شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الأستاذ عبد الله عمر خياط))
بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. السيدات والسادة أصحاب المعالي والسعادة: في هذه الليلة المقمرة أبدأ بقصة تستحق أن تروى.
لقد نشبت معركة حامية الوطيس بيني وبين الأخت انتصار العقيل. وقد بدأ شرر المعركة عندما كتب أخي الأستاذ عبدالله باجبير داعياً إلى حل مشكلة العوانس والمطلقات، اللواتي لا عائل لهن من النساء بانتشار زواج المسيار كيما يوفر لهن الرجل الذي تمكنه ظروفه وإمكاناته للإقدام على هذا الزواج، سواء كان متزوجاً أو عازباً للقيام بقضاء حوائجهن ومؤانستهن، أو الخروج معهن لتغيير جو المنزل والسهر في مطعم أو حتى السفر معهن للخارج عندما يرغبن في ذلك إما للعلاج أو التنزه.
وقد سانده أخي الأستاذ عبدالله أبو السمح بتأييده للفكرة وهنا سارعت الأستاذة انتصار بكتابة مقالات تنتصر فيها للمرأة، وأنها لم تخلق لتكون سلعة يستمتع بها الرجل متى شاء.
شاءت تصاريف الأقدار أن وجّه لي معالي السيد إياد أمين مدني دعوة للعشاء احتفالاً بمعالي الدكتور محمد الرشيد وزير التربية والتعليم السابق -رحمه الله- وكان بين الحضور الأستاذ أبو السمح، والأستاذ محمد سعيد طيب، وبعد العشاء انتحى بي أبو السمح والطيب وحرضاني على كتابة موضوع تأييداً للفكرة.
ولم يمض يومان على ذلك حتى اتصلت بي المذيعة هالة سرحان من قناة (آيه آر تي) تطلب مني مشاركة الأستاذ أبو السمح في حلقتين تلفزيونيتين ستقدم الأولى مباشرة، والثانية مسجلة حول موضوع المسيار. وعندما تأكدت من موافقة الأخ أبو السمح أبلغت الأستاذة هالة سرحان موافقتي. لكن الأستاذ أبو السمح للأسف قبل اليوم المحدد للسفر إلى القاهرة خذلني معتذراً بعدم قدرته على السفر في الموعد المقرر فما كان مني إلا أن اتصلت بأخي الأستاذ حمد القاضي في الرياض طالباً منه الاشتراك معي في البرنامج لتقديم الحلقة المباشرة وتسجيل الحلقة الأخرى. فتكرم مشكوراً بالموافقة وقدم صباح اليوم التالي إلى جدة ليتفهم الموضوع مني ثم سافرنا سوياً من جدة إلى القاهرة. وبالفعل تحدثنا عن موضوع زواج المسيار وجوازه شرعاً لاكتمال جميع الشروط الشرعية فيه، حيث أنه يتم على يد مأذون شرعي وشاهدين وأهل العروس لئلا يقال عنها بهتاناً ما ليس بصحيح.
كانت الأخت انتصار العقيل ترد وتقدّم الحجج عبر الهاتف وترفض آراءنا بعنف وكانت المذيعة هالة تعطيها وقتاً متسعاً كي تقول كل ما عندها، ثم ازدادت المعركة بيني وبينها فكتبت تهاجمني ولم أكن من القاصرين. ومنذ تلك السنوات أصبحت والزملاء الذين شاركوا في الموضوع ينظرون إلى الأستاذة انتصار باعتبارها خصوماً لها، والله يشهد أنني لم أعرف أني خاصمت أحداً في حياتي على الأقل من جانبي.
مضت سنوات نسيت فيها ما دار من شؤون وشجون. ولكني قبل شهرين تعرضت لشد عضلي فدخلت مستشفى سليمان فقيه. ولم أكن أعلم أن الغرفة المجاورة لغرفتي تضم الأخ سعيد عطار الذي تعرض لكسر في ساقه وهو بالمناسبة زوج الأخت انتصار العقيل. وفجأة، إذا بالأخت انتصار تدخل عليّ أنا وزوجتي حاملة هدية فاخرة. وتقول لي: "هل تعرفني"؟ فقلت: "لا والله سامحيني". قالت: "أنا انتصار العقيل".
ألجمتني هذه المفاجأة وعرفت بعد قليل من التفكير أن أباها ناصر العقيل -رحمه الله- قد صدق في فراسته حين سماها (انتصار). فقد انتصرت على نفسها وجاءت لتقول لننس ما حدث يا أستاذ عبدالله.
إنني أعرفها بزمالة الحرف. ولتوضيح الصورة أقول: "لو أن أخي الدكتور عصام خوقير جاء إلينا فكلنا سنحتفي به، لكنه هو بالتأكيد سيهتم بكتاب القصة أكثر من غيرها. وإذا كان بيننا كاتب مسرحيات، فإنه سيقترب منه وسيدور بينهما حديث ذو شجون بسبب التقارب الفكري والعملي بينهما".
وقد قال الشاعر الفذ أبو الطيب المتنبي:
إن المعارف بين أهل النهي ذمم
 
فالترابط الروحي والآصرة الفكرية بين أهل المهنة الواحدة أمر مفروغ منه، بل إن بعض المفسرين ذكروا أن تعبير "الصاحب بالجَنْب" في القرآن الكريم المقصود به الزميل في العمل.
وبعد مرة ثانية، فإن الأستاذة انتصار العقيل كاتبة متميزة، وقد نشرت لها معظم الصحف مقالات جيدة وأصدرت ثمانية عشر كتاباً مختلفة المواضيع، معظمها رائع وجميل وقليلها مكتوب بأسلوب عَجِل للارتفاع بعدد الإصدارات، وأرجو أن تسامحني الأستاذة انتصار فالحق لا ينبغي الزعل منه. وإن كان المعروف أن المرأة بصورة عامة سريعة الغضب وتحضرني في هذه المناسبة قصة المعتمد بن عباد وزوجته اعتماد.
فقد ذكر المؤرخ المقريزي: أن المعتمد آخر ملوك بني عباد في الأندلس كان متزوجاً من امرأة اسمها (اعتماد)، وكان يحبها حباً جماً ويعاملها برفق ولين ويحرص على إرضائها وتلبية جميع رغباتها. وذات يوم أطلت من شرفة القصر فرأت فلاحات يمشين في الطين فاشتهت أن تمشي هي أيضاً في الطين مثلهن، وحدثت زوجها بذلك فخاف على قدميها أن يمسها الطين، فألحت عليه فأمر أن يؤتى بالمسك والعنبر وأنواع الطيب المختلفة فطُحنت وصُبت في ساحة القصر، ثم أمر أن يأتوا بماء الورد ويصبوه على الطيب، وعجنوه بالأيدي حتى أصبح كالطين، وعندئذ سمح لها المعتمد فجاءت اعتماد مع جواريها تتهادى بينهن فخاضت بقدميها في هذا الطين، الذي بلغت أثمانه آلاف الدنانير، وحققت رغبتها ومشت في الطين.
ثم دارت الأيام بل انقلبت رأساً على عقب وأصبح الأمير في السجن فجاءت تزوره ودار بينهما كلام غضبت منه فنظرت إليه وقالت له: "والله ما رأيت منك خيراً قط". فقال لها المعتمد: "ولا يوم الطين"؟
وهذا مصداق لقوله: "لو أحسنت إلى إحداهن الدهْرَ كله ثم رأت منك شيئاً". قالت: "ما رأيت منك خيراً قط"!! وهذا تاريخ وحديث شريف لا يمكنني استبدال كلماته بما يرضي السيدات الحضور، فاستميحهن عذراً.
وبعد مرة ثالثة، يكفي الأستاذة انتصار قول الأستاذ الكبير عبدالله عبد الجبار عندما زرته والأستاذ أبو السمح في منزله خلال أيام الزوبعة: "رفقاً بالقوارير أيها العبادلة فإن انتصار كاتبة مبدعة من دون ريب".
وأيضاً ما تحدث به أيضاً أخي الأستاذ عبدالله جفري: "لو أن انتصار العقيل تجافي الحدة في حوارها، وتتفرغ لكتابة الروايات فإني لا أشك أنها ستصبح غادة السمان الحجاز".
ويطيب لي اليوم أن أقول: وأنا على ذلك من الشاهدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأستاذة نازك الإمام: شكراً لسعادة الكاتب المعروف عبد الله خياط، أما الآن الكلمة الثانية لسعادة الكاتب والأديب المعروف الدكتور عبد الله منّاع، فليتفضل.
 
طباعة
 القراءات :389  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 166 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج