شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور محمد وليد استشاري العيون بجدة والشاعر والأديب ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وإمام النبيين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين.
الدكتور محمد علي الهاشمي علم من أعلام الفكر والدعوة في العصر الحديث، نال شهادة الدكتوراه في تحقيقه كتاب جمهرة أشعار العرب في الجاهلية والإسلام لأبي يزيد محمد بن الخطاب القرشي وهو منهل من مناهل الجمهرة العربي وسجل ضخم حافل من تراث العرب وحياتهم وأيامهم وخلائفهم، وقد تقصى الدكتور الهاشمي نسخ الجمهرة المخطوطة في مظانها في مكتبات العالم في الفاتيكان واستمبول وحيدر آباد وعليكرة في الهند وكذلك في المتحف البريطاني ومكتبة جامعة برنستون وكذلك نسخة العلامة حمد الجاسر ونسخة الحرم المكي وقام بتحقيقها وضبط أصولها، والجمهرة من أهم كتب التراث التي حفظت لنا نخبة من القصائد تعد من عيون شعر الجاهلية والإسلام فيها الشعر السياسي وفيها الحكمة والموعظة الحسنة وفيها أيام العرب في جاهليتهم وإسلامهم وفيها البيئة العربية وفيها الكثير من الموضوعات التي تصور نفسية العربي ومجتمعه وقيمه وأعرافه، وفي رحاب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عرفه زملاؤه وطلابه أستاذاً قديراً ومربياً فاضلاً يغرس في طلابه حب العربية والإسلام ويجول معهم في حقول اللغة والأدب العربي ويؤصل فيهم روح الجد والبحث العلمي النزيه، أنالا أقول إن كلامي هو كلام المحب وأن قلبي ينظر بعين الرضا التي هي عن كل عيب كليلة ولكني أقول أن من تربى في أحضان الدعوة الإسلامية ونهل من مناهل فكرها الشامل في الكون والإنسان والحياة غدا معلماً ومربياً انعكست أخلاق القرآن الكريم على سلوكه وانعكس كل ذلك على تربيته لتلاميذه وأولاده وأهل بيته، وبعدما جال أديبنا في كتب التراث محلقاً ومحققاً في جمهرة أشعار العرب طاف مع الصحابي الجليل كعب بن مالك الأنصاري، الصحابي الشاعر الأديب في كتاب يدرس حياته وشعره، يقول حفظه الله "كنت أمضي في دراستي له والسرور يغمر نفسي فأحس في العمل نشاطاً واسترواحاً ومتعة في دراسة الفترة المباركة المشرقة التي أضاءت فيها مشكاة الوحي وأصاخت الدنيا إلى ترتيل الكتاب المنزل، ونعم الوجود وشاهد الزمان الرعيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعونه على إقامة صرح دولة الإسلام وكان كسب بن مالك من هذا الرعيل" ولم ينس دكتورنا الهاشمي في غمرة انشغاله بالتدريس في جامعة الإمام سيد البشر حبيبنا محمداً صلى الله عليه وسلم وخصه عام 1977م بدراسة فريدة في بابها سماها شخصية الرسول ودعوته في القرآن الكريم، ويقول في اختياره لهذه الدراسة "لا ريب أن الصورة الواضحة الصادقة لشخصية الرسول الكريم التي رسمت خطوطها ريشة القرآن المعجزة هي أصدق ما وصلتنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أخبار وأصح وصف لحقيقة شمائله وأخلاقه وأوثق تقرير لما كان عليه في حالاته جميعاً فلا غرو أن تكون أوثق وأوضح وأصفى صورة في التراث العربي على الإطلاق" وقد درس بعد ذلك شخصية الرسول النبي الذي يوحى إليه وقال إن الباحث يجد نفسه أمام حقيقة ضخمة هائلة إنه أمام شخص طلعت على الدنيا بزاد على الإنسانية جديد لا تزيده الأيام إلا جدة وكمالاً وحياة، وبعدما جال كاتبنا في رياض التراث وتفيأ ظلال سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم يبحر بنا إلى العصر الحديث ويصدر عام 1981م كتاب "شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة" وقد تلقى القراء والناشرون هذا الكتاب بالقبول الحسن وكتب له الذيوع والانتشار وتعددت طبعاته وعمت فائدته وقد ترجم إلى الإنجليزية وإلى التركية وطبع في تركيا نحو عشرين طبعة وكل سنة يطبع مرة أو ثلاث مرات، يقول أستاذنا الهاشمي في مقدمة هذا الكتاب "إن الله لم ينزل هذا الدين من فوق سبع سموات ليكون نظريات تستمتع العقول بمناقشتها، ولا ليكون كلاماً مقدساً يتبرك الناس بتلاوته وهم لا يدركون هديه ولا يدركون معانيه، وإنما أنزله الله ليحكم حياة الفرد ويقود حياة المجتمع وليكون نوراً يضيء طريق البشر" والإنسانية اليوم والمسلمون على وجه الخصوص في أمس الحاجة إلى صنع هذا النموذج الفريد من البشر الذي لا تطيب الحياة إلا به ولا تسود القيم الإنسانية الرفيعة إلا بوجوده ولا تتجلى حقيقة الإسلام اللألاءة إلا فيه.. فما هي تلك الصورة الإنسانية الجميلة لهذا النموذج الفريد؟ هذا ما يجده القارئ الكريم في شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة.. وقد أورد المؤلف في الكتاب أفكاراً مميزة قال في إحداها "فكما أن المسلم مؤمن يقظ مطيع أمر ربه، كثير التلاوة للقراًن فهو كذلك يزاول الرياضة البدنية ويتقن لغة أجنبية وقد كان ابن الزبير رضي الله عنه يتقن عدداً من اللغات دون أن تشغله هذه اللغات عن دينه وآخرته".. ثم يختار أستاذنا الهاشمي إحدى الشخصيات الإسلامية البارزة في العصر الحديث هو الشاعر الراحل عمر بهاء الدين الأميري ويقوم بدراسته عام 1986م من خلال ديوانين من دواوينه العديدة يطوفان في أسمى آفاق الإنسانية ويصفان أدق خلجات النفوس ويرسمان أقرب المشاهد إلى القلوب هما ديوان "أب" وديوان "أمي".. اللذين كما يقول شد بهما إلى قيثارة الشعر العربي الحديث وترين جديدين عزف عليهما أجمل الألحان وأسمعنا ألواناً من شريف المعاني وبديع البيان.. رثى الشاعر والدته بأصدق الشعر وأجمله وعندما يقرب اليوم الأربعون لوفاتها يمهد نفسه للصبر الجميل وهو يتأهب لزيارة ضريحها وذلك بإجراء حوار طويل بين عقله وعاطفته ينتصر فيها الرضا بقضاء الله وقدره وإن كانت عينه دامعة هتانة.
رويد دموعك يا مقلتي
أأبغي لها صفقة خاسرة
وهل برها أن تعد
عيوني الليالي ساهدة ساهرة
معاذ مقام الهوى أن تزيل
جوى فقدها عبرة سائرة
ولكن ستبقى خلايا كياني
لأمي ذاكرة شاكرة
غداً سوف أسعى إلى رمسها
وانشق أعرافها العاطرة
وأمسك دمعي لو أستطيع
وأرسل من روحي الزاخرة
ضراعة صب يرى في الرضا
سموا فكل الدنا عابرة
ويبقى رضا الله يربو ويحبو
طمأنينة بالندى زاخرة
لقد كان حقاً كما وصفه أستاذنا الهاشمي شاعر الأبوة الحانية والبنوة البارة والفن الأصيل، ثم انتقل الدكتور محمد علي الهاشمي في أوائل العام الجامعي 1988م إلى التدريس في كلية الآداب للبنات في الرياض، ولا ينسى في غمرة التحولات الحضارية الهائلة في عصر الكمبيوتر والفضائيات وهو يدرس في كلية البنات أن يبلور شخصية المرأة كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة، وصاغها بأسلوب مشرق يجمع بين أصالة الفكرة وجمال العرض وقوته وما لاقاه هذا الكتاب من الانتشار والقبول الحسن في الأوساط العربية والإسلامية يشير إلى ظمأ تلك القلوب إلى مصادر المعرفة الإسلامية الحقة.. أذيعت معظم مواضيع هذا الكتاب بصوت المؤلف في حلقات متتابعة من إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، ويقول الشيخ أمين سراج "ما من عائلة تركية مسلمة متمسكة بدينها إلا ولها جلسات تقرأ فيها من كتابي شخصية المسلم أو شخصية المرأة المسلمة" ويقول كثير من الشباب الأتراك إن كتاب شخصية المرأة المسلمة ساهم في النهضة النسائية في تركيا والوعي الذي ظهر عند المرأة المسلمة.. إن أستاذنا الهاشمي ولن أطيل عليكم أيها الأخوة الأحبة ابن دعوة الإسلام، عاصرها في نشأتها وتربى في أحضانها وعاش في صفوفها خادماً لدينه وأمته وشاهد بأم عينيه الدعوة في حال ازدهارها وقد استوت على سوقها واشتد عودها ورأى كذلك ما تلاقيه الدعوة من أشواك وعثرات على الطريق ولم يمنعه حبه للدعوة وإخلاصه لها من تحديد تلك العثرات في نقد ذاتي موضوعي ففي حياة الإسلاميين إيجابيات كثيرة لا ينكرها منصف ولا يماري فيها عاقل عادل ولكن لهم إلى جانب هذه الإيجابيات سلبيات لا سبيل إلى إنكارها أو المغالطة فيها، فهم بشر من بني آدم وكل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الذي رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وقد كان سيدنا عمر يقول: (رحم الله امرئ عرف قدر نفسه) وقد سطر أستاذنا الهاشمي ذلك في كتيب سماه سلبيات يجب أن تختفي من حياة الإسلاميين وقال إن من علامات نضج الجماعات ومن الدلائل القاطعة على سلامة تفكيرها إقبالها على النقد الذاتي من تلقاء نفسها وترحيبها بالنقد تقبله من غيرها وتقبله بصدور رحبة ونفوس سمحة رضية، ولا ريب أن هذا يسير بالدعوة إلى الأفضل.. وقد حضر أستاذنا الهاشمي عدة ندوات علمية وأدبية في المملكة العربية السعودية والبلاد العربية والإسلامية وله بحوث ودراسات ومض بها الخاطر في فترات متباعدة ومناسبات مختلفة منها ما نشر في الصحف أو أذيع في الإذاعة والتلفاز وقد جمعها في كتاب سماه ومضات الخاطر وهي بحوث ودراسات إسلامية واجتماعية وأدبية فاضت بها نفس المؤلف فجاءت مختلفة الموضوعات ملونة الشكل والصورة والأسلوب.
وفي الختام أقول إنك قد تختلف مع بعض الأفكار والطروحات والمواقف لكاتبنا وأستاذنا وأديبنا الهاشمي ولكنك لا تملك إلا أن تكبر فيه تواضعه وإخلاصه وإيمانه بأفكاره وبالتالي لا تملك إلا أن تحبه.
والسلام عليكم ورحمة الله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :650  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 77 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج