(( كلمة سعادة الدكتور محمد بن سعد آل حسين |
أستاذ ورئيس قسم الآداب بكلية الآداب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آل وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين واجعلنا منهم آمين... |
الواقع أن أول ما يحسن بالمتحدث ذكره هو شكر صاحب هذه الاثنينية، هذا المنبر الذي أبدع لنا كثيراً من الإبداع الذي سيكون في المستقبل مصدراً رئيساً للباحثين وكنت أتمنى لو أني في سعةٍ من وقتي لبسطت القول عن هذه الاثنينية وعن صاحبها وعن قضيتين أشار إليهما سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه: |
القضية الأولى: قضية اللغة العربية، والواقع أننا نعيش مشكلة ليست باليسيرة، لم يقف الأمر فيها على محاربة المستشرقين الذين تبنوا نشر الدعوة إلى العامية والطعن في لغة العرب بأنها غير قادرة على القيام بحقوق العلم وهم يعلمون كل العلم أن الحضارة التي يعيشونها إنما استمدت من أصول عربية وأن اللغة العربية قد قامت بحق العلم في تلك العصور ولم ولن تقصر في هذا الزمان، المشكلة ليست مشكلة هؤلاء الذين يحاربوننا من الخارج وإنما المشكلة مشكلة أبناء هذه البلاد، أعني البلاد العربية بوجه عام، فنحن ما زلنا نعيش لا أدري هل نستطيع أن نقول عنه استعمار، أو استبداد أو أي تسمية لسيطرة اللغة الإنجليزية على التعليم في جامعاتنا العربية خلا الجامعات السورية، هذه مشكلة تحدثنا عنها كثيراً ومع ذلك لم نجد لها صدى، ويصر الأخوان الذين يقومون بالتدريس باللغة الإنجليزية على ذلك والأعجب من هذا أنك ترى الإنسان أو الواحد من أبناء هذه الأمة أعني الأمة العربية إذا تحدث حاول أن يتفاصح بالإنجليزية أو بالفرنسية أو الإيطالية ثم يشرح ما يقول بالعربية، ألا تقدم لنا بلغتك وبلغة أبناء جلدتك ثم تشرح باللغة التي تريدها... أنا لو أردت أن أطيل الحديث في هذه القضية يمكن أن أصيب أذهانكم بالملال وبالنوم أيضاً لأن المجال واسع والقضية أرحب من أن نعالجها في دقائق... |
القضية الثانية: هي المسرح الشعري وفي الواقع غياب المسرح الشعري هو نتيجة أزمة ذوقية في المجتمـع.. وساعد على ذلك تكالب رجال المسرح على ما يمكن أن يعود عليهم بالمنفعة المادية... الأوفر ولذلك لم يكتفوا بهجر المسرح الشعري بل هجروا الفصحى وصاروا إلى العامية، وتعلمون المسرحيات التي تعدُّ من الأدب الفاسد لغةً ومضموناً... لا أريد أن أطيل في هذه القضية وخاصة أنني لست على استعداد لذلك... لأننا نحن رجال التعليم إذا تحدثنا نحتاج إلى من يقول لنا قفوا، من أجل ذلك أنا أوجزت شيئاً من كلام أفجع جاري الأستاذ حسان بأن يقرأه بدلاً عني من أجل الإيجاز الذي قال لي الدكتور حسن، إنه لا يسمح هنا بالحديث إلا بسبع دقائق فقط وإذا استوعبت السبع دقائق الآن نأخذ الباقي على الهامش ويتفضل الأخ عريف الحفل يقرأ عليكم كلمتي. |
عريف الحفل: يقول الدكتور محمد بن سعد آل حسين في كلمته: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وبعد... |
فإن من حق صاحب هذه الاثنينية الأستاذ عبد المقصود بن محمد سعيد بن عبد المقصود خوجه أن نقدم له الشكر على هذا المنبر الذي صاغ نصوصاً موثقة في شتى مجالات فكر أمتنا عن طريق تكريم أشخاص يكشفون كثير عن مما قد لا يكون معروفاً، أو تكون المعرفة ناقصة. |
فالاثنينية بهذا تكون مصدراً مهماً للباحثين حاضراً ومستقبلاً. أما عن فارس هذه الليلة الدكتور حسين علي محمد، فما الذي يمكنني قوله عنه وقد صحبته زميلاً سنيناً... |
على أني قد عرفت فيه كاتباً ومؤلفاً قديراً، فأما المقالات فالذين يقرؤون الصحف والمجلات يعرفون ماله في هذا الميدان من سهم وافر. وافر في كمه ووافر في كيفه وما أحسب مثل هذا بالمستغرب في إبداع مثله... وأما المؤلفات فقد قرأت له ما يزيد على عشرين كتاباً كلها تدل على حذق ومهارة وإحكام في الخطة والمنهج والأسلوب والتأليف، واقرأ على سبيل المثال كتابه عن (محمد العلائي) أو البطل في المسرح المعاصر وسوف تجد صدق قولي بل ستجد هذا الصدق في أي من مؤلفاته وعرفت الدكتور حسين شاعراً محسنا ًحقـاً، وإن عرجت - بتخفيف الراء من العرج وليس من العروج - شاعريته حينا، فأتى بما لا أستحسنه ولا أرضاه له، وإن رضيته لنفسه فهي الموضة، وتعشّق الرائج في سوق الإعلام، ولا أقول الأدب لكون مثل هذا إنما هو من باب أوراق التسول في سوق الأدب كما يقول الأستاذ الدكتور طه حسين... وأعلم أن قولي هذا سوف يغضب صاحبي الدكتور، ولكنه خير من يعلم إن المجاملة في مثل هذا غير مقبولة، ولو قلت غير هذا لكان هو أول من يقول لي خادعت ما تذهب إليه... فإن تجاوز ظني ولم يرضَ مني هذا القول فالذنب ذنبه، فهو الذي أقترح حضوري... |
وأحسب الأستاذ الدكتور صابر عبد الدائم سوف يرفع يده ليسهم في الرد عليّ لكونه صديقاً للدكتور حسين وحسب بل ولاه أيضاً شريكه في البضاعة... والعامة تقول (خشيرك في البضاعة ما يغشك) وأحسب الدكتور صابر سوف يضيف (ولا يتخلى عنك ولو كان الخصم ابن حسين)... على أي حال فالدكتور /حسين من أرباب الصناعتين الشعر والنثر، فله فيهما سهمه الوافر، إلى كونه من الذين خلصوا لحرفتهم، وإن كانت حرفته متهمة بما يصوره قولهم عن الرجل إذا أفلس وافتقر: أدركته حرفة الأدب... على أنها تهمة مبالغ فيها على أي حال... قد لا يعنينا تفسير هذه الكلمة التي باتت مثلاً سائراً وإن بدا لي أن الأدباء أنفسهم هم الذين جروا على أنفسهم هذا بتباؤسهم، هذا التباؤس الذي فشا في هذا العصر على نحو لم يُعْهد في العصور الماضية... |
على أي حال فالدكتوران صابر وحسين ما هما من البائسين ولا المتبائسين ولكنه الشيء بالشيء يذكر والله المستعان ولو كانت حرفة الأدب تفقر ما جمعنا هذا المكان. |
إن الحديث عن الأدب والأدباء غير مملول وإن كنت أظن أن شيئاً من ملال قد انسل إلى نفوسكم من إطالة الحديث، ولكنه عندي غير مملول لكونه عن زميل عزيز أشركت فيه زميلاً عزيزاً، فمعذرة إن كنت أمللتكم. |
ولنختم هذه الكُليمة بتجديد الشكر لصاحب الاثنينية التي باتت منشوراتها مصدراً مهماً من مصادر فكر أمتنا. فشكراً لسعادة الأستاذ عبد المقصود وهنيئاً له بهذا الصنيع الذي سيبقى مدى الدهر شاهداً على أنه أدى حق فكر أمته على أبدع ما يكون. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... |
الشيخ الدكتور محمد بن سعد: طبعاً في قضية العرج هي طبعاً صيرورته إلى شعر التفعيلة الذي لا أراه بلغ المرتبة التي يستحق أن يكون فيها إضافة جديدة إلى الشعر ولكنه محاولة إضافة جديدة إلى نظام الشعر العربي... نرجو لها النجاح وعلى أي حال فنحن ننظر إليها على أن جيدها من جيد الأدب ورديئها من رديء الأدب ونأمل أن تصل إلى النضج إن شاء الله. |
|
|