شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الاثنينية لصاحب الاثنينية
سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله حمداً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على خير خلقه، حبيبه وصفيه، سيدنا محمد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأساتذة الأفاضل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء الذي يتجدد على الخير والبركة، سعيداً بأن يكون لقاؤنا هذه الأمسية لتكريم الأستاذ مشعل السديري، الذي عرفناه منذ أكثر من ربع قرن، قلماً ينزف دون توقف في فضاء الإبداع، وفكراً التصق بوجدان الناس وهمومهم وكلمة عفيفة نزيهة تأخذ طريقها رأساً إلى القلب لأن مصدرها القلب.
ضيفنا الكبير أيها الأحبة، كبُرَ بقامة عطائه.. وبالجذور الراسخة التي تربطه بتراث وتاريخ وثقافة وطنه.. لم يكن قط كالمنبت الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.. فهو رقيق حليم، يتمتع بوقار الشيوخ وحكمتهم، ونشاط الشباب وهمتهم.. زاوج بين ثقافة راسخة، وأخرى اكتسبها من كل ألوان الطيف التي تحيط به، أخذ من القديم والحديث بنصيب وافر، ووصل إلى قمة الأدب بمستوى الأديب.. ونظراً لرجاحة عقله، لم تزل قدمه في مزالق الهوى وغرض النفس.. كان وما زال قلمه أكبر من تضخيم الذات، وقرع طبول الأنانية.
إذا أردت أن أتحدث عن الأستاذ مشعل السديري ككاتب عمود، فإنني أظلمه ظلماً واضحاً، ذلك لأنه في واقع الأمر أكبر من مساحة عموده اليومي الذي يطالعنا من خلاله بجريدة "عكاظ" الغراء.. فلديه الكثير الذي يود أن يقوله، ولديه الأدوات التي يستطيع أن يستخدمها بكفاءة عالية لنقل رسالته للمتلقي مهما كانت درجة علمه وثقافته.. ولعل من أصعب الأمور أن تطوع اللغة لتصل بها إلى حيث تريد دون أن تحط من قدرها، أو تجعلها في حكم الغريب.. وضيفنا من القلائل الذي يستغنون عن فضول القول، ولا يركبون الموجة، بل نجده يضرب كبد الحقيقة بتلقائية محببة.
وبالرغم من أن ضيفنا الكبير صحفي محترف، إلا أنني أشعر بروح الهواية تسيطر على كثير من كتاباته، ونجده أحياناً يستخدم بعض العبارات الدارجة بعفوية شديدة، مما يكسبها رونقاً ونكهة خاصة، لا تتأتى لكثير من الكتاب، حيث ينساب قلمه بهدوء ليرسم لوحات محددة الملامح، دافئة الألوان، متناسقة الظلال والأضواء.. وله في كل يوم إطلالة تختلف عن سابقتها، يعالج من خلالها مشكلة، أو يطرح رأياً جديداً، أو يعرض موقفاً مفيداً، ولا تخلو هذه أو تلك من ابتسامة صافية، وسخرية خفيفة، يطرز بها إبداعاته ويشيع بها الحب بينه وبين القارئ، وما أسعد الكاتب الذي يجعل الحب بضاعة، ويمده جسوراً، في عالم تكتنفه مرارة الألم، وتذبل وروده قبل أن تتفتق عن أكمامها.
لقد تعود بعض القراء على مطالعة الصفحة الأولى لجريدة "عكاظ" من اليسار إلى اليمين عندما كانت تحتل زاويته الركن الأيسر، وعندما انتقلت إلى الصفحة الأخيرة استداروا لبدء الجريدة من آخرها.. وليس هذا بدعاً بين القراء، فالنفس مجبولة على ما تحب، وكم أحببنا ضيفنا الكريم مبدعاً، وصادقاً، وأميناً.. تحمل مسؤولية الكلمة بجدارة، وأعطاها حقها من العناية والرعاية والاهتمام، لم يخضعها لغرض أو مرض أو هوى، ولم يلونها لأهداف آنية، أو مصالح شخصية، فبادله القراء حباً بحب، وإخلاصاً بإخلاص، وهو الجدير بذلك.
ويمتاز ضيفنا الكبير بخصلة التواضع، فلا تراه إلا هاشاً، باشاً، مبتسماً.. ولا تهاتفه إلا وتجده مستمعاً خلوقاً، متأدباً بأدب الصحابة، وأخلاق الكبار، كيف لا وهو النسب الذي زانه النشب، والعَلَم الذي زانه العِلْم، فلم تغره الدنيا بما تمنح وتمنع، بل ظل مخلصاً وفياً لأدبه ولتعامله الراقي والحضاري مع الكلمة والناس من حوله، لم يفرق بين كبير وصغير، وغني وفقير، فأحاطه الكل بحبهم وتقديرهم، وأصبح صوت من لا صوت له، وحنجرة من تقطعت بهم السبل في بيداء الحياة، فأحاطهم برعايته واهتمامه وعطفه.. فكان خير معين وناصح أمين.. وحتى عندما يصمت يكون لصمته مغزى، وفي كل الأحوال يجبرك على احترامه، والإصغاء إليه، لأنه نسيج وحده، فكراً، وقولاً، وصمتاً.
ولا أزعم بأني قد تتبعت كتابات ضيفنا الكبير منذ بداياته الأولى، ولا أنصب نفسي ناقداً أو دارساً لعطائه، ولكني قارئ يمحص الكلمة، ويغوص بين السطور، وتستهويه الجملة الحلوة، والكلمة الرشيقة، والفكرة الجديدة، وهذا شأن كثير من القراء الذين يعشقون القراءة، وأحسب أن أكثرهم يشاطرني الرأي بأن مقالات الأستاذ مشعل السديري تستأثر باهتمامهم لأنها تمنحهم كل ما يتمناه قارئ جاد من أديب متمكن.. فقد تعودنا منه أسلوباً سلساً يمزج بمعايير دقيقة بين الفصحى والعامية، ويستعين بالأمثال والأقوال المأثورة بدقة متناهية، وينثر لنا جواهر قاموسه الشخصي الذي أوشك أن يجعل له مدرسة تحمل بصماته الخاصة، وأسلوبه المميز.
وأعتقد أن كتاباً يحتوي على مقالات الأستاذ مشعل السديري سيكون له صدى واسع في الوسط الثقافي، وأتمنى على ضيفنا الكبير أن يعطي الأمر ما يستحقه، حتى نمتح من نمير عطائه وشهد كلامه، ما يكون لنا عوناً وظلاً وخيمة في مواجهة كآبة المنظر، وبؤر القبح التي تتقافز حولنا بغير استئذان.. كما أن الكتاب المنشود سيحفظ لنا هذا الركض الجميل الذي ظل ضيفنا الكبير يطالعنا به كل صباح، وتزويد الجيل القادم بنفحات طيبة، وأطباق شهية، وصور زاهية، لا يستطيع مزج عبيرها، ولا خلط نكهتها، ولا تنسيق ألوانها غير ضيفنا المبدع.
أطيب أمنياتي لكم بسهرة ماتعة مع ضيفنا الكبير.. وعلى أمل أن نسعد الأسبوع القادم بتكريم سعادة الأستاذ الصحفي الكبير أنيس منصور لنستزيد من فضله وعلمه، ونشد على يديه بما قدم ويقدم لأمته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :971  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج