شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ المفكر والكاتب المعروف
عابد محمد علي خزندار ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الغريبة من غرائب الصدف أنّه الآن كانت هنالك مباراة بين الاتحاد والأهلي وشاهدت الشوط الأول ومع الأسف الأهلي منتصر واحد صفر - وما أدري كم نتيجة المباراة ؟ - تعادل والحمد لله.
عبد الحميد مشخص واحد من عشاق الحرف واحد أيضاً من عشاق المستديرة المجنونة، ولأنني مثله فإنني أستطيع أن أكتب عن هذا العشق وأنا أذكر كلمات جوستاف فلوبير مؤلف رواية مدام بواريه الذي يقول: والآن بعد أن احترقت أصابعي أستطيع أن أكتب بعض الكلمات عن طبيعة النار، ما معنى أن نعشق الحرف ؟ هل أردد قول عمر بن أبي ربيعة:
قال لي صاحبي لأعلم ما بي
أتحب البتول أخت الرباب؟
قلت وجدي بها كوجدك بالعذب
إذا ما مُنِعْتَ طيب الشراب
هكذا كان حبنا للحرف، وكنا نعيش فعلاً في صحراءَ فكريةٍ قاحلةٍ، وكان الماء الذي يصل إلينا من القاهرة غيض يكاد ينبض فور وصوله، وكنا نتلقفه وننهل منه ونعتل كما يفعل الظمآن الذي مُنع منه طيب الشراب. كان ذلك في الأربعينات الميلادية بالنسبة لي أو أوائل الخمسينات الهجرية وربما في الأربعينات الهجرية أو قبل ذلك بالنسبة لأستاذنا المشخص. وكان طالباً في مدرسة الفلاح في جدة وكنتُ وربما بعده بعشر سنين طالباً في مدرسة الفلاح بمكة المكرمة، وكان المَعِين الأول للثقافة لنا هو مجلة "الرسالة" التي كان يصدرها منذ أوائل الثلاثينات في مصر الأستاذ أحمد حسن الزيات والتي توقفت مع بداية الثورة أي في عام 1952 م والتي أصدرتها الثورة بعد ذلك ملونة، تلوّن فيها كل شيء حتى الأخلاق،"الرسالة" التي كنا نعرفها كان يكتب فيها العقاد، والمازني، وزكي مبارك، والرفعي، وسيد قطب، وسعيد العريان، ومحمد عوض محمد، وعلي الطنطاوي، ومحمود الخفيف، وفيما بعد أنور المعداوي، وعباس خضر، وهؤلاء كانوا أساتذتنا، وتعلمنا منهم أن الكلمة أمانة وأن الحرف يتلوث حين يفقد ماءه وأن الإنسان حين يتلوّن يقضي بقية حياته بدون لون أو طعم أو رائحة:
كورق جفَّ وصوّح
أودى به الصبا والدبور
كما يقول عدي بن زيد. وعشْقُنا للحرف قادنا إلى مغامرات كانت غير مأمونة في ذلك الوقت، فأصدر المشخص مع الشيخ إبراهيم الحسون وهو مازال في مدرسة الفلاح مجلة اسمها (المتحف )، وأصدرتُ بالاشتراك مع الأخ عباس غزاوي في مكة مجلة اسمها (اليقظة )، وكان هناك كما قلت العشق الآخر، وهو عشق المستديرة المجنونة (كرة القدم) فكون المشخص مع بعض زملائه في الفلاح - مثل عبد العزيز جميل، وعبد الصمد نجيب، وحمزة فتيحي - فريقاً للكرة، وكان هذا الفريق هو النواة التي تمخض عنها فيما بعد نادي الاتحاد.
وفيما أعرف تولى كل من المشخص وعبد العزيز جميل وحمزة فتيحي رئاسة نادي الاتحاد، وبعد ذلك فرقت بينهم الأيام، فذهب عبد الصمد نجيب، وإبراهيم حسون إلى الإحساء للعمل مع زكي عمر، أما المشخص فقد ذهب إلى الرياض وعمل في إدارة المراقبة مع عبد الله بن عدوان، وقد عرفتُ المشخص في أوائل الثمانينات الهجرية، حينما التحقت بالعمل في وزارة الزراعة وكان يشرف أيامها على مجلة الوزارة ويحررها وكان مكتبه بجوار مكتب السيد عبد الله الدباغ، وكنت أزوره كل صباح وأقضي معه بعض الوقت، نتجاذب أطراف الحديث عن معشوقتينا الكلمة والكرة، ذلك أن عشق الكرة لم يغادره، فقد أسس في الرياض نادي الشباب الذي كان النادي الوحيد فيها، والذي انفصل عنه فيما بعد جماعة أسسوا نادي الهلال، فالفضل في نشأة الرياضة في الرياض يعود إلى المشخص، وقد ورثت منه حب نادي الشباب، ولو أنني "وحداوي" أولاً خاصة وأنّ كثيراً من موظفي وزارة الزراعة كانوا أعضاء فيه أي في نادي الشباب، ومنهم واحد كان يعمل معي اسمه (محمد جمعة حربي) أصبح بعد ذلك رئيساً للنادي ثم فرقْتنَا الأيام أنا والمشخص، نقلتُ للعمل بوادي السرحان في شمال المملكة، والمشخص انتقل إلى مصر للعمل بها، وبعد ذلك لم ألتق به إلا إلماماً حين كنت أزوره في مصر. وأسعد بالجلوس في مجلسه الذي كان يضم لفيفاً من الأدباء، على أن من يجب في النهاية أن يُذكر لمشخص هو صداقته مع حمزة شحاته، ولولا هذه الصداقة لضاع كثير من شعر شحاته وقد أهداني في إحدى زياراتي له ديواناً صغيراً لحمزة شحاته باسم (شجون لا تنتهي) طبعَتْهُ دار الشعب وهو على صغره ثمين جداً، ويكفي أنه ضم هذه القصيدة التي أسقطها فيما بعد الديوان المطبوع له والذي أشرف عليه محمد علي مغربي، والقصيدة هي، لن أذكر عنوانها.
أكل ما نحن حيث نحن مقيمان
على الخسف ليس نرجو فكاكا
كأسريْن لا نريم ولا نملك سعياً
والكون فاض حراكا
تَرسل الشمسُ حرَّها فوق رأسْينا
والريح طعنت دراكا
وتعبـث الطير فينـا علـى ضعـف قواها
ضراوةً وانتهاكا
لا الأديم مبسوط فيـه لنـا فسحـة خطو
ولا بلغنا السماكا
وأُرانا وعمرنا نهبة العجز
ستقضى كما حيينا ركاكا
أفهذا لأننا ننكر العيش غلابا
ونحتويه عراكا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: نذكر حضراتكم أنه ستكون كلمة في نهاية كلمات المتحدثين لسعادة ضيفنا ثم بعدها يُفتحُ الحوار كالعادة، نأمل التكرم من لديه سؤال أو استفسار سيوجه لسعادة ضيف الاثنينية أن يوافينا به وليته يكون سؤالاً واحداً حتى لا نثقل على سعادته. الشاعر المعروف الكبير الدكتور زاهد زهدي اطلع على بعض قصائد لضيفنا هذه الأمسية وله تعليق وآراء يسعدنا أن نستمع إليها في بعض قصائد ضيفنا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :646  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.