شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ والصلاة والسلام على خير خلقه وحبيبه محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.
الأساتذة الأكارم، الأحبة الأفاضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باسمكم جميعاً أزجي أطيب تحية لضيفنا الصحفي اللامع والأديب الكبير الأستاذ سمير عطاالله، الذي تفضل مشكوراً واستجاب لدعوة اثنينيتكم قاطعاً برنامجه المعتاد، حيث قَدِمَ من لبنان خصيصاً لإسعادنا بصحبته التي لا تمل وحديثه الثري بكثير من تجارب السنين، فله خالص الشكر والتقدير على حسن ظنه بنا ومبادرتنا مشاعر المودة والمحبة، مع تمنياتنا له بطيب الإقامة في بلده الثاني الذي يسعد بأن يضمه في هذا الثغر الباسم بكل الترحاب.
وأرجو المعذرة عندما أقف في البداية مع خاطر غريب فمع اسم ضيفنا الكبير يتداعى لذاكرتي اسم السندباد، ذلك المغامر الذي جعلنا منه أسطورة انطلاقاً من حب المغامرة الكامن في اللاشعور الجمعي لتفكيرنا الثقافي، وأحسب أن الجينات العربية تحمل بينها ما هو متعلق بحب الموانئ والأرصفة والمطارات، وهو تطور طبيعي لمسألة الخيل والليل والبيداء. وعندما يقترن ذلك العشق القديم بعشق الصحافة فإن الإنسان حتماً يتحول إلى سندبادٍ عصريٍ كحالة ضيفنا الكبير الذي وُلِدَ ليكون صحفياً، فَسَرَتْ موهبة الكتابة في دمه منذ أن كان يافعاً، عاش شطراً مقدراً من عمره بين العواصم الغربية متعلماً ومتأملاً وكاتباً ومحاضراً وجاب العالم ليخرج منه بثمرات أبدعها قلمه لتلقى نبضاً يحمل اسمه على مر السنين، وبنى لنفسه مجداً أدبياً وصحافياً بدأبه وجهده المتصل وسعيه المستمر.
وكما تعلمون فإن هناك نشاطين ثقافيين يتنازعان ضيفنا الكريم هما الصحافة والأدب، وكلاهما حرفة تعتمد على شك القلم في كسب الرزق، وهي حرفة قام بها ضيفنا بشرف وأمانة ولا نزكيه على الله، فما رأَيْنَا فيه غير نزاهة النفس ونظافة اليد وعفة اللسان في الوقت الذي صال وجال فيه عبر صحف ذائعة الصيت، ولو أراد أن يستغل قلمه وفكره لخدمة أهداف خاصة، وتحقيق غايات آنية لأمكنه ذلك، ولكن شرف المهنة كان له حصناً من الانزلاق إلى أحضان الإسفاف فثبت على مبادئ الخير والحق ونبل العطاء، مما أتاح له خلق علاقات طيبة مع كبار الساسة والزعماء والأدباء على حد سواء، ولعل الشرفة الأكبر بروزاً التي يطل منها ضيفنا الكبير على عالم قُرّائه الفسيح كل يوم هي زاويته الشهيرة التي تحمل اسمه في الصفحة الأخيرة من جريدة الشرق الأوسط وهي زاوية مميزة اعتباراً من عنوانها، فقد عرفنا الزوايا تأخذ عناوين من ابتكار الكاتب أو تكون ثابتة عبر السنين، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تُحْصَرَ ومن أمثلة الزوايا أو الأعمدة الشهيرة في صحفنا المحلية (للعقلاء فقط) لمعالي الدكتور محمد عبده يماني في جريدة الندوة، و(مع الفجر) للأستاذ عبد الله خياط في "عكاظ" و "ظلال" للسيد عبد الله الجفري في "البلاد"، بالإضافة إلى عموده الآخر "نقطة الحوار" في جريدة الحياة الذي يجاوره في نفس الصفحة عامود "عيون وآذان" للأستاذ جهاد الخازن، و "أضعف الإيمان" للأستاذ داوود الشريان، في الصفحة الثالثة من نفس الصحيفة الحياة، والأمثلة كما ذكرت أكثر من أن تُحْصَى في هذا المقام غير أن ضيفنا ومعه كوكبة أخرى من الصحفيين انتهجوا أسلوباً آخر معروفاً حيث جعلوا أسماءهم عناوين ثابتة للأعمدة التي يكتبونها يومياً مع إضافة عنوان آخر للموضوع الذي يتحفوننا به، وربما لهم مبرراتهم للسير وفق هذا الأسلوب الصحفي المختلف وقد يكون لضيفنا الكريم ما يضيفه حول هذا المنهج، والمتتبع لكتابات الضيف الكريم في زاويته اليوم في الشرق الأوسط (الجريدة) نلاحظ جماليات اللغة التي يحرص عليها فتعكس عباءة الأديب التي يتحرك من خلالها كصحفي، كما يلاحظ دقته في اختيار المعاني والكلمات، فلا تجد حشواً لا طائل منه، ولا تكراراً مملاً ولا سفسطةً مخلة بالموضوع، ونجده دائماً الحريص على توخي العمق والشفافية في تشريح الواقع سواء كان سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو أدبياً، وقد منحه الله سبحانه وتعالى مواهب متعددة وحاز عبر قراءاته ورحلاته على قاعدة ثقافية ومعلوماتية عريضة مكنته من الكتابة حول كثير من المواضيع على أرضية صلبة من المعرفة والثقة بالنفس، وكما تعلمون فإن كتابة العمود اليومي تعتبر من أصعب المهام التي يتصدى لها الصحفي، لأنه مطالبٌ أن يَمْثُلَ أمام محكمة قرآئه التي يعقدونها كل صباح في تداول ما يطرحه عليهم من آراء وأفكار فإن كانت متجددة وتضيف إليهم شيئاً مفيداً أصدروا صك براءته وازدادوا به تعلقاً وإعجاباً وأثنوا عليه بما يستحق، وإلا فإنه سيتعرض لأقسى أنواع العقاب، وأهونها تجاهل ما يكتب، وأجد من واجبي أن أقول كلمة حقٍ في هذا السياق أنني شخصياً ما قرأت قط لضيفنا الكبير إلا واستفدت منه شيئاً إن لم يكن في المضمون فعلى الأقل في الأسلوب والطرح الذي لا يخلو من الذكاء والجهد الواضح في صياغة الموضوع الذي تحكمه مساحة محدودة، وفي هذا ما يذكرني بالرباعيات التي أعتقد أنها أقرب الأشكال الإبداعية للعمود اليومي فكلاهما معاناة لا تخلو من لذة الألم ولا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها.
ضيفنا أيها الأخوة الأفاضل كاتب ومحلل سياسي تتسم كتاباته بعمق كبير، يرسم بقلمه اللوحة الأدبية التي يريدها لموضوعه ويمتاز أسلوبه بالسهل الممتنع وهو كما تعلمون أسلوب بلاغي يظن الكثيرون سهولته ولكن تستعصي ألفاظه من يرومه إلا من أوتي حظاً وافراً من البيان والثقافة، وضيفنا واحد من أولئك القلائل الذين تحس وأنت تقرأ فكره كأنه يسامرك، أو كأن بينك وبينه صداقة متجذرة، يجذبك بتعابيره التي يختارها بعناية وسرعان ما تتسرب آراؤه إلى نفسك مقتنعاً ومعجباً بها، إنه أسلوب المتمرس والخبير الذي يضع الكلمة والعبارة في مكانها المناسب ويعرف أي الكلمات استقراراً في حنايا الوجدان.
ولضيفنا الكريم مواقف مشرفة مع ما يمليه الحق وعدالة القضايا المطروحة على الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة فيما يتعلق بهذا البلد الكريم، الذي تحاول بعض الجهات المشبوهة طمس إنجازاته، والانتقاص من دوره الريادي في بعض المسائل الهامة، والكيل بمكيالين نصيبنا منهما للأسف الحشف وسوء الكيلة، فنراه يتصدى لمثل هذه التشوهات الأخلاقية مشكوراً بجرأة من يعرف أمانة الكلمة وقدر مسؤوليتها الجسيمة، عاملاً على رفع الظلم والحَيْفِ مهما كانت المغريات مجزية وجذابة للوقوع في أحضان الباطل، ونحن إذ نكرمه إنما نشد على يديه مهنئين بالثقة التي أولاها إياه أبناءُ هذا الكيان الحبيب مع بقية أبناء الأمة العربية، مؤكدين في نفس الوقت أن الحق أبلج وهو يعلو ولا يُعْلى عليه، وضيفنا الكبير الذي عاش في معترك الصحافة منذ نعومة أظفاره ممن يفرقون تماماً بين الشحم والورم وهو القادر بمشيئة الله على مواصلة مشواره رغم الأشواك والأعاصير ويعلم تماماً أن طريق الحق لا يُفْرَشُ دائماً بالورود والرياحين.
أتمنى لكم أمسية طيبة مع ضيفنا الكبير، ويسعدني أن أغتنم هذه الفرصة لأهنئكم بقرب حلول شهر رمضان المبارك سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يعيده عليكم وعلى الأمة الإسلامية وعلى الجميع باليمن والخير والمسرات، وبهذه المناسبة الكريمة وكما تعودنا خلال السنوات الماضية فإن الاثنينية ستحتجب اعتباراً من هـذه الأمسية على أن نعود بإذن الله للتواصل مجدداً اعتباراً من السابع عشر من شوال 1420 هجري الموافق 24 من يناير 2000 م لتكريم سعادة الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسسكو).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
الشيخ عبد المقصود خوجه: اعتذر بادئ ذي بدء عن عدم حضور معالي الدكتور محمد عبده يماني المفكر الإسلامي الكبير وزير الإعلام الأسبق الذي أكد حضوره لإلقاء كلمة ترحيبٍ لضيفنا الكبير إلا أن مرض والده حال دون ذلك فلذا وجب التنويه، وشكراً.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :759  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 100 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.