حفل التكريم |
(( كلمة الافتتاح ))
|
- الكلمة التي افتتح بها الحفل صاحب الاثنينية سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجة: |
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، وخاتم أنبيائك، صفيك وحبيبك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
الأحبة الأكارم: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: |
تسعد اثنينيتكم هذه الأمسية بتكريم شاعر وأديب كبير له موقعه في خارطة الشعر العربي المعاصر، يشرفنا أن نستضيف الأستاذ مصطفى عكرمة، الذي تفضل بالاستجابة لدعوة "الاثنينية"، وتكبد مشاق السفر من دمشق الفيحاء، يرافقه الأخوان الأستاذ الشاعر عبد القادر محمد الحِصْنِي، رئيس جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب في سورية، وأمين تحرير جريدة (الأسبوع الأدبي)، والدكتور أحمد علي كنعان، مدير المناهج التعليمية في وزارة التربية السورية، والمدرس في كلية التربية، وعضو اتحاد الكتاب العرب، فمرحباً بهم بين أهلهم ومحبيهم وعارفي فضلهم. |
شاعرنا الكبير عاش حياته مثل سائر أقرانه، في كثير من البلاد العربية، أولئك الذين رأوا النور في أواسط هذا القرن، حيث تميزت حياتهم بصفة عامة بالجد والمثابرة وطلب العلم، كانت الحياة الاجتماعية متقاربة الأنماط لحد كبير في تلك الحقبة، وكان الكتاب يُشكِّلُ الحب الكبير لأبناء ذلك الجيل، فهو الصديق، والجليس، والمعلم، والأنيس، لم تبلغ التقنية أبعد من المذياع الذي كان وقفاً على عِلْيَةِ القوم وخاصتهم، في كثير من القرى وبعض المدن، كما أن رتابة الحياة الاجتماعية، وتقارب المستويات الثقافية جعلت الناس يُشَكِّلُونَ وحدة متماسكة، ذات منظور واحد تجاه شتى القضايا، وبالتالي تقاربت الأفكار بين الصغار والكبار، حتى تجد الصغير أكثر نضجاً من سنه بكثير، ليست هناك طفولة مدللة وأخرى معذبة محرومة، لقد مكَّنت حياة القرية، والقيم الإنسانية المتوارثة، من تجاوز مثل هذه الفوارق، فانصهر الكل في بوتقة العطاء والارتقاء بالحس، وشفافية النفس، وحب المعرفة. |
في تلك البيئة الريفية عاش ضيفنا طفولته النقية البريئة، وتشبع بجمال الطبيعة الخلاَّب، الذي يميَّز منطقة اللاذقية، فنشأ عصامياً معتمداً على نفسه، مُكرِّساً جل وقته، للعلم والتأمل والتفاعل مع قضايا وطنه وأمته، فجاء عطاؤه جزلاً، نضراً، خضلاً، لأنه من تراث عريق، ومجد تليد، ومناخ معتدل، وتربية صالحة. |
هذا التيار الذي سرى في عروق ضيفنا الكبير، جعله يتعاطى الشعر كقضية أساسية، في مجمل حياته، فجاء كما قال عنه سماحة العلامة الكبير الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، "إنَّ من أهم ما قد سرَّني فيه، استخدامه الشعر تعبيراً عن المعاني الإنسانية، والقيم الأخلاقية، والمبادئ الإسلامية"، وهكذا نرى أيها الأحبة، أن شاعرنا قد وظف الشعر ليكون سلاحاً ينافح به عن الإسلام، ويغرس في فلذات الأكباد، حب مكارم الأخلاق، وحب العقيدة المنسجمة مع الفطرة، والإدراك السليم لمختلف الأمور، والمسائل التي تعترض مسيرة الحياة في مساربها المتنوعة. |
إنَّ عالم الطفل بما يكتنفه من وضوح وغموض، يظل الساحة الكبرى لتنافس كثير من الآراء والأفكار، لتستحوذ على رضى هذا المخلوق الغض الصغير، واكتسابه إلى جانبها منذ نعومة أظافره حتى ينشأ ناشئ على رضى هذا المخلوق الغض الصغير، واكتسابه إلى جانبها منذ نعومة أظافره حتى ينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوَّده أبوه، تلك نظرية كانت، وستظل، تحفز كل وسائل الإعلام لاقتحام عالم الطفل، والأخذ بيده إلى غاياتها ومراميها البعيدة، ونشهد الآن في صحفنا المحلية، ما يشبه صرخة أو حشرجة بشأن العناية بما يُقدَّمُ للطفل، وأكثره كما نعلم يسير وفق سياق ووتيرة ما تقدمه "والت ديزني" الأمريكية، بكل ما تحمله من مضامين تختلف اختلافاً جذرياً عن مفاهيمنا وقيمنا وتراثنا وحضارتنا الإسلامية، بل أنها تحمل في كثير من ثناياها عنصرية بغيضة، تسئ إلى العرب والمسلمين ما وجدت لذلك سبيلاً، لدرجة أن إخواننا بالجمعية العربية الأمريكية لمكافحة التمييز العنصري، يكرسون جزءاً لا يستهان به من وقتهم، لمتابعة ووقف وشجب هذه الأفلام الكرتونيه الموجهة للأطفال، بغرض زرع كراهية الإسلام والعرب في عقولهم الغضة. |
وبما أن ضيفنا كاتب وشاعر مرموق في مجال أدب الطفل، وله دراسات في هذا الشأن، فقد يؤيد وجهة نظري في ضرورة إيجاد هيئة عربية موحدة، تحت مظلة جامعة الدول العربية مثالاً، لتعنى بثقافة الطفل العربي، وتحصينه ضد التيارات التي تسعى لاجتذابه بعيداً عن الفطرة التي ولد عليها، وأحسب أن المشروع يستحق الرعاية والعناية، من قِبَلِ الأجهزة الرسمية، والقطاع الخاص على حد سواء، لأنه يمثل فتحاً مبيناً في عالم احتكره الإعلام الغربي، لعقود طويلة، وبالرغم من أن هناك عشرات المؤلفات التي تهتم بأدب الطفل، وثقافته إلا أنها ما زالت على حافة العدم، لأنها لم تطور نفسها وصولاً إلى مدارك الطفل ووجدانه والاستحواذ على عقله ولُبِّهِ بمزج المعلومة بالفن، وابتداع السبل الكفيلة بجذبه نحو المتابعة، حتى يصل التأثير المنشود، فإذا كان معظم الكبار للأسف، لا يجد الكتاب طريقاً إلى أيديهم، فكيف نتوخى من الطفل أن يعكُفَ على قراءة ما يُكتَب له مهما كان مبهرجاً بالرسوم والألوان، فالشاشة الصغيرة أصبحت سيدة الموقف، بلا منازع، والسبيل الأمثل في تصوري يتلخص في إيجاد هيئة مختصة بإنتاج وسائل التعليم والتربية، عن طريق التلفاز والفيديو، والكمبيوتر والانترنت، ويستحسن أن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن، حتى لا يتسع الخرقُ على الرَّائِق، ونجد أنفسنا متخلفين عن الركب بقرون طويلة، ويكفينا ما نحن فيه من ابتلاءات متعددة بسبب ترددنا في الأخذ بالأسباب. |
إن القرن القادم سيكون متفرداً ومدهشاً في تناوله لكل شيء تقريباً، والطفل سيكون في قلب المعمعة، إنَّه موسم النظام العالمي الجديد، بعد أن تبلور وتأطَّر وظهرت أنيابه ومخالبه، وأختم حديثي بما قالته الأستاذة الدكتورة سلمى الجيوسي:"علينا أن نفكر أساساً بالبعيد والآتي، إن المستقبل وهو ليس مستقبلنا نحن بل مستقبل أحفادنا ومستقبل العالم، سوف يقود الفن والأدب والفلسفة والفكر والعلوم إلى ملتقى عظيم يتم فيه التواصل والتبادل على نحو لم يُشهَدْ مثله قط". |
إذن علينا أيَّها الأحبة أن نفتح أعيننا وآذاننا جيداً لصوت العقل، فالوقت يمضي سريعاً، وكل يوم، بل كل ساعة ولحظة، تُمثل خطوة في طريق الربح أو الخسارة، البقاء أو الفناء، ولا أعني الفناء العدمي، ولكن الفناء في الأخَرْ، ولات حين مَنْدَم. |
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهيئ لهذه الأمة أمر رشد يصلح أحوالها، وينير طريقها، ويسدد على طريق الخير مسارها. |
|
أيُّها الأحبة، ضيف إثنينية الأسبوع القادم هو معالي الأستاذ يوسف بن أحمد الشبراوي، وزير التنمية والصناعة السابق بدولة البحرين الشقيقة، وهو أديب وفلكيٌ معروف، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم للاحتفاء به والاستزادة من فضله وعلمه. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
وفي الختام تسعد هذه الأمسية بلقاء ضيفين كريمين تعرفهما الاثنينية وروادها الأستاذ يحيى السماوي المغترب مؤقتاً في استراليا، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيد غربته إلينا سالماً كما سمعت منه بعدما يقرب من سنة، ونرحب بالأستاذ الدكتور خالد البرادعي الذي سبق تكريمه في هذه الاثنينية، الشاعر المعروف لديكم، وكما دائماً أردد لا دعوة ولا رقاع توزع في الاثنينية فأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم جميعاً. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|