شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الدكتور يوسف العارف))
يعلن كثير من الشعراء علاقتهم الشعرية مع الشعر، ويوثقون جهودهم مع القصيدة، ويبنون نسقاً متكاملاً مع النص الشعري، ويشيرون إلى ذلك في كثير من قصائدهم. ويحتفون بذلك بشكل خاص ومتكرر. فلا تجد شاعراً إلا وقال عن تلك العلاقة كلاماً كثيراً!
هذا شاعر من السعودية (1) يقول:
عجباً..
أهي الحروفُ الصافناتُ..
تمنطقن بالضوء.. وخاتلن الفؤادَ..
يوسوسن فيه بضوء القصيدة؟!
أم هي البوحُ..
كم للبوحِ سابقةٌ..
تصطفيها يدُ الماضي..
ثم لا تأبى تعيده!!
فجأة راودتني.. تطلعت إليها.. فراحت كالطريدة،
قلت يا هذي أفيضي علينا من الماء..
صُبيِّ جسد الأحرفِ الحُبلى وهاتي لي وريده،
ها أنذا أصطّلِي بحماها.. فكانت قصيدة!
 
لكن ضيفنا الكريم، سعادة الدكتور الشاعر شهاب محمد غانم، يمر بالقلق والحمى والوسوسة حتى يصل الشاعر إلى القصيدة. يجسّد تجربته الشعرية، وعلاقته بالنص الشعري، وكيف تنشأ عنده القصيدة بكثير من الصور الشاعرية المعبرة.
يقول:
تموت برأسيَ ألوفُ القصائدِ قبل الولادة
بدون الإرادة تُجْهَضُ حيناً، وحيناً بكل الإرادة.
تموت، وعيناي مغمضتان، وصدغيَ فوق الوسادة،
تموت وكفاي في عجلات القيادة،
تموت بكل مكانٍ وفي كل آنٍ...
وتُمسي المنيةُ عنديَ عادة..
تموتُ لديّ مئات القصائدِ بعد الولادة..
أمزقها في القراطيسِ.. أكفئ فيها الحياةَ،
وبين الألوف التي أُجْهِضَتْ من قصائدَ...
تظل قصيدة هنا وهناك..
وتبقى برأسي وإلا بضرسي تظل تغني عنيدة
فتولد بالرغم عنِّي القصيدة!!
 
هنا رموز ودلالات على أن شاعرنا مكثر في شعرهِ، يغرف من بحر أو يسقي من نهرٍ، لكنه يصطفي للأفضل والأجمل!
ضيفنا الشاعر: الدكتور شهاب غانم طائر بجناحين جناح الوطن الأم حيث الآباء والأجداد، حيث صوت الوالد الشاعر العلامة الدكتور محمد غانم، وحيث التراث اليمني وصوت شعراء اليمن المبدعين. وجناح الوطن الذي احتضن هذا الإبداع والتألق (دولة الإمارات) فكان مزيجاً من الإبداع العلمي والمعرفي، حيث الهندسيةُ تخصصاً. والشعر موهبةً والترجمةُ الشعريةُ ميداناً وإبداعاً.
عبر ثلاثة عشر ديواناً شعرياً، وعشراتِ الترجماتِ الشعرية، يتعالق صوتُه الشعريُّ بالقصيدةِ التراثيةِ العموديةِ، أو ما يسمى التقليدية التي تحتفي باللغة، والصور، والموسيقى الخليلية، في أسمى التجليات والإبداعات. كما تتنامى شاعريتَهُ من خلال قصيدة التفعيلة، التي تجد مساحةً كبيرةً في مجمل إنتاجه الرصين، وهذا يعني -للنقاد- تمازجٌ شعريٌ كبير بين قصيدة النظم البيتية وقصيدة التفعيلة يغلفها بِشيءٍ من العاطفة الجياشة، والرومانسية الشاعرية، والصور الواقعية.
يعتقد بعض النقاد أن مجالَه العملي وتخصّصَّه العلمي في الهندسة قد طغى على موهبته الشعرية فجاءت شعريتُه متواريةً خلف باب كبير من أبواب النظم الشعري، ولكنني -وأنا المتابع المطلع- أشعر أن شاعرنا د. غانم يمنح شعريته من مظان عروبية، وإسلامية، تراثية ومعاصرة. وأنه أفاد من تخصصه الهندسي في هندسة القصيدة، وترتيب أفكارها، ونضج معانيها، وتوازن أبياتها من دون قتل للخيال الشعري أو الصور البلاغية أو السقوط في المباشرة والتقريرية الشعرية.
يعجبك في شاعرية -ضيفنا الدكتور شهاب- أنه لم يتحد مع الشعراء الذين يرون في الغموض والرمزية والتعتيم أفقاً شعرياً جديداً، ولكنه يمارس القصيدة التراثية على النسق المتعارف به.
ومن الجميل حقاً في مسيرة ضيفنا الشاعر د. شهاب غانم، أنه يبدع في حقل الترجمة الشعرية وله مقولات رائعة في هذا المجال وأهمُّها أن أفضل من يترجم الشعر هو الشاعر! ولذلك أوقف جهوده في مجال الترجمة على الشعر وأبدع فيه كثيراً، وبذلك فهو يضيف إلى النص المترجم كثيراً من إحساسه الشاعري المرهف. وخلجات نفسه، وإتقان المترجم المبدع، وروح الأديب الواعي، من دون تكلف أو صنعة، وإنما نأتي بعفوية كما يقول نزار قباني:
شعرت بشيء فكوّنت شيئاً بعفوية دون أن أقصدا
فيا قارئي يا رفيق الطريق أنا الشفتان وأنت الصدى
سألتك بالله كن ناعماً إذا ما ضممت حروفي غدا
 
وعلى الرغم من هذه الترجمات الشعرية كلها، فلم أجد له قصائد (نثرية) لأنه تربى على الشعر العمودي المقفى، وتشبّع به ولعلّ له عذراً ونحن نلوم!!
أيها السادة، اسمحوا لي أن أقف مع هذه الحكمة الشعرية التي يصوغها شاعرنا الدكتور شهاب غانم إذ يقول:
أنَّى للماضي الضائع أن يصبح مستقبلْ
أو للنهر بأن يجري نحو المنبعِ من أسفلْ
 
لأقول:
وما أرانا نقول إلا معاراً
أو معاداً من قولنا مكروراً
 
 
ختاماً، هذا ضيفنا الدكتور الشاعر شهاب غانم يقول في شعرية وشاعرية واعية:
أيها الشعر قد ملأت الخلايا
بالخيالات بين مبنى ومعنى
أنت تحوي رسماً وقصاً
ورقصاً وغناء يختال وزناً ولحنا
وتضم الجمال من كل شكل
كان عطراً أم كان نوراً ولونا
أنت للحب منبتٌ والمعالي
تملأ القلب فرحة ثم حسنا
أيها الشعر كنت نبراس نور
فتداعى الظلامُ وانجابَ عنا
 
أيها الضيف الحبيب، أيها الضيف الكريم:
من جيل الشعر إليك هذه السداسيةُ العارفيَّة:
لك من حنايا القلب فيضُ محبةٍ
تسمو على كل الجبال الراسيه
يا من يصوغ من الورود قلائد
تختال في دار القصيد علانيه
يا من منحت الشعر أصدق رفقة
حتى تنامت في يديك معانيه
يا من جرى في كل وادٍ حرفُهُ
جزلَ الكلامِ مشاعر أو قافيه
لا فض فوك مترجماً أو شاعراً
سبك القصيد فواتح وختاميه
فأقبل ربيع الحرف مني مورقاً
عذب المشاعر من بحور صافيه
 
 
شكراً لمضيفنا وشكراً لضيفنا وشكراً لإنصاتكم. والسلام عليكم ورحمته.
عريف الحفل: شكراً للأستاذ الدكتور الشاعر والناقد الدكتور يوسف العارف عضو النادي الأدبي على هذه الكلمة، وقبل أن نلتقي بضيفنا ونستمع إلى حديثه، أود أن أشير إلى أنه بعد أن نستمع إلى حديث ضيفنا هناك مجال للأسئلة التي يُدفع بها إلى المنصة، ونحن نختار طبعاً حسب ما يردنا من طلب السؤال بالترتيب إن شاء الله، ويكون السؤال مباشرةً من السائل، كما نرجو أن يكون سؤالاً واحداً لكل متسائل لتتاح الفرصة لأكبر عدد ممكن من الإخوة وكذلك من الأخوات أيضاً في قسم السيدات.
الآن أيها السيدات والسادة، نستمع إلى ضيفنا الدكتور شهاب محمد عبده غانم ليحدثنا عن أهم المراحل المفصلية في حياته من مراتع الصِبا إلى مقاعد الدراسة والرحلات العلمية والحياة العملية والإنتاج الفكري، فليتفضل وحيّاه الله بيننا.
 
 
طباعة
 القراءات :358  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 46 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج