شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الأسئلة الموجهة لضيف الاثنينية الكريم ))
- سؤال من الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول: لماذا هذا الصمت المطبق من بعض القيادات إزاء هروب وهجرة العقول المبدعة والخيرة والصحافة والأحوال الكارثية 850 مليار دولار الاصطياف إلى الدول التي كانت معادية وحاقدة - ولا زالت - للإسلام والعرب والعمالة الفلسطينية والأردنية واللبنانية التي تعمل في إسرائيل في البناء والخدمات وتنمية الصناعة والزراعة على ممتلكاتهم التي اغتصبها منهم أعداؤهم اليهود، هذه الحالة الغريبة هل تعتبر خيانة للأوطان العربية ؟ هل من علاج لها وكيف ؟
 
هجرة العقول العربية لا أستطيع أن أعتبرها حالة كارثية، هناك أمور حتمية وأغلب هذه الكفاءات حسب علمي وحسب معرفتي وحسب احتكاكي عندها رغبة في العودة عندما يتوفر المناخ، متى يتوفر ذلك المناخ هذه علمها عند ربي، مرة صار هناك عندما وضعوا قنبلة في جامع لندن، في جامع ريجن، كنت أكتب لمجلة تصدر في اليونان فطلبوا مني أن أسأل ماذا حدث هناك ؟ فذهبت وسألت إمام جامع ريجن عمن وضع القنبلة، قال علمها عند ربي، فعلاً حالة متى يتوفر مناخ لعودة الأدمغة المهاجرة يحتاج إلى جهد جماعي من الحكومات ومن المؤسسات الخاصة على حد سواء، قليل من المعرفة يدفعنا إلى الاعتقاد أن كل هذه العقول المهاجرة كان يمكن أن تكون هنا وكان يمكن أن تفيد هذه البلاد وأكثر من قطر عربي لكن لم يفتح لها جـدار الترحيـب ولا ذراع الترحيب فاضطرت إلى أن تكون هناك إلى حين.
 
فيما يتعلق بالعمالة هذا سؤال أنا شخصياً لا أعرف جوابه، لا أفهم بإدارة الأعمال ولا بترتيب الأعمال ولكني أدرك أن الوطن العربي يحتاج إلى حالة من التكامل وهذا التكامل تخربه السياسات، إذا وجدت نوايا للتقريب بين هذا القطر أو ذاك فيمكن أن تحل مشاكل العمالة في مصر وفي فلسطين وفي الأردن وسوريا... السؤال ليس متى تحل مشاكل العمالة ؟ لكن متى ينشأ المناخ العربي الحقيقي الذي يساعد على حل جميع هذه المشاكل ؟ أنا لا أحب ألفاظ الخيانات، العمالات وهذه الأمور، أظن أننا تجاوزنا المرحلة الشعارية في السياسة العربية، ليس بالإمكان أفضل مما كان، الحالة الموجودة حالياً تخلق كوة من الأمل إلى أن المناخ القادم في القرن القادم ربما - وهو على الأبواب - يمكن أن تحل بعض هذه المشاكل، لا يحل أي مشكلة أن تتهم فلاناً بالخيانة أو العمالة أو تعطيه هذه الألقاب، قبل القفز إلى إطلاق هذه الألقاب للنظر إلى أنفسنا ونقول هل كنا فعلاً نقوم بواجباتنا كما يجب، في المنطقة العربية نشأت حالة من الاتكالية دائماً نتوقع كل شيء من الدولة وكل شيء من الجهات الرسمية وكل شيء، القطاع الخاص كان يستطيع أن يفعل الكثير لأزمة العمالة الفلسطينية لكنه بفترة من الفترات أيضاً هو صار مشبع بمشاكله، صار مشبع بكل ما جد عليه من ظروف جديدة لم يكن مستعداً لها، فهذا سؤال لا تستطيع أن تجيب عليه ندوة أدبية ولا أعتقد أن هذه الأمسية من فلسفتها أن توجد حلولاً لأزمات العمالة العربية، الاثنينية كما فهمت إطار نخبة فكرية تحاول أن تبلور مجموعة من الحلول النظرية أما التنفيذ فهو ليس بيدي ولا بيد الشيخ عبد المقصود إنما نتركه للزمن وللوقت.
 
(( تعقيب وإضافة من صاحب الاثنينية ))
• عبد المقصود خوجة: أضيف إلى ما تفضلتم به أن الاثنينية ندوة أدبية لا دخل لها إطلاقاً لا في مناقشة الأمور السياسية ولا بوضع حلولها ولا الأزمات - إذا كانت أدبية فهي للطرح وهي للنقاش وما عدا ذلك ليست من مسؤولية الاثنينية وكلٌ ميسرٌ لما خُلق له.
 
- الأخ سليم محمد الحاجِ يقول من هم شعراء العربية الذين تأثرت بهم قديماً وحديثاً؟
العشرات.. نبدأ من طرفة، إلى عروة بن الورد، إلى المعري، وإذا كان لا بد من تحديد لنقول تأثرت بأصحاب الاتجاه الكوني، الأدب الكوني عند جميع الأمم الإنساني موجود لكن في العربية قليل، عندنا أدب دم، أدب عنف، أدب فقر، أدب مديح، أنا كان يلفت نظري الأديب الإنساني، توقفت عند كونية طرفة، توقفت عند هذا الزخم الإنساني في شعر المعري، توقفت كما توقفتم جميعاً عند هذه القدرة على الحب عند عمرو بن أبي ربيعة، إذا كان لا بد من ذكر شعراء علامات فهم هؤلاء، لكن من الجدد لا أستطيع أن أذكر أكثر من نزار قباني فهو فعلاً أستاذ الجيل الذي تفتحت مراهقتنا على قصائده الغزلية والذي قلدناه كثيراً، وحاولنا أن نحب تلك اللغة، ليست تلك المرأة التي يتغزل بها، ولكن تلك اللغة الأنيقة الموحية التي تقول الكثير في إيحاءات وإيماءات ظريفة، هذا عن الشعر الحديث، أما الشعر العالمي ولا أعتقد أن السؤال قد سأله لكن تبرع من عندي، فقد كان الأقرب إلى نفسي الشاعر اليوناني الذي عاش في الإسكندرية "كفافي" ومن الذين قرأتهم بود عميق أيضاً ازرابونت.
- الأخ خالد محمد علي يقول: هل تفهمون أشعار أدونيس التي تنشرها له الصحف والمجلات ؟
أنا الحقيقة سألت الشيخ عبد المقصود لأني كنت أحاول إراحتكم، يعني الأسئلة كثيرة ولا أحب أن أطيل ولكنها جميلة وأحاول قدر الإمكان أن أختصر، آباء الحداثة العربية كما أعتقد أن آباء الحداثة النثرية الجاحظ والتوحيدي والحلاب، آباء الحداثة الشعرية هم في الشعر الجاهلي وتحديداً طرفة وامرؤ القيس وعروة بن الورد، لا تسألني عن بقية أصحاب المعلقات لأن الكثير منها لا أستسيغه، أنا من الذين لم يستطيعوا حتى الآن أن يستسيغوا قصيدة الحارث بن حلزة بعض آباء الحداثة الشعرية أيضاً يمكن العثور عليهم في أواخر القرن الأول وأوائل القرن الثاني الهجري، مع فطاحل الأخطل وجرير والفرزدق... هؤلاء يمكن أن يكونوا هم الآباء الحقيقيين للحداثة العربية التي نحاول الآن أن نعيدها إلى جذورها التراثية.
آذنتنا ببينها أسماء...
- الأخ عبد الحفيظ محمد أمين تركستاني يقول: لقد سطر التاريخ جرائم القرامطة في صفحات سوداء... أين الأدب في تاريخ القرامطة ؟
هذا السؤال كان صاحبه يدري أني صرفت 10 سنوات من عمري في دراسة أدب القرامطة، هذا الكتاب "ثلاثية الحلم القرمطي" من الكتب التي عملت عليها بمتعة، في سنوات الشباب، بعض البشر يتعجلون الحصول على شهادة علمية، وبعض البشر يستمتعون بالبحث، فأنا كنت أستمتع بالبحث عن تلك الوثائق الخفية، هذا البحث حملني إلى الهند والسند والبحرين وكمبريدج واكسفورد بحثاً عن كلمة أو شيء من هذه الوثائق التي محيت بكل أسف، مشكلة القرامطة في التاريخ العربي أنهم فرقة من الشيعة الغالية، لكن ما قاموا به جعل فئة كبيرة تخرجهم عن الإسلام كلية، وبالتالي فكافة ما كتبوه وما قالوه تم محوه، وليسوا هم وحدهم فقد كانت بغداد في القرن الرابع الهجري تعج بعشرات الحركات السرية، حركة الشلمغاني، حركة نصر الطائر، مجموعة الحركات التي نشأت حول الحلاج في سجن الخليفة المقتدر، علاقة الحلاج بأم الخليفة المقتدر، يعني دور يشبه فعلاً دور راسبوتين في بلاط القياصرة، هذه الحركات التي للبحث خلفها جانب مثير، تكتشف تاريخاً عربياً آخر، تكتشف تراثاً آخر، تكتشف أن أهم شعراء العربية مثلاً المتنبي والحلاج كانوا من هذه الفئة.
المعروف للجميع أن أغلب ما قاله من يقول أن المتنبي سجن لادعائه النبوة قصة ليست صحيحة والأصح لأنه انتمى لقرامطة حمص في فترة من الفترات، الحلاج أيضاً سجن بتهمة أنه أحد دعاتهم، وعندما يكون في العربية هذه الأسماء الكبيرة التي تورطت ذات يوم مع حركات سرية فأنت يجب أن تقيس الزمن على زمنه، لا تنظر إليه بمنظور هذه الأيام، ولكن في تلك الأيام ستدرك أنها كانت حركة لها وزنها السياسي الكبير وكانت حركة جريئة تفتح المجال أمام كافة التيارات الجديدة لتنضوي تحتها.. ما حصل بعد ذلك قلب كل تلك الأمور، بدأ التشويه وبدأ الجانب الإيجابي أو جانب العدالة الاجتماعية الذي طرحته تلك الحركات يضيع وظهر وجه آخر لتلك الحركات عندما تحاول اكتشافه بعد سبعة قرون من ذلك التاريخ أو أكثر من ذلك تجد أنك أمام مجموعة من القطع المشوهة، وأنا في هذا الكتاب قلت أحياناً كتابة تاريخ هؤلاء الجماعة مثل الباحث في الآثار يجد لوحة كاملة ولكنه لا يستطيع أن يؤلفها كاملة فهناك بعض النواقص التي يحاول إكمالها بالخيال، لأن المتوفر من الوثائق لا يساعد على ذلك. لكن السؤال عن أدب هؤلاء كان مؤثر لا أظن ذلك لأن انتماء المتنبي إليهم كان لفترة قصيرة ثم انقلب عليهم وقصته معروفة لا أحب أن أطيل فيها، ولم يكن هناك شعراء كبار غيره وغير الحلاج داخل هذه الحركة، الأبيات القليلة التي بقيت مما قاله بعض شعرائهم تدل على أنها معقولة ولكنها لم تشكل تياراً أدبياً مهما يستحق أن نقول أنه غيّر تاريخ الأدب العربي.
- السؤال التالي من الأخ محمود حسين ما رأيكم في الدعوة التي ينادي بها الكتاب العرب ويدعونا بها إلى التطبيع مع اليهود في فلسطين ؟
دعوة مشبوهة ومدانة، إسرائيل لا تريد التطبيع الثقافي، إسرائيل تريد التطبيع الاقتصادي، لكننا دائماً نطرح قضايا غير واردة عند الآخرين، إسرائيل غير معنية إطلاقاً بالتطبيع الثقافي ولا أظن أنها طرحته، نحن نطرحه ونتناقش حوله ونختلف حوله وتظهر بيننا تيارات تحاول أن تلتف على الكثير من خلاله، لكن لا أعتقد أن التطبيع مع الإسرائيليين يخدم أي هدف سياسي ولا أعتقد أنهم يريدونه أصلاً، وأعتقد أن هذا السؤال مضيعة للوقت، فالبلاد العربية والتيارات الأدبية في الوطن العربي وكما شاهدتها وعرفتها من احتكاك مباشر ترفض هذا الاتجاه كلياً لأن هذا الصحيح وهذا هو الاتجاه الإنساني، لا يمكن لأي بشر أن يقبل الظلم ويشاهد أرضه محتلة وأن يشاهد أشقاء له يذبحون، ثم يجلس في طاولة واحدة مع مغتصبيهم، هذه مسألة لا تجوز في العرف الإنساني، والعرف الأدبي، والعرف الأدبي هو عرف إنساني عميق بالدرجة الأولى.
 
- الأخ علي صالح يقول: ما مدى تأثير حركة التتار في العالم عندما ألقى المغول الكتب في نهر دجلة، وهل للشعب التتري المسلم كتب إسلامية في عالم الثقافة الإسلامية؟
 
اهتمامي بالمخطوطات قادني إلى بعض المناطق في جمهوريات الاتحاد السوفيتي القديمة، هناك بعض المخطوطات فعلاً وتحديداً مخطوطات "باكو" وفيها إشارات إلى هذا الشعب المسلم وإبداعاته ولكن بكل أسف أنا الآن في مرحلة انتقالية، ولم يتسن لي الوقت للاطلاع بهذه المخطوطات كاملة ولكني أعد إن شاء الله عندما تتوفر لي فرصة بالاطلاع على معظمها أن أعلن ذلك وأن يكون ذلك مكتوباً ليكون الجواب متوفراً للجميع.
 
- الأخ أيمن السيد سالم يقول: نحن نرى أن دعوة الغرب إلى التعددية الفكرية وتنوع الثقافات شعارات جوفاء، فهم لا يقبلون سوى بفرض سيطرتهم الثقافية على الآخرين من منطلق الرسالة السامية للرجل الأبيض لتمدين العالم، بصفتكم مثقف عربي تعيشون في الغرب ما مدى استشعاركم لمصداقية هذه الشعارات؟
 
أنا أعتقد عكس السؤال تماماً، المجال الآن - كما سبق أن قلت عن المستشرقين أنهم مساكين فعلاً مساكين - هم حالياً يبحثون عنا ويتقربون منا ويقولون تعالوا نعقد أمسيات عربية أيضاً، أدب الأقليات في أكثر من مكان يعطى اهتماماً متنامياً وهناك هيئات تنمي الثقافة الهندية وهناك هيئات تقدم الثقافة الصينية، أعتقد أني قد أوافق السائل على شيء واحد وهو أننا أسرفنا في الاعتماد على الثقافات الغربية وعلينا أن ننتبه إلى الثقافات الشرقية القريبة منا والغنية تحديداً وأقصد بها الثقافة الهندية والثقافة الصينية، فهاتان الثقافتان غنيتان فعلاً، وحتى المستقبل السياسي الآن في تلك المناطق يشكل محوراً هاماً يجب أن نقترب منه، الشعارات الغربية ليست جوفاء كلها، ولكن الاعتماد عليها سيجعلنا نحن أيضاً نقدم أنفسنا بشكل أجوف، المظلة الغربية فعلاً تقبل بعض التعددية وتقبل أكثر من أدب وفعلاً تشجع أكثر من تيار ولا تحكم على الأمور من كل هذا البعد ولو كنت في قلب الصورة ربما كان رأيك مختلفاً تماماً.
- سؤال من معن مرعي يقول: لقد دخل الشعر العربي الحديث رحلة أفرغت الشعر كما نعرفه من خلال تاريخه المجيد عبر العصور من مضامينه شكلاً ومعنى، أما آن الأوان لوقفة حاسمة تصون التراث وتنطلق منه للتجديد الحقيقي ليبقى الشعر ديوان العرب؟
الشعر يعيش تراجعاً في كافة أنحاء العالم وليس في العالم العربي وحده، دائماً عندما نذكر مأساة الشعر ننسى أن الشعر لم يعد ديوان أمة أو علم أمة لم يعد عندها علم غيره، الآن زاحمه المسرح، زاحمته الرواية، زاحمته القصة القصيرة، ثم جاء التلفزيون وكل هذه الفنون أخذت مساحات كانت متروكة للشعر، وحينما نقيم الشعر يجب أن ننظر إلى هذه المساحات التي سرقت منه أيضاً، أنا لا أعتقد أن الشعر في كل دهوره كان شعر منصات ولا كان شعراً خطابياً، ولا كان شعر حفلات عامة، الشعر دائماً إنساني وحميم وهو مكتوب لنخبة خاصة لإنسان يحتاج إلى بعض الدفء، كتاب صغير تحمله معك إلى غرفة نومك تغازل به من تحب، تطرح فيه قضية كونية أما هذا الشعر الذي نسميه بالجماهيري فليفقد شعبيته، فلن يخسر الشعر شيئاً إنما التي ستخسر السياسة.
- الأخ سعد سليمان يقول: نسمع ونقرأ دائماً عن أزمة الفكر وأزمة الثقافة وأزمة السينما وأزمة النص المسرحي إلخ... حتى صرنا نصحو ونغفو على هذه الأزمات، فهل الأمر كذلك من واقع رؤيتكم الثقافية أم أنها صور تشاؤمية أكثر من اللازم؟
الرواية العربية مزدهرة، الشعر العربي الآن لحد ما لك أن تعده حسب موقعك في حالة مقبولة، الآن مجموعة تيارات وكافة النوافذ مفتوحة، سوف تصل في مرحلة من المراحل حينما تقبل بالذائقة الجديدة وبالشعر الجديد ستكون القضية قد حسمت، أنا أعتقد دائماً الذائقة العربية هي ذائقة كلاسيكية حتى تتحول إلى قبول الجديد تحتاج إلى وقت، الذائقة مثل الجيش المهزوم يتراجع عن خط الدفاع الأول إلى خط الدفاع الثاني قبل أن يرفع راية الاستسلام وتسود ذائقة جديدة، هذه أمور تجري ببطء وتحتانية وتأخذ فترة طويلة من الزمن، فلا نستبق الأمور، الذائقة الجديدة قادمة وهذه الذائقة ستحسم الكثير من الأمور لصالح شعر حيوي وحي وتتواجد فيه كافة التيارات، التفعيلة والقصيدة الحرة والقصيدة الفراهيدية أيضاً.. أما المسرح فهو بأزمة حقيقية لأن المسرح يحتاج لمناخ سياسي حر وحقيقي وهذا المناخ غير متوفر في الكثير من أقطار الوطن العربي.
- الدكتور محمد محسن يقول: ما بين عبد القاهر الجرجاني الناقد العربي الخالد وكتاباته النقدية السباقة لعصره والمواكبة للحداثة وما بين الكتاب المحدثين وعلى سبيل المثال جون كوين الناقد الفرنسي والعالم الشهير صاحب كتاب بناء لغة الشعر هل ترون فروقاً واضحة رغم الزمن الطويل الذي يفصل بين الناقدين؟
أنا لا أرى هذه الفروق وقد سبق لي ودعوت إلى إحياء هذا التيار وإلى نشوء نظرية نقدية عربية من خلال المنجز العربي النقدي ومن خلال البلاغة العربية وقلت تحديداً وهذا الكلام مكتوب ويمكن العودة إليه... أن ما أنجزه عبد القاهر وما أكمله القرطاجني حازم يشكل أرضية صالحة لنظرية نقدية عربية.. لكننا بكل أسف كما قلت قبل قليل نحب "الهبش" ودائماً نترجم النظريات الغربية بعد انتهاء صلاحيتها، لا نستورد فقط معلبات منتهية الصلاحية إنما نستورد نظريات منتهية الصلاحية، نسعى وراء التفكيكية والبنيوية بعد أن انتهت في الغرب، هذا ما خرب كل نقدنا الحديث، نعم نقدنا القديم يصلح كأرضية لتطوير نظرية عربية.
- فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني يسأل قائلاً: لقد طحنتنا الأحداث المفجعة، النكبة مع إسرائيل التي يسمونها الصلح مع إسرائيل فهل ترون أننا سنخرج من الطاحونة سالمين دون أن تطحننا إسرائيل بوعودها الكاذبة في الرغبة في الصلح مع علمنا أن اليهود ليس لهم وعود هل أنتم متفائلون أم متشائمون مع السلم الموعود؟
أنا مع مبدأ أميل حبيب (المتشائم) نحن دائماً نستعجل الأمور، هذا صراع أجيال، صراع قرون، التجربة الصليبية في الوطن العربي معروفة نتيجتها، لكن حينما نتذكر نتيجتها نتذكر أنهم أيضاً ظلوا عدة قرون في هذه البلاد إلى أن حسمت الأمور باتجاه صحيح، هذا الصراع لا يمكن حسمه بين ليلة وضحاها، ولا ربما في حياة جيلنا ولا الجيل الذي يأتي بعده، لكن كل جيل يحاول أن يبقي الجذوة مشتعلة، يحاول أن يبقي الجمر موقداً، يحاول أن يعطي الجيل الذي يأتي بعده مجموعة مؤشرات للحياة وللرفض لمواصلة مسيرة التحدي، والسؤال هو هل نحن نعطي الجيل الذي أتى بعدنا أو الذي سيأتي بعدنا القدوة الحسنة ليواصل مسيرة الرفض هذه أم أننا نحبطه ونخربه وندفعه دفعاً إلى اليأس؟ أنا في هذه النقطة بالذات من الذين يتشاءمون ولا أعتقد بأننا نعطي القدوة الحسنة وضياع القضية لن يكون باستيلاء اليهود علينا ولكن بتخريب الجيل الذي يأتي بعدنا وانتهاك قيم الحرية والكرامة والكبرياء التي تمتهن الآن في أكثر من مكان وبأيدي عربية أكثر مما هي بأيدٍ أجنبية.
- الأخ يمان صافي يقول: الصحافة في بلاد المهجر إلى أين وصلت؟
وصلت إلى مدغشقر (ضحك)...
الصحافة في بلاد المهجر ضرورية حيوية أثبتت الأيام لأنها فعلاً تقوم بدور جيد، لكن عندنا مشكلة صغيرة فيها الآن، عندنا مشكلة الآن في الرقابات التي تجدها في الوطن العربي، يعني في بعض البلاد نجد من الصعب نكتب كلمة "نهد" تفتح على الفضائيات العربية فتجد النهد نفسه، موش مكتوب، موجود (ضحك) الآن صراع الصحافة العربية المهاجرة هو مع الفضائيات وكيف يستطيع الكاتب الجديد أن يأخذ أكبر مساحة من الحرية لا أقول توازي ما تأخذه مذيعة الفضائية الفلانية لكن كي يحافظ على ذلك الخط والخيط مع قارئ يريد كاتباً جريئاً ويريد كاتباً متوثباً لكنه يعرف أحياناً بعجز هذا الكاتب عن اجتياز مجموعة من الحدود فإذا اجتازت صحافة المهجر هذا الحاجز واستطاعت أن تروض الرقيب العربي فمستقبلها بخير إن شاء الله.
- الأخ عبد الحميد عبد المجيد يقول: بين الحلاج والجاحظ والتوحيدي ما هي القواسم المشتركة بين هذه الأسماء أو ما هي نظرتكم إلى هؤلاء من خلال كتابكم الذي لم نطلع عليه وهو "مدخل إلى عوالم الحلاج"؟
الكتاب هو "آباء الحداثة العربية" والذي يجمع بين هؤلاء هو الأصوات الحرة الحقيقية في الثقافة العربية ولا يجمع بينهم فقط الموقف السياسي لكن أيضاً حداثة النص، يعني الحداثة لا ترتبط بالزمن، الحداثة ترتبط بقدرة النص على الحياة، يجمع بين هؤلاء جميعاً أن النص الجاحظي النص التوحيدي والنص الحلاجي من النصوص القابلة للحياة إلى أبد الآبدين والحلاج تحديداً أحد الذين ظُلموا، قصيدة النثر العربية التي يحاولون إعادتها إلى فرنسا وإلى الشعر الفرنسي تجدها عن الحلاج في الطواسين، تجدها عند مجموعة من الشعراء العرب الذين عاصروه، لكن بكل أسف وكما قلت في هذه السهرة أكثر من مرة نحن نهمل ذلك الجانب الجميل ونقفز فوراً إلى شيء سهل وعادي نستورده حتى نستر بعض عوراتنا.
- الأخ عبد المجيد الزهراء يقول: أعجبني واستوقفني من الدكتور الشاعر ارتباطه وعشقه للمكان، ألا ترون أن الإنسان العربي بحاجة اليوم للرجوع إلى تلك الأماكن التاريخية القديمة لاستنشاق عبيرها واستكشافها من جديد؟
في قصة سريعة عن المكان، أنا من قرية فيها آثار رومانية وحِثيّة، كل العصور مرت عليها، هي على الحدود السورية التركية في الشمال، قريبة من جبل أرارات الموقع الذي هبط فيه قارب نوح عليه السلام، الآثار نعيش بينها وننام عليها، بعض بيوتنا مغارات رومانية، ذهبت إلى بريطانيا وجدتهم يكتشفون أثراً عمره 100 عام فيسورونه ويجعلون له نافذة فبدأت أحكي مع جيراني قلت لهم مثلاً نحن عندنا جار كان يعيش في مغارة رومانية فيها رسوم ولم تعجبه الرسوم فاشترى Wall paper حط لها ورق! (ضحك) فلم يصدقوا.. ولكنها قصة واقعية، فعلاً أين الدولة وأين الناس.. فحكاية المكان ليست ذلك العبق، حكاية المكان هي قدرة ذلك المكان على العيش في الروح العربية، أنا أحببت هذه الأمكنة، أحببت نجد والحجاز من الشعر العربي أحببتها حينما كنت طالباً بالابتدائية في قرية نائية في آخر حدود العالم، لكن أعبر على كثير من الأمكنة العربية الآن لا أريد أن أكرر زيارتها ثانية، لا أريد أن أراها مرة أخرى، فالمخزون الروحي للمكان إن لم نعرف كيف نحافظ عليه فسوف يضيع هذا المكان، الحديث الشعاراتي عن عبق المكان لا يخدم المكان كثيراً، إنما روح المكان الحقيقية بما ينهض فيه من إبداع حر، فإذا استطعنا أن نحافظ على الإبداعات الحرة لهذه الأمكنة فستظل محبوبة إن شاء الله إلى أبد الآبدين.
- الأخ علي محمد الشهري يقول: بعض أفراد الأمة أغراهم تذوق الشعر الشعبي وممارسته، ما هي من وجهة نظركم الوسائل المناسبة لعودة الأمة إلى الفصحى وآدابها؟ وهل تعتقد أن مثل هذه العدوى أصابت الثقافة الساكسونية والفرانكفونية؟
أنا والله العظيم بدأت أشفق عليكم من البرد والجوع.. بالنسبة للفصحى قادرة على العيش إذا عرفنا كيف نجدد هذه الفصحى، الشعر الشعبي أنا أتعامل معه كما أتعامل مع الشعر المترجم، أحياناً بعض أنواع الشعر المترجم يعجبني، وأحياناً لا يعجبني، لكن يثير غيظي - كل إنسان حر يرتاح أو لا يرتاح لظاهرة - هذا الكم الهائل من الشعر الذي يكتب في مواقع الأعشى ومواقع زهير ومواقع عمر بن أبي ربيعة ومواقع العرجي، من هذه الأمكنة خرجت عيون الشعر العربي والآن المنطقة التي خرج منها الصم القشيري وخرجت منها ريا حينما يأتيني شعرها بطريقة أخرى لا أفهمه أحس بغربة حقيقية، أبحث عن مترجم، الدكتور صبيحي يقول لي هذه الكلمة تعني كذا، خلاص انتهى الموضوع، فكأنه صار شعر طبيعي بالنسبة لي، تواصل الشعر مع الناس لا أقول يحتاج إلى فقط فهم، لكن يحتاج إلى وعي مشترك، هذا الوعي المشترك ربما كان بالإطار المحلي الإقليمي متواجد مع الشعر الشعبي، لكن مع الذين لا يفهمون هذه اللغة هذا الوعي المشترك غير متواجد بكل أسف.
- الأخ أحمد راشد يقول: ذكرت فيما سبق أنك أصبحت تحن إلى أكثر من مكان ثم اتّبعت ذلك أنك تأثرت كثيراً بالبيئة التي حولك، البيئة الغربية، وكونك مفكر وأديب صريح تؤمن بأهمية النقد، ألا تظن أنك من خلال ابتعادك عن الوطن أصبحت تميل بشدة إلى الغرب وتكتب بأسلوب المستشرقين، لا بأسلوب عربي قح، وهل كان لهذا التغرب أي تأثير في مبادئك وقناعاتك التي تربيت عليها؟
الملاحظة فيها وجهة نظر، أنا أحياناً حتى شكلي بهذه اللحية الضخمة صار زي شكل المستشرقين، نزلت عند إخواننا في مصر رفضوا يحكو معي بالعربي، دائماً أول كلمتين Do You speak English خلاص تحكي معه بالإنجليزي ترتاح، العيش في الغرب لا يعني أنك فعلاً ملزم بقبول منظومة الغرب الفكرية، إذا كانت عندك الشجاعة لأن تقول ما بداخلك ستكتشف أنك ستختنق إذا عشت في الوطن العربي لأن ما تستطيع التصريح به لا يعادل ربع ما يدور في ذهنك، فأحياناً خيارك ليس الوطن أو المنفى لكن بين الحرية والعبودية وتقول لعله في فترة ما في لحظة ما هذا الوطن سيكون مثل أوطان الآخرين وستكون الحرية مزدهرة في أكثر من مكان تستطيع أن تجد فيه تلك التسهيلات المعرفية التي تجدها في الغرب، ثم أن الإقامة بالغرب ضرورة، الآن لا أعتقد أن الصحفي يستطيع أن يعيش في رأس الخيمة، في حاجة إلى مدينة فيها وسائل معلومات، فيها ربط فيها مصادر فيها ما يلبي احتياجاته المهنية بالدرجة الأولى، أما إلى من تنتمي، أكثر فهذا سؤال يؤرقك أنت وحدك، وطالما أنا كل هذه الإقامة في الغرب واشتغل على التراث العربي أكثر من كثيرين من الذين يقيمون في الوطن العربي فمعنى ذلك أنني لم أغترب تماماً وإنما الذين يقيمون هم الذين اغتربوا.
- الأخ هادي صالح يقول: ما هي الأشياء المحببة للنفس والتي ترغب الإنسان بالقراءة وهل هناك قواعد للقراءة وأوقات مخصصة؟
العملية عملية تربية، مثلاً ابنتي صغيرة في مدرسة بريطانية، منذ أن كانت في السنة الرابعة يلزمونها يومياً أن تذهب إلى المكتبة وتستعير كتاباً، هذا الكتاب قد لا تقرؤه قد لا تفتحه قد لا تدري ما فيه لكنهم يعودونها على أن يصبح الكتاب حاجة يومية، الآن ابنتي الصغيرة تقرأ أكثر مني، نحن جماعة الصحافة أحياناً نقرأ بالتهابيش، سطرين، سطر بالوسط، كلمة الغلاف الأخير، ما في وقت لأكثر من ذلك، صحبة الكتاب تحتاج إلى تربية ومران، وحبذا لو نظامنا التربوي يهتم بهذا الجانب ويغرس حب الكتاب في نفوس الناشئة لأن الكتاب فعلاً في خطر وأنا من الذين يخافون على مستقبل هذا الكتاب، ليس من التكنولوجيا فقط، ولكن من الفضائيات.
- الأخ عبد الله السعدني يقول: ماذا تقول في الشاعر الراحل الجواهري رحمه الله؟
لا أريد أن أقول كما يقال في كلام الإنشاء آخر العمالقة، فالعمالقة يولدون في كل العصور لكني أتعامل معه كما أتعامل مع الشعراء الجاهليين، أنا تقديري أن الجواهري شاعر جاهلي، وهناك ندوة في معهد العالم العربي ستقام في آخر شهر أبريل نيسان القادم طلبوا مني أن ألقي كلمة عنه فقالوا ماذا سيكون عنوان كلمتك ؟ فقلت لهم سأتكلم عن أصداء الشهوانية الجاهلية في قصائد الجواهري الغزلية، فأنا أرى الجواهري من شعراء الجاهلية.
- الفنان التشكيلي عبد الله العقيلي يقول: ذكرت في إطار سردك التعددية، أود أن أسأل ماذا تقصد بالتعددية؟ هل هي تعددية الأوطان أم التعددية الثقافية أم التعددية الحزبية كما يقال في الغرب؟ وهل تؤمن بأن الثقافة ليست وحدة واحدة؟
التعددية كما أفهما تشمل كل شيء، تشمل الفكر، السياسة، الثقافة، تشمل ذلك الإحساس بالآخر، حينما لا تقبل التعددية معنى ذلك أنك تقبل بمبدأ المحو، وذلك يعني أن يسود الصوت الواحد، أن يسود التيار الواحد والسيف الواحد وهذه أخطر حالة على المجتمعات أن يسود فيها صوت وحيد فقط مهما كان الصوت الجميل يملأ الآذان، لذلك الدرس الحقيقي للإنسان هو درس الطبيعة وفي الطبيعة كثير من الطعوم وكثير من الألوان وكثير من الروائح ودون هذه التعددية لن تعجبنا الطبيعة لو كانت بلون واحد ورائحة واحدة.
- الأخ سعيد عبد الله يقول: ما هو المراد بكتابكم انتحار أيوب؟ ومن هذه الشخصية؟
هذا ديوان شعري وأردت أن أشير من خلاله إلى نفاد الصبر العربي، حينما يصل أيوب نفسه للانتحار يعني ذلك أنه لم يبق هناك ذرة واحدة، نشر الديوان في الثمانينات ومنذ ذلك الوقت يبدو أن صبرنا ازداد في الوطن العربي، كنت في ذلك الوقت متحمساً أكثر.
- الأخ عجلان الشهري يقول: اتضح لي من خلال حديثكم أن للغربة أثراً في تغير أو تبدل قناعاتكم نحو الآخر بمعنى أن تجوالكم في العالم أدى إلى معرفتكم الواضحة بحقيقة ما هو عليه الإنسان على أي أرض كان، ترى ما هي حقيقة مشاعر الإنسان في الغرب نحو إنسان العروبة؟
العنصرية موجودة، الظلم موجود، هناك عبارة لمؤلف سويسري كتب كتاب اسمه أسلافنا العرب يقول فيه أن أوروبا تحتاج لألف عام آخر لتنظر بحياد إلى مسألة الوجود العربي في أوروبا، يعني إلى وجودهم في إسبانيا وجنوب إيطاليا وجنوب فرنسا، لا أريد أن أنفي عنهم سمات التعصب لكنهم تعودوا أن يروضوا أهواءهم، وتعودنا أن تحكمنا الأهواء، وأعتقد أنهم يتفوقون علينا لأنهم يحاولون ترويض تلك الأهواء فلو حاولنا أن نروض أهواءنا أيضاً وأن نقلل من العنصرية داخل ذواتنا لكان العالم أجمل لنا ولهم بالتأكيد.
- الحقيقة الأسئلة كثيرة ولكن كما أشار سعادة ضيفنا البرد والجوع يجعلانا نختصر الأسئلة بالسؤال الأخير من الأستاذ غياب عبد الباقي يقول فيه: في "طواحين الهواء" وجهتم نقداً شديداً لاتحاد الأدباء العرب ولرئيسه الدكتور علي عقلا عرسان رغم مواقفهم الطيبة ضد التطبيع الثقافي مع أعداء أمة العرب اليهود، بل وجدنا منكم دفاعاً عن أحد هؤلاء السائرين بالتطبيع مع العدو وهو أدونيس، فهل تحدثونا عن وجهة نظركم نحو ذلك؟
لا أربط موقفي من اتحاد الكتاب بقضية التطبيع، أنا ضد أي اتحاد بأي شكل باستثناء ذلك الاتحاد الذي يقوم بأهداف مهنية بحتة، فأنا إلى الآن لست عضواً في اتحاد الصحفيين ولا عضواً في اتحاد الكتاب ولا عضواً في اتحاد الشعراء ولا عضواً في اتحاد المسرحيين، أعتقد أنها تجمعات لا معنى لها، إذا قام اتحاد ليخدم أهداف أعضائه المهنية، يزيد من مساحة التعبير، ينظر خلف أمورهم المعيشية، يحاول أن يدافع عن حقوقهم أمام الغير، هذه أهداف يمكن الدفاع عنها، لكن كل هذه المؤسسات تعينها الحكومات وتصرف عليها الحكومات - وفي قصة قصيرة لحنا مينا، حين طلب من جميع الكتاب أن يقدموا شهادة حسن سلوك للانتساب للاتحاد جميعاً قدموا شهادة حسن سلوك - أنا لا أعتقد أنه يوجد كاتب بدون زلة، بدون جنحة، بدون محاولة للرفض، بدون خمسة أيام سجن، بدون شجار مع شرطي، إذا كنت كاتباً فيجب أن تكون حياتك مليئة بشيء من الحيوية.. هؤلاء المجموعة عملوا اتحاد الكتاب بدأوا يتوارثون امتيازاته دون أن يحققوا للكاتب العربي حتى الآن أي مردود، لو زادت مساحة حرية التعبير نقول لهم شكراً، لو زاد نشر الكتاب العربي نقول لهم شكراً، لو فتحت الحدود وألغي الرقيب من أمام الكتاب العربي نقول لهم شكراً، إذاً ماذا يفعلون منذ نصف قرن؟ تأتي الآن لتقول لي شجعني لأني أقاوم التطبيع، كل الناس تقاوم التطبيع، لا أحد مع التطبيع الثقافي ولا أحد يريد هذا التطبيع الثقافي.
الدفاع عن أدونيس ليس لأنه قال بالتطبيع الثقافي، هو لم يقل به أصلاً، الدفاع عنه لأنه فُصل دون الاستماع إلى رأيه، اليوم سمعت أن أدونيس عضو في الاتحاد سقط من عيني، كنت فاكر الشغلة أكبر من الاتحاد، إنما في فترة من الفترات يبدو كان يعيش في سوريا أو كان يريد أن يستفيد من شقة أو شيء فأصبح عضواً في هذا الاتحاد وانتهت القضية.
يوم يعطيك الحق أن تدافع عن رأيك انتهت المشكلة، لو قالوا له تعال ودافع عن رأيك لما أثرنا المشكلة من أساسها لكن أن يُفصل غيابياً دون أن يُسمع رأيه هذا كلام يكون في أنظمة تعسفية وفي مؤسسات استبدادية ولا يكون بين أهل الأدب.. الأدب لا يقوم إلا على الحرية، الحرية التي تؤمن بها لذاتك والحرية التي تؤمن بها للآخر، إن لم تفعل ولم تدفع الأمور تجاه ترسيخ هذه الحريات فأنت لا تفعل شيئاً ولا تستحق نعمة الانتماء إلى هذا الكون النبيل الذي نسميه الكون الأدبي.
عريف الحفل: ليتنا نشنف آذاننا ببعض ما جادت به قريحتك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :524  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 114 من 139
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.