شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة صاحب الاثنينية
سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وأصلي وأسلم على خير خلقك سيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام...
الأساتذة الأفاضل؛ الأحبة الأكارم؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسعدني أن أرحب باسمكم جميعاً أجمل ترحيب بضيفنا الكبير الأستاذ عبد الله أحمد الداري، دارس التاريخ الذي وجد نفسه في بلاط صاحبة الجلالة فكان شأنه شأن كل العاشقين، دار خَلْفَ محبوبته من موقعٍ إلى آخر، ونظراً لأن الوظيفة في حد ذاتها لم تمثل شيئاً كبيراً بالنسبة له، لم يلتصق بترابها ويتربص لترقياتها وسوانح الترفيع والابتعاث التي كانت متوفرة بكثرة في بداية ما يسمى بسنوات الطفرة، لكنه آثر أن يتصالح مع نفسه وأن يرضي هاتفاً عميقاً في ذاته، يدعوه لتوفير وقته وجهده من أجل الكلمة ومن أجل رسالة الصحافة، هكذا تحول من موظف إلى صحفي، ليس حباً في دنيا يصيبها، أو ثروة يجمعها لكنه كان منذ البداية صاحب رسالة، فَرّغَ نفسه ليتحمل تبعاتها من بداية السلم، لم يستعجل الوصول ولم يطمع في الكراسي الدوارة وبؤرة اتخاذ القرارات بتسرعٍ كما يفعل البعض، تحمل أصعب الأعمال وأكثرها رهقاً وأقلها شهرةً وأضواء، رغم أنه يعمل في عالـم الإبـهار والأضواء الذي لم يكن هناك غيره في تلك الفترة.
عمل بصمت ودأب وحب غريب للعمل الذي يقوم به، شهد له كثير من معاصريه بأنه لم يتذمر قط من عمل أوكل إليه مهما كان في رأي الغير صعباً أو مملاً، وأخذ السلم على مهل من أول درجاته، ربما سـار ببطء - لا ضير في ذلك - لأنه بطء الواثق مما يفعل، وحذر القادر على نقد نفسه ومحاسبتها قبل أن يحاسبها الآخرين، واتقان من يعشق مهنته دون أن يجعلها متكئاً يسترزق منه، ويتأفف في نفس الوقت مادّاً ناظريه إلى ما في أيدي غيره، وكأنه يقول لتلاميذه وشداة العمل الصحفي وغيره من الأعمال التي تتطلب صبراً وجلداً، اقرؤوا إن شئتم قول الحق (ورزق ربك خير وأبقى) أنه درس علمي يهديه للجميع من واقع تجربة أحبها فأحبته، منحها أجمل أيام حياته فوهبته ذكراً عطراً يتهادى كلما صافحت أعيننا صحافتنا المتطورة، التي نعتز بها ونأمل منها المزيد، وعندما آن أوان التقاعد انسحب ضيفنا الكبير بكل هدوء تاركاً موقعاً - لا نقول إنه ظل شاغراً إطلاقاً - لأن ذلك من سمات الإدارة المتكلسة بل غادر مثل النسمة الصافية وترك خلفه تلامذة ومريدين حملوا الراية عن كياسة وفطنة، ولم لا؟ وقد تعلّمَ أكثرهم في مدرسة الداري، الذي عمل جاهداً على أن يجعل من الصحافة قاعدة للكلمة النزيهة الشريفة الصادقة التي تسعى للحق وتدعو له، لم تكن هناك إمكانات مادية ولا بشرية هائلة كاليوم، ولكن ضيفنا عوّض كل ذلك بقوة العزيمة والشكيمة والخلق الحسن والتعامل الممتاز مع مرؤوسيه وقادة العمل الإعلامي في هذه البلاد، التي ما فتئت تفتح مساحات متزايدة من حرية الكلمة وصولاً إلى أقصى ما يمكن من غايات العطاء المتجرد لخدمة الوطن والمواطنين.
ولم يضرب ضيفنا الكبير بسهم وافر في مجال التأليف فقد صدر له كتاب واحد في مئة وخمس وسبعين صفحة بعنوان (الوجود الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية) وهو جهد مقدر يستحق التوسع لإلقاء مزيد من الضوء على واقع المسلمين في تلك القارة، وأتمنى على ضيفنا أن يعكف على تجديد بحوث هذا الكتاب لأنها من الأعمال المتجددة والتي تتوفر لها الكثير من الاحصائيات والمصادر الموثوقة، وتحتاج فعلاً إلى دراسة جادة فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الأسر المسلمة وتنسيق العمل بين الجمعيات والهيئات الإسلامية المختلفة، وصيانة ونظافة المساجد بطريقة مؤسسية تعكس الصورة الحقة التي يوليها الإسلام للنظافة والطهارة، بالإضافة إلى التوسع في الهيمنة الصهيونية على وسائل الإعلام الأمريكية وبحث الأساليب والكيفية التي تمكِّنُ المسلمين من الحصول على نصيب مناسب في هذا السباق المحموم للسيطرة على الرأي العام، وأحسب أن ضيفنا الكريم قادر بإذن الله على تخصيص جزء من وقته وجهده لتطوير هذا الكتاب بما يلائم متطلبات الحاضر والمستقبل...
وقبل أن أختم كلمتي لا بد أن أشير إلى خَدِينِ عمره ورفيق دربه الأستاذ الكبير عبد الغني قستي الذي شاركه في ذات الصفات الحميدة، ونظافة اليد، وطهر القلب، وعفة اللسان، ولا أزكيه على الله أنهم رجال صانوا أنفسهم عن سفاسف الأمور وصغائر الدنايا فرفعتهم أخلاقهم مكاناً عَلِيّاً بما حفظوه على أنفسهم من ترفع، وما نثروه على محبيهم من مجامر الفضل التي فاح أريجها وعمَّ كل من عرفهم، ونهل من علمهم، هؤلاء النفر من الأساتذة الأفاضل لم يستكثروا النجاح على غيرهم بل كانوا من طبقة الكبار الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.. لقد وقاهم الله سبحانه وتعالى شُحَّ أنفسهم ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ طُوبَى لهم ما قدموا لأمتهم ووطنهم ومواطنيهم، فهنيئاً لهم غرساً أوْرَثَ حباً وأملاً أنتج صروحاً من العطاء المتصل...
أيها الأحبة: معظمكم يعرف ضيفنا الكبير ومن لم يعرفه من قبل، فقد عرفه من خلال الكلمات القلائل التي نثرتها عنه وبالتالي صرتم تعرفون جميعاً العنت الذي لقيتُهُ في سبيل إقناعه لتشريفنا في هذه الأمسية، لنكرمه ونَفِيَهُ شيئاً من حقه علينا وعلى الأجيال القادمة فمثله قمين بكل تكريم ووفاء وشكر وعرفان، ونتطلع بكثير من الشوق إلى وقفة مماثلة مع رفيق دربه الأستاذ الكبير عبد الغني قستي لتتكامل لقاءاتنا مع هذه الكوكبة الخيرة من رجالات الصحافة والثقافة، الذين ساهموا في إرساء قواعد العمل الصحفي بعيداً عن الأنا التي حطموها دون شفقة، فنبتت على طللها بيادر من الخير والعطاء والنماء، التي سقوها بسحائب علمهم وفضلهم وكريم خلقهم، ويسعدني أن أغتنم هذه الفرصة لأدعو أستاذنا عبد الغني قستي باسمكم جميعاً وأمام جمعكم الكريم ليكون ضيفاً لإحدى أمسياتنا، على أن يتم التنسيق معه لتحديد الموعد الذي يناسبه في المستقبل القريب بإذن الله، وأنتم مدعوون جميعاً للتعاون معي في هذا، شاكراً لكم هذا الفضل.
أيها الأحبة أتمنى لكم أمسية طيبة في معية ضيفنا الكبير وعلى أمل أن نلتقي الأسبوع القادم مع الدكتور الأديب الشاعر حسن علي محمد، أحد أساتذة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم وبمن تحبون ممن يتعاملون مع الكلمة...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: قبل أن تُعطي البداية لكلمات المتحدثين أود أن أسأل الشيخ عبد المقصود عن سبب وجود التايمر معه (المؤقت) هذه المرة؟
الشيخ عبد المقصود: سؤال إحراج أم سؤال استفهام؟ على كلٍ اضُطُرِرْتُ لشراء هذا التايمر أو هذا المؤقت لأنني في كل مرة رجوت من المتكلمين المحترمين أن نعطي ما بين خمس وسبع دقائق للكلمة، ولكن لم أجد تجاوباً فقلت لعلِّي بهذا المؤقت أن أضع السبع دقائق، فإذ رنَّ الجرس قد يقفل المايكروفون أتوماتيكياً من قبل الضيف، وشكراً إنها تجربة عساها أن تنجح...
 
طباعة

تعليق

 القراءات :791  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج