(( كلمة سعادة الدكتور حمد بن ناصر الدخيل |
الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، الحمد لله نحمده ونستعين ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له والصلاة والسلام على النبي الأمي البشير النذير وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. |
سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه صاحب الاثنينية أصحاب السعادة، أيها الأخوة من علماء وأدباء ومثقفين وصحفيين... أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
ويسعدني كثيراً أن أشارك في فعالية هذه الأمسية المباركة المخصصة لتكريم فارس من فرسان الأدب وجهبذ من جهابذة الكلمة المعبرة ذلك هو الأستاذ الزميل الدكتور حسين علي محمد أستاذ الأدب العربي في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض... وكلمتي هذه ستتناول جانباً يسيراً من اهتمامه بالنقد الأدبي وهو أحد الجوانب الأدبية التي أبدع فيها: |
حسين علي محمد ناقداً: كنت أتابع منذ زمن ليس بالقصير عن طريق القراءة والسماع ما تقوم به اثنينية الوجيه الأديب عبد المقصود خوجه من نشاط جم متواصل في رعاية الأدب بتكريم شخوص رجاله، وما تؤديه من خدمات جله للحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية وفي الوطن العربي الكبير باستضافة المبدعين من شعراء وكتاب ومؤلفين أثروا الساحة الأدبية بإصداراتهم ومؤلفاتهم، التي تهدف إلى تعميق دور الأدب العربي في الحياة المعاصرة والسمو برسالته في خدمة المجتمع والاتجاه إلى توظيف فنونه ومضامينه في تهذيب الأذواق ونشر الثقافة الأدبية الأصيلة والارتقاء بمستوى الأداء والتعبير، وكنت في شوق شديد إلى حضور جانب من فعاليات الندوة لأمتع ذائقتي بما يُلْقَى فيها من روائع البيان وأغني ذهني بما أسمعه من أخبار الأدب والأدباء ولكن كان يحول بيني وبين ما أريد طول الشقة وبعد المزار وتنائي الدار. |
ومما زاد من قيمة الاثنينية في نظري أنها تسعى إلى تكريم الأدباء الذين كان لهم أثر بارز في إثراء الأدب العربي بالبحوث والدراسات والإبداع في فنونه المختلفة لا تفرق بين أدب حديث وقديم ومعاصر، بل تنظر إلى الأدب باعتباره وحدة واحدة في جميع العصور لا تنفصم عراها ولا يفصل بين حلقاتها زمان ولا مكان، فتكرم أدبياً عُنِي في بحوثه ودراساته بالأدب العربي القديم، وتُكَرِّمُ في الوقت نفسه أديباً انصرف في دراساتـه إلى الأدب العربي الحديث، وتستضيف أديباً أبدع في ميدان الأدب شعراً أو رواية أو قصة... وتكرم أديبـاً من المملكـة أو مصر أو الشام أو من المغرب أو من أي قطر من الأقطار العربية دون تفرقة أو تمييز فشكراً لمنشئها الأديب الأريب الذي سخا بماله وجهده ووقته ومنحها صفة الديمومة والاستمرار. |
أما أديبنا الذي سعت الاثنينية إلى استضافته وتكريمه هذه الليلة وسعدت بحضورها والمشاركة فيها فهو رجل من رجال الأدب متعدد الجوانب والاهتمامات خاض غمار الأدب عن موهبة واقتدار صال في ميدان الشعر وروض قوافيه قصائد ومسرحيات شعرية وكتب المقالة الأدبية والنقدية وأنتج القصة، وأعد البحوث والدراسات المنهجية في الأدب والنقد، وأخرج في ذلك كله عدداً من الكتب، ومارس العمل الأكاديمي تأليفاً وتدريساً وتوجيهاً وإشرافاً على رسائل الماجستير والدكتوراه والإسهام في مناقشاتها، حين أتحدث عنه فلا أدري بأي جوانبه أبدأ فكل ميدان خاضه من ميادين الأدب جدير بأن يُتحَدَّثَ عنه ويُكْتَبَ فيه وعلى الرغم من أن هناك زملاء تحدثوا هذه الليلة، أو سيتحدثون عن جوانب إبداعه واهتماماته الأدبية والنقدية فإن كل ما قيل أو سيقال عنه لن يفي ولو بصورة دقيقة شاملة عما يجب أن يقال، فكتبه التي تجاوزت الثلاثين عَدَّاً مجال لدراسة وافية تعد عنه، وحسب ما نسمع في هذه الأمسية المباركة من أحاديثَ أنْ أشير إلى الأصول دون الفروع، والإجمال دون التفصيل، ويكفي الحسناء من القلادة ما أحاط العنق، وما دام غيري من زملائي المتحدثين قد اتجه إلى تجلية جانب أو أكثرَ من جوانب اهتماماته الأدبية فسأواجه حديثي القصير إلى الإشارة إلى رؤيته النقدية من خلال ما طرحه من آراء نقدية في كثير من الأعمال الأدبية التي درسها... |
والإطلاع على مجمل ما كتبه من دراسات ومقالات يضع أيدينا على مفتاح شخصيته النقدية وأهم ما تمتاز به هذه الشخصية الأصالة في تقويم العمل الأدبي ونقده، ومنطلق أصالته ينبع من غيرته على موروثات الأدب العربي التي توجب ضرورة الالتزام بسلامة اللغة، وصحة الأداء، واتفاق المضمون والقصد مع النظرة الإسلامية إلى الكون والإنسان والحياة، ويمثل هذا الاتجاه كتابه (كتب وقضايا في الأدب الإسلامي) وكتابه (القرآن ونظرية الفن) ويمكن أن نلمح في هذين الكتابين كثيراً من الآراء النقدية التي تمثل منهجه النقدي الملتزم الذي يستضيء بهدي الإسلام ويحرص على عدم الخروج عن توجيهاته في العمل الأدبي وتنبع أصالته في النقد من وقوف أمام حركات التحديث غير السليمة في أوزان الشعر العربي التي تحاول أن تمسخ مسخاً مذموماً عمود الشعر ولا سيما المحاولة التي تتمثل في قصيدة النثر أورد له الأستاذ أحمد فضل شبلول رأياً نقدياً جيداً في هذا النوع من العمل الأدبي في كتابه (قضايا الحداثة في الشعر والقصة القصيرة) من صفحة 56 إلى 59 ملخّصُه: أن قصيدة النثر تنحو نحو الغموض العصيّ على الفهم وكان ينبغي لها أن تستثمر ما يمتاز به النثر من وضوح المعنى وجلاء الدلالة، وأن شعراء هذا الاتجاه أداروا ظهورهم للموسيقى التي يمتاز بها الشعر على غيره من فنون التعبير. |
وثالث هذه الأمور: أن المنابر التي نشرت فيها المحاولات الأولى لقصيدة النثر كانت مشبوهة تمولها المنظمة العالمية لحرية الثقافة. |
ورابعها أن قصيدة النثر لم تجد حتى الآن الشاعر الكبير الذي يكتب قصيدة تجذب القارئ وتتجاوب مع اهتماماته الجمالية والثقافية والاجتماعية، ويخلص إلى أن قصيدة النثر لا تعدو كونها نثراً فنياً وهو استنتاج صحيح لأن النثر الفني تتمثل فيه خصائص الأسلوب الأدبي، ومن أبرزها التصوير الفني وظهور العاطفة والشعور واختيار اللغة الأدبية المعبرة. |
ومما يلحظه دارس الأدب أن النثر الفني في بعض العصور وعند بعض الكتاب نافس الشعر في تمثيل خصائص التعبير الأدبي بل أتيح له في بعض الأحايين أن يتفوق على الشعر في جمال الصياغة لأنه حر طليق من الوزن والقافية، وأسهم أديبنا في تجلية خصائص النقد المدرسي أو التعليمي إن جاز هذا التعبير في كتابه (التحرير الأدبي) الذي أعده بعد خبرة وتجربة، إذ درس مادة التحرير لطلاب المرحلة الجامعية في كلية اللغة العربية بالرياض، والنقد التعليمي ينحو نحو تطبيق منهج النقد التكاملي الذي يوظف معطيات العلوم اللسانية والنفسية والاجتماعية والتاريخية في دراسة الأثر الأدبي ونقده وتقويمه وينظر إلى جانب البناء واللغة والصياغة والبلاغة والأثر النفسي والاجتماعي والتاريخي في تقويم العمل الأدبي وهو عمل أشبه ما يكون بتحليل النصوص الأدبية لإدراك مواطن الجودة والرداءة فيها، ولم يقتصر نقده على لون واحد من ألوان الأدب، بل تناول الشعر والقصة والمسرحية والمقالة والدراسة وهي الفنون الأدبية التي أسهم في الإبداع فيها وهذا يعطي أعماله النقدية صفة التنوع والشمول. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... |
عريف الحفل: كما تعرفون سوف تكون الكلمة الأخيرة لفارس الاثنينية عقب أن نستمع إلى الكلمة الأخيرة من كلمات المتحدثين، وبعد ذلك سيفتح الحوار مع سعادته، فنحن نتلقى أسئلتكم الموجهة إليه، وليتها تكن مختصرة حتى نعطي الفرصة - كما نردد دائماً - لعدد كبير من حضراتكم... |
|
|