(( كلمة سعادة الأستاذ الكبير عبد الله الحصين ))
|
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده وآله وصحبه ومن اقتفى أثره وسار على دربه. |
صاحب المعالي ضيف هذه الليلة المباركة |
سعادة المحتفى أيتها الصفوة المختارة من رجال الفكر والأدب والإسلام السلام عليكم ورحمة الله. |
وقد أجدني حائراً كيف أبدأ حديثي القصير عن معالي الدكتور محمد عبده يماني هذا الرجل الذي أحببتموه وأكبرتموه وأتيتم هذه الليلة لتكرموه. |
عرفت الرجل أمد الله في عمره في بدايات تطلعاته وفجر طموحاته طالباً في المرحلة الأخيرة من الثانوية العامة مدارس الفلاح بمكة المكرمة شاباً جاداً يمتلئ حماساً ويحاول أن يقفز بتطلعاته وإصراره كان كما يبدو قارئاً نهماً لمستُ هذا فيما يكتبه من موضوعات. |
|
التقينا في أكرم الأماكن وأقدس البقاع من حرم الله في إحدى الحصوات المباركات أمام الكعبة المشرفة. |
كان يكتب حينذاك العديد من الموضوعات وكان يسأل ولم يكن يضيق بالملاحظات إن وجدت وكنت حينذاك طالباً بكلية الشريعة بمكة ومضت به وبنا الأيام وأتم د. محمد عبده يماني تعليمه الجامعي ليمضي في رحلة التحصيل إلى إحدى الجامعات الأمريكية. ليحصل على درجة الدكتوراه في أصعب التخصصات وأدق المعادلات ويعود إلى وطنه ثم تكررت اللقاءات المتباعدة حيناً بعد حين وجاء اللقاء الثاني في بيروت كان مسؤولاً عن لجنة التعاقد للجامعة وأعتقد أنكم توافقوني على صعوبة هذه المهمة التعاقد مع أساتذة للجامعة من مختلف التخصصات العلمية مهمة صعبة لكن الرجل كان أهلاً للمهمات الصعبة وكتب الله أن نقترب أكثر لنصبح جيراناً في السكن في بيروت وأشهد لله شهادة حق أنني اكتشفت في هذا الرجل شجاعة الرجل وإيمان الرجل وأمانة الرجل. |
كانت مهمته أن ينسق مع كل اللجان في كل من دمشق وبغداد وعجمان والخرطوم وبيروت وهذا يعني أن يقوم بزيارات مكوكية إلى هذه العواصم. |
كانت عمان العاصمة الأردنية تعيش ظرفاً قاسياً نتيجة إلى الأزمات المتفجرة القائمة بين الفلسطينيين وبين الحكومة والجيش الأردني. |
وفجأة قرر أن يبدأ بعمان لأنه كما يقول وضع برنامجه على هذا الأساس وسافر إلى عمان ونحن ندعو له أن يعود سالماً وأدى المهمة وعاد بحمد الله سالماً. |
في الوقت الذي أجل الكثرة من الزملاء السفر إلى الأردن حتى ينجلي الموقف، أنتم تعرفون الكثير من ترجمة كفاحه وأعماله منذ مارس العمل مدرساً ورئيس قسم ثم وكيلاً لوزارة المعارف ثم مديراً لجامعة الملك عبد العزيز ثم وزيراً للإعلام كنتُ ألقاه بين الحين والحين وكان حفياً بالسؤال باشاً هاشاً يسأل عن الأسرة فرداً فرداً. |
وكنتُ أسأل العديد ممن يعملون في معيته وكنتُ أسمع ثناء كانوا يتحدثون بحب عن أسلوب تعامله وعن تواضعه وحسه الإنساني وهو على قمة جهاز حساس وخطير كان حريصاً على إقالة العثرات لأنه يعرف جيداً أن الإعلام هو موطن العثرات، دعيت يوماً إلى حفل تكريم يقيمه معالي وزير الإعلام الكويتي في برج الإعلام وهو معلم من معالم مدينة الرياض، وكان لمعاليه الفضل في هذا الإنجاز الحضاري الشامخ. وإذا بمعاليه يلقاني باشاً كأني لم أغب عنه طويلاً وقال ببساطة وحب وبدون تكلف "أبو نبيل" كيف حالك يا أخي ليش ما نشوفك؟ ثم همس في أذني متجاهلاً كل طقوس الموقف يسألني عن الأسرة فرداً فرداً ورأيت في عيون من حولي من الرجال المنتشرين بالمراكز يتطلعون إلى هذا الموقف العفوي الذي يجسد صفاء النفس وطيب المعدن، رجل في قمة المسؤولية وفي حفل رسمي. لكن هذا الرجل الكبير بخلقه وبعلمه وبمعدنه كان دائماً فوق الشكليات. |
أيها الأخوة الأعزاء: |
ثمة موقف إنساني آخر لا يمكن أن نتجاوزه ولهذا أستأذن معاليه لأروي الحدث دون ذكر أسماء فما حدث يؤكد موقف الحب حب الخير وعون الرجال لإخوانهم والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. |
هذا الرجل الذي تكرمونه في هذه الليلة يعشق صنع المعروف يقيل العثرات يعين على نوائب الدهر ولم أر المعروف أما مذاقه فحلو وأما لونه فجميل. |
من يصنع الخير لا يعدم جوازيـه |
لا يذهب العرف بين الله والناس |
|
لقد تلقيت يوماً رسالة من معلم فلسطيني قضى جزء كبير من حياته أو شبابه في خدمة التعليم في هذا الوطن ثم عاد إلى القاهرة. |
كانت سطور الرسالة تنبض ألماً وكانت كلماتها تقطر دموعاً فهو كأجنبي في مصر لا يستفيد أبناؤه من مجانية التعليم الجامعي وعليه كما يبدو رسوم تتجاوز قدراته. |
لكنه لم يتذكر كما يبدو سوى العبد لله يواسيه أو يسليه أو يتوجع وفي لحظات قفز اسم الدكتور إلى ذهني. |
ولم أتردد بعثت إليه بالرسالة ومعها كما أذكر بعض الكلمات القلائل ربما قلت أن الرسالة تكفي عن كل الكلمات أو المقدمات ولم تمض أيام قلائل حتى تلقيت من معاليه رسالة رقيقة يشكرني فيها تصوروا يشكرني فيها لأني أتحت له فرصة المشاركة في حل مشكلة هذا الرجل وقد بعث مع الرسالة شيك إلى أحد البنوك بالقاهرة باسم ذلك الرجل وبمبلغ كبير وكبير جداً لقد أسعد تلك الأسرة الغارقة في مشكلتها ومكن أبناء الرجل من إتمام تعليمهم الجامعي. |
هذه إيماءات وإشارات فالدكتور مع حفظ الألقاب الذي نحتفي به جمعياً مع الأستاذ عبد المقصود المضيف الكريم أقول نحتفي بتكريمه رجل يزرع الحب ولم يحاول اصطناعه لأنه لا تكلَّف لأنه يتصرف دائماً عن التزام أخلاقي وحميم وحب، لهذا أحببناه يزرع الخير وما زلنا نحبه. |
فإذا كان معاليه قد ترك المنصب الرسميي فإنه وزير يتعمق في قلوب محبيه والعارفين لفضله. |
وثمة إيماءة تشرق بالحب لهذا الوطن ولكل شباب هذا الوطن كان معالي الدكتور محمد عبده يماني يقوم بين الحين والآخر بأعمال وزارة التعليم الوطني بالنيابة. |
كانت وزارة التعليم الوطني في تلك الفترة تواصل عملية ابتعاث الشباب من حملة الثانوية العامة القسم العلمي وكنا حينذاك نقوم بتنفيذ دراسات أعدتها وزارة التخطيط ومعهد الإدارة وديوان الخدمة المدنية. |
ومن ثم فقد كان أولوية الابتعاث لحملة الثانوية القسم العلمي. في أحد الأيام كنت في مكتب معاليه أعرض عليه بعض شؤون وشجون الابتعاث لتوثيقها وبذكاء لماح وهو يوقع المعاملات سألني: ايش أخبار الثانوية الأدبي، وابتسمت وقلت له بخير لم يصدر له أمر، فوجه توجيهاً حكيماً دقيقاً. |
قال يا أخ عبد الله القسم الأدبي الوطن بحاجة إليه، مازلنا في أمس الحاجة إليه في قسم الإعلام والصحافة المحلية والعلاقات العامة والترجمة وحتى التدريس. |
وكان توجيهه نظرة مستقبلية. فقد تم ابتعاث المئات ولا أقول العشرات من حملة الثانوية الأدبي وهم اليوم الكوادر الطيبة التي تساهم في صناعة الغد في مختلف الأجهزة والمؤسسات. |
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا التي إذا سئل بها أعطى وإذا دعي بها أجاب أن يمن على المحتفى والمحتفى به وعليكم جميعاً بالصحة والعافية والعمر المديد. |
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. |
|
عريف الحفل: أيها السادة الحقيقة الكلمات التي تشارك في الاحتفاء بمعالي ضيفنا كثيرة ولكن |
كما نوه الأستاذ عبد المقصود سيكون أيضاً الحوار بينكم وبين معالي الضيف، نذكر بأن هناك قصيدة للشاعر عبد الإله جدع ستكون في نهاية الحوار، أما الآن فنستمع إلى الكلمة الأخيرة من سعادة الأديب والكاتب ورجل الأعمال الأستاذ أحمد فتيحي: |
|
|