سـألتـني عن اللقــاء القـريـب |
وصمتـنـا فمـا هنـا من مُجيب |
وافترقنا وجـئـت أعـلن حُـبـي |
تبعتـني تـسـير سـير الرقيب |
جـئت أحيـي الوفـاء عـرساً جميلاً |
لأديـــب مـكـرم من أديــب |
جئت أحيـا اللقـاء يسمـو كبـيراً |
في اقتـدار وفي جـلالٍ مهـيب |
لمن الحفـــل؟ رددت من جـديـدٍ |
وهي تُـبدي مشاعـر المستريـب |
لمن الحـفـل والعـروسُ أطـلـتْ |
تتهـادى بكـل ثــوب قشيــب |
والأغــاني وكــل وفـدٍ كـريم |
قـلت للـرشد مـرة فـلتثوبـي |
هـــو للجّـدِّ، للأمـاني كبـاراً |
حين تـدنو بفعـل جهـد عجيـب |
هـو للعـزم والمصـاعب تتــرى |
هـو لـلرأي والقـرار المصيــب |
هو للعشـق في الفـؤاد اخضـرارٌ |
ينـشر الـحبَّ حولـه في القـلوب |
هـو للنـجم سـاطع حـين يــأبى |
أن يُخـلي مـكانـه للـغـروب |
لسعـيـد يـظـل يـبدو سعيـداً |
وشـبابـاً لـو اكتسى بـالمـشيب |
كــم عرفناه شعـلة من جهـود |
وخبرنـاه مـاضيـاً كـالقضـيب |
وقــرأنـاه فـكرة في سـطـور |
وسمعـنـاه حكمـةً في خـطيـب |
ورأينـاه لمســة من حـنــان |
تغسـل الحزن في عيـون الـكـئيب |
كم عرفنا؟ وكـم سمعنــا؟ رأينــا |
لا تجيــبي نـهرتُــهـا لا تجـيبي |
قذفتـني بنـظـرة ثــم قـالـت |
من تُـراه دعـاكمـو للـركوب |
قلتُ (عبد المقصود)
(1)
والبذلُ طبعٌ |
ليـس أمـراً عـن مثـله بالغريـب |
فـهـو ابن لـرائـدٍ عـبقـري |
وربيـبٌ أنعـم بـه من ربـيــب |
هو والـحرف عـاشقـان حـبيبٌ |
راح يُـزجـي من حبـه للحبيـب |
وهي (ديمومة)
(2)
الوفـاء فغنـي |
واستجـيبي لمعـن دعـانا استجيبـي |
صمتـت لحظـة ولـكـن صوتــاً |
راح يعـلو بعـزف لحــن رتـيب |
يا نسيـم الجنـوب قـل للجنوب |
لك في الشام نفحـة من طــيوبِ |
فاح في الشرق عطرها فهـو مسـك |
من حبيــبٍ هـديــة للحـبيب |
لك في نجـد عـاشـق فيـك غـنّى |
أغنـيات الهـوى بلـحن طــروب |
كلمـا هزه من الـشـرق وجــد |
راح يرنو إلى روابي الجنوب |
يا نسيـم الـجنوب كـم للجنـوب |
ذكريـاتٌ تطــل عـبر الـدروب |
كم لتـلك الجبـال في الأفـق طيف |
لاح يسقـي القـنا بومـض القضيب |
يـوم لبـت سيوفـه صـوت نجـد |
كيـف نعلي مـكاننـا في الشعوب؟ |
فـأجـاب الجـنوب لبـيك نـجد |
مــلأت نجـد فرحـة بالمجيــب |
في اتحــاد البــلاد كــل ارتقاء |
وبشــرع الرحـمن درء الخطـوب |
ولواءُ التـوحيـد في الأفـق يعــلو |
ينـشر العـدل في الفضـاء الرحيب |
هـو شرع الرحـمـن سلـمٌ وأمن |
لا مـكـاناً في أرضـنا للـحـروب |
فلتقر العيـــون للصـقـر عيـنٌ |
ليس تغـفو عـن عـابث أو غريب |
هؤلاء الرجـال بـالأمـس جـاؤوا |
وبنوهـم أتــوا بـأمـسٍ قـريب |
يزرعـون الـبلاد جهـداً وفضـلاً |
وهي مـلأى بكــل فـذٍ أريــب |
هـذه الأرض منبــعٌ من عـطـاء |
كـل شـبر بـها كسهـل خصيب |
غـير أن الجهـود عنـد الـتلاقي |
سوف تـأتي لأهـلهـا بالعجيـب |
حين جـاء الرجـال من كـل فـج |
كم (لظبيانَ)
(3)
بينهم من نصيب |
كم شجاع في ساحـة الحرب طـود |
كم طبيـب وكـم لـها من أديب |
رصعت صـدرها نـجوماً وتـاهت |
ببنيهـــا بكـــل فـذٍ نجيـب |
حين تمضي نجومهـا ليـس يمــضي |
ذلـك النـجـم قانـعـاً بالمـغيب |
طالـما أشـرقت شمـوس بـأرض |
كـان في غيرهـا أوان الغــروب |
فـابق فيهـا (سعيـدٌ) نجماً منيراً |
يزرع البشر في عـيـون الـدروب |
وابق عـنوان قصــة من كفـاحٍ |
سطرت سـيرهـا بجـهـد دؤوب |
أول السطـر أحـرف من غبــار |
خطّها الطفـل في تـراب الكثيـب |
مسح الليل رسمهـا فهي تـشـكو |
حين تقسو ريـاحـه بـالـهبوب |
يوم عز القرطـاس والحـبر شـيء |
نيله في المحـال بعـض الضـروب |
ويسير الفتى ففي الأفـق قصــدٌ |
راح يغري آمـالـه بالركــوب |
يمتطي عزمه وبـالعزم يغـــدو |
مستحـيل الآمال كالمستجيــب |
فإذا ما بـدا بعـيداً بعـيــداً |
صار يبدو في عينه كـالـقريب |
موطني في الهجير قد كنـت طلاً |
ومن الشر واقياً والكــروب |
كنت لي شاطئ الأمان وبُشرى |
كنت دمعي في بسمتي أو نحـيبي |
كنت دوماً سحابـة من عطـاء |
ظل يهمي فمـا لـه من نضوب |
قد تضن العجاف في كـل أرض |
غير وادٍ مكـانــه في القلوب |
إنـها دعوة (الخليـل) أجيبت |
فهي سيل من العطـاء الرحـيب |
رب إني أسكنــت أهـلي بـوادٍ |
غير ذي زرع آمـلاً بـالـمجيب |
ذاك وواديك موطني فاض خـيراً |
وحملنا خـيراتـه للشعــوب |
فتغنـت لك القـلوب بعشـق |
صار لحناً على شفـاه الوجيـب |
موطني في الشباب أخلصت ودّي |
وستلقـاه مخـلصاً في المشيب |
لك عهدٌ يا موطني ليـس يفنى |
دفـق حـبّي إلى ثراك الحبيـب |