(( الأسئلة الموجهة لفضيلة ضيف الاثنينية الكريم ))
|
- سؤال من الأخ أيمن السيد سالم يقول: ما هو تصور فضيلتكم حول المستقبل الإسلامي لتركيا في ضوء ما نشهده الآن؟ |
أنا أستطيع أن أقول جواباً عاماً لا عن واقع تركيا وحدها بل عن العالم كله لو سئلت ما هو تصورك عن مستقبل الإسلام بالنسبة للعالم لقلت أنا لا أملك أن أضع تصوراً يجيب عن هذا السؤال بعد بشارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال في الحديث الصحيح سيبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار وعندما قال في الحديث الآخر الذي رواه مسلم في صحيحه إن الله زوى لي الأرض فأراني مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها ونحن نعلم أن ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس درهماً ولا ديناراً ولكن ملكه الذي ابتعث به إنما هو هذا الدين الذي توجنا الله سبحانه وتعالى به، وإذا كان هذا هو الجواب العام فمسألة تركيا جزئية من جزئيات هذا الأمر الكلي، انظر يا سيدي إلى ماضي تركيا منذ أن غرست فيها العلمانية بإشراف بريطانيا، انظر إلى الخط البياني منذ ذلك اليوم تجد الجواب بالنسبة للمستقبل الذي ننتظره، على الرغم من كل الوسائل التي حشدت من أجل خنق الإسلام.. ومن قرأ بنود اتفاقية لوزان أو معاهدة لوزان عرف هذا الشيء الذي أقول على الرغم من ذلك كله فإن الخط البياني أتجه إلى هذا اليوم اتجاهاً صاعداً لمصلحة دين الله عز وجل، ألا تلاحظون هذه الظاهرة؟ كما أن الخط البياني منذ ذلك اليوم تحرر من أسباب الاختناق وعوامله واتجه صاعداً فلسوف يبقى بإذن الله صاعداً. |
|
- السؤال الأخير من شرف السيد سالم يقول: أنتم من رواد الصحوة الإسلامية التي عمت العالم منذ ربع قرن من الزمان هل ترون أن هذه الصحوة قد تلاشت؟ وأن المد الإسلامي يشهد انحساراً؟ |
الصحوة الإسلامية لم تتلاشَ لكن ينبغي أن نعلم أن هذه الصحوة الإسلامية لم ولن تسير في طريق معبدة دون من يحاول أن يقضي عليها، الصورة الدقيقة التي ينبغي أن نتبينها هي أن هناك صراعاً بين هذه الصحوة الحقيقية وبين من يسعى جاهداً إلى خنقها، هناك عوامل كثيرة لسحق هذه الصحوة، ومظاهر هذه الخطط كثيرة جداً يضيق هذا الوقت عن الإشارة إليها فضلاً عن تفصيل القول فيهـا، إن رأينا أن هنالك ما يدل على أن هذه الصحوة لم تبلغ مداها المنشود الذي كنا نحلم به فليس ذلك لأن الصحوة قد اختنقت أو ماتت أو تلاشت، ولكن لأن هناك خططاً تتربص بها، السؤال: ما مدى التفاعل القائم بين هذه الخطط وبين الصحوة؟ أعتقد أن الصحوة في خطر والذي ينجي هذه الصحوة من الخطر وجود مرشدين مخلصين لدين الله عز وجل يصفون السبيل الذي يسلكه الإسلاميون اليوم من الشوائب، إذا وجدت هذه الظاهرة فإن الصحوة تتغلب وأن الخطط التي ترمي إلى إفساد هذه الصحوة هي التي تتلاشى، وأحب أن ألفت نظر الأخ السائل إلى أن الغرب فيه من الصحوة ما نراه في العالم الإسلامي أيضاً، ولكننا قد نذهل عن الصحوة الإسلامية في الغرب بالخطط الماكرة التي ينسجها ساسة الغرب، الإسلام يحارب من قبل قادة الغرب وساسته، لكن دعْك من الساسة وانظر إلى الشارع في الغرب، تجد أن الرجل الغربي يلتفت إلى الإسلام ويهوى دراسته كما لم يلتفت إليه قبل هذا العصر أبداً، وهنالك جدلية قائمة بين عداوة القمة الغربية للإسلام وبين إقبال الشارع الغربي إلى دين الله، كلما ازداد الساسة الغربيون عنفاً في كيدهم للإسلام كلما ازداد رجل الشارع في الغرب إقبالاً على الإسلام ورغبة في دراسته.. والله غالب على أمره. |
|
- هذان سؤالان متشابهان تقريباً من الأخ محمد منير والأستاذ عدنان محمد حسن فقي: لقد أصبحت كلمة الإرهاب موصومة بالإسلام ومن مفهومكم من خلال كتابكم الجهاد كيف يمكن لنا أن نوفق بين ذلك.. وبينوا لنا ذلك مشكورين؟. |
حقيقة الإسلام ينعت بالإرهاب ونحن اليوم ينبغي أن نتبين الأمور بدقة وينبغي أن نستعين على ذلك بعقلانية دقيقة وأن نبعد العواطف قليلاً عن طريق الفكر والعقل، الإرهاب في العالم منبعه ليس الإسلام، الإرهاب في العالم منبعه أولئك الذين يكيدون للإسلام وأكبر شاهد على هذا أننا إذا دققنا فلسوف نجد أن الذين يصنعون الإرهاب حتى الإسلامي إن جاز التعبير، الذين يصنعون هذا الإرهاب هم الغربيون، وأنا على بينة من هذا ولدي وثائق تثبت هذا، أولئك الذين يصبغون دين الله ظلماً أو المسلمين ظلماً بالإرهاب هم الذين يصنعون هذا الإرهاب ويبعثونه إلى هنا وهناك من أجل أن يلبسوا العمل الإسلامي ثوب الإرهاب.. قرأت فيما قرأت وثيقة صدرت من مجلس الأمن القومي الأمريكي نشرت عام 1992م جاء في هذه الوثيقة كلام طويل عن خطورة الإسلام على الغرب ثم تتحدث الوثيقة عن الوسائل التي ينبغي أن تتخذ لفض خطر هذا الإسلام، كان من بين الوسائل، كما تقول الوثيقة، ضرورة تأليب المسلمين بعضهم على بعض، ضرورة إثارة التناقضات بين المسلمين، هذا الذي تقوله الوثيقة ما هي ترجمته؟ ترجمته تفجير الإرهاب في المجتمعات الإسلامية، فهم الذين يفعلون هذا، وإذا عرفنا ذلك فإننا نعلم أن دين الله سبحانه وتعالى سيتغلب على الإرهاب الذي نتهم به، ودين الله عز وجل دين رحمة ودين مرحمة وسلم ولكن دين عدالة أيضاً ودين تفوق، المسلم لا يهون ولا يذل ولا يمكن أن يطأطئ الرأس لأي خدعة. |
|
- الأخ علي محمد الشهري يقول: فضيلة الشيخ ألا تعتقد ونحن باتجاه العولمة سيصاحب ذلك ازدهار لفكرنا وحضارتنا المعنوية لنسهم في إسعاد العالم خاصة وأنهم قطعوا شوطاً كبيراً في الاهتمام بالإنسان ورقيه وحقوقه وهذا في حد ذاته من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية؟. |
كلمة العولمة ينبغي أن نلاحظ شرطاً أساسياً لمصداقيتها الواقعية، العولمة عبارة عن مصدر مأخوذ من العالم، أي التفاعل الذي ينبغي أن يتم لمصلحة الإنسانية بين العالم كله، أليست هذه هي ترجمة العولمة؟ إذا كان الأمر كذلك، ينبغي أن تكون قيادة العولمة بيد العالم أجمع، ما ينبغي أن ينقسم العالم إلى قائد يحكم وإلى محكومين يقادون.. أي عولمة هذه؟ هذه الظاهرة أبعد ما تكون عن العولمة، هذا الشرط الذي أتحدث عنه غير موجود الآن.. العولمة فعلاً تحقق هذا الذي يقوله هذا الأخ المتفائل فيما لو كان للعالم الإسلامي دور فعال في هذه العولمة، عندما يكون للعالم الإسلامي دور فعال في هذه العولمة فلسوف تذوب فقاقيع الخداع باسم العولمة ولسوف يعيننا الحق الذي يتفيأ ظلاله الغرب والشرق معاً، ولكن هل سيتمكن العالم الإسلامي من القيام بدوره في هذا الصدد؟ أنا أحب أن أكون متفائلاً، ولقد ازداد تفاؤلي على أعقاب مؤتمر القمة الإسلامي الذي لاحقنا وقائعه وكلماته منذ أيام، وأصغيت إلى صدى أو انعكاسات هذا المؤتمر لدى مشاعر الساسة الغربيين ولا أقول رجل الشارع في الغرب فرأيت من تخوفهم ما زادني تفاؤلاً.. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يحقق ظننا هذا. |
|
|
- الأخ محمد منصور يقول: نريد أن نسمع رأيكم كعالم مسلم عن حكم الصلح مع دولة اليهود في فلسطين وعن تطبيع العلاقات معها؟ |
أنا لا أقول رأيي عن حكم الله في هذا الأمر فيما كتبت أكثر من مرة وفيما قلت وفيما أذيع ولعل أخي يحب أن أؤكد شيئاً سمعه.. أولاً في الشكل قبل المضمون تعالوا نعد إلى الوثيقة التي اكتتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم استقر به المقام في المدينة المنورة ويوم أنشأ أول دولة إسلامية.. نعم.. طبعاً بعد بعثة رسول الله وإلا فالإسلام عمره بدأ منذ آدم على نبينا عليه الصلاة والسلام.. أحد بنود هذه الوثيقة يقول: سلم المسلمين واحدة، لا يسالم مسلم مسلماً دون مسلم إلا على سواء بينهم.. طبعاً معنى هذا البند أنه لا يجوز لدولة إسلامية أن تصالح عدواً إلا بعد أن تجتمع كلمة المسلمين جميعاً على هذا الصلح، هذا أول شرط لم يوجد وهذا شرط ينص عليه الدستور الذي يتكون من ثمانية وأربعين بنداً، أما فيما يتعلق بالمضمون ففي القرآن آيتان أيضاً أيها الأخوة قد تبدوان متناقضتين ولكن بينهما منتهى الانسجام في إحدى الآيتين يقول الله عز وجل (فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون) وفي الآية الأخرى يقول (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) قد يقول قائل في الآية الأولى يحذرنا وفي الآية الأخرى يدعونا فكيف هذا؟ لاحظوا أنه يقول فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم أي لا تكونوا ضعفاء بحيث يدعوكم الضعف إلى أن تطرقوا باب السلم وعدوكم يقف في المرتبة الأعلى ذلك لأن هذا السلم لن يكون محققاً للعدالة التي ينبغي أن نتفيأ ظلالها، في الآية الأخرى ماذا يقول؟ فإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله، ولن يطرق العدو باب السلم إلا بعد أن يكون هو المهين ويكون المسلمون هم الأقوياء، فانظروا كم هنالك من التناسق بين الآيتين، أنا أكتفي بأن أقول هذا ما ينبغي أن نفعل، عندما نكون في المرتبة العليا فإننا نستطيع أن نضمن حقنا واستعادة أرضنا ومن ثم فإن السلم هو الأصل.. أعتقد أن هذا الجواب كافٍ وتفصيله في كثير مما قد كتبت. |
|
- د. غازي الزين عوض الله عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز يقول: هنالك لغط واختلافات بين المؤرخين وكتاب السيرة حول بعض التجاوزات التي خرجت عن النظام الإسلامي في خلافة سيدنا عثمان بن عفان، سؤال: إلى أي مدى يمكن كشف الغطاء عن بعض هذه الخلافات، وما مدى رد الفعل على حياة المسلمين بعد هذه الخلافة؟ |
كنت أتمنى أن يضع الأخ السائل مزيداً من النقاط على مزيد من الحروف في سؤاله هذا ولكن لعلي لا أخطئ إن فهمت أنه يريد ما أتهم به سيدنا عثمان على السنة بعض المتحدثين وفي أقلام بعض الكاتبين من أنه تحيز إلى بعض من أقاربه فعزل ونصب ومن ثم استشرت أسباب الفتنة ومن ثم اندلعت الفتنة واندلع وقودها، لعل هذا ما يريد أن يسأل عنه.. أنا أيها الأخوة أحب قبل كل شيء أن أكون أديباً مع الله ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ينبغي أن أحرك لساني بقالة السوء إلا ضمن نطاق أصغي إلى دين الله عز وجل فأجده يمكنني من أن أنطق بهذه القالة، لو كنت في عصر عثمان والأمر يجري ولم يصبح في ملف التاريخ القاصي عنا إذاً لأدليت برأيي، ذلك لأن الرأي آنذاك يفيد لأن الأمر ناجز وليس داخلاً في مخزن التاريخ وربما ذكرت رأي في الموضوع ولو رأيت سيدنا عثمان لربما ناقشته في أمر من الأمور، ولكن أما وقد آل الأمر إلى مخزن التاريخ ولم يعد للكلام أي تأثير في تغيير أمر أو تعديل مسألة ما فائدة أن أطيل لساني في موضوع أقل ما فيه أنني أقول شيئاً لا يعنيني، وأقل ما في الأمر أنني أخالف قول الله (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ثم أين أنا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم دعا الصحابة إلى تجهيز جيش العسرة وجاء سيدنا عثمان يجر ما يجر من أموال، أين أنا من قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضر عثمان ما صنع بعد اليوم أين أنا من قول سيدنا رسول الله يوم توفيت زوجته الأولى فزوجه رسول الله من بنته الثانية، ماتت بنت رسول الله الثانية فقال له رسول الله والله يا عثمان لو كانت عندنا ثالثة لزوجناها، ألا أطيل لساني بقالة سوء في حق من قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام؟ معاذ الله.. هذا الذي ألجم لساني عن الخوض في أمر لا طائل منه.. وأرجو أن يلجم لسان كل أخ مسلم أيضاً عن هذا الأمر أيها الأخوة.. وأما إن كان يسأل الأخ عن الحروب التي اشتعل أوارها فيما بعد فهنالك جواب آخر والوقت لا يتسع ولكن أرجو أن يعود في هذا إلى كلام مفصل ذكرته في كتاب [هذه مشكلاتهم]. |
|
- السائل علي المنقري يقول: كيف تفسر غياب الفهم الصحيح لروح الأديان وأهدافها الكبرى؟ |
أنا لست ممن يقول هنالك أديان هنالك شرائع سماوية ودين واحد، هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا، شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين.. الدين لا الأديان.. ولا تتفرقوا فيه وهل بعث الرسل والأنبياء يا أخي السائل إلا بعقيدة واحدة هي عقيدة التوحيد؟ هل بعث هؤلاء الرسل والأنبياء إلا ليؤكدوا حقيقة واحدة كان خاتمة المؤكدين لها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الآفة التي لحقت مما يسميه الأخ السائل "الأديان" كلمة الأديان هذه لما تحولت العقيدة الواحدة إلى عقائد شتى ولما تقول المتقولون على الرسل والأنبياء ما لم يقولوه تفرق عباد الله عز وجل في طرائق شتى وقد جاء الدين ليوحدهم وليجمع شملهم وأعتقد أن خير علاج لهذا هي الدعوة إلى دين الله عز وجل بالنهج الذي ذكرته الآن، حاور يا أخي الذين تصورت عقولهم صوراً خاطئة لعقائد الإسلام أو للعقائد الدينية، حاورهم، واستعن في حوارك لهم بالمنهج العلمي والإخلاص لدين الله تجد أن هذه الآفة ذابت ثم ذابت ثم ذابت وصححت المسألة إن شاء الله. |
|
- الأستاذ عثمان مليباري يقول: نعرف أن القرآن الكريم كتاب دين وعبادة ولكنك في كتابك فهم الحضارة الإسلامية في القرآن تقول إن القرآن حمل الناس جميعاً بناء الحضارة، ترى ما هي عناصر الحضارة؟ |
كتابي اسمه منهج الحضارة الإنسانية في القرآن، هذا سؤال يحرجني جداً لأنني لو أجبت عنه ينبغي أن ألقي محاضرة تحتاج إلى ساعة تامة لو اختصرت، أليس خيراً من هذا يا أخي أن أحيلك إلى كتابي الذي تسألني عنه؟ الواقع أنا أجبت عن هذا في كتاب وليس في مقالة ولكني أقول لك قبل أن تقرأ، هذا الكتاب ترجم بحمد الله إلى اللغة الفرنسية وهدى الله عز وجل عليه بعض الغربيين من فرنسيين وغيرهم وأيقنوا فعلاً أن كتاب الله سبحانه وتعالى هو الذي يحمل مفتاح الحضارة الإنسانية السليمة، فما عليك إلا أن تعود إلى هذا الكتاب، ذلك لأنني لست قادراً على أن ألخص الكلام تلخيصاً غير مخل، أخشى أن يكون مخلاً فيفسد تلخيصي ما ينبغي أن تفهمه مني. |
|
- الأخ محمد عبد الرحيم بن محمد علي يقول: أنتشر في الآونة الأخيرة داء الانتقاص من علماء المذاهب الفقهية لا سيما الأموات منهم ونرغب من فضيلة الشيخ إبداء نصيحته لأولئك وغيرهم؟ |
هذا شيء لم ينتشر الآن، وفي كل عصر توجد آفات متنوعة تتربص بالدين بطريقة أو بأخرى وأقول لهذا الأخ السائل إن كان هناك أناس ينتقصون علماء الشريعة الإسلامية لا سيما الموتى منهم فليطمئن إلى أن في مجتمعاتنا الإسلامية كثيرين من العلماء الذين يتأدبون مع علماء هذه الشريعة الإسلامية لا سيما الذين رحلوا إلى الله عز وجل ويقيمون من جهودهم حراساً لسمعة هؤلاء العلماء، ولا تتصور أن عالماً استقام على دين الله وأخلص لله سبحانه وتعالى لا تتصور أن الله يُمكِّن ألسنة الظالمين من هذا العالم أبداً، قد تطوف قالة السوء بهم ولكنها لن تعلق بواحد منهم بشكل من الأشكال بل لسوف تجد أن الله سبحانه وتعالى جعل هؤلاء العلماء العاملين المخلصين في كلاءته وحماه. |
|
- الأخ سعيد الخوتاني مراسل جريدة المسلمون يقول: لقد عرفتكم عبر كتابكم العظيم "فقه السيرة" وهنا أود السؤال عن أمر يتعلق بذلك وهو مدى صحة الاحتجاج والاستدلال بالروايات التاريخية المبثوثة في كتب التاريخ في مجال التشريع الإسلامي؟ |
كتب التاريخ متنوعة، أضرب مثلاً بالبداية والنهاية لابن كثير، ابن كثير محدث، وأنا أعتبر ابن كثير حجة فيما يروي فهو مؤرخ وفي الوقت ذاته محدث، فإذا كنت تسألني عن مؤرخ كابن كثير أقول لك إن هذا الإنسان حجة في ما ينقل، كثيراً ما يروي أحاديث ضعيفة إنْ في تفسيره أو في تاريخه لكنه ذو نفس طويل، وما ينبغي أن نستعجل، تابع ثم اصبر تجد أنه فيما بعد يعقب على هذه الأحاديث التي يذكرها إنْ بالتضعيف أو بالإبطال أو بالتصحيح ونحو ذلك، هذا العالم أنا اعتمده لكن دعني أقول لك: ما علاقة التاريخ بالتشريع؟ مثلاً الطبري، مثلاً ابن خلدون، ما أظن الباحث في الشريعة الإسلامية يحاول أن يبحث عن حكم شرعي في كتاب من كتب التاريخ إطلاقاً.. مصادر الشريعة الإسلامية مختلفة ومنفصلة ومستقلة عن مصادر التاريخ وما أظن أنني في يوم من الأيام احتجت أن أتبين حكم الله في أمر من الأمور من خلال ابن خلدون أو مقدمة ابن خلدون أو تاريخه. |
|
(( تعليق وتوجيه ))
|
- عريف الحفل: كما تلاحظون أن فضيلة الشيخ قد رد كثيراً بقوله ارجعوا إلى كتبي والوقت كما تعرفون... الحقيقة هناك سؤال أخير بين يدي، وهو للأخ محمد نزار هاشم السيد يقول: نرجو توضيح مبدأ الغاية تبرر الوسيلة الذي وضعه ميكافيللي لأن بعض الناس يظن أن هذا المبدأ يمكن استخدامه للوصول إلى حكم الإسلام، علماً بأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض أخذ أمانات قريش الذين طردوه من بلاده بل كلف علياً رضي الله عنه بأدائها لأن هذه وسيلة تخالف مبدأ الإسلام إن الله يأمركم أن تؤدوا الأماناتِ إلى أهلها. |
قاعدة الغاية تبرر الوسيلة ليست باطلة دائماً وليست صحيحة دائماً، ينبغي أن نحاكم هذه القاعدة إلى القانون الذي ذكرته الآن وهو قانون سلم الأولويات، فإذا كانت الغاية تقف في مستوى الضروريات والوسيلة تقف في مستوى الحاجيات، فأنا أضحي بالحاجيات في سبيل الضروريات التي هي الغاية، أجل، أبرر عندئذ الوسيلة في سبيل الغاية، وأما إن كانت الغاية أمراً من الأمور التحسينية والسبيل إليها التضحية من الأمور الحاجية أو الضرورية فهنا ينبغي أن أقول لا يجوز أبداً أن أبرر الغاية من أجل الوسيلة، المهم أن هناك جانباً هاماً جداً إن سميته فلسفة الشريعة الإسلامية فهي تسمية صحيحة، إن سميته سلم الأولويات في الشريعة الإسلامية فهي تسمية صحيحة، إن سميته شبكة المصالح وكيفية ترتيبها في الشريعة الإسلامية فالاسم صحيح ينبغي أن نحاكم هذا القانون إلى هذه القاعدة، وطبعاً هذا الكلام طويل الذيل، وهو الموضوع الذي يطوف حول بحثي في ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية الذي كان أساس شهادتي العالمية. |
|
- الأخ محمود هاشم الوراق: انتشرت اليوم بين صفوف طلاب العلم ظاهرة تصنيف الناس وهجر المبتدع فيخلع بعضهم ألقاب البدعة على من يخالفهم في بعض الآراء الاجتهادية بأنه مبتدع، وينهون عن قراءة كتبه، فما رأيكم في هذه الظاهرة؟ |
أنا أقول هنا كلمة ألزمت نفسي بها في يوم من الأيام وأحب أن يلزم كل أخ مسلم مخلص لله أيضاً نفسه بها، عندما نجد أن خلافاً قد ذر قرنه، وظهر بين عالمين أو قل بين عالم ومتعلم أو طالبي علم، أحدهما يرى أن هذه المسألة بدعة والآخر يرى أ نها ليست ببدعة، ننظر فإن وجدنا أن هذه المسألة داخلة في قائمة المسائل الاجتهادية فينبغي لكل من الطرفين أن يفسح في صدره مكاناً واسعاً للرأي الآخر، وهل الأمر الاجتهادي إلا ذاك الذي يقبل أكثر من رأي واحد؟. |
أكثر المسائل التي نضيق على أنفسنا أيها الأخوة سبيل الفهم لها إلى درجة أننا نتخاصم بسبب هذا التضييق من الأمور الاجتهادية، وإذا عرفنا ذلك فاعتقد أننا نظلم الدين عندما نسيء إلى إخواننا الذين خالفونا في الرأي ولكن إذا رأينا أن هذه المسألة ليست خاضعة للاجتهاد والمسائل الخاضعة للاجتهاد منفكة ومستقلة ومعروفة، إذا عرفنا ذلك فينبغي لنا جميعاً أن نخضع للحق وينبغي لنا جميعاً أن نعترف به ولا داعي إطلاقاً للخلاف في أمر ليس من الأمور الاجتهادية ونحن هنا ينبغي أن نعلم أن البدعة بمعناها الاصطلاحي لا اللغوي لا تكون إلا ضلالة، وهكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل بدعة ضلالة.. ولكن ما هي البدعة؟ أطال العلماء كثيراً في بيان معناها وفي تفسيرها، إذا تبينا معنى البدعة فلسوف نجد أن الصحابة اختلفوا في كثير من الأمور منهم من قال هذه بدعة والآخرون قالوا لا هذه ليست بدعة، وما أفسد خلافهم وداً سارياً فيما بينهم بشكل من الأشكال. |
|