((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطاهرين وصحابته أجمعين. |
الأستاذات الفاضلات، والأساتذة الأكارم. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
إن العبور من بوابة علوم الاجتماع التي تخصصت فيها ضيفتنا الكريمة، وصولاً إلى مرافئ الكتابة الأدبية السردية والقصصية، لا يتطلب بطاقة مرور إلى فضاءات الكلمة الجميلة، فبينهما بطبيعة الحال من الوشائج اللصيقة ما لا تخفى على كثير من المهتمين بالأدب، والنقد، والفكر. بدأت أولى مراحل كتابة القصة، ولما تبلغ العاشرة، فكان ذلك حافزها للدخول في مسابقات تنافسية في الإبداع الإنشائي المدرسي، ومن ثم الجامعي، فحصدت إقبالاً وتشجيعاً ودعماً معنوياً، وخطت خطوات أخرى في مجال التمثيل، فأدت ببراعة أدوارًا ومشاهد كوميدية على المسرح الجامعي. ألقت بظلالها على اختيار شريك حياتها الذي حرص على مؤازرتها ومعاضدتها، كتبت ضيفتنا الكريمة بقلم المتمرس المقال الصحافي، ونسجت بنول إبداعاتها أكثر من اثنتي عشرة رواية وقصة، أحسب أنها نالت استحسان الكثيرين، فأضحت روايتها التي أصدرتها العام الماضي "غراميات شارع الأعشى" قاب قوسين أو أدنى من البوكر العالمية. مسيرة مفعمة بالعطاء، شقت ضيفتنا الدكتورة بدرية عبد الله مسفر البشر دروبها، فمرحباً بها في هذه الأمسية. |
يلاحظ المتتبع لمقالات ضيفتنا الكريمة تنوع موضوعاتها، التي تتعامل معها بمفاتيحها المختلفة، وأساليبها الخاصة في إدارة دفة الحديث بما يتناسب مع كل مقال، عبر مشوارها الطويل في الصحف والمجلات المحلية (اليوم) و(اليمامة) و(الرياض) و(الشرق الأوسط) وحالياً (الحياة)، فالمقال الصحفي يمثل لديها فضاء واسعاً، وألقاً ممتداً، تبحر عبر أمواجه المنسابة أحياناً، والمتلاطمة أحياناً أخرى، غير خائفة بما تطرحه وما تبثه من أفكار، ورؤى، وتصورات، وما تثيره من مواضيع اجتماعية جريئة وصريحة، قاست بسببها الكثير من العنت، والمشقة، ولكنها آثرت استمرارية الركض في ذات الطريق، إيماناً منها بتعبيرها عن نبض المجتمع بجميع فئاته وشرائحه، وتطلعاته، وهمومه، وشجونه، وخصوصاً شقائقه اللاتي تزعمت قضاياهن، وتناولتها بكثير من التدفق الموضوعي الجاد، بقليل من السخرية، وكثير من المهادنة، ونراها في أغلب الأحيان ترمي بأحجار صغيرة، أوكبيرة وفقاً لما تراه مناسباً لتحريك المياه الراكدة، وخصوصاً عبر زاويتها المقروءة بجريدة "الحياة" اليومية بعنوان (ربما)، مثيرةً وروداً أو سهاماً حول ما تكتب من وقائع واقعية ملتصقة بحياة الناس وقضاياهم ومتاعبهم، وإن كانت تعمد في بعض مقالاتها إلى إعمال مبضع يجرح ولا يدمي، يغضب ولا يبكي، ولكنه في نهاية المطاف يفرض ذاته ووجوده، فكم هي مشغولة في كتاباتها بالهم العام تثير اهتمامات القراء، بإثارة قضايا اجتماعية تشاكسية شائكة، فتنبري لها أقلام بعض المهتمين بالتعليق، والتشريح، والنقد، وفي نهاية المطاف لا يفسد الخلاف للود قضية، طالما أنها تكتب عن الأغلبية الصامتة، التي وجدت في قلمها خير تعبير، يعكس همومها، وآلامها وآمالها، وبطبيعة الحال فإن قضايا المرأة، على كثرتها وتشعبها، حظيت بنصيب وافر في إطار تناولها الجاد والدؤوب كقضايا الأسرة، والتعليم والطب، والزواج، والطلاق، وما يستجد على ضفافها أحياناً مثل تكافؤ النسب، وقيادة المرأة للسيارة وغيرها. |
الكتابة عند ضيفتنا الكريمة كما تراها مهنة خطرة، تحسب بمقاييس متعددة، وتطرق من زوايا يراها القارئ ويترجم ما بين سطورها حسب ثقافته وفكره ومنهجه في الحياة، فالكاتب يظهر بأفكار مجردة من الإكسسوارات، والرتوش، والموسيقى التصويرية، تعمل على كشف منهجه ونظرته للحياة، فضلاً عن أنها ترى للأدب الغربي محمدة في توجيهها للكتابة بأسلوب واضح وبسيط، بعيداً عن التقعر والاستعراض الإنشائي، الذي يذهب بلب القضايا المهمة، التي ينبغي أن تعالج بأسلوب قريب من متناول الذهنية العادية. |
تمتاز روايات ضيفتنا الكريمة بأنها تصوير للواقع المعاش بكل تفاصيله، ومنعرجاته، ومثالبه، فهي كثيراً ما تلتقط صوراً سلبية أو ايجابية، تمر أمام عدسة عينها، تكفيها لإشعال فتيل الخيال الممنهج تغذيه بمخزونها المكتنز، كما أن الأحداث التي تقع على أرض الواقع تمثل خميرة مذهلة للخيال والفن والإبداع، ما يجعلها تميل في معظم كتاباتها إلى الواقعية، وإن كانت تعمد أحياناً إلى الرمزية الأنيقة، ولكن بقدر ما يخدم العمل الإبداعي، الذي تعمل من أجله. |
تبقى الرواية بالنسبة إليها حياة موازية، تعايش شخصياتها، تعيش معها، تشم رائحة جدران الطين حين تصور أمكنتها، تسمع أصوات دفوف الأعراس، ترقص مع بطلاتها في الرواية، تشاطرهم الهزج والنحيب والصخب والهدوء، تكتب عن حياة الحواري الشعبية، تشعر بأن المكان بطلها الحقيقي، فتحتفظ بذاكرة قديمة لأماكن وأناس شاهدتهم، وهكذا تمضي في عالم الروايات والقصص. أما عن "البوكر" فترى ضيفتنا الكريمة أنها صارت دليلاً ومرشداً لنوع من الروايات والروائيين الجيدين، بأن منحتهم آمالاً عريضة للخروج من عزلتهم الثقافية إلى رحاب أكثر شعبية وإنسانية، وهذا ما يفسر وصولها إلى قائمتها الطويلة كأجمل خبر يهدى إليها مطلع هذا العام. |
أتوقف إلى هنا عن سرد هذه الإضاءات، متيحاً الفرصة لضيفتنا الكريمة، لتكمل لكم بطريقتها الخاصة بقية حلقاتها في سياحة أحسبها ماتعة، على أمل أن نسعد سوياً الأسبوع القادم بتكريم الأستاذ الدكتور إبراهيم السعافين، الذي رفد المكتبة العربية بأكثر من 30 مؤلفاً في مجالات النقد والأدب والتاريخ، الحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الأدبية والإسلامية، قادم لاثنينيتكم خصيصاً من الأردن الشقيق، فأهلاً وسهلاً ومرحباً به وبكم. |
طبتم وطابت لكم الحياة. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
عريفة الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه مؤسس هذه الاثنينية، وقد ألقى الآن كلمته الترحيبية بفارسة هذه الاثنينية. |
الكلمة الآن للأستاذة الإعلامية الشاعرة حليمة مظفر لديها كلمة لضيفتنا الكريمة، فلتتفضلي. |
|
|