شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الدكتورة فاطمة إلياس))
بسم الله الرحمن الرحيم، مساؤكم جمال وفرح تبعثه نسائم دأبت "اثنينية" عبد المقصود خوجه على إهدائها لنا، كلما فتحت أبوابها لضيف مبدع ومنجز في فضاءات العلم والأدب والثقافة، واليوم ضيفنا مميز خصوصاً للمنتمين إلى مجال النقد الأدبي ولدنيا الإبداع السردي، الذي طالما احتفى بهم الدكتور الناقد سعيد يقطين المحتفى به اليوم.
برزت في الآونة الأخيرة على الساحة النقدية العربية أسماء نقدية مغربية، أثرت المشهد الأدبي الثقافي بشكل عام، وأثَّرت في كثير من الأطروحات الفكرية والنقدية. ويجمع كثير من النقاد على ريادة النقد المغاربي والنقد المغربي بصفة خاصة بسبب الإصدارات والدراسات في حقول الجماليات والنظرية الأدبية واللسانية المشفهوة بتحليلات واستنتاجات أثرت الذائقة العربية ومنهجت لكثير من الاتجاهات الأدبية، وقد أشاد الكثير من الكتاب بهذا التأثير، ومن ذلك ما ذكره جابر عصفور في كتابه "زمن الرواية"، وإشادته بالمنجز النقدي والثقافي المغربي ودوره في مسيرة التحديث أو الحداثة، وضيفنا سعادة الدكتور سعيد يقطين هو خير تجسيد لهذا التأثير، ونموذج حي لما وصلت إليه الحركة النقدية المغاربية بشكل عام والمغربية بشكل خاص، ودورها التكاملي في النهوض بالثقافة العربية وتطوير الحركة النقدية العربية، يؤكد سعيد يقطين "نزيل السرديات" كما سماه الأستاذ كمال الرياحي في حوار معه على أهمية البحث العلمي وممارسة العلمية في دراسة الأدب، وهو في دراساته ومؤلفاته كلها يعطي درساً في انكباب الباحث ودقته ويقظته في استقبال وتلقي الأطروحات الفكرية والنقدية الجديدة، وهي غربية في مجملها، وعدم تبنيها قبل إخضاعها للتحليل، وقبل الإحاطة بجميع الكتب ذات الصلة بالموضوع، وعدم الاستسهال والاندفاع وراء النظريات الجاهزة، ليكون تصوره كاملاً وصحيحاً، وقبل أن يشرع في تطبيقها على نص سردي يختاره بعناية، بحيث يستجيب لهذا الطرح أو النظرية فيكون له السبق والفضل والريادة في تسكينها عربياً، وتصبح دراسته هي النموذج والمقياس التطبيقي، لتنتقل بعدها التطبيقات والدراسات التي تستخدم هذه النظرية وتصبح في متناول الدارسين، وهذا هو دأب ضيفنا الكريم.
لقد سار سعيد يقطين على هذا النهج العلمي خلال مسيرته النقدية متدثراً رداء الجدية وليس عباءة الأستاذية أو الدكترة، يقول سعيد يقطين مجيباً عن سؤال حول ما إذا كانت الجامعة تنتج نقاداً ومبدعين، فيقول: "هذه التمييزات تبسيطية، فالجدية هي الأساس، وليس هنالك فرق بين الجامعي وغير الجامعي، فليست الجامعة هي التي تكوّن الناقد، قد تمكنه من تكوين معين، قد تحفّزه على العمل لإنجاز أطروحة، لكن النقد ليس أطروحة فقط، فهو عمل متواصل متطور دائم". وخير مثال على استراتيجية سعيد يقطين العلمية في تلقي النظريات الحديثة واستقبالها كتابه "تحليل الخطاب الروائي" الزمن –السرد- الذي صدرت طبعته عام 1989م، وطبعته الثانية عام 1992م، وطبعته الثالثة عام 1997م، وطبعته الرابعة –ما شاء الله- عام 2005م، ولكم أن تستنتجوا أهمية هذا الكتاب الذي أصبح سِفراً نقدياً والصوت النقدي الذي أصبح مدرسة نقدية. ولقد تتلمذ عليه وعلى تطبيقاته الرائدة على مستوى الرواية العربية كثير من دارسي النقد والنقاد الجدد، وأفاد من تحليله لأدبية هذه النصوص السردية أي خطابها الأدبي الذي انطلق فيها من علم "البيوتك" أو كما يسمونها أخوتنا في المغرب "البوتيقا"، يعني هي جاءت من "البيوتك" بينما هم ينطقون الفرنسية فيسمونها "البيوتيقا" لكن هي أساساً اسمها "البيوتيكس" أي الشعرية أو بلاغة النص، حسب جيرار جانيت، ولقد حصل هذا الكتاب في حينها أي عام 1989م. على جائزة المغرب الكبرى، بسبب ريادته في وضع تصور عربي للرواية أو السرديات، وفي الاشتغال على روايات عربية – كتطبيق طبعاً - ويظهر تأثر سعيد يقطين بمدرسة النقد العلمية الذي تطور على يد الشكلانيين الروسيين أو الروس منذ بداية القرن العشرين في الممارسة العلمية، التي انتهجها سعيد يقطين من حيث التعمق في النظرية وتوسيع دائرة تطبيقها وتأثيرها، ثم تطبيقاً طبعاً "للبيوتكس" حين تبناها منذ بداياتها كنظرية عامة للخطاب الأدبي، قابلة للتطور والتشعب وغير محصورة في اتجاه أدبي واحد، لذلك نراه يواكب ما يستجد على الساحة الأدبية من أجناس كتابية مشهراً أدواته النقدية المتجددة ليعالج تلك النصوص الجديدة، فكتابه من النص إلى النص المترابط على سبيل المثال، الذي أصدره عام 2005م. يقدم للإبداع التفاعلي الأنترنتي ويشكل للقارئ العربي مدخلاً مهماً لهذا الإبداع الجديد، وكذلك كتابه النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية نحو كتابة رقمية عربية، الذي أصدره عام 2008م، الذي يعكس نقلة نوعية جديدة في مسار يقطين النقدي وتربعه على عرش النقد السبرالي إذا جازت لي التسمية، ومؤخراً وجدنا ناقدنا الكبير يخوض في الشأن الثقافي والاجتماعي والسياسي العام مؤدياً دور المثقف العضوي، الذي يذكرني بتحولات الناقد اللساني نعوم تشومسكي مؤخراً، ولعله يلقي الضوء على هذا الجانب المثير من خلال حديثه الآن، ولا يتسع المجال هنا لذكر مآثر ضيفنا الكبير الدكتور سعيد يقطين، ونحن هنا في المملكة العربية السعودية لا ننسى فضله وإسهاماته، ولا ينكر تأثيره إلا جاحد وأكاد أجزم أن معظم الأطروحات والدراسات، التي صدرت خلال العشر سنوات الماضية لا تخلو من مرجع يقطيني أو إشارة إلى سعيد يقطين، ولا أنسى تشريفه لنا في نادي جدة الأدبي عام 2009م، ومشاركته في ملتقى قراءة النص التاسع، الذي كان عن الرواية في الجزيرة العربية، وكان عنوان بحثه "جمالية الشكل الروائي في الجزيرة العربية"، وكان بعدها أستاذاً زائراً في صرحٍ علمي سعودي وهي جامعة (الإمام محمد بن سعود). فشكراً سعيد يقطين، وشكراً "للاثنينية" أن كرمت الأدب والنقد العلمي في شخص سعيد يقطين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: شكراً للدكتورة فاطمة إلياس، وأنقل الكلمة الأخيرة للأستاذ أحمد عايل فقيهي، الكاتب والصحفي المعروف.
 
طباعة
 القراءات :262  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 149 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.