الجُرحِ تسمو قامتي
ما عرفـت الخوف ممن يغضبُ
أنفض الرملَ على سرب القطا
وأغني حين يصفو المشربُ
حاملاً غصن الخزاما في يدي
وزهور الشيح بَرْقٌ خُلَّبُ
في ثرى التاريخ يهتز الثرى
من دماءٍ لونتها يعربُ
من صهيل الخيلِ في شطآنها
وشتاء الحزن ليلٌ مُجْدِبُ
يا رفيق الدرب والصوت أسى
يجرح الصمت بلحنٍ يطربُ
في هجير الليل مزقتُ المدى
عن ظلامٍ غاب فيه الكوكبُ
أشعلتْهُ الشمس في أحشائها
وتوارتْ عن مداها الأرنبُ
يعزف اللحن على قيثارةٍ
في دماء الطلح شعراً يُسْكَبُ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: إذن كما قال الشيخ عبد المقصود نبدأ الحلا ونستمع إلى قصيدة لشاعرنا الكبير زاهد زهدي تكريماً لضيف هذه الليلة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :451  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 104 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج