((الحوار مع المحتفى به))
|
|
عريف الحفل: شكراً، ننتقل الآن لقسم السيدات والزميلة الأخت نازك الإمام للترحيب بضيفنا من قسم السيدات، وليكن السؤال الأول أيضاً من عندهن، تفضلي. |
الأستاذة نازك الإمام: شكراً لك أخ محسن، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
أصحاب المعالي. |
أصحاب السعادة. |
السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
ضيفنا الليلة هو من يمثل البيئة الثقافية الصحية بامتياز، ينفعل ويتفاعل معها بروح أدبي وناقدٍ واعٍ وحلم إلى حد بعيد، وهو يتمتع بروح جدية صارمة كأنما يحمل على كاهله مخاضات الثقافة والمثقفين في أصقاع الأرض كلها، عبر ما يتناوله من دراسات نقدية، فمرحباً بفارس “الاثنينية” سعادة الأستاذ الدكتور سليمان علي الشطي القاص والناقد والباحث قادماً إلينا الليلة من دولة الكويت الشقيقة، ولنبدأ بطرح الأسئلة من قسم السيدات بداية مع الأستاذة نعيمة سمرقندي، وهي سيدة أعمال ومتطوعة للجمعيات الخيرية، فلتتفضلي. |
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مساء الخير للجميع، الكويت معروفة على مستوى الدول العربية بتقدمها في مجال الأدب والمسرح والفن على جاراتها، وفي السنوات الأخيرة نزلت مسلسلات بكم هائل وفي عدد من القنوات، وتقريباً 80% إن لم يكن أكثر تمثل واقع حياة المجتمع الكويتي من انحلال ومخدرات وما إلى ذلك، ومشاكل لا حد لها ولا حصر، وبالتالي تنقل صورة أو بأخرى حياة هذا المجتمع إلى الخارج، كلنا يعرف أن المجتمع الكويتي وجه آخر مشرّف ومشرق، أنت أستاذ لك وزنك والمجتمع يشهد لك ذلك، سؤالي: لماذا لا نرى منك أو مثلك من النقاد يصححون ما تنقله هذه المسلسلات الكويتية أو الخليجية؟ وشكراً. |
الدكتور سليمان الشطي: شكراً للأخت الفاضلة، وقد مسّت جرحاً حقيقياً، وهذا هو عيب من عيوب النزعة التجارية، القضية ليست قضية أن هذا المجتمع كويتي أو أي مجتمع عربي آخر، نحن أُذكِّر سيدتي، بما كنا نعتقده عندما نشاهد الأفلام المصرية في الأربعينات أن المصريين هكذا، نساء عاريات، أماكن غير محترمة، إلى آخره، بينما عندما ذهبنا وجدنا أن الأمر مختلف تماماً ليس بهذه الصورة، فكذلك الآن الذين يكتبون هذه الأعمال والمسلسلات مع الأسف الشديد، هؤلاء لا يمكن أن ندخلهم في قطاع الأدب ولا قطاع الثقافة، وغالبيتهم يأخذون أفكاراً يصوغون عليها أعمالاً تُسوق تجارياً، ولا تعتمد على البعد العميق، وقد ناقشت سابقاً قبل مدة ليست بعيدة، هذا الموضوع في رابطة الأدباء في إحدى الندوات، وحسب ما تفضلتِ به من أن هذه الظواهر ليست هي الغالبة ولا وجود لها بالصورة التي نراها، وحتى الصحافة الكويتية كتبت وناقشت الموضوع نفسه، ولكن رأيي أن تحذيرك في مكانه، والأمر يحتاج إلى تصدّ فعلاً حقيقي. |
عريف الحفل: سؤال من هنا من الأستاذ خالد المحاميد. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذه أمسية ماتعة وجميلة وقد أدهشنا الدكتور فيما قدمه من أسئلة، فأنا أسمي هذه الأمسية باثنينية الأسئلة، أستاذي الكريم أنت طرحت الكثير من الأسئلة وهي أسئلة وجودية وفكرية، واحدة من قصصك كنت تتحدث فيها عن رجلين أعميين على جسر في بغداد يتنافسان أحدهما في حب عليٍّ والآخر في حب معاوية، وأنت نهيت القصة بشكل رمزي أو توفيقي بأنهما كانا بعد كل ليلة يجتمعان ويتقاسمان المال الذي حصلا عليه، لو أعدت كتابة هذه القصة اليوم هل تنتهي بهذه الخاتمة؟ شكراً. |
الدكتور سليمان الشطي: بالعكس أنا أصر على هذه الخاتمة والسبب: ما تم ذكره هو قصة تراثية صغيرة معروفة بنيت عليها القصة، وهي أخذت مساحة وهمية، هما اثنان من المحتالين يستدران عاطفة الناس، أحدهما يجلس في طرف الجسر الذي يمر عليه أتباع ما نسميهم بـ (الشيعة) أو أتباع الإمام، وفي المقابل الجزء السني عند جامع أبي حنيفة، فهنا يكثر السنة وهنا يكثر الشيعة، فهذا جالسٌ يتكلم على الإمام حتى يستدر العواطف، والآخر على الإمام أبي حنيفة، وفي آخر الليل يتفقان ويوزعان ما بينهما، إذاً هما تآمرا للعبث بعواطف الناس، وأنا أقمت القصة على شخصيتين من هذا النوع ولكن وفق الرداء الحديث الذي يحاولون أن يستدروا أو يهيجوا عواطف الناس، فأرى أن الختام الموجود أو أن المعالجة لا تزال فعلاً تنطبق على ما نلاحظه الآن في حياتنا الآنية، حتى أن أحد الزملاء كتب عن هذه القصة بالذات وقال: ما كتب سنة واحد وثمانين هي استشراف لما يحصل في سنة ما بعد الألفين. |
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات، تفضلي نازك. |
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذة زينب الأحمدي، من تطوير المدارس في مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، فلتتفضلي. |
القاص والناقد الكبير الأستاذ الدكتور سليمان علي الشطي، أسعد الله مساءك، حيرتنا بإبداعك القصصي المؤسس لجيل ورؤاك النقدية المؤثرة في أجيال وأجيال، وقامتك الأدبية الفاعلة في محيطنا الثقافي الكويتي والعربي، وبما أنّ الليلة ليلتك فقد حيرتنا أكثر بالأسئلة المنطقية في دراستك النقدية، سيدي كثيراً ما تم طرح سؤال إشكالي، هل استطاع النقد في الساحة الثقافية العربية أن يشكل حركة فاعلة حتى الآن؟ وهل في سبر الواقع النقدي الراهن ثم الإجابة قاطعة؟ كثيراً ما كانت الإجابة تأتي بالسلب المتردد، وكيف تُمسك بتلابيب الإشكالية التي تجعل من الساحة الثقافية العربية لديها الكثير من المبدعين والقليل من النقاد؟ |
الدكتور سليمان الشطي: هذا حق، والمشكلة الكبرى أيضاً أن النقاد أصبحوا الآن ينافسون المبدعين من جهتين: من جهة أنه يمارسون الكتابة الإبداعية مباشرة، ومن جهة أخرى: يقولون إن النقد هو فن آخر، وأعتقد أن هذه الرؤية هي سبب من أسباب تدني المواكبة النقدية أو تأخرها، أنا -وأعوذ بالله من كلمة أنا- وجهة نظري دائماً تقوم على أن الناقد هو قارئ يفتح جماليات النص وليس معادياً له، لو أخذنا بهذه الفكرة لاستطاع النقد عندنا أن يتعامل مع النصوص بحب، لا نقول حباً منساقاً ولكن حب المستكشف، أن تُقْدِم على النص، عليك أن تحبّه وإلا لا يمكن أن تفهمه أو تعجب به، أو تترصد به. مشكلة النقد عندنا مترصد في النية أو مترصد في المنهج، من ذلك أصبح هناك نوع من الانشطار أو الابتعاد، لو كان حب النص ومعالجته من هذه الزاوية، لاستطاع النقد أن يتوالد ويكثر، لذلك تعيش النصوص بيننا يتامى، لا أحد يكتب عنها وأنا نفسي أعاني هذا الأمر، يعني لست بعيداً عن ذلك. أنا أعانيه كما يعانيه غيري، الإنسان لا يكتب عن نفسه كما تعلمون، ولكن عندما يكتب نصاً يبحث عمن يعطيه شيئاً، يكتَب عما كتبته في الأدب أكثر مما كتبته في الإبداع، وهذه إشكالية بالنسبة إليّ أنا أيضاً، أعتقد أن النقاد في الساحة الأدبية اعتبروا أنفسهم سلطة فريدة عالية مُنْبتة، ولذلك كان هناك نوع من الانفكاك عن النصوص إلا في حالات معينة تكون بعض الانتماءات الروحية تحرك النقد، ولذلك فليس لدينا مواكبة حقيقية على الرغم من أن عندنا من الأقلام الناقدة ما يمكن الإنسان أن يفخر بها بوضوح تماماً. |
عريف الحفل: سؤال للأستاذ مشعل الحارثي. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد. نجدد الترحيب بضيفنا الكريم القادم إلينا من دولة الكويت الشقيقة، وسؤالي: من خلال استقراء مسيرتكم الحافلة المتعددة الجوانب وتجربتكم الأدبية الثرة هل يرى ضيفنا الكريم أن الكتابة بعدد من الأجناس الكتابية الإبداعية هو تشظٍ أم تكامل للذات المبدعة؟ أم أن النص يأتي وليد اللحظة التي يعيشها الكاتب وما يصاحبها عادة من شروخ وقلق وانفصام وتداخل مع الحريات الداخلية ومتطلبات الواقع واللغة؟ شكراً لكم. |
الدكتور سليمان الشطي: شكراً للسؤال، كما نقول السؤال في صميم الصميم، وفعلاً الآن ما تسمى بالأجناس الأدبية تساقطت، وليس هناك جنس أدبي، بل أصبح لدينا نص كما يقولون، وأعتقد أن الزمن أو العصر قد فرض نفسه على الكتّاب أنفسهم، وليس عندنا فقط، ولكن حتى في كثير من البلدان أصبحت الآن تجاور الشعر والرواية والكتابة الإبداعية غير المنضوية تحت لواء من اللواءات فقد صارت حالة تجريد، ولذلك كما تعلم أخي العزيز أنهم استعانوا أو لجأوا إلى استخدام كلمة نص بدلاً من استخدام كلمات، التي هي دائماً نقول عنها رواية أو قصة أو غيرها، أصبحت كلمة نص منفتحة تماماً، ولذلك أعطت فرصة ليتكئ عليها الكتّاب في الكتابة، لا بأس من تداخل الفنون لكن أرى أنه لا بد أن تكون كما قال عبدالله بن سلام أنه من غلبت عليه صفة الشعر.. فعندما تكون روائياً يجب أن تغلب عليك صفة الروائي، فإن كنت شاعراً يجب أن تغلب عليك صفة الشعرية، يعني عندما تكتب شعراً قصصياً فأنت شاعر قبل أن تكون كاتب قصة، يعني الفن الغالب عندك يجب أن يكون.. لا أفرط في الشعر في سبيل الرواية، ولا أفرط في الرواية في سبيل أن أدخل فنوناً أخرى. |
عريف الحفل: قسم السيدات فليتفضلن. |
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذة سميرة سمرقندي، فلتتفضلي. |
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحباً بابن الكويت الحبيبة، ضيفنا الكريم ليس بسرّ أن الأدب والفن والإبداع الكويتي كان سبّاقاً بين الدول الخليجية حتى وصل إلى مستوى عالٍ وراق، ومع حرب الخليج تراجع كل ذلك حتى اعتقدنا أنه لن يعود لعقود، سؤالي: كيف تعافى المجتمع الثقافي الأدبي الكويتي حتى عاد شامخاً وأفضل مما كان؟ وشكراً. |
الدكتور سليمان الشطي: شكراً أختي العزيزة، أولاً أنا أحب أن أشير إلى أمر مهم جداً، وهذا الأمر كتبته مباشرة بعد التحرير، يعني في سنة 92 مباشرة كتبت كتيباً صغيراً أسميته: "رسالة إلى من يهمه أمر هذه الأمة"، ونُشر هذا المقال في مجلة "العربي" ثم بعد ذلك تم تطويره ونُشِر بلغات متعددة. الجوهر الأساسي الذي أنطلق منه هو أن الكويت عربية ومنزعها العربي الإسلامي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتراجع أو ينكسر أمام أي هجمة غادرة أياً كانت، ولذلك عرضت المآسي كلها، التي مرّت علينا بحكايات موثقة، ولكن قلت علينا أن نواجهها بعقلانية، لا أن نصفح صفح الملائكة ولكن أيضاً لا نكون من العبيد لفكرة انتقام أو فكرة أنك تعيش في حالة طارئة تقضي على الروح الحقيقية، أنا كنت سعيداً جداً بهذه الرسالة لأنها لاقت صدىً ليس لي، فقد كانت سؤالاً بالنسبة إليّ، لكن صدى عند كثير من الناس من الكويتيين وغير الكويتيين وأيضاً من الأجانب، فنحن مجتمع لا نريد أن نحقد على أحد، ومن ثَم سرعان ما تلاشت ردة الفعل تلك، وعاد الناس مرة أخرى ليمارسوا حياتهم، طبعاً هناك أخطاء وهناك دروس كان يمكن أن ينتفع منها من مرحلة الاحتلال لكن هذه قضية أخرى، إنما بهذه الروح روح الانتماء إلى هذه الأمة العربية الإسلامية وإن جاءك جرحك من أخيك فإن الأخ الآخر هو الذي ضمد جرحك. |
عريف الحفل: سؤال للأستاذ غياث عبد الباقي. |
بسم الله الرحمن الرحيم، استمتعنا وأنتم تقومون بتشريح بعض النصوص وقراءتها النقدية، وطرح السؤال تلو السؤال، وهذا الأسلوب الجذاب يذكرني بالدكتور عبد الله الغذامي الذي كثيراً ما يستخدمه في محاضراته الثقافية، السؤال سعادة الدكتور: المتابع لساحة الأدب في السعودية والخليج خصوصاً والوطن العربي عموماً يلاحظ انحسار فنون القصة والشعر والنقد مقابل طغيان فن الرواية، فلا يمضي يوماً إلا والمطابع تقدم لنا رواية جديدة، وأصبح لكل مواطن رواية، فما رأيكم بهذا الواقع الأدبي؟ شكراً. |
الدكتور سليمان الشطي: لا أدري، ربما استسهال كتابة الرواية كما يتوهم بعضهم أن الرواية سهلة الكتابة وسهلة النشر والانتشار، وهذا ما أدى إلى هذا الفيض، حقيقةً هناك مشكلة نواجهها نحن ليس في الكويت فقط، ولكن البلاد العربية عموماً وتخصّ الشعر، نحن أمة الشعر ولكن إلى الآن لا نحب أن نقرأ الشعر، نحب أن نسمعه، لذلك لا أحد يشتري دواوين، والدواوين لا تطبع إلا على نفقة أصحابها. بينما القصة القصيرة هي أخت الشعر، فيها نوع من التركيز، وفيها نوع من اللحظة المباشرة بينما الرواية فيها راحة المستريح كما يقال، ودخل العشرات والعشرات إليها. وفي الحقيقة، ما نلاحظه من زحف الرواية هو ليس زحفاً لفن طيب، بل أكثره الهمج الهامج منه أو الكثير منه هو غثاء كغثاء السيل ولا أحد يكتشف ذلك لأنها منتشرة، نحن قبل فترة بسيطة كان عندنا معرض الكتاب، وهناك دار..، هناك كاتب وزّع عشرين ألف نسخة في أربعة أيام، وروايته رواية ليس لها أصل ولا فصل، بينما هناك روايات من أروع ما يمكن لكتّاب ممتازين، لم توزع حتى 50 أو مئة نسخة، إذاً نحن نحتاج إلى توعية، وهنا يأتي السؤال السابق أختي حول أن النقد له دور كبير في تحبيب الناس في القراءة وترغيبهم، لو أن النقد قام بدوره في التوجيه نحو الفرز، لعرفنا ما هي الروايات التي تستحق أن تُقرأ، وما هو هذا العبث الذي يستحق أن يُنحّى، ولوصلت الرسالة إلى الناس وكانت رسالة بنّاءة، هنا تقصير النقد كما أشارت أختنا قبل قليل. |
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات فليتفضلن. |
الأستاذة نازك الإمام: سعادة الأستاذ الدكتور سليمان علي الشطي بما أننا ما زلنا في الرواية، اسمح لي بهذا السؤال باسم جميع الحاضرات، ماذا تخسر الرواية حينما تتحول إلى مسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي وماذا يضيف لها هذا التحويل؟ شكراً لكم. |
الدكتور سليمان الشطي: يضيف إليها شيئاً واحداً ويخسرها أشياء كثيرة، فالفيلم أو المسلسل يشجعان على قراءة الرواية، ولكن قيمتها الفنية لا يمكن أن تدرك إلا بقراءة النص نفسه، يعني هذا ما يسمى بـ "نَص على نَص"، أي ليس هو الأصل، لأن جماليات الفن هي الدقائق الصغيرة التي يكون فيها (الطبخة) أي النكهة الجميلة في الرواية، ومن الصعب أن ينقلها الفن السينمائي. وقد خطر على بالي الآن أمر مهم في رواية (الحرافيش) لأنهم لم يفهموها قطّعوها إلى عشر قصص، جسّد كل فيلم قصة واحدة، علماً أنها عمل متكامل، الألف متصلة مع الياء. مع ذلك، قدّموها سينمائياً في عشر حكايات، كل حكاية بأبطال مختلفين وفيلم مختلف وكتابة مختلفة، إذاً هذا لا يضيف شيئاً إلا فقط أنه يقوم كما نقول بين قوسين (دعاية للرواية تشجع على قراءتها). |
عريف الحفل: بما أن قسم السيدات انتهى من الأسئلة وأنا لدي مجموعة الحقيقة لا أدري أيسمح الوقت باستعراضها جميعاً؟ ولكن من المفترض أن يكون وقت الأمسية انتهى، سنضيف إن شاء الله نحو عشر دقائق إلى ربع ساعة إلى أقصى حد، وليسمح لي من لم يصله الدور بإلقاء سؤاله سنأخذ حسب الوقت المتبقي فقط، الآن السؤال مع الأستاذ منصور السيد أكرم. |
بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً نشكر الأستاذ سليمان الشطي على هذه الأمسية الحلوة ولا ننسى مجلة (العربي)، التي كانت تدخل كل بيت مثقف بمواضيعها الجميلة وبصراحة بسعرها الجيد جداً، سؤالي: كانت هناك قصة اسمها "رجال تحت الشمس"، فهل حوادث القصة وقعت في الكويت أم لا؟ هذا هو سؤالي شكراً. |
الدكتور سليمان الشطي: القصة التي ذكرتها هي لغسان كنفاني، وهي ليست حقيقية بالصورة التي عرضها، لكن طبعاً التقط الكاتب زاوية وأقام عليها روايته، جزء من الحكاية صحيح كما وصل إلينا، بأن هناك رجالاً يعتمدون (أسلوب التهريب) والدخول غير المشروع إلى البلد، وقد وقعت الحكاية مع جماعة إيرانيين ولم يكونوا فلسطينيين، دخلوا الحدود الكويتية في حامل الماء أو ما نسميه سيارة حمل المياه، فأدخلهم السائق في الصنبور، لتقضي الشمس عليهم. |
يقال إنها قصة إيرانية التقطها غسان كنفاني، وقد أقام في الكويت، لأنه يدرس اللغة الإنكليزية هناك، وعمل صحفياً في الكويت أيضاً، فالتقط القصة وحوّلها لتجسّد الفلسطينيين القادمين، فهناك شق حقيقي فيها وهناك شق فني مركب فيها. |
عريف الحفل: سؤال للدكتور أشرف سالم. |
بسم الله الرحمن الرحيم، سعادة الدكتور قدّمت لنا اليوم نموذجاً متميزاً في الانسياح العربي بطريقة تقديمك واهتمامك بتجربة الأدب عربي في بلد غير بلدك تشريحاً وتحليلاً وربطاً بالماضي ونقداً علمياً. هذا الأمر كان موجوداً ومتنامياً منذ مدة، حيث لم تكن وسائل التواصل فيها بهذا القدر. نحن الآن كلنا عرب، ومجتمعاتنا مفتوحة على بعضها كما تفضلت السيدة، التي تحدثت عن المسلسلات الكويتية والمصرية والأردنية، ونعيش داخل بيوت بعضنا الآخر، وبيننا من وسائل التواصل الحديثة على الأنترنت والجوالات وغيره ما كان ينبغي أن يقرّبنا أكثر، ولكن نجد أننا في هذا الزمان الذي حدث فيه هذا التواصل بكل أنواعه، صرنا أكثر تشرنقاً على أنفسنا في حدودنا المحلية، شكراً. |
الدكتور سليمان الشطي: الأخ العزيز قدّم تعليقاً، نحن أمة واحدة وبعد ذلك الثقافة العربية لا يمكن أن تستوي إلا إذا نظرت إليها نظرة كلية، نحن لا نسمع أغاني بلد مثلاً من دون بلد آخر، ولا نستمتع بكتابة عربية في بلد من دون آخر. أولاً، أحاطنا القرآن الكريم بلغته، فصارت شخصية هذه الأمة من الأقصى إلى الأقصى واحدة، وشعورها متقارباً، ومن ثم يعدّ الفن وحدة واحدة، وأقصد هنا الفن عموماً، أي الفن المكتوب والمسموع والمرئي وغيره. ومن هذه الوحدة تتوحّد هذه الأمة، فلا يجب أن تكون عين الواحد منا محصورة في مكانه أبداً، يجب أن ننظر إلى الأدب العربي كما كانوا ينظرون إليه منذ ألف سنة. |
عريف الحفل: سؤال من الأخ حسن الكندي. عرّف بنفسك يا أخي الكريم، فالاسم غير واضح. |
السلام عليكم، رئيس نادي الاستثمار الإبداع العماني ورئيس نادي الاستثمار الإبداع السعودي، فتح الله عليك فتوح العارفين دكتور وسؤالي: كيف نقدر أن ننشر ثقافة الأدب العربي بين الشباب؟ |
الدكتور سليمان الشطي: لا أملك إجابة عن هذا السؤال، كيف ننشرها؟ لكن هناك نقطة واحدة أقولها لك إن عليك أن تخاطب الشباب بالطريقة التي تصل إليها، ويمكن أن تصل من خلالها، يعني وسائل الاتصال الحديثة ضرورية جداً، لا بد أن نكون على اتصال ونستخدم كل وسيلة شريفة وطيبة وجيدة، لكي نصل إلى مخاطبة الناس بعقولها ووسائلها. أعتقد الآن بفضل هذه الوسائل أصبح الشباب عندنا أكثر ميلاً إلى القراءة، فقد بدأوا يجلسون ساعات طويلة، أليس هذا الكلام بصحيح؟ على الأقل بدأ الشاب عندنا يمسكون ويكتبون ويسمعون ويقرؤون، لذا، أقول إن تعويد الإنسان على القراءة مفتاح للقراءة الجادة، أنا متفائل من هذه الزاوية فقط علينا أن نستغلها لكي لا تذهب سدىً كما نلاحظ عند كثير ممن يستخدمها الآن. |
عريف الحفل: سؤال للمهندس عبد الغني حاووط. |
السلام عليكم، سعادة الدكتور سليمان في وقتنا الحالي عندما يُذكر المسرح تُسرع ذاكرتنا إلى مسرحيات خالدة ظلت تُعرض لسنوات طوال، لكن في وقتنا الحالي لم يعد يُرى لمعان نجم المسرح في سماء الثقافة كما كان سابقاً فصار الحضور قليلاً، فما رأيكم في سبب أفول نجم المسرح هل يعود الأمر إلى طغيان التقنيات الحديثة من شاشات كبيرة وصغيرة أم بسبب ندرة النصوص؟ وشكراً. |
الدكتور سليمان الشطي: هناك أسباب كثيرة، وهناك أسباب مستمرة، وأنا أحب أن أقول أن هناك أيضاً.. وأنا شاهد على ذلك، لأنني أحضر مهرجانات وأُدعى إليها، ومنذ أسبوعين كان عندنا مهرجان في الكويت وهو مهرجان تجريبي، وكانت النصوص المعروضة من أجمل ما يمكن، لكن المشكلة تكمن في أن طغيان الوسائل الحديثة واستسهالها للعروض ليست هي العروض المتميزة التي تقدّم لأيام قليلة بين الناس، وأنا لا أزال أرى أننا كما نعوّد الإنسان على شيء، يجب أن نصنع جمهوراً. وقد قدمت مذكرات بهذا الأمر أن علينا كما نصنع فناً، أن نصنع جمهوراً، لا بد أن نعمل على عروض منظمة وعروض محددة ودعوات تبدأ بأعداد قليلة ولكن بعد ذلك تكون منطلقة. ومرت بنا تجربة، أذكر أنها كانت في الستينات، لبعض مسرحياتنا التي يُطلق عليها أنها ذات نزعة جادة وكانت تفشل فشلاً ذريعاً، لكن مع الإصرار وبعد مرور سنوات علينا بدأ الجمهور يأتي ويأتي وأصبحوا أصدقاء للمسرح حتى امتلأت المسارح ووصلنا مرحلة السبعينات لا نستطيع أن نغطي الكراسي للمسرح، الذي كان قبل سنوات قليلة لا أحد يُقبل عليه، حتى كانوا يسمونه بين قوسين (مسرح المعقدين)، هؤلاء أنفسهم أصبح لهم حس تجاري. إذاً يجب أن نعوّد الجمهور على الأمر، وقد يحتاج أيضاً إلى أن نبذل له مجهوداً، مع الأسف مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية لا تحاول أن تجذب الجمهور الجيد ولكن تطرح المادة أو الغذاء الفاسد فليأكله من يأكل، ومن ثم نلاحظ هذه العروض التي هي المقصود بها فقط جذب.. وقد لعب أصحاب التجارة المسرحية لعبة غريبة جداً، إذ رقصوا في وسط السلم، أصبحوا يأخذون أعمالاً تسمى أعمال الأطفال أو ما هم فوق السن.. منتصف الطفولة أو الطفولة المتأخرة، وهذه من خلال بعض الرعب وغيره تجذب الناس، فجذبوا معهم آباءهم، لأن الأب لا بد أن يذهب، فأصبح لدينا جمهور مرغم، الأب لوحده لا يذهب ليشاهد المسرح، ولكن يذهب ليشاهد المسرح مع ابنه الذي روّج له. |
نحتاج فعلاً إلى جهد لصناعة جمهور، وهذا الجزء جزء ثقافي وليس ترفاً، وعلى مؤسسات الدولة والذين يهتمون بالثقافة مثل مجلسكم الجميل واجب وهذا دورهم. |
عريف الحفل: سؤال للدكتور محمد محمد حامد أبو نواس. |
شكراً سيدي الدكتور، بالنسبة إلى الإضاءات والأروقة التي أدخلتنا فيها، أنا دكتور جراح بعيد عن كل هذا وإن كان اسمي أبو نواس، لكنني بعيد عن الحسن ابن هانئ، الموضوع من الماء إلى الماء ونحن في غربة، ففي العلوم الإنسانية تجد أن الطبيب لا نراه في الأدب العربي، ونعدّه غريباً، يعني متى الوصول... الشعر والمسرح هما الأداة التي توصلنا إلى بعضنا؟ وتوصل المبادئ والتقارب والشفافية، فأين الطريق؟ |
الدكتور سليمان الشطي: تذكرني بسؤال طرحه عالِم إنكليزي ( غاب اسمه عني) في منتصف الأربعينات، في مقالة مشهورة سماها (الثقافتين)، هو عالِم فيزياء أو علوم، يقول:" أنا صباحاً مع أُناس يتكلمون لغة وأنا في المساء أديب مع أناس آخرين يتكلمون لغة أخرى". وكتب مقالة مهمة عن الثقافة، حقيقةً أننا نحتاج إلى أن نُفهِم الطرفين أن كلاهما لا يكتمل إلا بالآخر، وأنا دائماً أضرب مثالاً بسيطاً جداً، أقول: الآن جهاز التلفزيون أمامك، هذا الجهاز من حيث الصناعة علم، صنعه علماء في الصوت والتوصيل وغيره، ولكن هل هو عبارة عن جهاز فقط أم أهميته تكمن في بثّه للثقافة، هو لا يكتمل إلا بالإثنين، ومن ثم فنحن في حياتنا نحتاج إلى الجانبين وإلى الطرفين، وأعتقد أننا نضحي كثيراً إذا أحد الطرفين _ لن نقول تجاهل الآخر _ ولكن لم يسعَ إلى جذب الآخر. |
عريف الحفل: السؤال الأخير وبه نختم هذه الأمسية للأستاذ فاخر الصديقي. |
أولاً أشكر الأستاذ الدكتور سليمان الشطي على هذا الحضور وعلى هذه الأمسية، سؤالي هو: هل يؤثر الشعر في الشعر يعني ليس شعراً يكتب من وحي الخيال، أم هل تعتقد أن الشعر يؤثر في حياة الشاعر، وهذا السؤال من منطلق أن الشعر هو ترجمة لأحاسيس من خلال الكلمات نضرب مثالاً في الغزل: شخص ما يتغزل بشخص معين، فالكلمات تكون متعددة خصوصاً أنها من وحي الخيال، يقول ما يريده فتؤثر فيه بطريقه ثانية إذ تجعله ينتظر شخصاً في الواقع وربما صفاته لا تتناسب مع هذا الشخص المنتظر، فبالتالي هل تعتقد أن الشعر يؤثر في الشاعر أم لا؟ |
الدكتور سليمان الشطي: اسمح لي لأنني لم أتصور السؤال كما يجب، لكن إذا أخذناها بمنطلق عام، طبعاً أن صاحب المهنة.. فلنبسّط القضية، صاحب المهنة.. |
دعنا نعدّ الشعر ليس موهبة فقط ولكن مهنة، فصاحب المهنة يتطبع ويصبح جزءاً منها لا يستطيع أن يتخلص من ذلك، فإذاً الشاعر عندما يعايش الشعر يأخذ من هذا العالم، الذي هو يصنع الخيال أكثر من الواقع أو تكون سيطرة الخيال لها امتدادها الكبير عنده، فإذاً كما الطبيب تتحكم به مهنته، ومعلم اللغة العربية –مثل حالي- يسهب في الحديث لأنه يتصور أن الناس مثل الأطفال أمامه وينسى أن هؤلاء زملاء وأساتذة، لأن المهنة.. المهنة، فعند التاجر التحسين والتقبيح حالة واحدة، يحسّن الشيء في الوقت نفسه، الذي يقبّحه بالطريقة ذاتها، إذاً الشعر هنا كأي صنعة أو مهنة تؤثر في صاحبها بحيث تكون أحكامه شعرية. |
|
|
|