شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
- أيها السادة جرت العادة أن أقرأ على مسامعكم السيرة الذاتية لفارس الاثنينية إلا أن منسق هذه الاثنينية اعتذر بعدم ورود سيرة ذاتية وقال لي تصرف، وأترك هذا التصرف لسعادة صاحب الاثنينية الشيخ عبد المقصود خوجه:
 
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد تعودنا في بداية كل اثنينية أن تبدأ بترجمة ضيفنا المحتفى به، ولكننا أمام ضيف مختلف، فالحديث عن حبيبنا الأستاذ الكبير مشعل السديري حديث غير عادي، عن شخص غير عادي، عن صديق غير عادي، وفي كل الأحوال فالحديث عنه ليس باليسير، وخصوصاً أمام جمع كجمعكم الكريم، لهذا رأيت أن يكون الحديث عنه من شقين: أولهما هذه المقدمة التي بدلاً عن ترجمة الضيف حيث لا اختيار آخر، وثانيهما كلمة الاثنينية.
إن هذا الماثل أمامكم، الكبير القدر، الأستاذ الكبير، الكاتب القدير، الحبيب إلى قلوبنا جميعاً، رغم حبنا الكبير له، إلا أنه مطلوب، أو كما يقال في الغرب WANTED فهو مطلوب القبض عليه من قبل جمعكم الكريم، وجميع محبي مشعل السديري لأسباب عديدة: أولها كما جرت العادة أن أستعمل حق الأنا مع ضيفنا الكبير، باعتبار هذا الوضع الذي نتعايش معه في أكثر الأحيان، وسيأتي دوركم بعد ذلك لو سمحتم، فمنذ أسبوع وهذا الضيف المحترم قاصداً متعمداً ويبدو عن سبق وإصرار يمدُّ لي لسانه، ويبدو أن التساهل لبسني حتى إني لم أستطع أن أستبين ما أنا عليه مع مدة هذا اللسان، بما لي وعليَّ.. وأتساءل هل أستحق من مشعلنا مدة اللسان هذه؟ فطوراً أرى حقه في ذلك، وطبعاً هذا من باب المحبة فقط، وممارسة الإنسان لحريته، أما إذا أخذت الموضوع بجدية الاثنينية، وما هي عليه، وما يجب أن تسير عليه، نجد أن الأستاذ بفوضويته العفوية، وإمعانه في كسر إطارها الذي تعودت عليه منذ سبعة عشر سنة، رغم إنه إلى الوراء دُرْ، كما عمل مع "عكاز" الغراء، مسالماً وبكل سكينة، ومعترفاً أيضاً لقرائه.. ولا أدري لماذا عاملنا على طريقة "مكانك سر" بكل تمعن، وبكل إمعان، طلبنا منه ترجمة حياته، لتعرفوا على القليل أي داية أشرفت على الولادة السعيدة، وفي أي أرض من هذا الكيان الكبير أطلق صرخته الأولى، وفي أي الأوقات صيفاً أم شتاءً، وفي أي يوم من أيام السعد أو عكسها على رأي المنجمين الذين دائماً يكذبون ولا يصدقون.. ومن هدهده بعد ذلك، وكيف ترعرع حفظه الله، ودرج، وفي أي كتاب أو كتاتيب تربع؟ في القرية أو في المدينة؟ وهل كان من المواظبين أو من المزوغين؟ وهل نال نصيبه من العصا الطويلة لأستاذه في الكتاب أم لا؟ تلك العصا التي لم يفلت منها أحد.. بتعبير آخر هل علامات النبوغ في خروجه من المآزق بطرقه التي يغبط عليها مارسها منذ ذلك الحين؟ ناهيك عن نيل أي عقاب.. وعندما شب عن الطوق حفظه الله بعد أيام الكتاب أو الكتاتيب أي مدرسة احتضنته حفظه الله؟ وهل تكرر معه نفس ما حدث في الكتاب؟ مستعملين في المدرسة الفلكة بدلاً عن العصا.. باعتبارها من الأدوات الثابتة والمهمة في عالم تعليم ذلك العصر، والمكملة له! والتي أعتقد أن مثلي، وحتى الذين من بعدي، لم يفلت منها أحد إلا من رحم ربك، وكم كان نصيبه منها؟ من حفلات وعادات وطقوس، باعتبارها واجباً من الواجبات التي تمارس على التلاميذ.. وهل مارس جميع نشاطاته التي يعلمنا إياها الأستاذ كما نراها في مقالاته؟ مما يجعلني لا أشك أن المتمرس في هذا الحقل لا بد كان من الرافضين للكثير، والمصرين على استعمال حريتهم سواء قبلت المدرسة وأساتذتها ومديرها أم لم تقبل!! وما هي الوسيلة أو الطريقة التي اتبعها لسلوك هذا الطريق؟
وماذا عن دراسته الجامعية؟ هل انتقل إليها بيسر وسهولة أم بعد مخاض طويل، وهل كان يغادر كل صف بعد سنة واحدة؟ أم أن الحنين يشده لمقاعد نفس الصف عامين وأكثر؟ وحبذا لو حدثنا حفظة الله عن هذه المحطات الصغيرة.. وعندما ركب الطائرة أول مرة هل اتجه إلى مصر كعادة أبناء جيله، أم اتجه غرباً إلى العالم الجديد؟ وفي أي جامعة تلقى تعليمه ومع مَنْ مِنْ أقرانه وزملاء صف؟ وفي أي تخصص.. هل هو طبيب نفس، أم فيلسوف؟ فرغم صداقتي له وقراءتي التي امتدت لسنوات طويلة لم أعرف التخصص الذي يدفعه لمعالجة قضايا الناس من منطلقات نفسية وفلسفية عميقة.. أم إنه باحث اجتماعي تبحر في علم الاجتماع؟ هنالك عشرات من علامات الاستفهام التي تنتظر إجابة شافية من ضيفنا الكبير، ولا ندري لماذا يصر على إلقاء ستار كثيف حول سيرته الذاتية، فيصدنا عن التعرف على الورود التي تزين حقول مشعل السديري.
ثم ماذا عمل بعد الجامعة، وهل له دراسات عليا؟ أم وجد نفسه في الوظيفة؟ وما قصته مع الزراعة عندما أدار ظهره لزحام المدينة واتجه إلى الحقل مثل أي فلاح؟ وما هي تفاصيل رحلة العودة السعيدة من فلاحة الأرض إلى فلاحة القرطاس؟
لا شك إنه استفاد كثيراً من تلك التجربة، فأحياناً عندما تقرأ مقالة من مقالاته تشعر إنك أمام بدوي بزيه التقليدي وجسمه الممشوق ولحيته الجميلة مستمتعاً بثغاء أغنامه.. يعطيك من الأمثال القديمة - التي نسيها بعض الناس - ما يلائم مكانها تماماً، وفجأة يقفز قفزته المشهورة، التي قد يتزحلق منها كثير من القراء، أعانهم الله، وتراه كأنه مرقص (سامبا).. ثم يحدثك عن الفلسفة بدء من أفلاطون، وسقراط، وكبار المفكرين، والعلماء، والشعراء، مؤيداً أقواله بالأسماء، والأماكن، والتواريخ.. وكأنك أمام مستر أو سير من المبنطلين، معتمراً قبعته، ممسكاً غليونه بيده.. يحدثك في أدق تفاصيل ما يناقشه سواء كانت قضية اجتماعية مثل كبار الباحثين الاجتماعيين، ويتدارس معك مشاكل التربية مثل عمالقة التربويين، وهكذا يأخذ من كل طرف بنصيب وافر، مما يؤكد لنا إنه صاحب مواهب متعددة، وفكر ثاقب يرى بعين بصيرته، ويستقرئ المستقبل وأحداثه دون أن يرتبك أو يرف له جفن.. بينما ترى الآخرين في حيرة من أمرهم متخبطين في متناقضات الحدث.. ولذلك فإن مواهبه الكثيرة تجعلني أسميه ليس فقط مشعلاً ولكن "مشاعل".. والسؤال لماذا يطلق اسم مشاعل بالنسبة للمؤنث، ومشعل على المذكر، بينما المعروف أن للذكر دائماً مثل حظ الانثيين؟؟ ولعل ضيفنا يلقي الضوء على السبب في ذلك؟ بغض النظر عن هذه الإشكالية، فنحن أمام "مشاعل" من العلم والثقافة والحضارة والفكر.. وأحب أن أوضح لكم - قبل أن ينطق ضيفنا بكلمة واحدة - إنه سيقول لنا عن علمه الضئيل، وتجاربه الضحلة، وإنني وغيري من المتحدثين قد بالغنا في إطرائه، وألبسناه ثوباً فضفاضاً الخ.. ولكن أود أن أقول له من الآن - لطفاً - لن نشرب من هذه الكأس مجدداً.. نحن الليلة في انتظار الحقيقة، وكشف الستار عن مشعل السديري الذي أحببناه كاتباً، ونريد أن نعرفه شخصياً، لأنه أصبح شخصية عامة، ومن حقنا أن نتعرف عليه بالطريقة التي ترضينا.. ولكم أيها الأحبة أن تدركوا الصعوبة التي نلاقيها جميعاً بسبب عدم وجود ترجمة للضيف الكريم، ومن حقكم طبعاً أن توجهوا أسئلتكم إليه بما يضمن لكم الحصول على حقكم في التعرف على من تحبون.. منذ صرخة ميلاده، وإلى لحظة مثوله أمامكم الآن، وربما نجمع شتات النصوص لنخرج منها بترجمة متكاملة، نقوم بنشرها على أوسع نطاق خدمة لمحبي ضيفنا الكريم، حتى لا يخوضوا في علامات الاستفهام الكثيرة التي خضناها.. وخلاصة القول: يا سيدي "بان وعليك الأمان" وحدثنا عن محطات القوافل.. تداخل حياتك.
ولضيفنا الكبير.. ولكم كل الحب والمودة.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :5645  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.