شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى بها))
نبدأ بتقديم الأسئلة والفرصة متاحة لقسم السيدات فلتتفضل الأخوات في الصالة النسائية باختيار من تُعرّف بنفسها ثم تلقي سؤالها مباشرة من دون مقدمات أو مداخلات، وأكرر من دون مداخلات أو مقدمات، وبداية السؤال مع سعادة الأستاذة الإعلامية سمر فطاني، فلتتفضلي.
دكتورة بدرية شرفتنا وسعدنا بوجودك معنا هذه الليلة، سؤالي لك عنوان دراستك في الدكتوراه سنة 2000م. كان "العولمة في مجتمعات الخليج" ماذا تستطيعين أن تضيفي على هذه الدراسة بعد 14 عاماً؟ وما هي أبرز التحديات في مجتمع الخليج؟
الدكتورة بدرية البشر: بالنسبة إلى هذا السؤال يحتاج رسالة دكتوراه ثانية، لكن دعيني أقول إنني بدأت ربما في العام 2001م. أجمع المعلومات، ونحن اليوم في العام 2014م. وهي مرحلة مبكرة كنت أحاول أن أدرس وقع العولمة عن طريق الوسائل الثلاث التي تصلنا بالعالم: الأنترنت، والفضائيات، والهاتف المحمول. وكنت أريد أن أدرس أيضاً وأعمل مقارنة بين مدينة الرياض ودبي، كان هناك أشياء طريفة ولافتة للنظر، لأن في الرياض كانت العينة كلها ترفض هذا الأمر، وكان رفضها عالياً جداً، أو التوجس منها عالياً جداً، إذ، كان الإقبال عليها يصل إلى 98%، كانت العينة تقريباً 98% - 97% في تعاطي هذه الوسائل، أيضاً هذه الثلاث الوسائل كلها عبرت من بوابة التحريم، يعني كانت المقاومة فيها شديدة، فلما خرجت الفضائيات حُرِّمَت، ولما خرج الأنترنت أيضاً صار هناك مقاومة وحظر، وعندما جاء الهاتف (الموبايل بالكاميرا) أيضاً كان هناك الكثير من التوجس من هذه الوسائل، وقد عكس ذلك أننا مجتمع استهلاكي جداً، نحن دائماً نهرع لاستقبال هذه الوسائل على الرغم من تحفظاتنا كلها، وعلى الرغم من المقاومة الشديدة كلها، وعلى الرغم من محاولات التخويف كلها، ومحاولات التحذير إلا أننا نقع ضحايا وأسرى مجَّانين في هذه الوسائل.
درست أيضاً في دبي ولم أعش فيها، وهذه واحدة من الملاحظات التي انتبهت لها، لأن عندما درست دبي أو بالأحرى لم أدرسها، بل طبّقت الاستمارات فيها، ولأن عددهم قليل جداً، فقد اضطررت كما أذكر أن أضاعف العينة في دبي لأجل أن أحظى برقم ممكن، لأنه من الممكن أن لا أُطبِّق غير 25 استمارة، لكن اضطررت أن أجعلها 250 على الأقل حتى أتمكن من قراءة التكرارات، لأن هذا الرقم قليل جداً، وعندما عشت في دبي فوجئت بأنه لو قُدِّر لي أن أكتبها مرة ثانية لما وقعت في الأخطاء، فدبي تحظى بحضور أجنبي 80% وهي تعكس ظاهراً غير محافظ، أو ظاهراً منفتحاً، أو ظاهراً يتمتع بالطمأنينة، بينما عندما عشت فيها تبيّن أن ذلك غير حقيقي، فلا يزال مجتمع دبي مجتمعاً محافظاً مع الفارق طبعاً بين السعودية، ولا تزال المؤشرات التي لمستها في الدراسة حقيقية، دبي هي أكثر طمأنينة مع المنتج الجديد وأقل توجساً لكن ما كنت أعتقده بأن دبي تعيش خارج التوجس وخارج الخوف حقيقياً، ودبي مثل كل المجتمعات المحافظة التقليدية لديها صراع ومقاومة وعندها هاجس الرفض.
أتمنى دائماً أن يكمل أحدهم هذه الدراسات ويقيس الجوانب فيها، هل اختلفت أم لا؟
عريفة الحفل: شكراً لك، السؤال من قسم الرجال، من الإعلامي الأستاذ كمال عبد القادر، فليتفضل.
السلام عليكم، اسمي كمال عبد القادر، لو أريد أن أقول الصراحة سوف تزعلون، لذا لن أقولها.
الدكتورة بدرية البشر: لا، قل الصراحة.
الأستاذ كمال عبد القادر: لا، لن أقولها. لا أدري إن كانت "الاثنينية" تكرّم الروائية أم تكرّم الثورية، والمناضلة، أنا لا أراها أمامي روائية، بل أراها "ثورجية"، لذلك أقول سؤالي في إطار الثورية وليس في إطار الرواية، مهما كتبتم. كتب الرجال والنساء في الكثير من قضايا المجتمع لكن لا يمكن أن يكون الإصلاح في الوطن من الأسفل إلى الأعلى، فالإصلاح يأتي من الأعلى إلى الأسفل، هذا خطأ، أم صح، نختلف أو نتفق، ليس هذا محورنا، لكن القدرة الشعبية ما زالت ضعيفة في مواجهة صناعة القرار لا أريد أن أدخل في السياسة، لكن دعيني أقول إن موقف المرأة.. وأتمنى عليكِ أن تستمري في اتجاهك الثوري أفضل لكِ من حكايات الروايات والقصص، ودعي عبده خال في حاله كي لا يشوّش عليكِ، وشكراً جزيلاً لكِ.
الدكتورة بدرية البشر: بالنسبة إلى التغيير، أعتقد أن الجانبين مهمان، في كثير من المحطات المحورية في المجتمعات. نعم القرار السياسي يجب أن يقود وخصوصاً فيما يتعلق بحقوق المواطن، والتاريخ يشهد على أن تعليم البنات كان قراراً سياسياً، وأيضاً قيادة المرأة للسيارة يجب أن يكون قراراً سياسياً، لكنني أرى أن الوعي الشعبي مهم، والدور التوعوي مهم، ودور المثقفين مهم أيضاً. نحن اليوم رأينا الثورات العربية، لكن في النهاية إن لم يكن يوجد في الثورات وعي مجتمعي، لن يكون هناك وعي فكري. والمطالبة بالحرية لا تعني الفوضى ولا تعني الاعتداء على حقوق الآخرين، ولا تعني تسلط تيار على تيار، وأعتقد أن الثورات العربية كانت درساً. وأنا شخصياً، أعرف أن الثورات تمر بعمر طويل ولكن يجب أن يكون هناك وعي شعبي على الأرض يفهم مثل هذه التحولات، اثنان: أحياناً تكون بعض.. -فاتتني الفكرة التي أريد أن أقولها- إذاً، يجب أن ننتبه إلى أن معظم الجهل العربي هو صناعة مؤسساتية، ولا نستطيع أن نلوم فقط الناس على أنها جاهلة، بل أعتقد أن الدولة العربية في مصر وفي سوريا وفي معظم الدول العربية مارست التجهيل ولم تمارس التعليم، نحن بعد مئة سنة من قيام الدولة المدنية الحديثة، نكتشف أن في مصر لا يزال هناك أناس تبيع صوتها من أجل سكر وزيت، ولا يزال هناك فقراء وأميون. ودعونا نتكلم في هذا النموذج الأكثر وضوحاً على أن الأمية بلغت 40%، هذا الجهل الذي يعيشه الشعب هو صناعة مؤسسات الدولة، وأعتقد أن هناك قاسماً مشتركاً في المسؤولية، يجب أن لا نكون ساكنين، فالتحرك يجب أن يكون من فوق، ولا أعتقد أيضاً أن القرار السياسي يضع يده على خده وينتظر أين تذهب الناس فيذهب معها، المسؤولية مشتركة.
عريفة الحفل: سؤال من قسم السيدات، الكاتبة إلهام محمد حسن بكر، فلتتفضلي.
السلام عليكم ورحمة الله، سؤالي سأدخل به مباشرة، ما هي وجهة نظرك فيما يحدث في مجتمعنا من فرض وجهات النظر المتعددة التي تريد إثبات أن هذا هو الواقع الذي يجب أن تكون عليه المرأة؟ يرسمون لها الحياة كما يرغبون لا كما تحتاجه هي. شكراً.
الدكتورة بدرية البشر: مشكلة المرأة دائماً أنها الحلقة الأضعف، يعني حتى التيارات السياسية إذا أرادت أن تلعب، تذهب وتلعب بموضوع حقوق المرأة، التيار المتشدد عندما يريد أن يرى نفسه أنه ذات تأثير أقوى وشعبي جداً يتجه إلى المرأة، والقرار السياسي عندما يريد أن يبيض وجهه أمام العالم يذهب ويعمل لصالح المرأة، يعني دائماً المرأة هي الميدان حيث يلعبون بصورتها، وللأسف دائماً نخسر الكثير من نتائج الحراك الاجتماعي الحقيقي؛ بسبب أن قضية المرأة تُربط بالسياسة وبالدين، وبالتالي تتحول حقوق المرأة إلى ورقة سياسية، إذا أحبوا أن يجاملوا بها التيارات المتشددة، قالوا ارجعي وادخلي البيت وابقي ساكتة، بينما إذا أحبوا في مناسبة ما وأرادوا أن يثبتوا أنهم يتطورون، يقولون لها تعالي نريد أن نعطيكِ هذا الحق، ونقول للناس إننا أناس متحضرون، هذه مشكلة، ولكن في الحقيقة بغض النظر عن كل هذا، فإن الحراك الاجتماعي هو حراك بطيء جداً، وأعباء المرأة فيه أعباء ثقيلة جداً، فقط يجب أن نعرف أن اليوم زادت أعداد المتعلّمات وأصبح هناك أعداد كبيرة منهن، كما أن هناك عدداً كبيراً من المساهمات في الحراك الاجتماعي، على مستوى خدمة المجتمع، والجمعيات الخيرية، والمؤسسات الثقافية، كما صارت الأعداد كبيرة التي تسهم في النشر وفي الصحافة وفي الأدب، فالمرأة اليوم حاضرة بشكل جيد، لأنه ليس أمامنا غير هذا الطريق، في أن نتقدم المرأة وأن تحافظ على كل مُكتسب، ما أقصده يجب ألا نُصاب بالخيبة وما أريد قوله لم يتحقق الشيء الكبير ولا يمكن تقييمه إلا بعد فترة طويلة. شاهدوا وتذكروا مكتب جريدة الرياض، الذي جئت منه والفاكس، وانظروا اليوم أين نحن الآن، وكيف ارتفع سقف الصحافة؟ وكيف أصبح حضور المرأة في الإعلام ناصعاً وواضحاً وقوياً؟ يجب أن ننتبه إلى هذه المكتسبات، ولا أقول هذا الكلام لأنني عشت هذه النتائج، بل أقولها لأنه فعلاً عندما ذهبت إلى المدرسة لم أكن أعلم أنه منذ عشر سنوات لم تكن النساء يذهبن إليها، كما لم أكن ألتفت إلى الخلف. لكن اليوم كل محطة تجعلني ألتفت إلى الخلف أكثر لأرى أنه يوجد منجز وهذه من آثار التقدم في العمر.
عريفة الحفل: سؤال من قسم الرجال المهندس عبد الغني حاووط، فليتفضل.
السلام عليكم، المهندس عبد الغني حاووط، مهندس معماري. سعادة الدكتورة بدرية في داخلك حصانٌ جامح وأنا معجبٌ بطريقة طرحكِ لمواضيع تهم المجتمع لكنكِ تتحاملين على جهاتٍ معينة يعرفها الجميع وتبالغين قليلاً، في مقالة التحرش بالنساء قلتِ إن شبابنا وحوشٌ في بلادهم وخيّرين على شواطئ الغرب، وهذا يدل على أن التحرش عندنا جريمة وأن الإسلاميين المتشددين عندهم جريمة الدفاع عن المتحرش بلوم البنت بطريقة لباسها المبتذل على الرُغم من أن هذه الملامة أقرتها الوزيرة البريطانية إذا اعتبرتها السبب الأساس للتحرش وعلى الرغم من اختلاف المعايير من بيئةٍ إلى أخرى وختمتها بثالثة الأثافي، فقلت حرفياً المرأة أكثر تهديداً بين المسلمين وأكثر أماناً في فرنسا وأمريكا فما هو ردك؟ شكراً.
الدكتورة بدرية البشر: ذات مرة في الصيف قمت بتوصيل أولادي إلى مدرسة داخلية وجلست أنتظرهم، ثم ذهبت للشراء، فقد كان صيفاً وكان زوجي مشغولاً فلديه تصوير. ثم جلست أنا وأختي والأولاد في المدرسة الداخلية وقررنا أخذ حصص.
كنا نقوم كل يوم صباحاً ونركب المترو إلى وقت العصر وكان لدي طفلة عمرها 6 سنوات وأختي لديها طفلة عمرها 6 سنوات أيضاً. في أثناء الليل، ارتفعت درجة حرارة ابنتي فاتصلت بقسم الاستقبال وقلت لهم: "أريد مُسَكِّناً للحرارة". فقالوا لي: "انزلي أنت إلى الصيدلية". وقد كانت الساعة العاشرة، فقلت لهم: "الساعة العاشرة الآن قالوا لي أبداً! انزلي أنت وما يجري عليكِ فهو يجري علينا أيضاً"...
نزلت وذهبتُ إلى الصيدلية، وصلت إلى هناك وكانت على بعد دقيقتين تقريباً من المنزل، وكانوا قد بدأوا بقفل أبواب الصيدلية فأشرت إليهم بيدي أن انتظروني قليلاً، فقالوا لي: "لا، اذهبي إلى الصيدلية الأخرى التي في نهاية الشارع فنحن أقفلنا والصيدلية الأخرى تفتحُ لوقتٍ أطول وهي على بعد خمس دقائق سيراً". الطفلة مريضة ويجبُ أن أجلب لها الدواء ولكن الشارع الذي سأمر به كله "بارات"، وكله سَكَارَى! فمشينا أنا وأختي بتوجسٍ فيما أن الجماعة أخبروني: "اذهبي والذي يأتيكِ في وجهنا". يظنون أنها بلدهم ويعرفونها، وبينما أنا أمشي كان هناك شارع مليء بالـ(البارات) وبالناس الذين يشربون وكان يوجد سيارة شرطة، فسألتُ أختي أيٌّ هو بلد الإسلام الذي أمشي معكِ فيه عبر هذا الشارع ولا نتعرَّضُ لأي كلمة نابية أو تعرُّض أو في البلاد الإسلامية الأخرى التي فيها المرأة وأنا لا أتحدث فقط عن السعودية لأن هذا الموضوع قد يكون في مصر وفي أي مكانٍ آخر، وحتى لولم نتعرض يقولون لك لا تخرجي لكي لا تتعرضي. فهل يجب أن تخشى المرأة على نفسها في بلدها المسلم وهذا الكلام قلته أمام الملك، بأننا نمشي في بلاد الكفرة ونشعر بالأمان، بينما نمشي في شوارعنا والجميع يحذرنا، ويقول لنا المرأة فتنة والمرأة سوف تُغتصب لماذا؟ هذا بلد الإسلام من المُفترض يعني...!.
ثانياً، يجب على المرأة في المجتمعات المدنية أن لا تُترك لأخلاق الناس فقط، ليس فقط أخلاقنا التي تحمينا. يجب أن يكون هناك قانون وتكون هناك مؤسسات واليوم نحنُ نُطالب بقانون الحماية من الإيذاء، الذي يتصدى له أصوات من التيارات المتشددة، ويقولون إن قانون الحماية من الإيذاء يُبرر الاختلاط، ولكن الناس أصلاً تختلط! والسُّنة في الحياة أن تختلط في الحياة العامة، فهل معنى هذا أنك تريد أن تُكرِّس أو تُشرعن بقاء المرأة تحت التهديد، وتحت التحرُّش. هل هذه هي الوسيلة لإقناعها بأن بقاءها في بيتها خير لها! هذا الكلام ليس صحيحاً طبعاً، ولا يمكن اليوم أن يكون هناك مجتمع مدني وتُصرف مليارات لتعليم النساء ويصلن إلى الجامعات ثم تكون الاستراتيجية أو الرؤيا هي أن تجلس في بيتها وأين في بلاد المسلمين. لماذا؟ لأن الرجُل سيخدش حياء المرأة وسينتهك شرفها أو عرضِها وسيعرضها إلى مشاكل، هناك منطقٌ مِعوج والذي يرى أن هذا المنطق سليم، لابد أن لديه مشكلة في الرؤية.
بغضِّ النظر على أن نتفق أو نختلف على الأقل دعنا نقول رأينا كل واحدٍ يدلي به. أنا لدي رأيٌ وأريد قوله والآخر لديه رأي ويريد أن يقوله ومن حقه أن يعيش رأيه ومن حق من يريد أن يتمتع بهذا النوع من الحياة أن يعيشها ولكن ليس من حقه أن يفرضها على الآخرين، بل يجب أن نحترم آراءنا، لأن حقوق النساء التي هي في الأصل حقوق الإنسان غير خاضعة للتصويت وغير خاضعة لموافقة الأغلبية. المرأة لكي تتعلم يجب أن لا تنال الموافقة بالأغلبية لكي تدخل الشورى، يجب أن لا يوافق على هذا القرار الأغلبية لكي تتمتع بحقها في التنقل وفي عيشها في فضاء عام وتمتعها بفرص عمل متنوعة، كما يجب أن يكون حقها مضموناً أي يضمنه الشرع والنظام ولا ننتظر أن توافق عليه الأغلبية. أعتقد اليوم أننا نعيش متغيرات كثيرة بسبب أن هذا الكلام يُقال والتغيير لا يحدث إلا بهذا الرأي، الرأي العام يتغير بوجود فضاء مفتوح تُشارك فيه جميع الآراء بكل أطيافها حتى الآراء التي ضدك ولكن من حقها أن تتحدث ولكن من دون أن تُقصيك شكراً.
عريفة الحفل: سؤال من قسم السيدات الصالة الداخلية، فليتفضلن.
السلام عليكم، ريما الخلف من التعليم العالي، دكتورة بدرية قرأتُ في أحد حواراتك الصحفية لا أعلم إذا كان صحيحاً أن سبب ابتعادك لمدة عن القصة والرواية هو قلة الجمهور، هل سبَّب ذلك إحباطاً لك؟ وهل هذا الكلام كان صحيحاً أم أنك تعرضين أفكارك سواء لاقت إقبالاً أم لم تلاقِ؟
الدكتورة بدرية البشر: سؤالك مهم جداً، وأنا كنت سأتحدث عن هذه المرحلة ولكن يبدو أنني سهوت عنها. عندما نشرت كتابي مجموعة قصصية لنهاية لعبة أظنها في الـ 91 يمكن الذين قرؤوها 500 شخص فقط، واكتشفت أن الناشر هو في الأخير تاجر يعني أيضاً هناك الكثير من الشعارات، التي يطرحها المثقفون على أنهم في خدمة الثقافة وفي خدمة الأدب، ولكن في الآخر الناشر هو تاجر يريد أن يكسب وأحياناً يفكر في الكسب على حساب نشر الثقافة، ولهذا اتجه الكثيرون اليوم كما ترون من الأدباء أوالقاصين والروائيين إلى أن يكون عندهم زاوية في الصحافة لأن الأديب أو الكاتب أو الذي يتجه للأدب يكتشف أن الكتاب لا يزال مغموراً أو غير مرغوب أو غير شائع أو غير منتشر لأسباب كثيرة الكل منا يعرفها طبعاً، فالصحافة عامل مهم، فهي التي تربط الكاتب بالناس، وهي التي تعرفهم بأفكاره وأنا أعتقد هي أيضاً نافذة جيدة لاستعراض أو لجذب القارئ. فكثير من الناس يشترون رواياتي بسبب وجودي في الصحافة أو زاويتي في الصحف، وأرى أن هذا الشيء إيجابي بأن نسَخِّر الصحافة للأدب ونفيد منها أيضاً.
عريفة الحفل: سؤال من قسم الرجال، من الأستاذ عبد الهادي صالح، شاعر وكاتب صحفي من جريدة الحياة، فليتفضل.
مساء الخير أهلاً بك دكتورة بدرية، وشكراً للشيخ عبد المقصود على هذه البادرة الكريمة في الاحتفاء بالدكتورة بدرية البشر الرمز الأدبي والصحفي في المشهد السعودي والثقافي والعربي على حدٍّ سواء، في ظني أن هذا التكريم هو الأول للدكتورة بدرية في وطنها المملكة العربية السعودية وللحق فإنها تستحق التكريم من المؤسسات الثقافية كلها سواء الرسمية أو غير الرسمية، طبعاً الجانب الأدبي عند الدكتورة بدرية أو الأدب بمفهومه في الواقع هو الارتقاء بلغة الكتابة هذا الذي أختلف عليه، الهدف الأسمى من كتابة الرواية في تصوري لدى الدكتورة بدرية البشر ولغيرها هو إمتاع القُراء، وأنا أعتقد أن الدكتورة بدرية نجحت إلى حد بعيد في إضفاء المتعة للقارئ من خلال رواياتها المختلفة. أما في الجانب الصحفي فالدكتورة بدرية البشر وأنا سبقت وتحدثت معها عن هذا الموضوع في الواقع، جميع ما تطرحه أو الأكثر مما تعبر عنه، يُمثل رأي الغالبية الصامتة في المجتمع يعني لا أعلم ربما تتخوف من العادات أو كذا، طبعاً سؤالي للدكتورة بدرية ألا ترين أن الكتابة عن قضايا المجتمع بمختلف توجهاتها يدخل في إطار النقد الثقافي للمجتمع؟ وشكراً.
الدكتورة بدرية البشر: بالتأكيد، إن الكتابة هي عملية نقدية بالأساس خصوصاً الكتابة الصحفية لكن أعتقد بالإضافة إلى عملية الإمتاع هي عملية تُشير إلى أو تحاول أن تؤسس النقد العقلاني والعقل النقدي وهو العقل القادر على انتقاد نفسه. فأنا عندما أكتب عن المجتمع، يشاركونني هذه الرؤية وهم يحاولون أن ينتقدوا أنفسهم بالدرجة الأولى، يعني عندما أكتب عن العائلة التي تحب الكبسة وكل يوم تأكل كبسة، أنا لا أرى إلا عائلتي لأنها هي التي تأكل كبسة كل يوم، أو الأب الذي يسافر تاركاً أولاده، وواحد منهم زوجي مثلاً، أو إدمان الأولاد على الأجهزة. نحن في هذا مثل السعودي الذي تكلمت عليه، وظاهرة الخروف السعودي، الرجل الذي يتخرفن أعتقد أنها تشبه عملية نبش الأرض المحتاجة إلى التجدد، فعلينا أن ننبشها دائماً، وأن تتعرض للشمس وهكذا أنت، يجب أن تُشاهد ما أنت عليه وتسخر من نفسك وتضحك عليها لأن هذه هي الطريقة الأسلم لتصحيح نفسك. بينما عملية وضع رؤوسنا في الرمل وإنكار ما نحن عليه وتجميل ما ليس جميلاً في كل مجتمع وفي كل زمن عند الرجال وعند النساء هو تصرف غير مناسب. نحن بشر ولسنا كاملين، لدينا نقائصنا وعيوبنا وهذا شرطنا الإنساني أصلاً، فنقصنا جزء من حقيقتنا لكن المؤلم أن لا نعترف بهذا النقص حتى أن مفهوم الحداثة هو أن يتجاوز الإنسان قصوره ولكي تتجاوز قصورك يجب أن تعترف أنك في هذه الجزئية قاصر.
هناك قصة جميلة كنت أفكر بها من يومين، وقد وقع بين يدي كتاب أصدرته مدارس هيئة المعرفة البشرية في دبي وهي مثل وزارة التربية والتعليم، يجمع هذا الكتاب نصوصاً فائزة أخذوها من المدارس، كتب بعضها بالإنكليزي لأن بعض الطلبة انكليزيون وبعضها باللغة العربية لأن الطلبة عرب. جلستُ أقرأ النصوص العربية: "أنا ابن الشمس، أنا ابن القمر، أنا المسلم وهويَّتي وبلدي الذات الكاملة، والهوية التي وصلت حتى الفضاء امتدت من الأرض إلى الفضاء". أمسكت النصوص الأجنبية للطلبة الأجانب الذين يتكلمون على العجوز، الذي رأوه من الشباك وكيف يمشي، والذي يتكلم على لعبته، وعلى الدكان، وعلى تجربة مرَّ بها". هذه ذهنية تمشي على الأرض، وهي واقفة على الأرض تتحسس واقعها وترى نفسها نحن نعيش في المفاهيم، نحنُ لا نعيش التجربة الإنسانية التي نحن عليها، نهتم بطولنا أو قصرنا، سمننا، ضعفنا، وكيفية ممارسة الرياضة. لا، نحنُ أناس كاملون لأننا مسلمون. الإسلام كامل ولكن المسلمين ليسوا كاملين، بل يوجد فرق بين كوننا مسلمين ولدينا مشاكل، الحقيقة نحن بشر في الآخر. وهذه الذهنية التي لاحظتها الذهنية العربية هي ذهنية مغمورة، هناك مفاهيم مخلوقة، وهناك مفاهيم مزيفة أو تمّ اختراعها، إذا كانت غير مُزيفة وتريد أن تصدق بينما الذهنية الغربية أو الذهنية التي تجاوزتنا بمراحل ذهنية تعايش ما هي عليه، تعيش تجربتها فمن هنا مسألة النقد مسألة مهمة، وهذا الذي أتوقع أن نعيشه كل يوم عبر كتاباتنا وصحافتنا.
عريفة الحفل: سؤال من قسم السيدات، على السائلة أن تعرف بنفسها قبل أن تسأل السؤال فلتتفضلي.
السلام عليكم الأخت سعاد الصابوني، سؤالي للضيفة الكريمة هو هل انعكس تخصصك ودراستك في مجال علم الاجتماع على ما تقومين به من أنشطة وأعمال وأنت تعلمين أن المجتمعات العربية كلها تعاني أمراضاً اجتماعية؟ وشكراً.
الدكتورة بدرية البشر: هذا لا يحتاج إلى كلام، لأنني منذ الصباح أحاول أن أثبته، كل كلامنا كان عن الظواهر الاجتماعية. بالتأكيد، أسهمت دراستي في تعميق اهتمامي بالظواهر الاجتماعية، وخصوصاً أنني عملت في الدراسة الأنثربولوجية وهي دراسة تهتم بالمعايشة، فأنت تستطيع أن تقرأ الظواهر عبر معايشة الناس وهذا الذي أراه عبر ما أقوم به في الصحافة وفي الأدب أيضاً. نحن نكتب الرواية ولا نستطيع أن ننتج هذه القراءة النقدية الثقافية إلا إذا تعايشنا مع الناس لأننا نكتب عن الناس ونكتب لهم، وأتصور علم الاجتماع قد ساعدني كثيراً وأثرى حياتي وأثرى أيضاً وعيي.
عريفة الحفل: سؤال من معالي الدكتور مدني عبد القادر علاقي، فليتفضل.
بسم الله الرحمن الرحيم، دكتورة بدرية شكراً على هذا اللقاء الممتع، بصفتك أستاذة جامعية تتعرضين إلى مواقف متعددة من طالباتك كيف تقنعينهن بوجهات نظرك المختلفة وهُنَّ من دون شك ما بين مؤيد ومعارض؟ وهل لك تجارب في هذا المجال؟
الدكتورة بدرية البشر: تجربة التدريس تجربة ثرية جداً وجميلة، عندما كنت صغيرة في سنة أولى جامعة، كان هذا طموحي. عندما يسألونني أقول لهم أريد أن أكون كاتبة وأريد أن أكون أستاذة جامعية، وكنت أفهم أيضاً أن الاقتراب من الجيل الجامعي هو اقتراب من التفكير ومن الوعي ومن العقل وهي إحدى طرق التغيير لكن ما لا شك فيه أن هذه العقول لا تزال طرية، فهي إما تأتي مسحورة بهذا الأستاذ الجامعي الذي أمامها ومستعدة أن تصدق كل ما يقوله أو تتضايق منك إذا لم تعطِ درجات، فتصبح أنت أستاذ غير صالح ولا تفهم وقاسٍ وإلى آخره. فأنت تعيش طبعاً بين هذين الحكمين المتطرفين فهو حكم بحكم السن طبعاً وصغره. لكن الذي أريد أن أقوله عن مهنة التدريس، عندما ذهبت لأُدرّس في دبي، ذهبت ودرّست في جامعة تسمى جامعة الجزيرة وهي تضمّ الأولاد والبنات، ولم أنتبه أنني أُدرس أولاداً، نسيت لأنني أتيت وقابلت رئيس القسم وبعد ذلك إداريين ولم أنتبه أنني لأول مرة أمام شباب، لأن مجتمع الإمارات مجتمع فطري يعني النساء يأتون بعباءاتهن والرجال يأتون بثيابهم وبعصبتهم ولا شعورياً ينقسم الفصل إلى قسمين حيث تجلس البنات في قسم والشباب في قسم آخر بحكم الفتيات خجولات والرجال محتشمون، ما أردت أن أقوله إن هذه التجربة الحقيقية في تنمية المجتمعات العربية والخليجية أن يُترك الناس لأخلاقهم بوجود القانون وبوجود المؤسسة المنضبطة لتحمي حقوق الناس ولتمكنهم. كانت المرأة البدوية تركب الـ"jeep" وتقود السيارة وتأتي وتقف في الجامعة والرجل البدوي يقف عند الجامعة وكلهم يدخلون في فصل واحد لكن الحشمة تقتضي أن يجلس كل واحد على جانب، وأحياناً لا يتحاورون طوال الفصل إلا بحسب المواقف. إما بعد أشهر عندما يكون بينهم مشروع مشترك وأحيانا ينتهي الفصل ولا يتكلمون مع بعضهم بعضاً. ولكن أتذكر عندما انتبهت إلى أنني أُدرّس الشباب، قمت بطرد ولد عندما بدأ يضحك لأنني خفت بسبب وقوف فتاة لتبدأ بعرض ورقتها وكانت في الخلف وكنت أُصر أن تأتي الفتاة إلى أمام الفصل وتقوم بعرض ما عندها، ولكنهن كن خجولات ومترددات جداً وكن يخفن من أن يضحكوا عليهن، يستحين لذا كنتُ أدفعهن دفعاً إلى الوقوف. ولكن عندما بدأ الولد يضحك ويقول كلمات وأسهم في إضحاك الفصل، بدأت أحذّره بأن عليه التوقف والاستماع إلى زميلاته، وقد كان ولد صغيراً فبدأ يضحك فقررت أن أحسم المسألة، فقلت له: "اذهب إلى الخارج". عندها اكتشفت أنني أطرد رجلاً - على الرغم من أن سنه صغيرة - لكني لأول مرة صار عندي صدمة، هذه الصدمة التي أريد أن أقولها لكم هو أنني امتلكت سلطة وأصبحت صاحبة سلطة على الذكور باستثناء بيتي وأولادي ليس لدي سلطة عليهم، ولأول مرة أشعر أن المرأة تستطيع أن تملك السلطة بمجرد أن تنال منصبها الطبيعي لمجرد أني أصبحت أستاذة في الجامعة وتعلمت أكثر من هؤلاء الذكور الذين أمامي، والذين أصبحوا تلاميذي، صرت صاحبة السلطة، هذه كانت الصدمة بالنسبة إليّ، فأين أمي لترى ما قامت به ابنتها، فقد كانت تخاصمنا إذا خاصمنا السائق، وتقول هذا لا يصح لأن هذا رجلاً، فلا تخاصموه فهي تعدّ أن السلطة مهما امتلكتها المرأة لن تتجاوز الذكور.
معالي الدكتور مدني علاقي: الموقف والتجربة التي ذكرتها كانت بين الرجال لكن بين النساء في محاضراتك أمام الطالبات، لابد أن هناك من يعترض على توجهك الفكري ومن يوافق كيف تقفين أمام هذه المواقف؟
الدكتورة بدرية البشر: هي في الأخير مسألة بمثابة معارضة الآراء والأفكار، ليست مسألة سهلة في الفصل الجامعي لسببين، السبب الأول مثل ما قلت هو صغر سن الفتيات، وثانياً العملية التعلمية التي شاهدتها هي عملية عادية، إذ تأتي فقط الطالبة وهي تريد أن تنجح، فليس لديها الرغبة في الإقناع وعرض الأفكار ثم جميعهم ينظرون إلى الساعة ليعرفوا متى انتهاء الفصل لكن يمكن أن نجد منهن واحدة أو اثنتين تناقشان.
قالت لي مرة إحداهن: "أنا ذهبت لأبي وقلت له رأيك وأبي لم يوافق عليه!" فجلسنا نتناقش في الموضوع ولكن من الواضح أن الطالبة تريد مرجعاً، يعني يجب أن يكون لها مرجع آخر غير مرجعها، وهذا أثر العملية التعلمية لدينا، فنحن لا نحتكم لعقولنا، بل نحتكم لعقول الآخرين، فلا أتذكر الآن ولا يحضرني أي موقف كان فيه نوع من الشد والجذب بيني وبين الطالبات لكن أجد أنه لم يكن لديهن هذا الإصرار على رأي مختلف، أتمنى لكن لا يحضرني الآن، وإن كان الحضور يمتلك أي فكرة فليشاركنا إيّاها.
عريفة الحفل: سؤال من قسم السيدات، فلتعرف السائلة بنفسها، فلتتفضلي.
السلام عليكم دكتورة أمل هاشم، مشرفة قسم العلوم السياسية في جامعة الملك عبد العزيز، أشكرك حقيقةً شكراً خالصاً على لقاء ثري. وسؤالي لأي مدى ترين حقيقة نظرية الصفقة الذكورية الخاصة بالمجتمعات الأبوية والتي تتمثل في عبارة أقود زوجي ليقودني هل تعتقدين سعادتك أن هذه مازالت وسيلتنا؟ شكراً
الدكتورة بدرية البشر: ما هو عنوان النظرية؟ ماذا؟
الدكتورة أمل هاشم: لأي مدى ترين حقيقة نظرية الصفقة الذكورية وخضوع المرأة في المجتمعات الأبوية حتى تحصل على مزايا ومكانة في المجتمع؟ شكراً.
الدكتورة بدرية البشر: عندما كنت في الماجستير عملت موضوع رسالتي "تاريخ نجد" أو "الحياة الاجتماعية في نجد" عن طريق حكاياتها الشعبية، ووجدت أنه لا يوجد تاريخ كُتب بشكل ثري عن منطقة نجد حول الحياة الاجتماعية لا الحياة السياسية. وقلت دائماً أن الأدب الشعبي من الممكن أن نستقي منه أو نقرأ منه كيف كانت الناس تعيش وكيف كانت تفكر وما هي القيم التي كانت مرتفعة أكثر. فلاحظت أن أشهر شيء كان دارجاً وشائعاً في الحكايات أو في وصف النساء المكيدة، أن المرأة تتمتع بحس المكيدة أو بعلو هذا الحس أو هذه الصفة لكي تصل إلى ما تريد، ودائماً لكي تُبرهن بأنها أقوى أو أكثر اجتهاداً، فعندما نقرأ في السلوك الاجتماعي، نكتشف أن المكيدة هي بسبب أن المرأة لم تجد طريقاً لكي تصل أو تحقق رغباتها، فتلجأ إلى المكيدة والمكيدة هي شكل من أشكال الذكاء، وشكل من أشكال التفكير لكن الضعيف يلجأ إليه لأنه لم يجد أي طريقة للتعبير عنه بمواجهة، هذه المسائل تنتهي مع الوقت. في يوم من الأيام عندما يكون الذكر تمايزه على قوته البدنية في السويد، بينما لا يحتاج الرجل إلى كل هذه القوة الذكورية لكي يثبت أنه قوي في ألمانيا فرئيستهم امرأة يعني التي وصلت إلى رئاسة الوزراء. في الأماكن كلها أثبتت المرأة من دون هذه القوة قوة العضلات، أنها تستطيع متى ما وُضعت لها الفرص المتكافئة أن تبدأ والمسألة لا تحتاج إلى أن تحتكم للفروق الفردية بين الذكر وبين الأنثى لكن في المجتمعات طبعاً الذكورية أو التي فيها الغلبة للذكور والفرص الأفضل للذكور بالتأكيد أن هناك سلوكيات مَرضية وسلوكيات غير سوية لا تضطر لها فقط المرأة، بل الشرائح الضعيفة كلها تمارس الشيء نفسه سواءً كانوا ذكوراً أو نساء.
عريفة الحفل: سؤال من قسم الرجال الأستاذ الصحفي خالد المحاميد، فليتفضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتورة بدرية البشر أهلاً وسهلاً بك، منورة جدة هذه الليلة، ومنورة "الاثنينية" هذه "الاثنينية"، التي دائماً ما تتحفنا بشخصيات كبيرة ومميزة. قرأت عن الملك الصيني الذي حاول أن يولي أحدهم ولاية فسأله: "ما أول شيء تعمله في ولايتك". قال: "أقوم بإصلاح اللغة"، فاللغة المجتمعية كما تعرفين تشكل في التاريخ خطاباً عاماً وتعبر عن فكرٍ جمعي لو ولَّيناكِ أنت هذه الولاية أي إصلاح اللغة ما الذي تقومين به أولاً ؟ شكراً.
الدكتورة بدرية البشر: في إصلاح اللغة تحديداً؟
الأستاذ خالد المحاميد: اللغة المجتمعية الخطابية.
الدكتورة بدرية البشر: والله سؤال صعبٌ جداً، أعتقد يمكن عن طريق التربية والتعليم العمود الفقري لإصلاح اللغة المجتمعية يعني من دون هذه المؤسسة لا يمكن أن تصلح اللغة المجتمعية، بالإضافة إلى ذلك، وإن كنت قد فهمت السؤال جيداً أن التعددية في اللغة مسألة مهمة.
عريفة الحفل: السؤال من قسم السيدات على السائلة أن تعرف عن نفسها، فلتتفضلي.
السلام عليكم، ميسون عبد الغني حاووط، مهندسة كمبيوتر، سعادة الدكتورة بدرية البشر تصفين المجتمع بالمجتمع الذكوري والمتسلط، وتقولين إن المرأة ليست ضعيفة حقيقة بل مستضعفة وإن المجتمعات الإسلامية تقصيها وتهمشها مثل فرض المحرم عليها أثناء سفرها لحمايتها، والذي تلفظينه وتعتبرينه انتقاصاً لها في الواقع، لا يعدّ هكذا، لأننا نجد هذه المرأة ذاتها عندما تقع في حادثة جلل، تركض بشكل غريزي خلف الرجل وتحتمي به لعلمها أنه الأجدر بالمواجهة لحمايتها، إذاً لماذا نعاند الشرع الذي جاء لصالح المرأة وموافقة لطبيعتها ومؤثرة لحياتها فما رأيك في هذا؟ وشكراً.
الدكتورة بدرية البشر: إذا كانت المرأة تحتمي بالرجل لأنها تشعر بالتهديد والخطر فالعلاج ليس هو أن نكرس بقاء المرأة في مواجهة الأخطار لكي تبحث عمّن ينقذها. نحن لا نتحدث عن مجتمع يشبه مجتمع الغاب أو مجتمع إذا خرجت المرأة فيه ستصبح نهبًا للاعتداءات سواء الاعتداءات البدنية أو الاعتداء على كرامتها أو قيمتها أو تهديد أمنها النفسي، إذا كنا نريد أن نكرس هذه الصورة فنحن نكرس صورة مجتمع متوحش، مجتمع الغلبة فيه للقوي، وبالتالي هذا المجتمع قد يكرس أيضاً أشياء كثيرة، معناها الذي يغلب هو الذي يمتلك السلطة. نحن نريد أن ندافع عن وجود مجتمع إنساني يعيش الجميع فيه إن كانوا مواطنين أو مواطنات بكرامتهم، ونحن لا يمكننا التحدث عن ضعف النساء فقط، لأنّ النساء فيهن ضعيفات والرجال فيهم ضعفاء، نحن لا نريد أن تكون النساء في الصف الأول نحن فقط نريد أن تتمكن المرأة من الفرص التي تحرِّض مكامن القوة والإبداع والذكاء داخلها ومتى ما امتلكت هذه المهارات وامتلكت فرص تنميتها تتقدم لتفيد نفسها أولاً وعائلتها ومجتمعها. نحن لسنا في مجتمع من يغلب الثاني، وأنا لا أدافع عن المرأة لكي تضطهد الرجل ولا أدافع عن الرجل أو أهاجمه لكي يصبح ضعيفاً، بل أريد أن نكون مجتمعاً من الأقوياء نساءً ورجالاً، ومجتمعاً من الأذكياء ومن الماهرين. ليست مسألة معركة بين الرجل والمرأة، ومن الذي يجب أن يأخذ حقوق أكثر، الجميع يجب أن يحصلوا على فرص متساوية والقادر على أن يفيد أكثر، فمن حقه أن يتقدم سواء كان رجلاً أم امرأة.
وختامًا، أحب أن أقول الرجال هم أهلنا، هم آباؤنا وأزواجنا، ونحن نسهم في قوتهم وهم يسهمون في قوتنا، وهذا الكلام الحقيقي الموجود على الأرض، نحن من دون هذه المساندة والمشاركة لا يمكن أن نحقق أنفسنا. لا الرجل يستطيع أن يحقق نفسه ولا المرأة تستطيع أن تحقق نفسها يعني يجب أن نتوقف عن تصوير المسألة وكأنها معركة، المعركة الحقيقية هي معركة بين توحُّش وجانب مستضعف، أي إدانة لاستخدام القوة باتجاه الآخرين والمسألة لا علاقة لها لا بالذكور ولا بالإناث شكراً.
عريفة الحفل: سؤال من قسم الرجال الباحث الإعلامي الأستاذ مشعل الحارثي، فليتفضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد. أرحب بضيفتنا الكريمة لهذه الليلة وبهذا الجمع البهي، وسؤالي الفيلسوف الفرنسي فولتير تحدث عن الأفكار المُسبقة باعتبارها مفسدة للعقل واتخاذ القرار الشخصي والمجتمعي على أسس مُبيَّتة وقديمة قد تؤدي إلى تهميش دور العقل وخَلق واقع مضطرب يحرم البشرية من التطور والارتقاء فكيف تتعاملين ككاتبة وروائية مع مثل هذه الأفكار المسبقة والمتزمتة التي تقودنا دوماً إلى الخلف وليس إلى الأمام؟ أيضاً كيف تتخلصين من الرقيب الذاتي قبل الرقيب الرسمي عند ممارسة الكتابة؟ شكراً لكم.
الدكتورة بدرية البشر: شكراً، سؤالك أيضاً ممتع وجميل. أتصور فعلاً هذا الفكر المؤدلج الذي هو أزمة حقيقية في فكر الذهنية العربية بشكل عام، وهو يتلخص عندما تناقش أحداً تقنعه وتكون معك الدلائل كلها، التي تشير على أن الأمور تمشي بهذه الطريقة وليست بهذه الطريقة يقول لك ولكن ولو!. هو لا يمتلك الدليل لذا يقول لك لكن ولو!.. وهو لا يعرف، بل يجد نفسه في طريق وفي زاوية من الصعب أن يترك الناس ما عاهدوه هو التقدم إلى مناطق جديدة، تحتاج وتتطلب شجاعة لأن الإنسان يفقد طمأنينته عادةً مع المجهول أو مع الجديد، وبالتالي كثير من الناس يؤثرون الأمن والطمأنينة في مقابل عمليات التغيير وهذه موجودة عند كثير من المجتمعات، نراهم يعيشونها، وواحدة منها ما يتعلق بموضوع قيادة المرأة للسيارة فيقول لك "ولكن يا أخي ولو.."، المرأة تقود في الكويت، وزوجتك تقود في الإمارات فيقول أجل، ولكن في السعودية لا يمكنها ذلك. فنحن عندنا دائماً الخوف من الجديد والخوف من التجربة والتقدم للأمام ولكن أعود وأقول العقل النقدي يجب أن يتكون مع الطفل في المدارس، وأنا أعتقد أن حلَّنا أو علاجنا الحقيقي يبدأ من المدرسة ومن نظام تعليمي قادر على تحفيز العقل وعلى التفكير وعلى الابتكار فالحفظ لا ينتج مبدعين والتلقين لا ينتج مفكرين العملية من الصعب أن تكون هكذا، عندما يكون الإنسان شاباً في منتصف عمره فلا أحد يخاطر بالطمأنينة.
عريفة الحفل: سؤال من قسم السيدات الطالبة سارة كمال أبو طوق، فلتتفضلي.
بسم الله الرحمن الرحيم أولاً أحب أن أشكر الدكتورة وأن أشكر مؤسس "الاثنينية" الشيخ عبد المقصود خوجه على هذه الأمسية. سؤالي من خرج أولاً من جسدك عندما بدأ يتفتح الشاعرة أم القاصة؟
الدكتورة بدرية البشر: ظهر الاثنان مع بعضهما، ولكن أتصور أن الذي كتبته ليس شعراً، بل كلاماًَ مُقَفَّى ولا أعتقد أنه وصل إلى مرحلة الشعر، وبعد ذلك كتبت قصة البنت الفقيرة التي تحب الولد الغني يعني أيضاً بإمكانك أن تقولي عبارة عن فيلم هندي لكن أعتقد أن وعيي قد تفتح على قصة مُنجزة حقيقية كانت هي القصة، وكنت أقول دائماً أن النساء يتّجهن أكثر إلى القصة -مع أن الشاعرات سيغضبن مني- لكن حقيقة النساء يجب أن يكنَّ عاقلات ومرتبات ومهذبات وغير صريحات جداً، فيتجهن نحو القصة والرواية أكثر، بينما الشاعرات هن أكثر شجاعة منا لأنهن يتقدمن لمناطق أكثر جرأة.
عريفة الحفل: سؤال من قسم الرجال، الباحث في الأدب والاجتماع الأستاذ عبد المجيد الزهراء، فليتفضل.
السلام عليكم أُثنِّي وأُثني على ثناء الشيخ عبد المقصود لك يا سعادة الدكتورة عندما قال لكِ لقد قلت فأوجزت وأحسنتِ بما قلتهِ لا يمكننا الحجر على الفضائيات وإنما الواجب تحصين المجتمع، وهذه المقولة سمعتها مراراً وتكراراً في هذا المِحفل الطيب المبارك من معالي الدكتور المرحوم محمد عبده يماني -رحمه الله- وهذا رأي أيضاً كثير من العلماء المتنورين، السؤال هل المجتمع الآن والمدرسة والبيت قادر أو أنه يقوم بمهمة التحصين؟ شكراً لكِ.
الدكتورة بدرية البشر: بما أنني أمتلك تجربة طويلة في الاحتكاك في الأمهات وفي التربية أيضاً، أتصور أننا نعيش أزمة كبيرة في عملية خلق الحصانة، فنحن مجتمع استهلاكي ضعيف تجاه التقنية وتجاه استخداماتها، أيضاً كلنا كآباء وأمهات قادمين من تجارب تربوية مرتبكة الطفرة ما زاد المشكلة بمعنى أنه أصبحنا نمتلك القدرة على الشراء في مواجهة تقنيات تحتاج إلى الضبط بالإضافة إلى أننا نمتلك مواقف أو بالأحرى هذه التربية المضطربة جعلتنا عاطفيين أكثر، أنا اليوم أرى أننا نعيش أزمة العصر الاستهلاكي من دون أي قدرة على التحصيل، فلا المدرسة قادرة على مد أو صناعة مناهج تنمي شخصية منضبطة ومنظمة تجاه استهلاكها، والعائلة أيضاً أصبحت رخوة تجاه تدليل وتجاه التقليد وتجاه الارتياح إلى مظاهر الرفاهية أكثر. لا أريد أن أكون كالناس الذين دائماً يتحسرون ويقولون نحن لدينا مشاكل، وقد أصبح الإنسان ينتمي إلى الجهاز أكثر مما ينتمي إلى البشرية، ولكنني أتصور أنه يجب علينا أن نكون يقظين تجاه هذه الهجمات، ليس باعتماد عمليتي المنع والحظر، فأنا ضدهما، لأن ذلك يربي ولا يخلق شخصية ناضجة، ولكن أنا مع التنظيم والوعي بمخاطر الأشياء وتقنين الاستخدام سواء نحن ككبار أو صغار. لكن للأسف تجد الأم واضعةً رأسها في الجوال وابنها مع الجهاز والعالم أجمع أصبح أسير هذه التقنية ونحن ضحايا أكثر من المجتمعات التي أنتجت هذه التقنية. فاليوم تجد في أمريكا الذي يدخن هو الشخص القروي أي غير المتحضر، وتنظر إليه الناس على أنه إنسان جاهل لا ترميه بتهمة أخلاقية، وهي التي تصدر لك السجائر. والشيء نفسه هي التي تدر لك الأجهزة، بينما أطفالهم ليس لديهم أجهزة، فالطفل عندنا يكون عمره سبع سنين ويمتلك جهاز "بلاك بيري وآيفون". هم يصنعون الأجهزة ونحن نغرق في استهلاكها، وبصراحة نحن نعيش في رخوة حقيقية سببها ليس فقط أن البيت ضعيف، بل سببها غياب نظام تعليمي حقيقي وقوي.
عريفة الحفل: سؤال من قسم النساء فلتطرح السائلة سؤالها وتعرف عن نفسها فلتتفضلي.
الأستاذة بدرية السلام عليكم ورحمة الله، مساء الخير لكل الحضور، نعيمة سمرقندي سيدة أعمال، سؤالي ربما حساس قليلاً فقد كثر اللغط والحديث عما حصل لك في مطار قطر فما هو موقفك أو ما هي الحقيقة؟ وشكراً.
الدكتورة بدرية البشر: مُنعت من دخول الكويت في المطار، حدث هذا الأمر ومُنعت من إلقاء محاضرة في جامعة قطر وكل هذا جاء بعد حصولي على الجائزة، تفسيراتي الشخصية التي رأيتها لأن هناك دائماً تفسيرات أخرى ربما سياسية بأن جماعة الأخوان في قطر شعروا بالكيد بسبب جائزة الإمارات، وأرادوا أن يحبطوها لكني سأترك هذا الفضاء. لقد دُعيت من قسم اللغة الانكليزية والإعلام بعد حصولي على الجائزة باعتبار أنني امرأة خليجية ألقي محاضرة لطلبة الجامعة وقسم الإعلام لكي يروا ما وصلت إليه، وكنت قد أسميت المحاضرة "أخلاقيات الإعلام الجديد" كيف اليوم بمواجهة الفضاء الحر لكن يجب أن تحكموا الأخلاقيات وخصوصاً بعد رؤيتنا ظواهر الهجوم في تْوِيتَر على الناس والسب والشتم والتعدي على الأعراض وأشياء أخرى كثيرة لا تتناسب، يعني يجب أن تكون هذه الاستخدامات لها أخلاقيات، وهذه الأجهزة صحيح لا أحد يستطيع أن يحكمها ولكن يجب أن يكون هناك نظام يتصدى لهذه التجاوزات، وبعد ذلك قبل المحاضرة بليلة انتبهت أنه يوجد "هاش تاق" على تْويتَر ضدي يقول لا لبدرية في جامعة قطر، وكانت هذه التغريدة واحدة من مظاهر تويتر، وقد اعتدنا على ذلك الهجوم عليك في تويتر ثم وجدت "هاش تاق" آخر يقول نعم لبدرية في جامعة قطر، فقلت حسناً، أصبح هناك اثنان من "الهاش تاق" سأنام الآن وغداً سيكون كل الخير. قمت صباحاً وجاءتني مكالمة هاتفية أنه لا يمكنني أن أحاضر في الجامعة لأنه يوجد طلبة قدموا للجامعة طلباً بعدم تواجدك، ونزولاً عند رغبة الطلبة تم منع المحاضرة وتأجيلها طبعاً كالعادة، والذي أسهم في "الهاش تاق" هم من جريدة حسب ما قيل لي أنها محسوبة على التيار الإخواني وكان ترويجهم للهجوم عليّ هو نص مقتطع من رواية هند والعسكر، قيل فيه إنني أُسيء للذات الإلهية، فعندما كتبت مقالاً، وطالبت أن أتعرّف بهؤلاء الطلبة فاكتشفت أنهم نشروا بعد ذلك بيانهم. عندما قلت لهم إن هؤلاء قوى ظلام، فقالوا نحن لسنا قوى ظلام، بل نحن هؤلاء الناس فوجدتهم قد نشروا بيانهم أو عريضتهم الذي يعترضون فيها عليّ، وكانوا عشرين طالباً، والجامعة كان فيها ثمانية آلاف طالب فليس من الديمقراطية أن تحقق مطالب عشرين طالباً إذا هذه الديمقراطية. ثانياً تحدثت مع رئيسة القسم عندما جاءت وتحدثت معي، وقلت لها: "لو كنت مكانكِ أطلب من العشرين طالباً أن يأتوا وأؤمن لهم الصفوف الأولى لكي يتحدثوا معي ولكي نتحاور، إذ لا يمكن أن نحاكم ممثلاً في المسلسل لأنه قتل مثلاً، ولا يمكن بمجرد أن نراه في الطريق أن نعتدي عليه أو نسيء له ونحاكمه لأنه قام بدور مجرم مثلاً، هذا العمل الروائي يجب أن لا نحاكمه أولاً فقهياً ويجب أن لا يُسقط أو يُعدّ أن ما قيل على لسان البطلة على الرغم من أنه لم يقل، ولا يوجد فيه هذه الإساءة التي تصوروها. الفتاة تريد أن تقول إن هناك تربية اعتمدت على الترهيب أو التخويف بصورة الله بأنه يلاحق ويعاقب وهي مورست عليها عندما كانت طفلة فهي أصبحت تخاف أو أصبحت تعتقد دائماً أنها هي مطاردة، فهذه المسألة لا تريد أن تعكس أو تريد أن تسيء إلى صورة الله تعالى، لكنها تريد أن تقول إنه مُورس عليها نوع من التخويف والإرهاب بحيث أن هذه التربية أُسيء استخدام الدين فيها وهي حقيقةً ما يحدث. نحن دائماً نُرهب الأطفال وندخل لهم مفاهيم مرعبة، نعتقد أنها هي ستجعلهم يُصلون ويُحبون الله، هذا شيء غير حقيقي، لأن الطفل يمكن أن تقوده إلى العمل الصالح أو العمل الجيد بمحبة الله ويجب أن لا نقحم الأطفال في مفاهيم بهذا الشكل لأن عقولهم لا تزال غير مستعدة لهذا الفهم وهذا الأمر وجهة نظر في الأخير، ولا أعتقد أن فيه أي إساءة".
أيضاً مُنعت من دخول الكويت، ومن دون سبب طبعاً، المشكلة لا تُعلن الأسباب عادةً ولكن هناك لغطاً وأيضاً قيل إنه بسبب هند والعسكر وبسبب هذا المقطع وأنا قلت لهم إن هنداً والعسكر تُباع في السعودية، ولا يوجد أكثر محافظة على الدين مثل بلدنا والرواية تُباع في جرير وفي مكتبات السعودية ومُجازة من وزارة الإعلام، فهذه أعدّها نوعاً من المزايدات.
عريفة الحفل سؤال من قسم الرجال: الصحفي بندر المسلم، فليتفضل.
تحية طيبة دكتورة أنا بندر مسلَّم من صحيفة الوطن، طبعاً لدي أسئلة كثيرة لكن الأنظمة هنا تمنع ولا يحقّ لي إلا بسؤال واحد وسوف أستغل هذا السؤال من ناحية الصحافة، أنت تحدثت أن في جيلكم كنتم تعانون في الصحافة مسألة تغييب الحقيقة في الوقت الحالي كيف ترى الدكتورة بدرية الصحافة في السعودية هل أنها صادقة أو أنها تعطي انطباع الحقيقة أو أنها مُغيبة للحقيقة؟
الدكتورة بدرية البشر: والله أنا أرى الصحافة السعودية تعيش انقلاباً على مستوى درجة التعبير، فما حدث اليوم أو ما نعيشه في الصحافة السعودية نعدّه انقلاباً حقيقياًَ في درجات رفع سقف التعبير، والدخول إلى مواقع وقضايا لم تكن لتُلمس لكن بالتأكيد إذا نظرنا لها بشكل أوسع لا ننسى أن الصحافة اليوم أمام تحدي الفضائيات التي أيضاً لا يمكن اليوم حجبها أو تكميمها، بمعنى أنها أمام تحدّ ومنافسة أمام وسائل الإعلام الجديدة. دفعت هذه المسائل كلها بالإعلام إلى أن يتقدم، وأتصور أننا نعيش فعلاً نهضة صحافية مهمة في صحف تتمايز عن الأخرى ودرجة التمايز أو معايير التمايز هي قدرتها على رفع السقف وهذا دائماً يكون لصالح المواطن ولصالح خدمة القضايا وإيصال الحقيقة.
سؤال من قسم السيدات الصيدلانية هند:
وراء كل رجل عظيم امرأة وأعتقد وراء كل امرأة عظيمة رجل أيضاً، فهل للأستاذ ناصر القصيبي دور في تشجيعك وإبداعك؟
الدكتورة بدرية البشر: أنا أول رجل ساندني وكان له دور حقيقي في بناء شخصيتي كإنسانة أولاً وككاتبة هو أبي ومن فضل الله عليّ أيضاً عندما تزوجت وجدت رجلاً يدعمني أيضاً ويؤمن قبل الدعم بحقيقتي وبكينونتي وبوعيي ويزيد علي ويحرسه ويحميه كما كان يفعل أبي الحمد لله أنه فعلاً كنت محظوظة بأن "ناصر" كان هذا الرجل بالإضافة إلى هذا التفهم وهذا التقارب بين كونه فناناً وأنا أيضاً أعمل بالأدب، وما كان له الأثر الكبير في تقريب وجهات النظر بيننا إيمان كل طرف بدور الآخر، كما كان نجاح كل طرف يسعد الطرف الآخر، وهذه الحمد لله نعمة عظيمة أشكر الله عليها.
عريفة الحفل: سؤال من قسم الرجال الصحفي أحمد ذهب، فليتفضل ومعه نختم آخر سؤال لليلة، إذ كان لدينا أسئلة كثيرة ولكن نعتذر لكل من طرح السؤال وإن شاء الله تُسلم الأسئلة إلى ضيفة الأمسية لكي تجيب عنها ونختم بالذهب والسؤال الأخير له.
دكتورة لقد تحدثت كثيراً عن الواقع المرير الذي تقريباً عاشه المجتمع العربي والإسلامي حول أحداث سبتمبر وحول حرب الخليج هل هذه الأحداث على الرغم من فداحة أضرارها كان لها ثمرات في تغيير المجتمع مثلاً في حركة التغيير ونبذ القديم وبالتالي كما يقولون رُب ضارة نافعة فهل كان لها هذا النفع تقريباً؟
الدكتورة بدرية البشر: طبعاً بالتأكيد، يعني المثل الذي يقول أنت لا تعبر النهر مرتين يعني أنت في كل تجربة تمر فيها لا تعود الشخص نفسه، فكثير من الأقدار والأحداث لا نختارها وتكون مؤلمة وصادمة ونتائجها سلبية لكن بالتأكيد تدفعنا لأن نتغير ولأن ننضج ولأن نراجع حساباتنا وأتصور أن أحداث الحادية عشرة من سبتمبر كان لها أثر كبير في الاعتراف بأن التطرف هوس وشكل مرضي فكري لا يمكن أن يقود إلا إلى ما قادنا إليه وهذه هي نتائجه، فقد قادنا إلى كثير من المراجعات والأحداث العربية أيضاً تعيد تشكيلنا وتضعنا أمام عقلية جديدة، وليس لدينا خيار إلا أن نتغير بالتجاوب مع هذه التجارب.
عريفة الحفل: نعتذر طبعاً لكل من لم نطرح سؤالهم والأسئلة إن شاء الله سوف تسلم للدكتورة للإجابة عنها كما عودناكم دائماً.
 
طباعة
 القراءات :270  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 116 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج