شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الأستاذ حسين بافقيه الكاتب والأديب والناقد المعروف))
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قبل أن أبدأ كلمتي أقدم خالص العزاء إلى أسرة الأديب السعودي والباحث في اللهجات والأمثال الأستاذ فريد عبد الحميد سلامة، الذي توفاه الله سبحانه وتعالى بالأمس، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته وهو أحد الرجال الدؤوبين الذين كانوا يعملون بصمت وأخرج للمكتبة السعودية عملاً ممتازاً هو: ((معجم الأمثال الشعبية في مدن الحجاز)).
تربطني علاقة عميقة جداً بأخي الصديق الكبير الأستاذ الدكتور أبو بكر باقادر مذ كنت طالباً في الجامعة، كنت أدرس في قسم اللغة العربية وآدابها، وكان هو الأستاذ الكبير وأحد نجوم تلك المرحلة. وقد جمعنا معاً في تلك الفترة حب الأدب والثقافة والاختلاف إلى نادي جدة الأدبي حيث كان الأستاذ الدكتور أبو بكر على كثرة مشاغله وأعبائه لا يفوت محاضرة من محاضرات ذلك النادي، فعرفته هناك وامتد بنا الزمان إلى وقتنا هذا على الصداقة وحب الثقافة والأدب. أبرز ما يلوح لي في هذا الموقف حينما أحاول أن أقرأ الدكتور أبو بكر باقادر، ذلك المكي الذي يعود إلى أصول حضرمية، وذلك الرجل الذي تخصص في دراسته الجامعية الأولى في الرياضيات البحتة في جامعة البترول والمعادن، ثم شاء له القدر أن يدرس علم الاجتماع، بل كنت لا أجد غربة بين من درس الرياضيات وهي قوانين بحتة ودرس علم الاجتماع، لأن علم الاجتماع من العلوم الإنسانية التي تحاول أن تتقصى أثر القوانين الاجتماعية في المجتمعات كلها.
الدكتور أبو بكر باقادر نموذج عجيب للمثقف العربي المسلم، ربما لكونه مكياً نشأ في حارات مكة وشعابها، وقد يكون لتلك النشأة أثر في طريقة تفكيره. فهو في الوقت الذي يتعاطى مع أحدث النظريات في الفلسفة والعلوم الاجتماعية تجده ذلك الرجل البسيط الشعبي، وفي الوقت الذي يترجم لماكس فيبر أو يتعاطى مع فلاسفة العلوم الاجتماعية، تجده يعود ليبحث في حكايات العجائز المكيات وكبار السن في مكة المكرمة ويحاول أن يرصد أثراً من آثار مكة التي كانت.
الدكتور أبو بكر باقادر من الشخصيات التي تذهلني حقاً بشمولية معرفتها وسعة علمها، ولا أبالغ، والله، إذا قلت إنه لا تكاد تحدّثه في كتاب يصدر باللغة العربية أو باللغة الإنجليزية إلا وكان هذا الرجل على معرفة ودراية به. وكنت أمازحه وأقول له: لو أنك جلست يا دكتور مع محمد عابد الجابري أو عبد الله العروي لعل هذين المفكرين الكبيرين يجلسان بين يديك لكي تحدثهما وتحدث الآخرين عن الجديد في الفلسفة والعلوم الإنسانية. الدكتور أبو بكر باقادر محب للمعرفة على نحو غير معهود، تجده دائماً في معارض الكتب... تجده في مكتبات جدة ومكة والرياض، ولديه حب للمعرفة غريب؛ أذكر قبل أكثر من عشرين سنة جاءنا نوع من الهوس بفلسفة العلم، فابتعنا كتاباً للدكتور ماهر علي، وأظن أنه من أساتذة الفلسفة بجامعة الإسكندرية، وكنا نذهب معاً إلى كورنيش جدة ونشتري بليلة على حسابي طبعاً، ونقضي الساعات الطويلة لكي نتعرف أصول فلسفة العلم وهو طبعاً في الأساس عالِم رياضيات، وما أحببت أن أقوله في هذا السياق بأن الدكتور أبو بكر باقادر موله ولذلك يصدق فيه قول الشاعر:
وليس على الله بمستنكر
أن يجمع العالم في واحد
إن الدكتور أبو بكر تحفة عجيبة والله العظيم، وأنا أعرف أنه يعمل منذ سنوات على تفصيص كتاب العقد الثمين للعلامة الفاسي وتفصيله؛ جزء من العمل يعود لكونه مكياً والجزء الآخر يعود إلى حب هذا الرجل الإلمام بالتفاصيل، فهو يريد أن يستكشف مكة العالِمة من خلال أبرز كتاب من الكتب التي تؤرخ للحياة المكية. يعرف المقربون من الدكتور أبو بكر باقادر، وأنا واحد منهم، أنه يبذل نفسه في سبيل العلم والمعرفة، بتواضع وتفانٍ كبيرين. لا يتوانى عن تلبية أي دعوة من أي مكان أتت، سواء من فنيين أو ممرضات في مستشفى من المستشفيات، وبلغ العجب مني مبلغاً فسألته: ربما لو دعاك مصنع من المصانع فقد تلبي الدعوة، فقال: نعم أذهب لأنني أريد أن أكون مواطناً صالحاً. بعد سنوات، أدركت أن جلّ ما يفكر فيه الدكتور أبو بكر باقادر هو بث المعرفة في صفوف عموم الناس وحلّ مشكلاتهم، ولذلك وجدناه في فترة من الفترات يقصد أسبوعياً "صحيفة عكاظ" لكي يجيب عن أسئلة الناس ومشكلاتهم، وهذا حقاً دور المثقف الجليل الرصين.
ومما لا يعرفه كثيرون عن الدكتور أبو بكر باقادر، وهو من دون شك علم من أعلام الثقافة والفكر في المملكة العربية السعودية، أن سمعته في الأوساط العلمية لكبار المستعربين وكبار المستشرقين لعلها تفوق معرفة السعوديين من أبناء جلدته. فكان يتمتع بمكانة كبيرة في كثير من الدوائر الاستشراقية والدوائر العلمية، وهذا ما يؤكده أشخاص كثر ممن رافقوه حينما كان وكيلاً لوزارة الثقافة للعلاقات الثقافية الدولية إذ أينما كان يحط الدكتور أبو بكر باقادر كانت شهرته وصيته سابقَين له من روسيا إلى كازاخستان، فتركمانستان... حتى من الطرائف التي تدل على شعبية هذا الرجل أن سائقي سيارات الأجرة في تونس كانوا يعرفون هذا الرجل، لأنه كما حباه الله سبحانه وتعالى بذلك العلم الواسع والمعرفة الكبيرة كان إنساناً بسيطاً متواضعاً حيياً، كنا نتعلم منه كيف يعامل الناس بابتسامة لا تفارق محياه، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ لنا صديقنا وأستاذنا الأستاذ الدكتور أبو بكر باقادر، وأن يديم عليه نعمه وأن يزيد من عطائه العلمي والفكري، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: شكراً للأستاذ حسين بافقيه، وكلمة أخيرة طُلبت مؤخراً لسعادة الأستاذ سعود الشيخي، مدير عام وزارة الثقافة والإعلام بمنطقة مكة المكرمة، ونرجو عدم الإطالة لأننا سنستمع إلى الدكتور أبو بكر باقادر إن شاء الله.
 
طباعة
 القراءات :419  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 216
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.