| قال المتَّيمُ حينما برقـتْ لـه |
| لحظاتُ أُنسٍ في الزمان الأولِ |
| حين استعاد من الشباب أعَـزَّه |
| ذكرى وأطربـه صداحُ البلبـلِ |
| يا رُبَّ ناعسـةِ الجفـون طريَّةٍ |
| عجزاءَ ضامرةِ الحشا لم تَحْبُـلِ |
| أحفت ملابُسها ثمارَ نُهودِهـا |
| مزمومةً لماَّ تِلنْ للأسفلِ |
| وإذا تناوحت الرياح ثيابها |
| من فوق ردفيهـا كأن لم تُسدلِ |
| في روضةٍ ريمُ الظبا أُلاَّفُها |
| تلهو منعَّمةً وذات الأيطُلِ |
| يا حسنهـا في عنفوان شبابهـا |
| تختال في عَرَصَاتِها بتدللِ |
| نظرت لعاشقهـا بعـيٍن صبَّـةٍ |
| رَمْقَ الخجول حبيبهُ في محفلِ |
| يتناوبانِ اللحـظَ رمـزاً كلما |
| حان التفاتٌ مـن رقيـبٍ مقبلِ |
| ما بين بُعْد العاشقين وقربهـم |
| حالا تُّرقب جفـوة وتجمُّـل |
| قالت وقد طرق النّجيُّ خِباءها |
| ليـلاً محـاذرة العيـونِ العذَّلِ |
| يا من أودُّ لقائـه وتحوطـني |
| نظراته الحرَّى كرمقِ الأحولِ |
| حذر الوشاة الشاهرين رماحهم |
| متحفّزين لمغمزٍ ذي مدخلِ |
| تدنـو نفاقاً للبطاح جباههم |
| مترقبين لمغنم مستعجلِ |
| ويصعرون خدودهـم بوقاحةٍ |
| ودناءةٍ فور انتهاء المأملِ |
| أوَ مَا رأيت من العشيرة واقفاً |
| أو ماشياً بين المسالك يجتلي؟ |
| يا ويحنا لو أنهـم ظفِـروا بنـا |
| وتعقَّبوها فواتنا أو تنجلي |
| فأزال وحشتهـا وحـلَّ لثامـهُ |
| ومشى وئيداً فوق صُمِّ الجندلِ |
| ودعـا بها وقد استثارهما الهوى |
| أن أسعدي بالابتسام وعجِّلي |
| فتجاذبـا كأس الغـرام صبابةً |
| في واحةٍ أزهارُها لم تذبلِ |
| حتى إذا لاح الصباح وفوجئـا |
| بجلاءِ مـا لم يرغبـا أن ينجلي |
| أفضت دموعها بما أخفى الحشا |
| وانسلَّ في حـذر القطـا بتمهُّلِ |
| ما راعه إلا انتباه عيونه |
| من رقْدةٍ أحلامها لم تكمل |
| فغدا يقول وقد تملَّكـه الأسى |
| وانتابه زَمَـعُ الحصـيرِ المعْول |
| يا ليتني لم أنتبـه مـن نومـتي |
| مستكملاً أمل الشفوق المرقلِ |
| أوَهكذا الأحلام تطرق في الكرى |
| وكأنها حصلت ولو لم تحصلِ |
| يا صاحِ إني كلما حمـل الصَّبَـا |
| ريَّا الخُزامـى عُبِّقّـت بقرنفلِ |
| طفح الخيال محلِّقاً في أفقهِ |
| بين المجـرةِ والسمـاكِ الأعزل |
| تتجاذب الأفلاك صرح مُقامهِ |
| نشوى بجيرةِ منتداهُ الأجملِ |
| وإذا النجوم الزُهر صِرن وسائلاً |
| لمثابرٍ يرنو إليها من عَلِ |
| أدنى القصيَّ سُراه فوق مجرةٍ |
| تُفضي به مِنْ أفضلِ في أفضلِ |
| حازتْ يداه المكرمات سجيةً |
| موهوبةً مِنْ بارئ متفضل |
| يطغى أمير شعورهِ في شعرهِ |
| مسترشداً في سبكه بالأمثلِ |
| أضفى الله عليه من رحماته عزماً |
| تُهَدُّ به شعاف الأجْبُلِ |
| سبحانك اللَّم من متصرفٍ |
| تحمي العبادَ من الخنا أو تبتلي |
| اختمْ لنا بالصالحاتِ ونجنّا |
| يوم اللقا من خِزي ذاك المحفلِ |