شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة معالي السيد إياد بن أمين مدني))
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى الرسل أجمعين، الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أحيي عريس هذه الأمسية ضيفنا العزيز الأستاذ الدكتور "عبد الوهاب بوحديبة"، وهو الرجل العلم في ميادين كثيرة، علم الاجتماع، وبحث الانثروبولوجية، وربما أيضاً هو يحوم حول تخوم الفلسفة، كذلك أحيي الأخ الصديق عبد المقصود خوجه على "الاثنينية" عموماً وعلى ما أصبحت عليه "الاثنينية" الآن من تجاوز للحدود والانطلاقة نحو تكريم شخصيات الحقيقة ارتفعت أسهمها الفكرية والأدبية والثقافية، في عالمنا العربي، وأن تصل "الاثنينية" إلى الأستاذ الدكتور "عبد الوهاب بوحديبة"، فهو الحقيقة فتح جديد، فالأستاذ الدكتور بوحديبة ليس من الشخصيات التي يسهل وضعها في إطار ما، أو تصنيفها، ونحن كما نعلم ثقافة ومجتمع يميل إلى التصنيف، وثقافة التصنيف هي جزء من ثقافتنا، ونفكر دائماً في الآخرين ضمن إطار نمطي نضعه لهم، لا أدري في أي إطار يمكن لنا أن نضع أستاذنا الدكتور "عبد الوهاب بوحديبة"، فهو من دون شك مفكر من تونس البلد الإسلامي العريق، العريق بإسلامه وبعروبته، وهذا خط عريض وإطار كبير يجمع أعماله، وبالتأكيد كان له الأثر في تكوينه وفي جذوره، لكنه أيضاً الأستاذ الذي دَرَس في فرنسا ودَرّس فيها، وكل الأخوة المفكرين المغاربة يجمعهم التأثير بالفكر الفرنسي والمنهج الفرنسي، وأيضاً تحكمهم أحياناً اللغة الفرنسية، واللغة الفرنسية كما يعرف الأخوة أصحاب الاختصاص هي لغة مراوغة الحقيقة، لغة تلتف وتحاور وتأخذ وتعطي، أنا لا أتحدث عن علم لأنني لا أجيد الفرنسية، ولكن لو جربتم أن تقرأوا كتاباً ترجم من الفرنسية وقارنتموه بكتاب آخر ترجم من الإنكليزية، للمستم الفرق في صعوبة الترجمة من الفرنسية لأنها كما قلت لغة لا تستقيم أمام صاحبها، ولكنها تأخذ وتعطي وتميل، وتنحني وتداور، وتتثنى، أو لو استمعتم إلى ترجمة فورية إلى أحد السياسيين الفرنسيين، إلى الإنكليزية أو العربية، لصعب في بعض الأحيان أن نفهم سياق ما قاله ذلك السياسي الفرنسي، على الرغم من أن أصحاب الشأن السياسي ليسوا بالضرورة من أصحاب الفكر وأصحاب القلم، لغتهم مباشرة، ولكن الفرنسية هي هكذا، فهذا إطار آخر يبدو أنه أثر في التكوين الفكري لأستاذنا الأستاذ بوحديبة، كذلك يبدو لي أن أستاذنا قد نشأ في فترة الرئيس بورقيبة رحمه الله، وتلك كانت فترة مفصلية في تاريخ تونس، وفي بعض المناحي كانت أيضاً ذات امتداد مفصلي في تاريخنا العربي السياسي ككل، الرئيس بورقيبة هو رمز التحديث في تونس، وهو تحديث مثل اللغة الفرنسية، يقترب ويبتعد ويأخذ ويعطي، ويتدرج وهكذا كان النمط، لكنه أراد أن يضع قالباً جديداً لتونس، وبطبيعة الحال كل من كان من أهل الفكر، وأهل الثقافة والعالم الأكاديمي، كان لابد له أن يتعامل مع هذا الواقع الجديد الذي أخذ نظام بورقيبة يؤسس له في تونس، ولا زلت أذكر من القصص الطريفة التي سمعتها من أستاذنا العزيز، حينما احتفى بنا كما يحتفي دائماً بضيوفه في تونس، كيف أن الرئيس رحمه الله جمع نخبة وصفوة من أساتذة الجامعات، وطلب منهم أن يأتي كل منهم بأفضل ما عنده، وبالبحث الذي يريد أن يظهره أمام الرئيس، وجاءوا متأنقين بملابسهم الرسمية وربطات العنق، وانتظروا الرئيس ليأتي لهم بملابس السباحة، وكأنه أراد أن يقول لهم أن الأساس هو الجوهر وليس المظهر، لكنه كان تونس جديدة تتشكل وقتها، ولا بد أن ذلك أثر بشكل أو بآخر في أستاذنا الأستاذ بوحديبة. كذلك نشأ الأستاذ في تلك الفترة الفكرية المفصلية، التي يصنفها الإخوة النقاد وأصحاب العلم -وأنا أتحدث هنا كقارئ وكعابر سبيل في دروب الثقافة- مابين مرحلة الحداثة وما بعد الحداثة، والحداثة في فهمي المتواضع هي تقاطع، يعني أن هناك خطاً مستقيماً يسير فيه تطور الإنسان ليصل إلى نتيجة، في الغرب من أهم إفرازات الحداثة الفكر الماركسي والفكر الليبرالي، كلاهما يعدان بنهاية، بجنة، برخاء، بتقدم للإنسان، من دون تردد، ويعدان بحقيقة إنسانية مطلقة، ما بعد الحداثة، في فهمي المتواضع مرة أخرى، هي تقول في سطرها الأخير أن ليس هناك حقيقة إنسانية مطلقة، وأنه ليس هناك من منهج ولا من مفكر ولا من مدرسة فكرية يمكن لها أن تستوعب، أو أن تعي الحقيقة كلها، فلا بد لنا أن نفكر بطريقة تجتزئ الأمور وتفكر في كل جزء على حدة، وإن كنا نحن نقرأ لبعض هؤلاء المفكرين الأجانب والفرنسيين على وجه الخصوص، فإن الأستاذ الذي نحتفي به هو إما درس معهم أو عرفهم أو دخل في نقاش طويل وعريض معهم، فهو منهم، ويعرف ما يريدون وعجينته قد تأثرت بتلك النقاشات كلها. فلنتصور أن هذه البيئة الإسلامية العربية التي نشأ فيها، وتأثير الفكر والمنهج الفرنسي، ومرحلة بورقيبة والانتقال من الحداثة إلى ما بعد الحداثة، والعراك الفكري الذي تم، هي خطوط عريضة لعلها تكون قد أثرت في أستاذنا الدكتور "عبد الوهاب بوحديبة"، ونتطلع الحقيقة إلى أن نسمع منه إذا ما كانت تلك هي بالفعل الخطوط التي تماشى معها وتماشت معه، أم أن هناك خطوطاً أخرى ودوائر أخرى، انخرط فيها وانخرطت فيه، فهي فرصة لنا الحقيقة أن نستمع الليلة إلى مفكر كبير، وإن كنا في النهاية لا بد أن نلوم أنفسنا، لأننا لا نلتفت أحياناً لبعض الرموز الفكرية الكبيرة، التي ألفت وفكرت وبحثت وأخذت وأعطت، مثل الأستاذ بوحديبة، ونتطلع إلى كلمته إن شاء الله لنفيد من خلاصة هذه التجربة، وما مر به فكره من تطوير ومن تغير، ومن أخذ ورد مع غيره من المفكرين، ونشكر في النهاية الأخ الصديق الأستاذ عبد المقصود خوجه، أبو محمد سعيد، لأنه يتيح لنا مثل هذه الأمسيات التي نتعرف فيها إلى مثل هذه القمم، في الفكر والبحث والمنهجية، شكراً لكم.
الأستاذ محسن العتيبي:شكراً لمعالي السيد "إياد بن أمين مدني"، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، الكلمة الثانية أيها الإخوة والأخوات لسعادة الدكتور أبو بكر باقادر المفكر الاجتماعي المعروف، فليتفضل.
 
 
طباعة
 القراءات :409  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 205 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج