شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمه لسعادة الأستاذ الشاعر مصطفى أبو الرز ))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه ومن سار على دربه، درب الهدى، إلى يوم الدين.. جئت شاعراً وأنا أعتقد أن الشعر وحده يستطيع أن يعدد صفات الرجال ويشيد بمناقب الفرسان ولكن الكلمات التي سبقتني غلبت الشعر سرداً وعداً وإحصاء لمناقب الدكتور سعيد عطية أبو عالي، ثم تبعها الشاعر الكبير الأستاذ أحمد سالم باعطب حتى وقف شيطان شعري فاغراً فاه اندهاشاً.. فأذنوا لي أن أتأول قليلاً إلى النثر حتى يفيق شيطان شعري من دهشته ويثوب إلى شعره.
أصحاب الفضيلة، أصحاب المعالي، أصحاب السعادة، أيها الأخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. مسيرة الحياة كمسيرة يوم عادي نقطعها جيئة وذهاباً، نصادف فيها أناساً كثيرين فمنهم من لا نلتفت إليهم أبداً ومنهم من تحييه من بعيد ومنهم من تصافحه وتمضي ولكن البعض الأخر وهم قليلون لا تملك إلا أن تقف أمامه طويلاً طويلاً.. أقف الليلة وقفات عدة أولها مع الاثنينية وصاحبها.. والاثنينية ليست جديدة طارئة تحتاج المزيد من الإطراء وليس الوفاء غريباً على صاحبها ليحتاج المزيد من الثناء، فهي موروثة عن ديمومية الشيخ محمد سعيد خوجه رحمه الله، ولكنها تظل إرثاً من زمن الصدق والطهر والعطاء، يستحق أن نقف أمامه وقفة احترام وتقدير واحتذاء، والديمومية هو الاسم الذي كان الشيخ حسن كتبي يحب أن يسمي به الاثنينية في زمن صاحبها الشيخ محمد سعيد خوجه رحمهم الله جميعاً.
ثم أقف وإياكم مع رجل تشاركوني الوقوف معه جميعاً، عمر وقفتي معه أكثر من عقدين من الزمان، عرفته وعرفت عنه، عرفت عن طفولته وشبابه، عن عصاميته وتصميمه وقوة إرادته، علمت عنه معلماً في مراحل التعليم العام، ومدير المعهد إعداد المعلمين ثم أستاذاً في الجامعة، أما لقائي المباشر معه فكان عام 1370هـ عندما عين مديراً عاماً للتعليم في المنطقة الشرقية، وكانت مسؤولياته يومها تمتد من سلوى على حدود قطر إلى طريف على حدود الأردن، وقد أثبت بوضوح قدرته الإدارية والتربوية بروح قيادية عالية مكنت العاملين معه، بل ودفعتهم إلى الانطلاق نحو تحقيق الأهداف التربوية بروح قيادية عالية مكنت العاملين معه، بل ودفعتهم إلى الانطلاق نحو تحقيق الأهداف التربوية الكبرى فاستطاع وفي فترة هامة من حياة المنطقة أن يلبي بأمانة وحماس وإخلاص رغبة ولي الأمر يحفظه الله في التوسع في تقديم الخدمات التعليمية للمواطنين أفقياً ورأسياً فتضاعف عدد المدارس وارتقى مستوى الأداء، عرف كل من حوله أهدافه وطموحاته ووعوها وعملوا على تحقيقها.. ولعلي أورد هنا مثالاً واحداً من أقواله المأثورة، حيث كان يقول نريد مدرسة ابتدائية نسميها مدرسة الحي، لا نريد طفلاً في هذا السن أن يقطع شارعاً رئيسياً في غدوه أو رواحه ثم تحقق ذلك في المنطقة الشرقية فعلاً.. عرفته وعرفت عنه الكثير لكن الأهم من ذلك كله أني عرفته إنساناً وعرفته عاشقاً.. هممت الليلة أن أعلن سراً من أسرار عشقه القديم الجديد فترددت ثم قلت في نفسي ليس الرجل ممن يستطيعون إخفاء عشقهم فهو ظاهر في فعله وقوله وحركاته وسكناته.. قلها وتوكل.. لذلك سأروي عليكم فصلاً من قصة عشقه القديم الجديد، عندما كان صغيراً عشق جنوبية صغيرة أيضاً، كانت جميلة لا تعرف مساحيق التجميل لأنها تتزين بجمال جبلي بريء اكتسبته من نسمات الجبل ومن عطر الكادي والياسمين، ومن زهر السدر والغار والليمون، كان اسمها العبالة من بني ظبيان، ولما كبر، كبر عشقه واتسع فعشق واحدة أكبر منها كان اسمها مباركة ويسمونها طاهرة أيضاً، أيها السادة العبالة هي القرية التي ولد فيها سعيد أبو عالي وتربى، وبنى ظبيان هي قبيلته التي تسكن العبالة وما حولها، أما حبيبته الأخرى المباركة فهي هذا الوطن الكبير الذي يمتد من الماء إلى الماء ومن ظهر البيت إلى عطاء النفط.. حبيبة أبو عالي الأولى باركت حبه الأخير أما صاحبتي فكانت معها وقفتي التالية:
 
يا نسيم الجنوب
سـألتـني عن اللقــاء القـريـب
وصمتـنـا فمـا هنـا من مُجيب
وافترقنا وجـئـت أعـلن حُـبـي
تبعتـني تـسـير سـير الرقيب
جـئت أحيـي الوفـاء عـرساً جميلاً
لأديـــب مـكـرم من أديــب
جئت أحيـا اللقـاء يسمـو كبـيراً
في اقتـدار وفي جـلالٍ مهـيب
لمن الحفـــل؟ رددت من جـديـدٍ
وهي تُـبدي مشاعـر المستريـب
لمن الحـفـل والعـروسُ أطـلـتْ
تتهـادى بكـل ثــوب قشيــب
والأغــاني وكــل وفـدٍ كـريم
قـلت للـرشد مـرة فـلتثوبـي
هـــو للجّـدِّ، للأمـاني كبـاراً
حين تـدنو بفعـل جهـد عجيـب
هـو للعـزم والمصـاعب تتــرى
هـو لـلرأي والقـرار المصيــب
هو للعشـق في الفـؤاد اخضـرارٌ
ينـشر الـحبَّ حولـه في القـلوب
هـو للنـجم سـاطع حـين يــأبى
أن يُخـلي مـكانـه للـغـروب
لسعـيـد يـظـل يـبدو سعيـداً
وشـبابـاً لـو اكتسى بـالمـشيب
كــم عرفناه شعـلة من جهـود
وخبرنـاه مـاضيـاً كـالقضـيب
وقــرأنـاه فـكرة في سـطـور
وسمعـنـاه حكمـةً في خـطيـب
ورأينـاه لمســة من حـنــان
تغسـل الحزن في عيـون الـكـئيب
كم عرفنا؟ وكـم سمعنــا؟ رأينــا
لا تجيــبي نـهرتُــهـا لا تجـيبي
قذفتـني بنـظـرة ثــم قـالـت
من تُـراه دعـاكمـو للـركوب
قلتُ (عبد المقصود) (1) والبذلُ طبعٌ
ليـس أمـراً عـن مثـله بالغريـب
فـهـو ابن لـرائـدٍ عـبقـري
وربيـبٌ أنعـم بـه من ربـيــب
هو والـحرف عـاشقـان حـبيبٌ
راح يُـزجـي من حبـه للحبيـب
وهي (ديمومة) (2) الوفـاء فغنـي
واستجـيبي لمعـن دعـانا استجيبـي
صمتـت لحظـة ولـكـن صوتــاً
راح يعـلو بعـزف لحــن رتـيب
يا نسيـم الجنـوب قـل للجنوب
لك في الشام نفحـة من طــيوبِ
فاح في الشرق عطرها فهـو مسـك
من حبيــبٍ هـديــة للحـبيب
لك في نجـد عـاشـق فيـك غـنّى
أغنـيات الهـوى بلـحن طــروب
كلمـا هزه من الـشـرق وجــد
راح يرنو إلى روابي الجنوب
يا نسيـم الـجنوب كـم للجنـوب
ذكريـاتٌ تطــل عـبر الـدروب
كم لتـلك الجبـال في الأفـق طيف
لاح يسقـي القـنا بومـض القضيب
يـوم لبـت سيوفـه صـوت نجـد
كيـف نعلي مـكاننـا في الشعوب؟
فـأجـاب الجـنوب لبـيك نـجد
مــلأت نجـد فرحـة بالمجيــب
في اتحــاد البــلاد كــل ارتقاء
وبشــرع الرحـمن درء الخطـوب
ولواءُ التـوحيـد في الأفـق يعــلو
ينـشر العـدل في الفضـاء الرحيب
هـو شرع الرحـمـن سلـمٌ وأمن
لا مـكـاناً في أرضـنا للـحـروب
فلتقر العيـــون للصـقـر عيـنٌ
ليس تغـفو عـن عـابث أو غريب
هؤلاء الرجـال بـالأمـس جـاؤوا
وبنوهـم أتــوا بـأمـسٍ قـريب
يزرعـون الـبلاد جهـداً وفضـلاً
وهي مـلأى بكــل فـذٍ أريــب
هـذه الأرض منبــعٌ من عـطـاء
كـل شـبر بـها كسهـل خصيب
غـير أن الجهـود عنـد الـتلاقي
سوف تـأتي لأهـلهـا بالعجيـب
حين جـاء الرجـال من كـل فـج
كم (لظبيانَ) (3) بينهم من نصيب
كم شجاع في ساحـة الحرب طـود
كم طبيـب وكـم لـها من أديب
رصعت صـدرها نـجوماً وتـاهت
ببنيهـــا بكـــل فـذٍ نجيـب
حين تمضي نجومهـا ليـس يمــضي
ذلـك النـجـم قانـعـاً بالمـغيب
طالـما أشـرقت شمـوس بـأرض
كـان في غيرهـا أوان الغــروب
فـابق فيهـا (سعيـدٌ) نجماً منيراً
يزرع البشر في عـيـون الـدروب
وابق عـنوان قصــة من كفـاحٍ
سطرت سـيرهـا بجـهـد دؤوب
أول السطـر أحـرف من غبــار
خطّها الطفـل في تـراب الكثيـب
مسح الليل رسمهـا فهي تـشـكو
حين تقسو ريـاحـه بـالـهبوب
يوم عز القرطـاس والحـبر شـيء
نيله في المحـال بعـض الضـروب
ويسير الفتى ففي الأفـق قصــدٌ
راح يغري آمـالـه بالركــوب
يمتطي عزمه وبـالعزم يغـــدو
مستحـيل الآمال كالمستجيــب
فإذا ما بـدا بعـيداً بعـيــداً
صار يبدو في عينه كـالـقريب
موطني في الهجير قد كنـت طلاً
ومن الشر واقياً والكــروب
كنت لي شاطئ الأمان وبُشرى
كنت دمعي في بسمتي أو نحـيبي
كنت دوماً سحابـة من عطـاء
ظل يهمي فمـا لـه من نضوب
قد تضن العجاف في كـل أرض
غير وادٍ مكـانــه في القلوب
إنـها دعوة (الخليـل) أجيبت
فهي سيل من العطـاء الرحـيب
رب إني أسكنــت أهـلي بـوادٍ
غير ذي زرع آمـلاً بـالـمجيب
ذاك وواديك موطني فاض خـيراً
وحملنا خـيراتـه للشعــوب
فتغنـت لك القـلوب بعشـق
صار لحناً على شفـاه الوجيـب
موطني في الشباب أخلصت ودّي
وستلقـاه مخـلصاً في المشيب
لك عهدٌ يا موطني ليـس يفنى
دفـق حـبّي إلى ثراك الحبيـب
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :527  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 68 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.