شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
الأستاذة نازك الإمام: شكراً أخ محسن، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصحاب المعالي.
أصحاب السعادة.
السيدات والسادة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ضيفنا الليلة هو مفكر وفيلسوف، هو علم في السرديات، وعلم في مناهج تحليل الخطاب، نستدلُّ على ذلك من كتبه ومؤلفاته، التي لا يمكن لأي دارس أو مهتم بعلم السرد أو تحليل الخطاب السردي في جميع الأقطار العربية إلا أن يمر عليه اسم سعادة الدكتور سعيد يقطين، فأهلاً ومرحباً بفارسنا لهذه الليلة مكرماً بيننا، وقادماً إلينا من المغرب العربي.
نبدأ بطرح الأسئلة بداية مع سعادة الأستاذة فوزية الحبشي، محاضرة في كلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز، فلتتفضلي.
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الدكتور سعيد يقطين على ما قيل فيه من قبل الأساتذة الأفاضل من ذكر لمناقبه العلمية فأحب أن أضيف أنني قد حضرت له مؤخراً ندوة علمية دولية في الرياض بعنوان: "قراءة التراث العربي على ضوء المناهج الحديثة"، وقد قدّم ورقة علمية بالغة العمق، وضح فيها رؤيته النقدية المستندة على المنهجية والعلمية فيما يخص السرد وعلومه، ما برز في ورقته حقيقة اهتمامه بالتراث العربي السردي واعتزازه بخصوصيته وثرائه، ونجده مع هذا منفتحاً على ما استجد من مناهج نقدية حديثة، انفتاح المتبصر العليم، الذي لم ألمس منه ذلك الانبهار المقيت بالغرب ورؤاه ولكنه ذلك الانفتاح الذي يجمع بين القديم والمعاصر في منهج سماه بمنهج الملاءمة أو المواءمة التي تعيننا على استنطاق الجديد من تراثنا الغني وتقديمه للناشئة لتحسين التواصل معه. سؤالي هو: ما رأيك فيما يسمى بالمنهج التكاملي هل هو بالفعل منهج من لا منهج له؟ وشكراً.
الدكتور سعيد يقطين: أنا لا أؤمن بالمنهج التكاملي لسبب بسيط أنه خليط من المناهج، وهو يتعارض مع ما يمكن أن نسميه تداخل اختصاصات أو تعددها لأن ذلك يقتضي أن يكون هناك اختصاص قابل لأن ينفتح على الاختصاصات الأخرى وشكراً.
عريف الحفل: سؤال من قسم الرجال للأستاذ خالد المحاميد، نرجو أن يُعرّف السائل بنفسه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، خالد المحاميد، صحفي، أهلاً وسهلاً بك دكتور حتى لا نضيع الوقت إذا جاز لي أن أصف الاشتغال في السرديات فإني أقول إنها محاولة لرصد المناخ الثقافي والفكري في بيئة معينة للتأثير بها من خلال قراءتها وتحليلها، إذا كنت توافقني على هذا الرأي فأنت تواجه مشكلة أخرى قد طرحتها في بعض كتبك وفي بعض مقالاتك وهي اللاتوافق ما بين السياسي وبين الثقافي، وأنت خرجت بمقولة وهي إن لم ينتخب أو أن ينتسب الثقافي للسياسي فإن التجربة كلها عديمة الجدوى، وشكراً.
الدكتور سعيد يقطين: شكراً جزيلاً، هذه كذلك أدرجها في إطار الثنائيات، فنحن ما زلنا نشتغل -كما قلت في هذا الكتاب الأخير- في الثقافة من دون السياسة، ونشتغل في السياسة من دون الثقافة، عندما نصل إلى أن نزاوج بينهما من دون أن يكون أي منهما متعارضاً مع الآخر فتلك بداية تحول حقيقية وشكراً.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات تفضلي نازك.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من المهندسة ميسون عبد الغني حاووط، فلتتفضلي.
أعرّف بنفسي أنا مهندسة كمبيوتر. سعادة الدكتور سعيد يقطين تختلف طريقة لفظ اللغة العربية في المغرب العربي عن لفظ اللغة العربية في بلاد المشرق العربي، ما هي الأسباب؟ وهل يرى الدكتور سعيد أن لغة البربر كان لها تأثير عندما دخلت اللغة العربية إلى المغرب العربي فكانت سبباً في تغيير نطق الأحرف العربية؟ شكراً.
الدكتور سعيد يقطين: شكراً جزيلاً الفاضلة ميسون، كنت أتمنى أن تطرحي أسئلة عن ثقافة الرقمية واللغة العربية، لأن هذه المعضلة الحقيقية التي تعيشها اللغة العربية في العصر الذي نعيش فيه. أما بالنسبة إلى اللغة العربية في المغرب واللغة العربية في المشرق فليس هناك أي تعارض بين اللغتين، هناك لغة عربية واحدة، صحيح على مستوى النطق قد نجد اختلافاً في لفظ بعض المفردات صوتياً ولكن هذا الأمر عادياً ويجري العمل عليه في أي بيئة لغوية كيفما كان نوعها وشكراً جزيلاً على السؤال.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ جمال برهان مستشار.
شكراً للدكتور سعيد وشكراً للحضور، ذكرتم في كلمتكم الكريمة أن ابتعادكم عن مناخ الجمعيات لقناعتكم التي نحترمها جداً ولكن هذا لا يعني ابتعادكم عن القضايا الاجتماعية والقضايا الوطنية ونعرف هذا الشيء فيكم وفي شخصكم الكريم، ما هي رؤيتكم لمهرجان "أصيلة" الثقافي؟ هذا السؤال الأول أما الثاني ففي السنوات الأخيرة من خلال مشاركتنا هناك وجدنا أن بعض الدول أو البيوت العتيقة بدأت تُباع للفرنسيين والإيطاليين، فما هي رؤيتكم في هذا؟ وشكراً.
الدكتور سعيد يقطين: شكراً جزيلاً، هو فعلاً الابتعاد عن العمل الجماعي لا يعني عدم الاهتمام بما هو اجتماعي، وبالنسبة إليّ أنا أمد يدي إلى كل الإخوان، الذين لهم مشاريع للعمل الجماعي إن أمكنني أن أسهم فيها وإذا كانت الشروط متوفرة، وإلا فإنني سأنسحب في أي وقت. بالنسبة إلى مهرجان "أصيلة" الثقافي أعدّه منجزاً مهماً جداً قام به وزير الثقافة السابق محمد بن عيسى للإقليم أولاً، كما أعدّ هذا المشروع حقيقياً، وفي السياق نفسه أقول إنه عندما دعاني لأول مرة، وكان المثقفون المغاربة يقاطعون هذا المهرجان، ذهبت إليه وكنت أول مثقف يستجيب لهذه الدعوة ثم بعد ذلك صار كل المثقفين ولكن ليس للغايات نفسها، صاروا الآن يتوافدون عليه لأسباب هي التي لا أريدها أن تكون الأسباب الحقيقية للتفاعل مع الآخر، لذلك فأنا أؤمن بالعمل الجاد مهما كان الشخص الذي يقوم به شريطة أن يكون في خدمة الجماعة، وأعدّ أن العمل الذي قام به محمد بن عيسى وأنا أنوه بهذا دائماً وأشهد أنه قام بعمل جليل على المستوى الثقافي في المغرب، وعلى المستوى الاجتماعي كذلك لمدينة (أصيلة).
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذة أماني العاقل، محاضرة في جامعة حلب، فلتتفضلي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولاً: أود أن أشكر القائمين على هذا المكان باستضافة الناقد المغربي سعيد يقطين، ولعدم الإطالة دكتور سعيد لقد اشتغلت على الآفاق المعرفية في الخطاب الروائي العربي بعد 1990م. في الرواية العربية، وعدت إلى الكثير من نصوصك، واستوقفني في كتابك "قطار الرواية العربية الجديدة"، ما تحدثت به عن قضايا الوجود في الرواية المعاصرة، هل برأيك ثمة خصوصية ثقافية ومعرفية لروايات المغرب العربي أولاً، وروايات المشرق العربي من بعدها تحتفي بالفلسفي والكوني والروحي والثقافي؟ وإن كان ثمة هذا الحضور الواضح في السمات المعرفية لهذه الرواية هل هنالك استمرارية لهذا الحضور أم أن التغيرات العربية والثورات العربية التي أعادت الرواية العربية والنظرية الأدبية إلى الواقعية سيؤثر في هذا التحول؟ وشكراً.
الدكتور سعيد يقطين: شكراً جزيلاً على هذا السؤال، وهو يعود بنا مرة ثانية إلى ثنائية المغرب والمشرق، وأعتذر إذا قلت إنني كذلك كنت من أوائل المثقفين المغاربة الذين يحاولون تجاوز هذه الثنائية، فنعدّ الثقافة العربية واحدة، لها مشرق ولها مغرب، حتى عندما كان بعض المغاربة مثقفين، وهذه وجهة نظرهم يدافعون عن الخصوصة المغربية، فأنا أعدّ أي خصوصية مغربية أو خليجية أو شامية أو عراقية هي جزء من النطاق العام، الذي يحتويها وهو الثقافة العربية، لذلك فهذه التنويعات، وهذه الخصوصيات مهمة لأنها مصدر إطراء للثقافة العربية من دون أن ننظر إلى أنها تشكل تعارضاً بين ثقافة مشرقية وثقافة مغربية. وشكراً.
عريف الحفل: السؤال للأستاذ عبد الوهاب أبو زنادة، وهو صحفي.
بسم الله الرحمن الرحيم، سيدي فارس هذه “الاثنينية”، للأدب المغربي حضور باهت في المملكة، وللأدب السعودي حضور باهت في المغرب، فهل نستبشر بقدومكم في ضخ شحنة من الإيجابية لتفعيل التبادل الثقافي والأدبي بين البلدين؟ وشكراً لكم.
الدكتور سعيد يقطين: التبادل الثقافي بين المشرق والمغرب وبين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية قائم ومستمر ومتواصل، وما الشراكة التي أقيمت بين مجالس الدكتور أستاذي الفاضل عباس الجراري و"اثنينية" الشيخ عبد المقصود خوجه سوى دليل على ذلك، وهناك علاقات وطيدة بين القطرين وعلى المستويات كافة وما زيارتي لجامعة الإمام خلال ثلاثة فصول سوى تثمين لهذه العلاقات، وشكراً جزيلاً لكم.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات، تفضلي أستاذة نازك.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من طالبة ماجستير في الأدب والنقد، معيدة في جامعة عفت، الأستاذة ندى الهتاني، فلتتفضلي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الدكتور سعيد يقطين من خلال دراستك للمناهج النقدية والأدبية إلى أي مدى يمكن أن تنطبق المناهج النقدية المستمدة من الغرب على الروايات العربية؟ على الرغم من أن سياقات ظهور هذه المناهج وأسبابها تختلف عن السياقات العربية، وأخيراً هل هنالك أمل في ظهور بنية عربية خالصة تتناسب مع الأوضاع الراهنة وخصوصاً الاضطرابات السياسية؟
الدكتور سعيد يقطين: بالنسبة إلى السؤال الأول: أنا لا أتفق بأن هذه المناهج غربية، هي صحيح ولدت في سياق ثقافي ومعرفي آخر مختلف، ولكن هذا لا يمنع من أن نفيد منها ونتفاءل معها ونطورها بهدف الاشتغال بها على النص العربي، وفي هذا الإطار سنجد مثلاً الكثير من الأجانب يكتبون عن الأدب العربي للمناهج التي ظهرت في الغرب، وهذا المنهج الذي حاولت تطويره والاشتغال بالسرديات عليه، كما سأحاول أن أشتغل به على مجموعة من الروايات الأجنبية في كتاب نشرت فيه بعض دراساتي عنه وهو "رواية الأسطورة الشخصية"، التي حاولت فيها دراسة نصوص كلاسيكية من السرد الغربي ومن الروايات الأجنبية الحديثة، بحيث أدرسها تماماً كما أدرس الرواية العربية، إذاً المسألة ليست مناهج صُنعت هناك ولا تصلح لهنا وهذه الفكرة للأسف الشديد موجودة.
بالنسبة إلى النظرية العربية هي لا يمكنها أن تحضر أو أن تتحقق إلا بالإفادة من المناهج الأخرى وأن تكون إضافة إلى تلك النظريات، لذلك فالمساهمة في الفكر الإنساني تتم من خلال التفاعل الخلاق وليس من خلال الاستيراد أو من خلال الرفض، وشكراً جزيلاً لك.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ محمد بن حبيب علوي، عرِّف بنفسك. محمد بن حبيب علوي، عضو النادي الأدبي، وعضو اتحاد كُتّاب مصر.
سعادة الأديب الشامخ الدكتور سعيد يقطين، على الرغم مما تتمتعون به سعادتكم من مؤهلات أدبية سامقة لها صداها في الأوساط المغربية والعربية، والكل يعلم أن المغرب الشقيق مليء بهذه القامات الأدبية الشامخة من أمثال سعادتكم، إلا أن هناك سؤالاً يبحث عن إجابة، لماذا لم نسمع بأن هناك من برز اسمه اقليمياً من شعراء المغرب على غرار عمر أبو ريشة من سوريا والأخطل الصغير من لبنان وأبو القاسم الشابّي من تونس، والجواهري من العراق، وأحمد شوقي من مصر، ومحمد حسن فقي من السعودية، وغيرهم من الأسماء التي ما زالت تتردد بين ظهرانينا على الرغم من غيابهم عن دنيانا؟ شكراً.
الدكتور سعيد يقطين: شكراً جزيلاً لك، هذا السؤال كثيراً ما يُطرح في الشعر بخصوص المغرب، وقد سبق أن كتب المرحوم عبد الله قَنُّون كتاباً سماه بأن الشعر المغربي هو شعر فقهاء، لماذا؟ لأن الثقافة المغربية في القديم ركزت بصورة أساسية على الفقه، على العلوم، وعلى النحو، ولذلك نجد كثرة المصنفات في هذا الاتجاه، وابن خلدون كذلك له تفسير لهذه المسألة، وهو يميز بين المدرسة الأندلسية من دون أن نتحدث عن المدرسة المشرقية وعن تربية الأحداث في التعليم في الأندلس والمغرب، ورأى بأن هذه الطريقة التربوية هي التي جعلت الشعر في المغرب يكون أقل منه بمقارنته بالعلوم وبالقياس كذلك إلى الشعر العربي، ولكننا نجد الآن أن هذه الفكرة بدأت تتغير وصار في المغرب شعراء كبار، للعديد منهم مكانة ليس فقط في المغرب ولكن في العالم العربي، وذكر قبل قليل الشاعر عبد الله راجع، محمد بنيس، وأحمد المجاطي، إلى آخره، وهؤلاء صار لهم حضور مهم جداً في الخريطة الشعرية المغربية والعربية.
عريف الحفل: سؤال للدكتورة فاطمة إلياس، الأكاديمية والناقدة، تفضلي دكتورة.
أستاذنا الكريم ذكرت ضمن مراحل مسيرتكم الثقافية مرحلة العمل الثقافي الجمعوي، فما الفرق بينها وبين النقد الثقافي؟ وهل تتفق مع مقولة أن النقد الثقافي يعني هجر النقد الأدبي، كما فعل الناقد الدكتور عبد الله الغذامي؟ شكراً.
الدكتور سعيد يقطين: بالنسبة إلى النقد الثقافي يظل العمل الجمعوي عندما نتحدث عنه في سياق مختلف وممارسة مختلفة، وأعدّ ما جاء من رد فعل على النقد البنيوي في أوروبا، الذي هو خليط من مناهج جديدة، تأويلاً جديداً وأنا ضد التأويل، بمعنى أن دراسة اجتماعية من نوع جديد تستأنس بمجالات معرفية كثيرة، وتحاول النظر في الثقافة باعتبارها أنساقاً، وهذه الأنساق هل هي معطيات أم أنها موضوعات؟ هل هي جاهزة أم أنها مبنية؟ في غياب دراسات للتاريخ الثقافي العربي، وفي غياب دراسات للغة العربية يمكن أن نستند إليها وسيكون النقد الثقافي عبارة عن علم اجتماع جديد، وهذا هو التصور الذي أقتنع به، وشكراً.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ مشعل الحارثي، باحث وإعلامي صحفي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعد الشكر للمضيف المبجل والترحيب بالضيف الكريم، ذكرتم ضيفنا الكريم في أحد حواراتك الصحفية أنك تفرح بكثرة الأعمال الروائية في الوطن العربي، تُرى إذاً ما هو نصيب الكيف قبل الحديث عن الكَم في هذه الأعمال؟ وصولاً إلى تحقيق العالمية التي أصبحت مطمح كُتّاب الرواية، شكراً لكم.
الدكتور سعيد يقطين: شكراً جزيلاً على هذا السؤال المهم، عندما أفرح بالكثرة ولا أنتبه للكيف فمعنى ذلك أنني أعدّ أن هذه الأمة ولود، هذه الأمة التي يتحالف عليها الأعداء وأهلها للنيل منها والحديث عن تخلفها، لذلك فعندما أرى تلميذاً يقرأ أو طالباً يُنتج في شروط لا تتوفر فيها أدنى الشروط، فأنا أعدّ أن عمله جدير بالاهتمام وجدير بالتقدير، والكيف سيأتي مع الزمن، لكن علينا أولاً أن نُكوِّن هذا الإنسان، وأن نفرح به وأن نساعده على التطور، ولكن أن نهاجمه وهو في بدايته فذلك هو الوأد الثقافي، وللأسف الشديد كثيراً ما نَئِد مثقفين زعماً أننا ندافع عن الثقافة الصافية والثقافة الجيدة، لنكن رفقاء بإنساننا لأن الشروط التي يعيش فيها لا تسمح له بشراء الكتاب ولا بقراءته ولا بالكتابة، لذلك أشجع التلاميذ، فالتشجيع والتحفيز من القيم والأخلاقيات الأساسية. عندما أرى الأساتذة كيف يتحدثون عن طلبتهم، أقول لهم إن الطالب الذي يعرف أنه سيحصل على شهادة وأنه سيتخرج من دون أن يكون عنده عمل، ومن دون حافز، هذا الطالب الذي يأتي عند الثامنة من منطقة نائية، هذا الطالب ينبغي أن ينحني له الأستاذ إجلالاً، لأننا نحن عندما كنا ندرس كنا نعرف أننا عند حصولنا على الشهادة سنلتحق مباشرة بالوظيفة، إذاً علينا أن نعطي لشبابنا فسحة للتحفيز والتشجيع بهدف التطور وشكراً.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات.
الأستاذة نازك الإمام: السؤال من الأستاذة آمال عمر كمال، عضو النادي الأدبي بجدة ومُعِدَّة برامج في الإذاعة السعودية، فلتتفضلي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من فضلك في ظل الظروف الراهنة السياسية بما يسمى بالربيع العربي، هل أنت متفائل بمستقبل الثقافة العربية في العالم، وفي الوطن العربي؟ وكيف السبيل إلى الوصول إلى العالمية من ناحية التراث والأصالة والمعاصرة، ونحن كمجتمعات عربية وكشعوب عربية نجهل خصوصية كل مجتمع عن مجتمع، كالمجتمع الأردني، المجتمع السعودي، والمجتمع المغربي كقارئ عادي وليس على مستوى النخبة؟ بالنسبة إلى الثقافة ألا تجد أننا في أزمة ثقافة حقيقية؟ الإعلام والدراما ماذا يقدمان للأجيال الجديدة إذا أردنا أن نبني إنساناً مثقفاً ومجتمعاً واعياً؟ السينما العربية ماذا تقدم للأجيال الجديدة؟ وبالنسبة إلى المسرح، ما هو دور المسرح في نشر الثقافة؟ وما رأيك إذا كنا نحن كمجتمع سعودي محرومين من النشاط المسرحي بتاتاً وإطلاقاً؟
الدكتور سعيد يقطين: شكراً جزيلاً، بالنسبة إلى هذا الواقع الذي يعرفه الوطن العربي بصفة عامة أرى أنه وليد صيرورة، وبالتالي فأي صيرورة كيفما كان نوعها لا يمكنها إلا أن تنتهي نهاية ما، لذلك ينبغي أن نتشبث بالتفاؤل مهما كانت الظروف قاسية لأن هذا التفاؤل هو الذي يدفعنا إلى العمل، أما التشاؤم فلا يمكن إلا أن يقود إلى نقيضه.
أما فيما يخصّ معرفة الوطن العربي، أرى أن هناك جسوراً ممدودة بين الأقطار العربية على المستوى الثقافي، صحيح هي ليست على المستوى المطلوب، الإعلام العربي الآن صار يُشاهد في مختلف الأقطار العربية، ويعدّ هذا نوعاً من التقارب، لكن هذا الإعلام ماذا يقدم للمواطن العربي؟ هذه الفنون جميعها نجد فيها نوعاً من التراجع، وهذا التراجع وليد مرحلة جديدة من التطور، الذي يعرفه ليس فقط العالم العربي بل العالم بصفة عامة، وهذه مسألة قلما ننتبه إليها، كثيراً ما نتحدث عن العولمة، كثيراً ما نتحدث عن العصر الرقمي، لذلك فهذه الظروف هي متشابهة على الصعيد العالمي، صحيح هناك فروقات ولكن حتى الآن لا نجد في فرنسا سينما، ولا نجد مسرحاً، وفي العالم أجمع، عكس مثلاً ما نجده في حقب سابقة عندما يكون الفكر والإبداع والفن متضافرين ومتطورين على صعيد عام، فهذه الأشياء مجتمعة سيكون لها إشعاعها على العالم، نحن الآن نعيش مرحلة جديدة على المستوى الإنساني، وهذه المرحلة بطبيعة الحال لها نهاية، وشكراً.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ محمد فاضل عبد اللطيف، وهو كاتب.
دكتور بناءً على ثنائية المشرق والمغرب التي ذكرت، هل ترى أن هناك أرضية مشتركة بين الشرق والغرب على مستوى اللغة السردية؟
الدكتور سعيد يقطين: نعم هو التراث العربي مشترك، بن سالم حِميش عندما كتب روايته وحاول أن يتفاعل مع الغرب ذهب إلى الحاكم بأمر الله الذي حكم مصر، والأمثلة على ذلك كثيرة، إذاً فالفضاء الروائي والروائيون العرب كلهم بشكل أو بآخر خرجوا من معطف الرواية المصرية، سواء في شكلها الرومانسي أو الواقعي مع نجيب محفوظ. وتعدّ التنويعات الروائية في مختلف الأقطار العربية هي إضافات للرصيد العام للرواية العربية، لذلك القارئ المغربي يمكن أن يقرأ رواية سعودية فيجد نفسه كأنه يقرأ رواية مغربية، ويمكن أن نقول ذلك بالنسبة إلى أي قارئ عربي وأي روائي عربي كيفما كان القطر الذي ينتمي إليه، وهذا دليل على أن تطوير الرواية العربية تطوير تقنياتها هو قاسم مشترك بين الروائيين العرب كلهم.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من المعلمة صباح القواسمي، فلتتفضلي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طبعاً ليس لدي ما أقوله عن شخصكم الكريم أكثر مما قيل، فأهلاً وسهلاً بكم، لي سؤال بسيط جداً، ما المواضيع الجديدة التي تنوي مناقشتها وسردها بعملك القادم بالنسبة إلى القرآن الكريم والحديث الشريف؟ شكراً للجميع.
الدكتور سعيد يقطين: بالنسبة إلى القرآن الكريم اعتبرته النص الذي تولدت منه الثقافة العربية والعلوم العربية كلها، وإعادة قراءتنا له في ضوء تطوير العلوم، التي اهتمت به كفيل بجعل مساهمتنا جديدة في التعامل مع القرآن الكريم. بمعنى آخر، إن هذه القراءة الجديدة ينبغي أن تتلاءم مع الفهم الجديد، الذي صرنا نفهمه للنص بصفة عامة، والنظريات الرقمية الحالية تعدّ النص عبارة عن شذرات يتم الربط فيما بينها، إذا ما ظهر مفهوم الأدب اعتبرنا النص بنية لها وحدة عضوية، معنى ذلك أن نزول القرآن منجم يبين لنا أن هذا البعد الشطري للآيات كفيل بجعلنا نقرأه بكيفية تجعلنا نفهمه جيداً ونتعامل معه بكيفية متطورة.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ عبد الرؤوف عون، معد برامج بالفضائيات.
أهلاً وسهلاً بحضرتك، وأهلاً وسهلاً بالحضور جميعاً، والحقيقة ليت حضرتك تبين لنا السرد والأدب الرقمي في القرآن الكريم، وتعطينا أمثلة عليها، وشكراً.
الدكتور سعيد يقطين: يحضر في القرآن الكريم السرد بصورة كبيرة جداً، وهذه مسألة أثبتها القدماء أنفسهم، وفي العصر الحديث نجد الكثير من الدراسات عن البعد السردي أو ما كان يسمى القصصي في القرآن الكريم. بالنسبة إلى الأدب الرقمي لم أقل إن النص القرآني أدب رقمي ولكن أرى أن قراءتنا له في ضوء المعرفة الجديدة، التي صارت لدينا عن النص ستطوّر فهمنا ودراستنا للقرآن الكريم. وأحب هنا أن أنوه بالمجهودات التي بذلت من أجل ترقيم القرآن الكريم، لكن هذه المجهودات عندما تنطلق من تصور جديد للروابط داخل النص يمكن أن تقدم لنا نصاً رقمياً، نتفاعل معه بصور وأشكال متعددة، ولهذا الموضوع مجال واسع للتفكير والبحث وهو يستدعي معرفة بتحققات النص من خلال البعد الرقمي ويستدعي كذلك فهماً وقراءة جديدين لها، وشكراً.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات، ونرجو أن يكون السؤال الأخير، لأن وقت الأمسية شارف على النهاية.
الأستاذة نازك الإمام: سوف نختم بهذا السؤال الجماعي من الحاضرات، هل تعتقد أن المنهج السيميائي هو المنهج الأشمل في تحليل النصوص السردية؟ وشكراً لكم.
الدكتور سعيد يقطين: لا نتحدث عن المنهج السيميائي، فالسيميائيات علم، هي علم العلامات، سواء كانت هذه العلامات لغوية أو غير لغوية، ولكن داخل السيميائيات يمكننا أن نجد اتجاهات أو مناهج، وبحسب ما يرمي إليه هذا المنهج السيميائي أو ذاك من أسئلة لفهم العلامة وتحليلها يمكننا أن نتحدث عن الصلاحية، والصلاحية لا تتحدد فقط في المنهج المعتمد، ولكن بآليات وطريقة التوظيف، فأنا مثلاً في تصوري الخاص لا أفاضل بين المناهج، ولكن المفاضلة تتأسس على قاعدة القدرة على الاشتغال بها والتحليل بوساطتها أي التحليل الملائم، هذا هو أساس، لذلك قد تكون دراسة اجتماعية ولكن عندما يكون صاحبها غير متمثل لهذه الدراسة الاجتماعية ستكون دراسته في رأيي غير صالحة، حتى وإن اعتمد منهجاً علمياً وكان فهمه وتطبيقه له رديئاً، فإن قراءته سوف تكون غير علمية. إذاً، أساس المفاضلة هو الإنجاز وليس التصور المنطلق منه، وشكراً جزيلاً لكم.
عريف الحفل: السؤال الأخير وليسمح لي الإخوة الذين لم نتمكن لضيق الوقت من إعطائهم فرصة طرح الأسئلة: منصور الفقيري، عبد الحميد الدرهلي، وعلي عبد الرحمن، اسمحوا لي لأن السؤال الأخير عند الأخ الأستاذ أحمد دهب، وهو صحفي، تفضل.
هل يرى سعادتكم أن السبب الرئيسي للتراجع الملحوظ للرواية العربية أو القصة والملحمة هو غياب مجلة عربية متخصصة تحمل هموم المبدعين العرب؟ وكيف يمكن الوصول لهذا المنبر الجامع ويكون في متناول أيدي الجميع؟
الدكتور سعيد يقطين: شكراً جزيلاً، يعود التراجع إلى عوامل كثيرة، من بين هذه العوامل أن الروائي - وأتمنى أن أكون مخطئاً- لم يعد يكتب الرواية كما كان في السبعينيات وفي الثمانينيات لأنه يريد أن يكتب رواية، فعدد كبير من الروائيين صاروا يكتبون الرواية لقصد التنافس على جائزة، ويبدو لي أن هذا سيؤدي إلى التراجع، وأعرف هذا من خلال نماذج وأسماء كثيرة، ولذلك قد نجد الروائي في كل سنة يصدر رواية، ونجده ضمن قائمة المرشحين لنيل الجائزة على الرغم من نيله إيّاها سابقاً، يبدو لي أن هذا التهافت لدى المثقفين لا يمكننا أن نبرره تحت أي طائل أو لأي سبب، ولكن القيمة الفنية ينبغي على المبدع أولاً أن يدافع عنها قبل أن يدافع عنها الناقد، أو أن يدافع عنها القارئ. هذا مظهر من مظاهر التراجع، عدد كبير من الروايات جيدة ولكن يظهر فيها الكثير من الأخطاء المطبعية والإملائية والنحوية والأسلوبية، للسبب عينه، وهذا يعود إلى ماذا؟ إلى أنه لم تتكرس لدينا تقاليد الحديث عن النص الأدبي ومناقشته في الإعلام، وأنا دائماً أُحمِّل الإعلام السمعي والبصري المسؤولية، إذ لا تكون هناك جلسات كما نجد في البرامج الأوروبية التي تتطور فيها الرواية، مع قرّاء أو مع نقّاد يتحدثون عن الأخطاء النحوية لأن ذلك الّذي سيربي لدى القارئ ولدى الكاتب المستقبلي ذائقة الوعي وتحمل المسؤولية، شكراً جزيلاً لكم.
 
طباعة
 القراءات :223  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 152 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج