شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الأستاذ الدكتور حامد الرفاعي))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وكرَّمه بنعمة العقل والإرادة والاختيار، الحمد لله الذي كرَّم أمتنا فبوأها مواقع الوسطية بين الأمم، وشرَّفها بمهمة الشهود الحضاري على الناس، وأصلي وأسلم على سيدنا وإمامنا وقدوتنا رسولنا المصطفى محمد بن عبد الله، رافع لواء العالمية العادلة، ورائد العولمة الراشدة في الأرض، وصاحب رسالة أنسنة الفكر والثقافة والمعرفة، وأصلي وأسلم على آل بيته الأخيار، الأطهار، الأبرار، وعلى جميع صحابته الغر الميامين الأبرار، والسلام عليكم أنتم أيها الأحباب الأبرار في هذا اليوم الطيب المبارك وفي هذا الحفل البهيج في اثنينية الفكر والأدب والمعرفة.
هذا اليوم الذي نبتهج به ونحتفل به بأخٍ كريمٍ عزيز، قادم إلينا من دولة الإمارات العربية الشقيقة، وكما سمعتم في ملخص سيرته الحافلة بالنتاج الفكري والمعرفي، هو أديبٌ وقاصٌ وروائي، فمرحباً بك أخي الحبيب، باسم روّاد الاثنينية من المفكرين والمثقفين والإعلاميين نرحب بك في هذا المنتدى الفكري المعرفي المتألق فأنت بين إخوانك وزملائك من المفكرين والأدباء والعلماء والإعلاميين والوجهاء، وجهاء المجتمع ورجال الأعمال، كلنا نحتفل بك ونرحب بك أخاً حبيباً من دولة حبيبة.
أيها الأحباب، أعيش كما تعيشون حالة المسيرة الثقافية العربية والإسلامية والعالمية أيضاً، ولكن ما يقلقني في متابعة هذه المسيرة الثقافية هو اضطراب المفاهيم واختلال الموازين الثقافية والفكرية والمعرفية وما يعكس ذلك من سلبيات على سلوكيات أجيالنا وربما سلوكياتنا نحن أيضاً، وما "يزيد الطينة بِلة" كما يقال إن الفضاء اليوم يضخ علينا مطراً ثقافياً معرفياً خطيراً متنوعاً، وإنني كلما أستمع وأتابع هذا الضخ الفضائي الغزير من التنوع الثقافي والفكري أشفق على أجيالنا، وأشفق على نفسي أيضاً وعلى أمثالي، كيف نتعامل مع هذا الضخ الثقافي المعرفي المتنوع الذي يكاد لا يحصى، والذي ينتقل بأفكارنا وأذهاننا من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، ويعلو بنا وينخفض بنا، وأجيالنا تتابع وتلتهم هذه الأفكار، والتحدي الكبير لك أخي أيها الحبيب القاص الروائي ولنا جميعاً، كيف نتعامل مع هذا الضخ المعرفي السمائي الكبير؟ - سماء البشر أقصد - هذا المطر الذي فيه الغث والسمين، التحدي الكبير أمامنا فكيف نتعامل مع هذا الضخ الثقافي؟ كيف نحصّن أنفسنا؟ لا أقول نمتنع، أنا ضد الامتناع، نحن أمة مفتوحة في ثقافتها فيما تُصدر وبما تستقبل، ولكن المشكلة والتحدي الكبيرين كيف نصنِّف هذا الضخ الفكري؟ كيف نرتّبه؟ كيف نكوِّن مناعة ثقافية؟ لا امتناع عن الثقافة، أكرر هذه العبارة، كيف نكوِّن مناعة ثقافية؟ وكيف نبني لأنفسنا ولأجيالنا قدرة على التعامل مع هذا الضخ المعرفي بإيجابية تعكس الشيء المفيد والمثمر لأمتنا ولمسيرتها الحضارية؟
الشيء الآخر والحقيقة الذي أحب أن أنوّه عنه في هذه المناسبة، أنّ "الاثنينية" وأنا من روّادها ومن تلامذتها وشهادتي قد تكون مجروحة ولكن لا بد أن أقول كلمة، أنا لا أعرف محفلاً عالمياً عربياً أو إسلامياً أو دولياً يقوم بهذه المهمة الجليلة وهي توثيق النتاج الفكري والمعرفي لأعلام الإنسان، الإنسان العربي والمسلم وحتى العالمي، هذا التوثيق وهذا الرصد عملٌ فريد تتفرد به (اثنينيتكم) الجليلة، وفي الفلسفة يقولون: (الإلفة تُضعِف الإحساس)، ربما نحن لا ندرك كثيراً هذا العمل الجليل. لكن ستأتي أجيال وتتذكر هذا وتقرأ عن هذا وتعرف قيمة هذا العمل الكبير، نحن نتحدث عن صالون (العقاد) وهو صالون جليل، ولكن صالون العقاد وأمثاله من الصالونات الجليلة عندما عرفناها وتعرفنا بها وحضرنا بعضاً من جوانبها، عرفنا أنّها صالونات اعتنت بجوانب إقليمية وطنية، ولكن هذه "الاثنينية" تحدت هذه الحدود، أي الحدود الوطنية والإقليمية والعرقية والقومية، فهي الآن محفل عالمي.
هذه كلمة لا بد أن أشيد بها وأثبِّتها وأوثقها هنا في هذه الكلمة. كما أقترح على أخي الأديب المفكر الكبير الأستاذ عبد المقصود خوجه صاحب هذه "الاثنينية" ومؤسسها، وعلى الجميع أن نجعل ندوة في إطار نشاط "الاثنينية" لنتدارس مسألة الضخ الفكري والمعرفي القادمة علينا من الفضائيات، وكيف نضع تصوراً وتوجهاً من أجل التعامل مع هذا الضخ المعرفي الكبير بشكل موضوعي وبشكل علمي وبشكل إيجابي، بحيث لا نغلق الأبواب ولكننا ننقي ونصفِّي ما يرِد إلينا وفقاً لثقافتنا ووفقاً لتقاليدنا ووفقاً لهويتنا ووفقاً لكل ما هو متصل بحضارتنا.
الشيء الذي أختم به وهو: نحن نتحدث كثيراً ونكتب كثيراً، وأنا مثل ما هو شأنكم أيضاً أتابع كل ما يُكتب وكل ما يُقال بقدر الاستطاعة، والذي يخيفني الآن أن هناك بروز تيارات ملغمة في ثقافتنا، بروز تيارات فكرية قد لا أبالغ إذا قلت إنها مدمرة، وبالتالي نحن بحاجة –من دون أن نصنف ومن دون أن نسمي- إلى أن نتنبه إلى هذا الضخ الثقافي في سوقنا الحضاري الثقافي وأن نراجعه بهدوء وبموضوعية وبعلمية و "الاثنينية" مثل غيرها من المنتديات، من المحافل الفكرية المعنية أيضاً بأن نضع تصورات عن كيفية التعامل مع هذه الظواهر المخيفة.
ختاماً، أيها الأحباب أكرّر باسمكم ترحابي بالأخ العزيز، الأديب، والمفكر، وأكرر شكري وتقديري لسعادة الأخ الكبير الأستاذ عبد المقصود خوجه على هذا العطاء وعلى هذا الجهد وعلى هذا البذل الكبير في تأصيل مفردات ثقافتنا وأدبنا وتوثيقها، وأؤكد الكلمة التي قالها نحن بحاجة إلى الفلسفة وبحاجة إلى الرواية وبحاجة إلى الفكر، وبحاجة إلى النص الشرعي وإلى النص الإنساني، فنحن أمام تكامل بين النص الشرعي والنص الديني والنص الثقافي والنص البشري، نحن أمة متكاملة، أمة ذات رؤية ثقافية، وحضارية والتي عبَّرت عنها بأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء يحمل رسالة أنسنة الفكر والثقافة والمعرفة، كانت الثقافة سابقاً حكراً على أقوام بعينهم أو على أعراق بعينهم أو على ديانات بعينهم فجاء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ورسول الإنسانية ففتح الأبواب وأعلن رسالة أنسنة الفكر والثقافة والمعرفة: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً [الأعراف: 158]، صدق الله العظيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، والشكر والتقدير مكرراً لكم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ عبد المقصود خوجه: في الوقت الذي أشكر أخي الكريم الأستاذ الدكتور حامد الرفاعي، لم أتوقع أن يكون الحديث عن "الاثنينية" أو عن ما أحاط بها من سرد للأفكار وتداعيها والثقافات وما يحيط بنا وما يجب علينا وما يحق لنا، كنت أتمنى مع الشكر الموصول له وللإخوان كافة الذين سمعت منهم عن بعض ما أشار إليه، أننا نحن بحاجة الليلة إلى أن نكرِّس هذه الأمسية لضيفنا القادم إلينا خصيصاً ونسمع عنه ونسمع حول ما كتب ونشر وما هو فيه لنلقي الضوء أكثر على الجوانب التي نحن بحاجة إليها، ولعلي هنا أجد من المناسب إذا يوافقني أخي المفكر الأستاذ عبد الله منّاع على إلقاء ما لديه حول هذا الموضوع.
عريف الحفل: تفضل الدكتور عبد الله.
 
طباعة
 القراءات :407  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 97 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.