شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
- عبد المقصود خوجه: شكراً.. عسى أن تصيبنا هذه العدوى، ونصبح كلنا في الهوى سوا.. الأسئلة كثيرة، فأرجو من ضيفنا الكبير الإختصار قدر الإمكان حتى نستطيع أن نمر على الكثير منها، بالتأكيد لا نستطيع أن نستعرض كل الأسئلة ولكن نحاول أن نقدم الأهم.. والله يعطيك العافية يا أستاذنا الكبير.
 
الأستاذ عدنان محمد حسن فقي المحامي والمستشار القانوني يقول: من خلال رحلة العطاء التي امتدت لخمسين عاماً طرحت مواضيع مناقشة الأدب والسياسة والصحافة ما هو الموضوع الذي يرتاح الأستاذ أنيس للكتابة فيه؟ هل هو المرأة؟
- يا رجل في حد يرتاح لموضوع المرأة؟ الحقيقة أنا كتبت كثير جداً عن المرأة ويتهيأ لي أن أي واحد لا بد أن يكتب عن النصف الأخر من المجتمع، وهذا غير صحيح لأنه أكثر من النصف، لأنه المرأة من تواضعها أو نحن نحاول أن نقلل من شأنها ونقول النصف الضعيف والنصف اللطيف إلى آخر هذه التسميات ولكنها في الواقع ليست ضعيفة أبداً، المرأة قوية جداً، ومعنا الدكتور سليمان فقيه يقدر يقول لنا في كثير من الأمراض يموت منها الرجال ولا تموت منها الستات، فهي ليست ضعيفة على الإطلاق. أنا كتبت كثيراً عن المرأة وأعتقد أن أي كاتب لا بد أن يتكلم عن الجمال والرقة والنعومة والقوة في نفس الوقت ولكن المشكلة هل ما يكتب عن المرأة يعجبها؟ حسب تجربتي إنه لا يعجبها، عندي كتاب اسمه (قالوا) عبارة عن مجموعة من الحكم أو العبارات الكاريكاتورية، وفي المقدمة قلت أن هذه دبابيس ترتر ألصقها في جسم المرأة، يعني شكلها جميل لكنها موجعة، فجاءت كاتبة لبنانية أخذت كتابي كله وكتبت عليه (قلنا) وبدل أن تكون العبارات هجوم على الستات عملتها هجوم على الرجال، وبعثت لي الكتاب وكلمتني بالتلفون وقالت إيه رأيك في كتابي؟ قلت لها ولا حاجة، أنت حرامية أخذت بدلة من بدلي عملتيها فستان، ومع ذلك فإن كتاب الزميلة اللبنانية لا تشتريه المرأة وإنما تشتري الكتاب الذي يقول لها الحقائق وإن كانت مؤلمة.
 
الأخ أيمن السيد سالم يسأل: أنتم من أكثر المفكرين العرب تفهماً للقراءة واطلاعاً على الكتب، فكيف ترون الكتاب في عصر الفضائيات والإنترنت والسيدي روم؟
- أنا لا أرى أي خطر على الكتاب من كل هذه الأشكال المختلفة، فالسيدي روم وغيره قبل أن تصل إلى هذا الشكل كانت مكتوبة، كانت على ورق مكتوب بعدين واحد قرأها ونفذها عملها، إحنا في يوم من الأيام لما طلع الراديو، قلنا الكتاب مات، ولم يمت الكتاب، وعندما طلع التلفزيون قلنا مات الراديو، لم يمت الراديو، لما جاءت السينما قلنا لن يشاهد أحد التلفزيون، أو الذي يشاهد التلفزيون لن يشاهد السينما، ولم يحصل كل هذا، وما زال الكتاب هو السيد اليوم وغداً وبعد غد. ولكن السؤال بالنسبة للكتب، مع الأسف الشديد ورغم إني طلبت من كثير من الناشرين عمل استفتاء لنعرف ماذا يريد القارئ؟ نريد أن نعرف رأي القارئ، ورغم أن كتبي أكثر انتشاراً إلا أني حريص لكي أعرف المواضيع التي يفضلها القراء، هناك ناس يرتبوا ما يفضله القارئ على النحو الآتي: الكتب الدينية، المذكرات السياسية، كتب الأطفال، كتب الجنس، الرحلات، الخيال العلمي، القصة القصيرة، الرواية، الشعر.. هذا رأي ولكن مع الأسف الشديد ليس عندنا ما نجده في الصحف العالمية من استبيان أو استمزاج أو معرفة مزاج القارئ.. أياً كان مزاجه فسوف يبقى الكتاب وإن كان هناك خطر عليه من وسائل الأعلام الأخرى مما يحتم على الكاتب والناشر أن يتفنن في أن يجعل الكتاب سهلاً ميسوراً سائغاً جذاباً للقارئ بما يشغله أو يأخذه من الجلوس أمام التلفزيون ساعات طويلة. والكتاب الناجح مثل اللحن الناجح كما وصفه أبو حيان التوحيدي في كتابه (الإمتاع والمؤانسة) قال أن اللحن الجميل هو الذي يأخذك منك ويردك إليك. وإذا كان الناشر والمؤلف معاً في حرص شديد على أن يبقى الكتاب لا بد أن يختار الموضوع والأسلوب والمؤلف.. ولكن سوف يبقى الكتاب.
الأخ أشرف السيد سالم يقول: عندما سئلتم عن انسحابكم الهادئ من مناصرة الفلسفة الوجودية أجبتم بأن هذا لا يعني قناعتكم بفشل الفكر الوجودي بل إنه أصبح بالنسبة لكم كملابس الطفولة التي ضاقت على بدنك ولا يعني هذا إنها بالية. فلماذا لم تسنوا سنة حسنة بالاعتراف الموضوعي لكي يحذو حذوكم أصحاب الأفكار والفلسفات التي أثبتت الأيام فشلها الذريع كالماركسية؟
أنا عايز أقول لحضرتك حاجة، ما تقدر تقول أن الماركسية فشلت، أو ما تقدر تقول أن الوجودية فشلت، طبعاً الوجودية أصغر من الماركسية، الوجودية تعتبر نظرية في مذهب، لكن الماركسية تعتبر مذهب، لأنه علشان أسمي حاجة مذهباً مثلاً أقول Markisism أو Existensionalism كلمة Ism بمعنى مذهب، صحيح هي موجودة في الكلمتين ولكن ليست بالضرورة مذهباً شاملاً، يعني في الفلسفة نقول: لا يسمى مذهباً فلسفياً إلا الفكر المنطقي المتسق بعضه مع بعض حلاً للمشاكل التقليدية المعروفة أو تعميقاً لها، وهي الله، الكون، القيم الأخلاقية، القيم الجمالية، النفس، الحياة بعد الموت، أي واحد يستطيع أن يهتدي أو يبتدع تفسيراً جديداً لهذه المشاكل مع ربطها ربطاً منطقياً مختلفاً عن سابقيه فهو صاحب مذهب، الوجودية لا تعتبر مذهباً، الوجودية أغلبها منهج في التفكير لأنها بعض المذاهب الوجودية لا تتحدث أو لا تناقش مثل هذه القضايا الصعبة، يعني عندما تقول لي قل كلاماً علمياً عن نشأة الكون؟ ولا عندي كلمة واحدة أقدر أقولها. أقصى ما أستطيع أن أقوله أن العلماء يقولوا أن ربنا خلق العالم من 12 ألف أو 14 ألف مليون سنة، إزاي؟ الله أعلم، كيف خلقه؟ الله أعلم، كيف ينهيه؟ الله أعلم.. هل هناك عالم واحد أو عوالم كثيرة؟ هل هناك كون واحد أو أكوان كثيرة؟ الله أعلم. في مثل هذه القضايا لا يستطيع العلم ولا الفلسفة أن تقدم دليلاً مقنعاً على ذلك، فقط الدين.. إنما الفلسفة لا تستطيع. فالعقل الإنساني لا يستطيع أن يغامر ولا أن يكون طرفاً في قضية تقول كيف نشأ هذا الكون. فالفلسفة الوجودية مرحلة من مراحل الفكر.. زي ما قلت قبل كده إنه في بعض المذاهب الفلسفية تعبر عن أزمة الفكر، إحنا في مصر جاء وقت تكلمنا على أزمة التفكير وتفكير الأزمة، واحد في مصر قال إنه إحنا عندنا أزمة الثقافة، فأنا كان من رأيي إنه مفيش أزمة مثقفين، لكن في ثقافة أزمة. يعني في فرق بين أزمة الثقافة، وثقافة الأزمة، أزمة الثقافة يعني مفيش حاجة عليها القيمة، لكن ثقافة الأزمة معناها الأدب والفن الذي يعبر عن أزمة موجودة في أي بلد، أزمة سياسية، أزمة اقتصادية الخ.. ويصبح الفكر بهذا الشكل مثل قوس قزح، كلما كان السحاب داكناً كانت ألوانه ناصعة أكثر. وكذلك الفلسفة الوجودية وبعض المذاهب ظهرت تعبيراً عن أزمة، مثلاً الرومانسية في أوروبا ظهرت بعد الحرب السبعينية، السريالية والتكعيبية والداية ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى، الوجودية ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، وكلها مذاهب ونظريات تعبر عن أزمة يعاني منها الضمير الإنساني، فهي ثقافة أزمة وليست أزمة ثقافة. وكذلك الفلسفة الوجودية يعني مجالها محدود وكان منهج أو مزاج شخصي، كبرت عليها أو لم تعد هي الأداة التي تستطيع أن تعينني على معرفة كثير من القضايا.. وكذلك الماركسية نحن عايشين في أكبر فشل في تاريخ الفلسفة الماركسية الموجود الآن في الاتحاد السوفيتي (سابقاً)، والدولة الأوروبية الشرقية.
المهندس محمد عبد الله كعكي يقول: يعلم العالم العربي إن قوتهم في وحدتهم وإن قوتهم أيضاً في اتحادهم ولو اقتصادياً، يعلم الجميع تلك الحقيقة خاصة في عصر التكتلات الاقتصادية والاتفاقيات الدولية، لماذا لا يتحد العرب ولو اقتصادياً مع معرفتهم بأهمية ذلك؟
 
- It is a very good question سهل جداً هذا السؤال يا سيد محمد، وليس أصعب من الإجابة عنه، في سؤال أسهل منه: كم عدد النجوم في السماء؟ عد بقى.. السؤال سهل والإجابة عسيرة، إحنا كلنا كعرب نتمنى أن نتوحد وأن نتفق ولا تزال هذه أمنية، حضرتك تقول: ولو اقتصادياً، هذا الأصل - يا ريت نبدأ بالاتحاد الاقتصادي - يا ريت نبدأ باتحاد مادي، لكن كما ترى.. الوحدة العربية صعبة، نحن عرب لغة ودينأ وأرضاً وتاريخاً ولكن قلوبنا شتى وسوف تبقى كذلك مع الأسف طويلاً.
 
الأخ محمد عيسوي يقول: ما هي خلاصة تجربتكم مع الدنيا؟ وما هي نصيحتكم لشباب الأمة الإسلامية والعربية؟
- حتى أجاوب على هذا السؤال لا بد أن ادعي دعاوى كثيرة جداً من ضمنها إني رجل حكيم واستفدت من أخطائي والآن أصبحت بهذه التجارب معصوم من الخطأ وأرى ما لا يراه الناس، أنا لا أستطيع أن أدعي هذه الدعوى ولكني أتذكر أن الشاعر الألماني جيته لما سئل في يوم من الأيام ما هي الكتب التي أثرت فيك أكثر وغيرت مسار حياتك وعمقته؟ فكان جوابه إنني لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال إلا إذا أجبت عن سؤال آخر، ما هي الأطعمة التي جعلت أظافري وعيني لامعة؟ أنا لا أعرف ما هي الكتب وبالتالي لا أدعي إني أعرف هذه التجارب، لكن أقول لحضرتك.. موش نصيحة ولكن تجربة، لا يمكن لأي شخص في أي فن وأي علم أن ينجح أو يتفوق دون أن يأخذ علمه وفنه مأخذاً جاداً، من غير جدية مفيش نجاح، من غير تضحية مفيش تقدم، من غير علمك وفنك يصبح رقم واحد أو السيد وكل قدراتك الأخرى خدم له لا يمكن أي واحد ينجح ولا أي دولة في أي مكان فالشرط هو الجدية والاستمرار والتضحية ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، إن صح ما أقوله، فهي حكمة حياتي ويؤسفني إنه لا يوجد عندي غيرها.
 
الأخ عبد الله زلحيل يقول: الأستاذ أنيس منصور في نشأتك إنك حفظت القرآن الكريم وتأثرت بالشعر الصافي، لقد نقلت للثقافة العربية الكثير من ثمار الفكر العالمي فماذا نقلت إلى العالم من روائع الحضارة العربية والفكر الإسلامي العظيم؟
- سؤال مع حق فيه والله.. يعني لا أدعي إني أضفت كثيراً إلى الفكر العربي ولكني حاولت، عندما أقول حفظت القرآن في سن صغيرة هذا كان من عاداتنا في الريف، أهل الريف قبل الواحد ما يدخل المدرسة لا بد أن يحفظ القرآن، هذه ليس فيها اختيار، فكنا كلنا نحفظ القرآن الكريم ونحن لا نقرأ ولا نكتب، ولكن عندنا ذاكرة قوية جداً، وكنا نتعلم فيما يسمى الكتّاب، ما أعرف إذا كان في المملكة كتّاب أم لا؟ لكن عندنا نحن الكتّاب، عبارة عن غرفة صغيرة يجلس فيها الطلبة الصغار على القش، وفيها كثير من البراغيث، وسيدنا يجلس على مصطبة، أو على منصة، ومعه عصا طويلة، أقرأ يا ولد: بسم الله الرحمن الرحيم كهيعص، ذكر رحمة ربك عبده زكريا... إلى آخر القرآن ونحن لا ندري مما نقرأ أي شيء لكن بالقرآن الكريم استقام اللسان العربي وأصبح لأي قارئ عنده استعداد يسمع جميل الكلام قرآناً وشعراً وأنا أعتقد لأني حفظت القرآن وكان أبي شاعر صوفي وكان يقول لي شعر وأحفظه وأردده خلفه، أعتقد أنه منذ هذه اللحظة أو هذه السنوات ارتبطت ارتباطاً تاماً بجميل الكلام، قرآن، شعر، نثر أقرأه وأحبه وأتمنى أن أكتب مثله، وأعتقد أنه تعمق عندي شعور ديني، وأنا تلميذ في الجامعة كنت في جماعة الإخوان المسلمين، في بلد اسمها امبابة، وكنت أدرس فلسفة، وذات مرة قلت لوالدي أنا عندي قصيدة نظمها أحد زملائي وأريد أن أعرف رأيك فيها، فنظر فيها وقال طيب اتركها لي والصبح أعطيها لك، الصبح وجدته كتب قصيدة ثانية، غير، خفف المعاني، وجد بعض أبيات مكسورة، وكان هذا آخر عهدي بالشعر، لكني أعتقد أني كتبت أشياء شخصية، يعني كتبت قصص قصيرة وروايات ومسرحيات وترجمت من الشعر، وما كتبته عن ترجمتي الذاتية، أو بمعنى أعرض نفسي في مواجهة تيارات أدبية أو فلسفية أو فكرية ولأن الأدب كله ترجمة ذاتية، وكما قال الأستاذ الفاضل خوجه في البداية أن الفرق بين الأدب والعلم أني أقول 2+ 2 = 4، الحديد يتمدد بالحرارة، الطاقة تساوي الكتلة في مربع سرعة الضوء، لا أستطيع أن أقول أنا من رأيي هذه الحقائق، لكن في الأدب أقدر أقول أنا رأيت وأنا ارتأيت، ويعجبني ولا يعجبني، أول ما أدخل الأنا يبقى أدب، أول ما أطلعها يبقى علم، وأنا حاولت هذا وحاولت هذا، ولا أزال أحاول.
 
الأستاذ محمد الشناوي يقول: حفظت القرآن وقرأت الوجودية ودرست الفلسفة وكتبت في الإسلام، قرأت كل مكتبة المنصورة وأنت بعد طالب حديث السن، رأيت أوروبا قبل أن ترى الإسكندرية عاصرت الكبار وفزعت عندما أعجب العقاد بإحدى ترجماتك فاتخذت مساراً آخر في أسلوب الكتابة حتى أمتعتنا بما أصبح معروفاً أن لكتابتك شكل ومذاق حلوى غزل البنات، تمتهن الصحافة، تؤلف الكتب، وتسافر حول العالم، وتبدع الرواية والمسرحية، لا تدخن ولا تشرب الشاي، أو القهوة، قل لي بالله من أين تأتي بالوقت لكل هذا إذا خصمنا فيه الوقت الذي تنفقه في علاج الزكام؟
- كما قلت أنا لا أزال عندي شعور بأنني تلميذ صغير جداً، وأؤدي واجبي بمنتهى الأمانة قبل ما أنزل من البيت، أنا لم يحدث في كل حياتي أن كتبت سطر واحد في مكتبي، أبداً، كله في البيت، عندي مكتبة فيها أكثر من سبعين ألف كتاب، فأنا موش محتاج أروح أي مكتبة أخرى، كله في البيت، من الساعة 4 إلى الساعة 10 كل يوم، وزي العيال الصغيرين أنام بدري، وموش عارف الأستاذ خوجه راح يقعدني للساعة كام لكن الساعة 30: 11 أكون نمت تماماً، دا موش عشان أقوم، أنا أعتقد أنه في وقت واختلف مع كثير من الزملاء وأعتقد أنه في وقت بس احنا محتاجين لتنظيم، يعني مثلاً نجيب محفوظ منضبط، يوسف السباعي منضبط، إحسان عبد القدوس منضبط تماماً، وأنا أعتقد أن الأدب والفن نظام وموش فوضى، لأنك عندما تكتب قصة فأنت تعيد تنظيم الواقع، الذي أكتبه لم يحدث - كانت قصة - لكني أنظم الواقع، ما حدث أضعه في إطار، عندما تتفرج على مسرحية أو فيلم فأنت تتفرج على أكذوبة متفق عليها بين المؤلف والمتفرج، إنما ما حصلت ولكن يأتي الممثلون ويجعلونك تحس كأنها حدثت، تدخل وترى تنظيم في الفن.. وأعتقد من غير انضباط لن يتحقق أي شيء، في اللغة الألمانية عندهم كلمة ترقى إلى درجة الألوهية، الواجب بالألماني اسمه داستافيخت، الواجب يرقى إلى درجة القداسة، إنه ما فيش مناقشة، هذا واجبي وأعمله، خلاص، وأعتقد أنه بالنظام والانضباط يبقى عندك متسع من الوقت وغير صحيح أنه مفيش وقت، لأ، في وقت، غير صحيح أنك لا تجد وقت تكتب، غير صحيح، موش لاقي وقت تقرأ، غير صحيح، موش لاقي وقت تفكر، غير صحح، المسألة كلها تنظيم فقط، ويتسع الوقت لكل شيء، وكل من يدعي أن الفن هو قضاء طول الليل سهران أو سكران وأشرب وأنام بالنهار وأصحى بالليل فهذا غير صحيح، أنا أرى أن الإبداع يحتاج إلى حضانة فكرية، مهمة الكاتب المتفرغ أنه يعطي للفكر الوقت الذي يكفيه لأنه يظهر ويفقس ويتولد، يعني لا بد أن يكون هناك وقت، فدعوى أنه لا وقت هناك غير صحيحة.
 
الأخ مجاهد هيثم رغبان يقول: في ثورة المعلومات التي نعيشها في عصرنا عصر الكمبيوتر والإنترنت ما مدى الاستفادة من هذه الوسائل العلمية في جمع المعلومات التي تزخر بها الصحافة من مقالات وبحوث وخاصة بالنسبة لمقالاتكم اليومية الكثيرة التي تزخر بها الصحافة اليومية؟
- أنا شخصياً مع إيماني واحترامي لعظمة وسائل المواصلات الحديثة لكن أنا بخاف من الكمبيوتر، يعني أنا أقدر أجيب الكلمة في ثواني وآخذ ساعات عشان أجيبها من القواميس أو دوائر المعلومات، لكن أنا بخاف من الإشعاع الذي يطلع من الكمبيوتر لأنه فيض إشعاع ضخم جداً وفيه خطورة على المخ وعلى العين وهذا الذي يجعلني غير مستفيد في الدرجة الأولى، يعني أفضل أن أجلس وأبحث على كلمة في قاموس لمدة ساعة ولا أقعد أمام الكمبيوتر دقيقة واحدة لأننا معرضين لفيض من الإشعاع لسنا في حاجة إليه؛ لا بد أن نقتصد لحد كبير جداً في الجلوس أمام التلفزيون ونقتصد أكثر في استخدام الموبايل لأنه من المؤكد أنه ضار على خلايا المخ لكن نحن أدمنا الموبايل كما أدمنا السجاير وحتى لو كتبوا على كل موبايل ضار بالصحة مثل السجاير أيضاً الناس سوف تستعمله، لكن أنا موش قادر مع الأسف على استخدام شبكات الإنترنت لأني بفزع من الفيض الإشعاعي على الصدر والمخ وأنه يضعف العين، ولكن هي خدمة جليلة وإذا كنت لا أستطيع أن أستفيد منها ففي غيري يستفيد ويفيدني بعد ذلك.
 
الأخ علي المنقري يقول: استطاع سعادتكم الجمع بين التميز الصحفي والأدبي والفلسفي وإجادة ست لغات أجنبية، هل تفسر ذلك بأنه نبوغ وعبقرية، أم هو اجتهاد وطموح المثقف العربي؟
- أنا بشوف أنه اجتهاد، وأنا أعتقد أنني رجل مجتهد، وللمجتهد إيه؟ ولذلك لا أدعي كل الصفات التي ذكرتها لأن الواحد صغير جداً أمام الحقائق، صغير جداً أمام ما لا يعرف، أنا لا أزال أذكر العبارة الشهيرة التي قالها انشتاين لما سألوه أنت وضعت النشاط الكوني كله في معادلة واحدة وهي الطاقة تساوي الكتلة في مربع سرعة الضوء، وبمقتضاها انفجرت القنبلة النووية، فأنت رجل محيط بكل شيء، فقال إن الذي أعرفه بالنسبة للذي لا أعرفه كطابع بريد وضع في قمة مسلة فرعونية.. أنا أعتقد أنا وغيري أقل من ذلك بكثير جداً.
 
المهندس جابر الشهري يقول: ذكرتم في كتابكم الهابطون من السماء أن الأهرامات بنتها مخلوقات جاءت من الكواكب البعيدة وأن معجزة الأهرامات ما كانت لتحقق بإمكانيات الحضارة الفرعونية الهندسية، هل لا زلتم عند رأيكم وافتراضكم هذا؟ لماذا كان كذلك ألا ترون أن ذلك يقلل من عظمة إنجازات الحضارة المصرية التي تعتبر من أعظم وأقدم الحضارات؟ وما علاقة ما ورد في كتابكم سالف الذكر وما ود في كتاب ربات الآلهة للكاتب النمساوي دنكن؟
- سأرد عليك وعلى المكتوب اليوم في جريدة الشرق الأوسط عن نفس الموضوع، الكاتب الذي يقول عليه كاتب ألماني/ سويسري اسمه فون دينكن، أثيرت مناقشات كثيرة جداً حول ما جاء في كتابي (اللذين هبطوا من السماء) واليوم في جريدة الشرق الأوسط مقارنة بين كتابي هذا وبين كتاب الكاتب السويسري فون دينكن، وأن كتابه ظهر قبل كتابي بسنة، في كتب أخرى كثيرة تتحدث.. حتى أتكلم عن حكاية الأهرامات لا بد أن أسلم ببعض الحقائق أو ببعض الفروض العلمية الميسرة لبعض الحقائق، عندما أقول كائنات أخرى جاءت من كواكب أخرى وساعدت على بناء الأهرام لا بد أن تستقر لدينا حقيقة أن هناك كائنات أخرى في كواكب أخرى، لم يثبت علمياً حتى الآن أن هناك كائنات في كواكب أخرى، وإن كنا لا نستبعد عقلاً وجود كائنات أخرى في هذا الكون لأنه ليس معقولاً ولا منطقياً أن نكون نحن فقط الكائنات العاقلة في هذا الكون لأنه لا حدود لعظمة وقدرة الله على خلق ما لا نهاية له من الكائنات حيوانات أو نباتات أو كائنات عاقلة، يعني إيه.. يعني أنه نحن الذين نعيش على كوكب الأرض، أحد الكواكب التسعة التي تدور حول نجمة هي الشمس، لسنا إلا نجمة واحدة في سديم أو في مجرة واحدة فيها على الأقل أربعة آلاف مليون نجمة، زي الشمس، وحول هذه النجمة من الكواكب الأخرى من بينها كوكب واحد على الأقل يصلح للحياة العاقلة، وبعملية حسابية نجد أنه احتمال أن تكون هناك حياة على كواكب شبيهة بالأرض حول نجوم بهذه المجرة ألوف الملايين من الاحتمالات، يعني إمكانية أن تكون هناك حياة أكثر من ألف ألف مليون احتمال، فإذا أضفنا لذلك أنه في مجرات مثل المجرة التي نقع على الجزء الجنوبي الغربي منها في ألوف الملايين من المجرات، وإذا أضفنا هناك احتمالاً آخر أن هناك كون أو ألوف الملايين من الأكوان غير هذا الكون نجد أننا أمام احتمال أن تكون حياة ألوف ألوف الملايين من الاحتمالات، المعنى إيه؟ إنه كما أمكن أن تكون حياة على كوكب مثل الأرض لا يستبعد عقلاً أن تكون هناك أشكال أخرى من الحياة ولكننا لا نستطيع أن نصل إليها، إذاً وجود كائنات أخرى احتمال عقلي، ولم يثبت حتى الآن أن كائنات من كواكب أخرى قد جاءت إلى الأرض، ولكن على الأرض أشياء تدل على أن كائنات جاءت من كواكب أخرى وأقامت بعض الوقت، وكما جاءت مجهولة عادت إلى حيث لا ندري، إيه الحاجات الموجودة على الأرض؟ في حاجات كتير، مثلاً على الحدود بين ليبيا ومصر وبين ليبيا والجزائر في منطقة جبلية اسمها جبال جبارين أو منطقة اسمها منطقة تسلي موجود على الجدران نقوش بتحليلها إلى الكربون 14 وجد عمرها سبعة وعشرين، وثلاثين ألف سنة، بينما تاريخ الحضارة التي فيها خط وكتابة ورسم ونقش لا تتجاوز سبعة آلاف سنة، الموجود في منطقة تسلي أو جبارين، نقوش لعربات وتابلوهات مثل التي نراها في مقدمة الطائرات، أو سفن الفضاء، وناس لابسة خوذ مثل رواد الفضاء، التحليل النووي أو الذري يقول أن عمرها يتراوح بين 27 - 30 ألف سنة، من هؤلاء؟ لا ندري.
الذي يقرأ كتاب العهد القديم أو التوراة في سفر اسمه سفر حزقيال يجد أن النبي اليهودي حزقيال كان ماشي في المنطقة التي تعرف الآن باسم بغداد ويصف - يمكن أن ترجعوا لها للتسلية – يحكى أنه في مركبة هبطت من السماء ولها عجلات ونور ونار تخرج منها وناس ترتدي ملابس لامعة، الوصف الذي يقوله لو غيرنا في أسلوبه وجعلناه أسلوب صحفي حديث يبقى وصف دقيق لإحدى سفن الفضاء، لكن قبل أن ندخل في عصر الفضاء رجال الدين فسروا هذا بأنه نبوءة سوف تحدث لكن نحن الآن نفسره على أنه بالفعل قد حدث، كائنات من كواكب أخرى جاءت للأرض وظهرت ولا نعرف ماذا عملت ثم اختفت، مثلاً موجود في مكتبة استنبول خريطة للقطب الجنوبي أخذت من الجو، الدراسة الجيولوجية لهذه المنطقة من الخريطة تدلنا على الهيئة الجيولوجية لما كان عليه القطب الجنوبي من 70 - 80 ألف سنة، كيف التقطت هذه الصورة؟ من الذي التقطها؟ وكيف؟ لا أحد يعلم.. وجد في الهند بعض المعادن الناعمة وبعض الأعمدة الذهبية وبدراستها وتحليلها وجد أن هذا الذهب لا يمكن أن يصب بهذه النعومة إلا إذا وضع في أفران درجة حرارتها لا تقل عن 7 - 10 آلاف درجة مئوية، كيف حدث ذلك؟ لا نعرف.. وغير ذلك من الأمثلة كثير جداً.
كتاب هيرودوت لما جاء مصر وزار مدينة منف وجد فيها كور من النار تطير في جو المدينة، وتقترب ثم تبتعد، لا تعود.. سنة 1926م حصل في منطقة سيبيريا في الاتحاد السوفيتي فوجئ الناس بشيء يقترب من الأرض ويشعل النار شهوراً لدرجة أن الناس في العواصم الأوروبية كانت تستطيع أن تقرأ الصحف ليلاً.. ماذا حصل؟ بعض التفسيرات تقول لعلَّ إحدى سفن الفضاء جاءت من الفضاء الخارجي ودخلت الغلاف الجوي واحترقت بالاحتكاك وارتطمت بالأرض فأحرقت الغابات وأذابت الجليد الخ.. كل هذا يجعلنا نضع أمام أعيننا احتمال أن تكون هناك حياة عاقلة في أماكن أخرى من الكون، بعض هذه الكائنات وصلت الأرض، لماذا؟ لا نعرف.. ثم نرجع لمذكرات رواد الفضاء، بعض رواد الفضاء - وأنا رأيت بعضهم في القاهرة - حكي أنهم عندما كانوا يدورون حول الأرض فوجئوا بما يشبه الفراشات المضيئة تدخل السفينة، ولا يعرف كيف تم ذلك، وأول ما تحلق في جوها تختلط العقول الإلكترونية وبعضها كان يطارد السفينة، وبعض رواد الفضاء أقسم أن لا يحكي ما شاهده، وبعضهم احترم هذا القسم، والبعض الأخر لم يحترمه.. وأكثر من ذلك، يقال، ونشرت المجلات العلمية الأمريكية أن ايزنهاور التقى ببعض سكان الكواكب الأخرى في إحدى القواعد الحربية، وفي الانتخابات الرئيس كارتر وعد الشعب الأمريكي والعلماء الأمريكان أنه سوف يحدثهم حول حقيقة هذا اللقاء، ونجح في الانتخابات واختفى ولم يتحدث، من سنتين نشرت مجلة ديسكفر الأمريكية وهي مجلة علمية محترمة وسهلة، طلبت من الشعب الأمريكي أن يوجهوا نداءً جديداً إلى الرئيس كلنتون يقولوا له إن الرئيس ايزنهاور قابل مخلوقات وأن الرئيس كارتر وعدنا نحن نريد أن نعرف حقيقة ما سبق وأنت سبق في خطاب انتخابي في بلدك اركنسو وعدت عندما تكون رئيساً أن تعلن هذه الحقيقة، ولم يرد الرئيس الأمريكي.
خلاصة هذا القول أن هناك احتمالاً علمياً منطقياً بوجود حياة في مكان ما، نحن ما نعرف كيف، وبعض الاجتهادات تقول إننا أفلحنا أن نحول المادة إلى طاقة، عندما تحرق ورقة تتحول إلى طاقة حرارية، الذي لم نعرفه ولم نقدر عليه أن نحول الطاقة مرة أخرى إلى مادة، هل يمكن أن يقال أن عقولاً أكثر استنارة استطاعت أن تطلق سفن مادة وإنسان مادة فيتحول لطاقة وعندما يقترب من الأرض يعاد مرة أخرى سفينة وإنساناً أو كائناً عاقلاً؟ لا نعرف.
أما الكلام عن الأهرامات وبناء الأهرامات أنا في كتابي لم أقل أن كائنات من كواكب أخرى جاءت وبنت أهرامات أخرى ولكني قلت أن بعض الدارسين لتاريخ مصر الفرعوني يجد أن بناء الأهرامات تم طفرة، فجأة، ليس له مقدمات؟ كيف يمكن أن تنشئ أشياء بهذه الضخامة ليست هناك مقدمات تجريبية، تعمل هرم صغير ثم أكبر وهكذا، أصحاب هذا الفرض العلمي الذين يقولون في طفرة وهذه الطفرة لا يملأها إلا كائنات عاشت في أماكن أخرى وجاءت وساعدت الفراعنة، الخطأ في هذا التفكير أنه التصور بأن الأهرامات أقيمت طفرة خطأ، الفراعنة عملوا تجارب كثيرة جداً على الأهرامات، عملوا هرم مساطب، وعملوا اكثر من 90 هرماً صغيراً ولما اكتمل لهم الشكل أفلح المهندس المصري أن يبني الهرم الأكبر الذي ما زال مليئاً بالألغاز، وأنه لما بنى الهرم سجل في عملية البناء الهيئة الفلكية التي كانت في ذلك الوقت، بما يتفق مثلاً الشعري اليمانية إذا جاء شعاع منها سوف يدخل إلى غرفة الملك، الذين قالوا أن الأهرامات بنيت لأن في طفرة لم يقرأوا التاريخ المصري، لا توجد طفرة وإنما تدريج منتظم لبناء الأهرامات واحداً واحداً حتى اكتمل لهم هذا البناء العظيم، ما كتبته هو إشارة إلى وجود إحدى وجهات النظر القائمة على وجود كائنات وفي نفس الوقت أن هناك خطأ عن وجود فجوة في التاريخ، وأنا لم أقل أن في كائنات بنت الأهرام وإنما قلت بعض العلماء تصور وجود فجوة في التاريخ لا يملأها إلا سكان الكواكب الأخرى. وأرجو أن يكون هذا تصحيحاً أو توضيحاً للأخ الفاضل ولما نشر اليوم في جريدة الشرق الأوسط.
 
بين يدي سؤالين متشابهين من د. محمد محسن، عضو اتحاد الكتاب، والمهندس أحمد نصر الدين سلامة: يدور السؤالان حول العالم المصري الكبير أحمد زوبل يقول الدكتور محمد أنه استطاع أن يروج لاختراعه وأننا هللنا لهذا الاكتشاف وقللت من أهميته، أما المهندس أحمد يقول بل أنك اتهمت جمهور المصريين بالسذاجة والطيبة لأنهم قدموا للدكتور زويل قدراً من التقدير والحفاوة مما أشعرنا نحن المصريين في الخارج بالحزن والاستنكار لأن يحدث هذا من سعادتكم، نرجو التعليق أو ذكر سبب موقفكم المذكور؟
- أنا أشرح لحضرتك، أولاً أحمد زويل أنا الذي قدمته ولم يكن معروفاً في مصر وكتبت عنه قبل أن يأتي مصر قبل ثلاث سنوات نقلاً عن المجلات العلمية الأمريكية وأسعدني أن يكون لمصر ابن برز وأصبح متفوقاً في علوم الفيزياء والكيمياء، وعندما جاء لمصر أعطته الصحف المصرية والإعلام المصري حجم أكبر من حجمه، هو عالم مجتهد ولكنه ليس عبقرياً، لم يبتكر نظرية، لكن الذين تناولوه ناس غير متخصصين لا في الفيزياء ولا في الكيمياء، وعن طريق الإعلام أصبح بين يوم وليلة الدكتور أحمد زويل أسطورة علمية، هو رجل عالم لا شك، لكن عبقري.. لأ.. الذي أدهشني وأذهلني وأخجلني أيضاً أننا في كل مناسبة حفاوة به، للذين يفهمون في الفيزياء والذين لا يفهمون، وأطلق اسمه على شوارع، وأطلق اسمه على قاعة في الأوبرا، وطلع له طابع بريد، هو جاء في يوم من الأيام وقال أنا وانشتاين أخذنا جائزة فرانكلين، هذه مثل أن أقول أنا ونجيب محفوظ وحسني مبارك أخذنا الثانوية العامة، صحيح، لكننا لسنا الوحيدين في مصر، فهو وانشتاين أخذوا جائزة فرانكلين، صحيح، لكن هذه الجائزة تمنح لمائة وثلاثين عالماً كل سنة منذ ستة وأربعين عاماً، فأنا عندما أقول أنا ونجيب محفوظ أخذنا التوجيهية صحيح، لكن الغلط أن نقول نحن الاثنين فقط.. فأنا اندهشت كيف الإعلام المصري يكتسح الرأي العام والناس تستسلم، وكل من يعرف ذلك ويستمع إليه لا يعرف بالضبط ما الذي عمله أحمد زويل في الفيزياء، لم يسأل عالم من علماء الفيزياء، لم يسأل أحد من زملائه في كلية علوم الإسكندرية وإنما تركوا للإعلام يكبر ويضخم ويعظم بلا وجه حق لدرجة أنه جلست سنة أطلب من مصلحة البريد إصدار طابع تذكاري فريد لعدد من النابغين في بلدنا ولدوا في سنة واحدة 1889م حيث ولد فيها العقاد وطه حسين والمازني وعبد الرحمن الرافعي وإيليا أبو ماضي هؤلاء في مصر، وفي بقية العالم ولد في نفس السنة هتلر ونهرو وشارلي شابلن، ومن الفلاسفة مارتن هايدنر، جابريال مارسيل، فدقنشتاير، الشاعرة أخمتوف، كل هؤلاء ولدوا في سنة واحدة 1889م، فأنا اقترحت عمل طابع بريد فريد في نوعه لعدد من النابهين المصريين بينما طلع طابع بريد لأحمد زويل في أسبوع واحد، فأنا استنكرت كيف نحن كلنا نصبح ضحية لمعلومات غير صحيحة، وتكتسح على كل المستويات، وقلت أن زويل رجل عالم نزيه ولكنه لم يبتاع شيئاً ولم يبتكر نظرية وأنا أفضل أن أقول الحقيقة وأنا صادق من أن أخلق أسطورة وأنا كاذب، مغضباً المصريين في الخارج والداخل.
 
الأخ أحمد عايل فقيها يقول: لقد درست على يد الفيلسوف عبد الرحمن بدوي وأنت أول من كتب عن الوجودية وألف عنها كتاباً هو الأول في الوطن العربي، وكتب عنك د. زكي نجيب محمود، من خلال مقدمته الجميلة والعميقة لكتابك ساعات بلا عقارب، وتوج كل ذلك بعلاقتك بصالون العقاد وصحبتك التاريخية لصاحبه، ولكن وسط هذا الفضاء المعرفي كله تبدو بعض كتبك كتب ذلك الكاتب الذي ارتضى الانتشار والبساطة المتناهية في الكتابة إذن من أنت؟ هل أنت صحفي أم أنت كاتب فقط؟ أم أنت نصف مفكر نصف سياسي؟
- الحقيقة أنا أقل من ذلك، أنت كريم عندما تقول نصف سياسي ونصف مفكر، ولكن عندي إحساس أنني أقل من ذلك بكثير جداً، لأنني لا أنظر لكتبي ولكن أنظر للذي لا أعرفه، ولا أستطيع أن أدعي أن عندي هذه الدرجة من الرضى، لو وضعت في السجن ومعي كتبي فلن أقرأها، لأني لست مشغولاً بما كتبت ولكني مشغول بما سوف أكتب، ولذلك ليس عندي إحساس في أي لحظة بأني أنجزت شيئاً كبيراً، ولكن الذي أريد عمله أكثر، تأثرت بالعقاد وبعبد الرحمن بدوي وفهمت وأفهمت ولا أزال أحاول، إما أن كتبي منتشرة فلا أقدر أن أتهم القراء وإذا حضرتك لم تسمع المقدمة، فإن مصر كلها كانت تحتفل بأن كاتباً باع فقط من كتبه هو 2 مليون نسخة، وهو ما لم يحدث قبل ذلك، لا أستطيع أن اتهم القارئ وأقول له لماذا تشتري كتبي، بل أشكره، وإذا كان يشتري كتبي فلا بد أنه وجد فيها شيئاً ينفعه، يمتعه، يفيده، يسليه، ينسيه، وأنا لا أعرف كيف أعتذر عن أي صفة من هذه الصفات.
 
عبد المقصود خوجه: لقد مضى بنا الزمن سريعاً، وضيفنا الأستاذ الكبير شأنه شأن الكبار، فشكراً لأستاذنا.
- شكراً يا سيدي العزيز.
 
- عريف الحفل: الأسئلة لم تنته، الأخ محمد الأسمري يسأل: من هو أنيس منصور؟
- أنا أيدي على كتفك وقل لي من هذا الشخص.. أنا مثلك تماماً، لا أعرف الإجابة، أنا أضع نفسي في ظروف لكي أعرف.. الكاتب البرتغالي الذي حصل على جائزة نوبل هذه السنة، خوسيه سراماجو، كتبه عبارة عن تجارب، إيه التجربة؟ تضع الناس في تجارب جديدة وينظر إليها، أنا يخيل إلي أن الكاتب يضع نفسه في تجارب جديدة ويشوفها، يعني مثلاً، حتى أكتب عن (الزار).. لي كتاب اسمه (إلا قليلاً) كانت إحدى السيدات زوجة كاتب معروف تعمل حفلات الزار، زمان، فأنا ليس عندي معلومات للكتابة عنه، فتطوعت أن أدخل في حلبة الزار وألبس جلابية وحافي القدمين مع ذبح الخراف، والدم، منظر فظيع جداً، ولكن ليس عندي معلومات لذا كان لا بد لي أن أضع نفسي في هذه التجربة السخيفة والمؤلمة لكن ليس لدي حلولاً أخرى، وكما قلت لحضرتك الكاتب يضع نفسه في ظروف وأوضاع مختلفة حتى يرى ما الذي يمكن عمله، فالكاتب البرتغالي خوسيه سراماجو، له سبع روايات، كل رواية يضع فيها احتمال ما يحدث لو حصل كذا وكذا.. له رواية اسمها (العمى) يحكي فيها ماذا يحدث لو أن الناس في مدينة من المدن وهم في الشارع أضاءت كل إشارات المرور باللون الأحمر، كلهم سوف يقفون، وطال الوقوف، وانتهى الوقود من السيارات، واخضرت العلامات، لا أحد يستطيع أن يتحرك، وفجأة اكتشف الناس أنهم كلهم أصيبوا بالعمى، فيما عدا واحدة فقط، كل هذه تجارب تهز وترج الإنسان عشان يعرف ماذا يمكن أن يعمل أو يقول، وأنا لي كتاب اسمه (طلع البدر علينا) بعد أول تجربة لي في العمرة، قلت فيه كرجل مشتغل بالفلسفة لماذا جئت لأداء العمرة، أريد أن أتعرض لأضواء كبيرة باهرة وأصف ما يحدث لي، وأذكر في أول عمرة عملتها بالنسبة لي كشخص منطقي وفلسفي، وصارم، ولكن ليس لي سلطان على دموعي، ماذا حدث، جئت لأتعرض لتجربة وضوء وأقاوم فلم أستطع أن أقاوم، فأنا ذهبت أعرض نفسي على تجربة غريبة جديدة وأكتب بعد ذلك، ورغم أني أديت العمرة أكثر من ثلاثين مرة وصليت داخل الكعبة خمسة عشر مرة مع ملوك ورؤساء وحجيت سبع مرات ولكن لم أجد شيئاً أضيفه لكتابي (طلع البدر علينا) لأن كل تجاربي النفسية والفلسفية والأوضاع الصعبة التي وضعت نفسي فيها وضعتها في كتاب واحد.
 
عبد المقصود خوجه: شكراً لأستاذنا الكبير، في الحقيقة لا نود أن نثقل عليك أكثر مما أثقلنا، هذه الأمسية من الأمسيات القليلة التي نتلقى فيها من الأخوان العدد الكبير من الأسئلة وما عرضناه لا يتجاوز عشر ما تلقيناه، فنعتذر أيضاً من الأخوة الكرام الذين تفضلوا وأرسلوا أسئلتهم إلينا والتي لم يحالفنا الحظ بعرضها على أمل أن نلتقي بأستاذنا الكبير في أمسيات أخرى لأن علماً كالأستاذ أنيس منصور لا يمكن أن تتاح لنا الفرصة للاستفادة من علمه وفضله واستعراض الأفكار وعرض ما لديكم عليه في أمسية واحدة، إن شاء الله تتاح لنا فرصة لقاءات أخرى، مع الشكر الجزيل لما أمتعنا به في هذه الأمسية.. وشكراً لكم جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
- عريف الحفل: نذكر حضراتكم بأن ضيف الاثنينية القادم بمشيئة الله سعادة الكاتب والأديب المعروف الدكتور سعيد عطية أبو عالي، طبعاً الدعوة عامة وليست مخصصة، الآن يقدم سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه لسعادة ضيفه الأستاذ أنيس منصور لوحة تذكارية هي لوحة الاثنينية هدية تذكارية لسعادته، كما يقدم سعادته لوحة مهداة من الفنان خالد خضر، هدية تذكارية... شكراً لسعادة أستاذنا الكبير، شكراً للجمهور الكريم، إلى أن نلتقي إن شاء الله في الاثنينية القادمة مع الأستاذ سعيد عطية أبو عالي، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
···
 
طباعة

تعليق

 القراءات :714  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 59 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.