(( كلمة الاثنينية لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي تفضل علينا بنعمةِ الحمد، وله سبحانه وتعالى الشكر والمنَّة على أن هدانا بالبشير النذير، عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم. |
الأساتذة الأفاضل: |
يسعدني أن نلتقي اليوم بالأخ الأديب المربِّي الدكتور سعيد عطية أبو عالي، الذي تجشَّم مع زملائه عناء السفر من المنطقة الشرقية والباحة لإمتاعنا بهذا اللقاء وإتاحة الفرصة لنا لتكريمه والالتفاف حوله في مسيرة الحبِّ والودِّ والإخاء التي صبغت هذه اللقاءات الثقافية.. وتطمحُ إلى مزيدٍ من التعانق بين أبناء هذا الكيان الحبيب، وكلِّ من يتعامل بإبداعٍ مع الكلمة في كثير من الدُّول العربية والإسلامية الشقيقة. |
إن مسيرة ضيفنا الكبير اتسمت في جانب كبير منها بكلمةٍ واحدةٍ هي العلم.. إما متعلّماً أو معلّماً.. بهذه الصفة النقية استمر عطاؤه المشكور في عدة حقولٍ معرفيةٍ وانعكس ذلك على حياته العامَّة وتعامله مع الآخرين.. لقد قدَّم جهده وطاقته خدمة لقطاع التعليم الذي أحبَّه، ولولا الحبُّ لما تمكَّن من الارتقاء بنفسه وبأدائه وتطوير قدراته ليسهم في أكثر مراحل التعليم، عطاءً للوطن والمواطنين. |
بهذا التفاني ضرب ضيفنا الكبير مثلاً في إمكانية تحدِّي معظم العقبات وتذليل كثيرٍ من الصِّعاب بفضل العزيمة ووضوح الرُّؤية وسموِّ الأهداف مما يحيل المعاناة ومكابدة شظف العيش وشحِّ الإمكانيات الماديَّة، إلى ساحة جهاد حقيقي لخدمة الإنسان ونشر الوعي والعلم وسط قطاعاتٍ كبيرةٍ من المواطنين.. إن رسالة المعلم أكبر من أن تحيط بها صفحاتٍ قلائل، وأوضح من أن نجلّيها بكلماتٍ عابرة.. سيَّما وأن لقاءنا لتكريم أحد الرجالات الذين حققوا على أرض الواقع حلماً داعب الكثيرين في وقت كان التعليم بعيد المنال، وقاصراً على بعض التجمُّعات الحضرية، بعيداً عن أمنيات إنسان القرى والهجر والبوادي. |
وعندما نحتفي بضيفنا الكبير، أحسب أنَّ أول ما يتبادر إلى أذهاننا طموحه الكبير، ذلك الطموح الذي أبى أن يقف به عند عتبات مهنة التدريس، رغم ما تعنيه من أهميةٍ وما تناله من احترام، سواءً حالياً أو في بداية النهضة التعليمية، لقد أدرك ببصيرة العارف أنَّ العلم ليس له حدود، فانطلق في دروبه باحثاً دؤوباً، مشمراً عن ساعد الجد، حتى حصل على درجة الدكتوراه، سنام الدرجات العلمية، وليست مسك ختامها.. واستطاع توظيف مكانته العلمية لتقديم مزيد من العطاء لوطنه ومواطنيه، (سعيداً) بأن يكون (عطاؤه) في (أعلى) درجات البذل والتَّضحية، أو ليس هو (سعيد) (عطية) (أبو عالي)؟ وكما قيل: لكلٍ من اسمه نصيب. |
وقد امتد نشاطه لخدمة المجتمع من خلال مشاركاته الفاعلة في النادي الثقافي الأدبي بالمنطقة الشرقية.. ولا شكَّ أن ميوله لدراسة اللغة الإنجليزية وآدابها قد هيأت له فرصة الاطلاع على كثير من الإبداعات الغربية مما صقل موهبته ووسَّع مداركه.. وقد ذكر بعض المغالين والموالين للآداب الغربية أنَّ قراءة كتابٍ واحدٍ بالإنجليزية يعادل قراءة عشرة كتبٍ بالعربية، وربما كان لهم مبرراتهم في الذهاب لمثل هذا القول، ولست بصدد مهاجمته أو الدفاع عنه، ولكني أوردتُه كمثالٍ على النوافذ التي تتفتح أمام منْ يتقن لغةً عالميةً كالإنجليزية، يستطيع من خلالها أن ينهل من كنوز المعرفة، ويساهم بعد هضم ما استوعبه في تطوير أسلوبه الخاص، وتغذية أفكاره وتلاقحها ببعض المعطيات الأخرى، دون أن يذوب فيها، أو يفقد هويته ككاتبٍ عربيٍ إسلامي، له توجهاتٌ، ورسالةٌ، وقيمٌ، ومثلٌ، يعتز بها، ويعمل على نشرها والحفاظ عليها. |
وتمثّل مجلة "الشرق" - التي يرأس تحريرها ضيفنا الكبير - حلقة في سلسلة مشاركاته الثقافية والفكرية في إطار خدمة الكلمة والفكر والثقافة في مجتمعنا.. ومجلة "الشرق" شأنها شأن كثير من المجلات التي تهتمُّ بالمضمون، وتعمل وفق معايير وثوابت لا تحيدُ عنها، تعاني شيئاً من عدم الانتشار، ولا تصل إلى الآفاق التي نتطلَّع إليها، كما أنَّ تركيزها على الإقليمية يحول دون ذلك الانتشار، ولعل ضيفنا يعمل مع زملائه على إخراجها في حلةٍ جديدةٍ تضاهي مثيلاتها وتجتذب مزيداً من القراء في مناطق المملكة الأخرى. |
ولا يفوتني أن أنوه بالدور الكبير الذي يضطلع به ضيفنا الكريم في إطار رئاسته للجنة جائزة سموِّ الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود للتفوق العلمي، فهو أول من رأس هذه اللجنة وما زال، وقد لمس كل من حضر فعاليات هذه الجائزة الجهد المقدَّر الذي يبذله ضيفُنا الكبير ومعاونوه، تنظيماً وإخراجاً وتنسيقاً، حتى أضحت على مدى أكثر من اثني عشر عاماً من أفضل اللقاءات العلمية التي تُثري عطاء الطلاب وتدفعهم لمزيدٍ من التفوق والإنجاز العلمي. |
ويسرني أن أرحب بضيوفنا الأكارم الأساتذة الشيخ سعد بن عبد الله المليص رئيس النادي الأدبي بالباحة، وعبد الرحمن بن أحمد الدهري، عضو نادي الباحة الأدبي ورئيس اللجنة الثقافية ومدير عام التعليم السابق بالباحة، وعبد الله أحمد غريب مدير العلاقات العامة بنادي الباحة الأدبي ومحرر (المنتدى) التي تصدر عن النادي.. والدكتور ناصر علي بشيه، والشاعر مصطفى حسن أبو الرز، الذي قدم من الدمام، حيث أسعدونا بحضورهم، فلهم وللمحتفى به أعمق مشاعر الشكر والتقدير على تفضلهم بهذه المشاركة التي نعتزُّ بها كثيراً. |
فارس أمسيتنا القادم بمشيئة الله، الأديب المعروف، والمفكر الإسلامي الكبير الدكتور علي الهاشمي، فمرحباً به وبكم.. وإلى لقاءٍ يتجدد بالحبِّ والود والإخاء. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
|