((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم. |
أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطاهرين وصحابته أجمعين. |
الأستاذات الفاضلات. |
الأخوة الأكارم. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
كم هو جميل أن نتفيأ هذا المساء ظلال دوح الأشعار الجميلة، والمقالات الرصينة، والبحوث الأنيقة، والترجمات السديدة! جاد بها ثاني اثنين كرمتهما ((الاثنينية)) من الإمارات العربية المتحدة، نلتقي الليلة للاحتفاء بالشاعر، الكاتب الصحفي الأديب المهندس الذي ذاع صيته، وانتشر أريج إبداعات شعره وأدبه، غراس نما وأينع على ضفاف خليجنا العربي، أول عربي ينال جائزة طاغور، سعادة الأستاذ الدكتور شهاب محمد عبده غانم، فمرحباً به ضيفاً عزيزاً بيننا. |
أيها الأخوة، ضيفنا الكبير له مع العلوم التطبيقية شأن يليق بقيمته وقامته، فأبدع وأجاد، وإنه لمكان تكريم وحفاوة لمنجزه العلمي والثقافي. اتضحت له الرؤية ومعالم الطريق حين جأر الحرف بين جنباته، ومارت الكلمة، فأرغد العالم بأعمال جادة في الترجمة، والشعر، والنثر. ويبقى الشعر أبداً "جوهر صدر المحافل". يعدّ ضيفنا الكريم أحد أبرز الشعراء الإماراتيين، الذين لهم باع طويل في مجال الفكر والأدب، أسهم في تأسيس الحركة الثقافية والشعرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، يسعى إلى إبراز وجه بلاده الثقافي من خلال ما ينشره في بعض الصحف والمجلات العربية، وما يترجمه من أشعار إلى لغات أخرى، مؤكداً أهمية التفاعل الثقافي بين الحضارات والشعوب، الذي من شأنه أن يعزز العلاقات على المستويات كافة، وبالتالي يحد كثيراً من آفة الصراعات والحروبات. |
نقف الليلة معه منتشياً بلذة الحرف، بما امتاز به من أفق لغوي، يمنح اللغة ما تستحقه من عناية ورعاية وإتقان حصيف، وانتقاء دقيق لمفرداته وقاموسه، حريص على وضع الصور الجمالية في إطارها، الذي يستوعب رونقها وبهاءها، يحشد طاقاته لإبــداعات متجددة. تثير الخيال وترغد الوجدان، نظرة عجلى إلى مؤلفاته ترسم ملامح مهمة في الحراك الشعري الخليجي الراهن. صوّر كثيراً من المعاني، التي انتزعها جرأة وشفافية من خلال كثير من التجارب والمناسبات، التي وقف عندها متأملاً وراصداً لحركة الحياة من حوله. يرسم بريشته صنوفاًَ من المواقف والتناقضات التي أيقظت في نفسه نوعاً من القلق، خصوصاً وقد تجاذبته أطراف الغربة بين مدينتين عدن وصنعاء في ذلك الوقت ثم الغربة القصية، ما دفعه نحو مرافئ الحس والفكر والثقافة، وجد نفسه في بيئة غمرته بمكتبة والده الوارفة في متعة أدبية تربى عليها كما تربى عليها أفراد أسرته الكبيرة التي امتهنت الشعر، و عزفت على أوتار الأدب والثقافة. |
لضيفنا الكبير إسهاماته الرصينة في فن المقالة، التي وسمها بعمق معرفي، أبعدها في كثير من الأحيان ما يشوب المقالات الصحفية من عيوب مهنية، وضبابية فكرية، وعدم وضوح الرؤى، وكثيراً ما يبتعد عن الوقوع في شراك التشنج لرأي، أو ضحالة التناول لموضوعات لا تشكل إضافة حقيقة لذائقة المتلقي، ينتخبها بموضوعية واضحة، وكثيراً ما تمس المحور المركزي لكثير من القضايا الاجتماعية والثقافية في الساحة الأدبية الراهنة. |
وفي مجال الكتابة الأدبية، لم يأمن ضيفنا الكريم غوائل الاختلاف حول عطائه ما بين مادح وقادح، فتلك طبيعة الأشياء، غير أنه يرى أن الأمر يتعلق دائماً بعصب المبادئ التي يؤمن بها، فالحياة مبدأ يثبت أمامه ما وجد لذلك طريقاً، إنها مسألة رأي يجب أن يقال من أجل أهداف ومصالح عليا تشكل النسيج الحي، الذي يتفق حوله الجميع من دون مزايدات، حاملاً رسالته التي لم يبخل عليها بجهده ووقته، بل ظل دائماً الواثق في مقدراته وكفاءته، وعدالة الموضوعات التي يعالجها ويعمل عليها وفق مرئياته وآماله وتطلعاته، وأحسبه ظل وفياً لقلمه وعلاقته بالآخر. |
تجربته الأولى ديوان شعر بعنوان "بين شط وآخر" دفع به إلى المطبعة عام 1404هـ/1982م. كتب مقدمته الشاعر اليمني الكبير السيد أحمد بن محمد الشامي، الذي أصدرت “الاثنينية” المجموعة الكاملة لأعماله في ثلاثة مجلدات عام 1413هـ/الموافق 1993م، كتب شاعرنا الجميل القصيدة العمودية، وقصيدة التفعيلة، بذات النفس الذي يومض بريقاً بين جنبيه، ثم ينسكب عطراً أو جمراً على الورق. فقد تناول مختلف أغراض الشعر بكثير من الإبداع المترع بالأصالة. فللإخوانيات نصيب، وللرثاء جانب، وللحب موئل، وللسياسة دروب، وللشأن العام اضبارات مترعات بالآلام والآمال. |
ضيفنا الكريم ممزوج بين وطنين: الإمارات التي جعلته يحتضن شعره، واليمن التي خلفت صوت أبيه عند شوارع الغربة، ورسمت ملامح إبداعاته، فهو يرى أن الشعر يبقى شعراً لأنه شعور إنساني يلتقي حوله أفراد قبيلة الشعر ولكنهم يتفاوتون كل حسب موقفه ونظرته وملابساته، لأن الشعور الإنساني لا يختلف من شخص إلى آخر، ومن مجتمع إلى آخر مشيراً إلى أن الترجمة تفقد الشعر كثيراً من معانيه الإبداعية، إلا أنها تبقى جسراً للتواصل بين الشعوب، ومضماراً للتلاقح الفكري، واستيعاباً للثقافة الأخرى في قوالب أدبية، فهو أيضاً مفتون بها، أفرد لها حيزاً كبيراً في حياته العملية، يرى أن الترجمة ليست مجرد مفردات توضع في مقابلها وإنما هي علم الإحساس بقيمة النص، الذي يصدر من عاطفة وبيئة ومفاهيم تختلف عن بيئة النص المترجم إليها، على دراية واعية بما حول النص من مرئيات وعوامل خارجية وعوالم مهنية، ودقائق قد تفقد النص أهميته إن لم ينقل بمهنية عالية وحرفية دقيقة، كما يرى أن المترجم يجب أن يتمتع بحس أدبي، ويكون قادراً على نقد النص من الناحية الأدبية، وقد عمل في هذا الإطار على ترجمة قاموس الأمثال الانكليزية وما يقاربها بالعربية الذي ضم أكثر من ألف مثل، كما ترجم إلى الانكليزية قصائد لشاعرات من الإمارات في كتابه الموسوم "مع الحبارى والبجعات" ضمن أكثر من 24 كتاباً نقله بمهنية عالية إلى الانكليزية. |
أرحب مجدداً بضيفنا الكريم، على أمل الالتقاء بكم الأسبوع القادم لتكريم سفيرنا في تركيا وروسيا الاتحادية، والمملكة المغربية ولبنان، له أكثر من 13 ديواناً شعرياً، وزير الثقافة والإعلام معالي الدكتور محيي الدين عبد العزيز خوجه. |
طبتم وطابت لكم الحياة. |
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه مؤسس ((الاثنينية))، وقد ألقى كلمته الترحيبية الضافية، وأيها الأخوة والأخوات، قبل أن نسعد جميعاً بحديث ضيفنا المحتفى به هذه الليلة الدكتور شهاب غانم هناك بعض الكلمات التي تتحدث عن الضيف وتذكر شيئاً من مآثره وحياته العلمية والعملية، نبدؤها بكلمة لسعادة الأستاذ الدكتور محمد علي البار، وكما ذكر لي قبل قليل بأنه صديق طفولة ودراسة وما زال. |
|
|