شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على سيدنا وحبيبنا، وقدوتنا محمد بن عبدالله، الصادق الوعد الأمين، وعلى آل بيته الطاهرين، وصحابته أجمعين.
الأستاذات الفاضلات.
الإخوة الأكارم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سعداء أن نحتفي هذا المساء، بثمرة جنيّة من ثمرات التوأمة مع النادي الجراري المغربي، التي حظيت بمباركة جوابية تلقتها اثنينيتكم من جلالة الملك محمد السادس، ملك المغرب الشقيق بتاريخ 10/4/1422هـ. العاشر من شهر ربيع الثاني، عام ألف وأربعمائة واثنين وعشرين للهجرة، الموافق 2/7/2001م. الثاني من شهر يوليو عام ألفين وواحد للميلاد، ومنذ ذلك الوقت، أهدانا النادي العريق الذي يرأس مجلس إدارته معالي الأستاذ الدكتور عباس الجراري، مستشار جلالته، الكثير من القامات السامقات من المفكرين، والأدباء، والأكاديميين المغاربة، الذين كرمتهم "الاثنينية" عبر مشوارها الطويل. فأهلاً وسهلاً بالباحث، والأكاديمي، والمثقف، والناقد المتمرس، الدكتور سعيد يقطين، الذي قدم خصيصاً لاثنينيتكم من المغرب الشقيق، فمرحباً به بين أهله وعارفي فضله وعلمه.
يرى ضيفنا الكريم أن الرواية العربية في تطور وانتعاش مستمر، وتظل تبحث عن آفاق مختلفة، في المغرب العربي ودول الخليج، إلا أن عصرها الذهبي الذي ولى، صار في حكم النادر أن نجد روايات عربية مميزة، إذ أن معظمها يميل نحو مزيد من الاجترار، والتكرار، والتمحور في دائرة ألق رواية الستينات والسبعينات، فالكثيرون يستسهلون تقنيات كتابة الرواية، ومقومات نجاحها، وأطرها الفنية، فأصبحت ملكاً مشاعاً، يتموقعون حوله بلا ضوابط ومعايير إبداعية، وهذا ما لمسه ضيفنا من الانتشار الواسع للرواية، بمنأى عن التروي، والحذق والجودة، انطلاقاً من مفهوم تسريع الانتشار للحاق بركب من سبقوهم كيفما اتفق، ويبدو لضيفنا الكريم أن الأوضاع الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، والفكرية، التي تتبدل، وتتغير بسرعة متلاحقة، تدفع بعض الروائيين إلى نشر الرواية، في ظل تساهل النقد الأدبي، وضعف مخرجاته في كثير من الأحيان، من توجيه بوصلة الأدب إلى الوجهة التي ينبغي أن يكون عليها، كما أن الإعلام الثقافي، يؤدّي دوراً كبيراً في تراجع الجدية والصبر على الاجتهاد، والبحث، والتميز، لذلك يرى ضيفنا الكريم أن السرديات بحاجة ماسة إلى محاكمات، وتمحيصات تأخذ بيدها نحو الأفضل والأبقى.
وفي كتابه "القراءة والتجربة": حول التجريب في الرواية المغربية الجديدة" حاول ضيفنا الكريم تقديم تصور عام من خلال تحليل روايات مغربية تجريبية، إلا أن الروايات التي ظهرت بعد ذلك، لم تقدم سوى تنويعات على أهم ما قدمته الرواية التجريبية من منجزات فنية، كان رهان التجريب، هو خلق قارئ جديد، فالقراء الذين تفاعلوا مع الرواية خلال السبعينات وحتى التسعينات كانت طموحاتهم مختلفة تميل في كثير من الأحيان نحو شمولية الهم العربي الكبير، أما الآن كما يرى ضيفنا الكريم، أن الأفق الروائي الذي كان مهيمناً في تلك الحقبة قد انتهى إلى غير رجعة، بحكم أن الجيل الجديد، صهر نفسه في بوتقة نمطية ارتقائية، فهو يترقب تجريباً آخر تتبلور من خلاله الرواية الرقمية العربية، التي لا تزال بعيدة عن الإنجاز.
لعل سبب اختيار ضيفنا الكريم للسرديات تخصصاً، وولعاً، ومجالاً للبحث في الخطاب النقدي، يعود إلى أنه منذ اشتغاله بالبحث والمقالة الأدبية، تبين له غياب قيمة البحث العلمي، والتركيز على ما يمت للإيديولوجيا بصلة، التي فرضت وجودها في خيمة الجو الثقافي والسياسي العام اللذين كانا سائدين في ذلك الزمان، فالتغييب وليد ظروف خاصة ترتبط بوعي المثقفين بواجبهم الاجتماعي، وكان ذلك يتم على حساب خصوصية العمل الأدبي الذي كانت تنتابه مفاهيمية قاصرة وانحسار قاهر، إذا كان الاختزال والتسرع يطبع العلاقات بالأفكار التي تنتج خارج المجال العربي، ولعل اهتمامات ضيفنا الفلسفية أظهرت أن الرواية أكثر ازدهاراً من الشعر الذي بدأ يفقد بريقه، فالسرديات صارت اختصاصاً معروفاً ومعترفاً به في الساحة الثقافية العربية الحديثة، وكثر المتعاطفون معها دراسة وتحليلاً وتمحيصاً، وهي الآن تشق طريقها بشكل أفضل، وبدأت تتضح ملامح صورتها لدى المهتمين والمشتغلين بها في مختلف الأقطار العربية.
أصدر ضيفنا الكريم كتابه الموسوم "الرواية والتراث السردي من أجل وعي جديد بالتراث"، تناول فيه بالدرس جملة من الروايات العربية، باعتبار أن التراث الشفوي والمكتوب يشكل المتخيل العربي والإسلامي، ووعي الكاتب به، وإحساسه به وتمثله، والقدرة على تجسيده من خلال الكتابة السردية، فاستنتج أن الالتفات إلى التراث من الأهمية بمكان إذا أحسن توظيفه، فاهتم بالسير الشعبية التي وجدها مفيدة من النواحي الإبداعية والتراثية والتوثيقية والتطويرية، تتقاطع عندها مختلف التخصصات المتصلة بالعلوم الإنسانية، وما يبعث على الارتياح أن العديد من الروائيين العرب بدأوا يتفاعلون مع هذا التراث في ملاحمه الخاصة، التي يراها ضيفنا الكريم غنية بما تزخر به من معطيات تتصل بالمتخيل العربي الإسلامي.
أما فيما يتعلق بالنقد العربي، فيرى ضيفنا الكريم أن مسار النقد العربي تحول منذ الثمانينيات الميلادية بسبب تجاوز مرحلة الانطباعية البعيدة عن الموضوعية التي كانت تدور في فلكها سابقاً، فأصبح يمارسه مثقفون لهم همومهم الاجتماعية والسياسية، يستندون إلى الأدب دارسين، وناقدين؛ لتعميم الأفكار التي يتشيعون لها، مدافعين عنها من خلال الأدب المتخذ ذريعة لذلك، ولهذا السبب كانت أغلب الإنجازات وأهمها في هذا المضمار تتصل بالصحافة والإعلام الثقافي، فالنقد الأدبي الذي يتشكل من خلال عمل الباحث لا يهمه أن يواكب الإبداعات التي تصدر باستمرار، لأنه معني بقضايا وإشكالات خاصة.
شهد مشروع ضيفنا الكريم ترقيم الثقافة الشعبية تحولاً باتجاه قراءة الأدب الرقمي، الذي يعمل عليه، مما أهله الفوز بجائزة اتحاد كتاب الانترنت العرب، في دورتها الأولى لعام 2007-2008م ألفين وسبعة ألفين وثمانية - عن مجمل أعماله النقدية والتنظيرية حول رقمنة الأدب، لقد أصبحت عملية ترقيم الثقافة الشعبية العربية القديمة، والمتصلة بالأقطار العربية، وبمختلف المناطق والأقاليم داخلها، ضرورة ملحة ومستعجلة، فلا تزال فسحة للعمل لإنقاذ ما بقي أو تبقى إذا صح العزم على النهوض بهذه الثقافة الشعبية، وتضافرت الجهود لجمعها وتدوينها، وتم التخطيط لطبعها وترقيمها.
إلى هنا أترككم في معية ضيفنا الكريم، على أمل الالتقاء بكم الأسبوع القادم لتكريم الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. وأكثر من أربعين عاماً من العطاء، ما لها وما عليها، منذ تأسست عام 1393هـ. ألف وثلاثمائة وثلاثة وتسعين، الموافق 1973م. ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين، ويمثلها رئيس مجلس إدارتها سعادة الأستاذ سلطان البازعي، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبكم.
طبتم وطابت لكم الحياة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: شكراً لسعادة الأستاذ الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه مؤسس "الاثنينية"، وقد سعدنا بالاستماع إلى كلمته الترحيبية.
أيها الإخوة والأخوات، قبل أن نستمع إلى ضيفنا الكريم طُلبت بعض الكلمات التي ستتحدث عن ضيفنا وإنجازاته الفكرية والأدبية، نبدؤها بكلمة للأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني، رئيس النادي الأدبي بجدة سابقاً، صاحب منتدى الأسبوعية بجدة ومؤسسه، فليتفضل.
 
طباعة
 القراءات :465  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 146 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.