((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك صفيك ونبيك سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم، وعلى آل بيته الطاهرين. |
الأساتذة الأكارم السيدات الفضليات: |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- |
لم تكن نفسه تواقة لاستمرارية الإبحار في خارطة الدراسات الرقمية، والعلوم التجريبية، والنظريات الرياضية في جامعتنا البترولية... قاده الشغف الجميل إلى حقل أكثر رحابة وسعةً.. بهره تنوع نظرياته، وسعة تطلعاته، وشمولية آرائه، وتعدد فرضياته، فأرخى رحله في جامعة وسكنسن ماديسون بأمريكا، محققاً حلم الدكتوراه في علم الاجتماع، رائده ابن خلدون التونسي الحضرمي، بدأ أيضاً مهتماً بالعلوم والفلك وانتهى به المطاف أباً روحياً لعلم الاجتماع حاضن العلوم الحياتية المهمة... أستاذ علم الاجتماع في جامعة المؤسس بجدة، وكيل وزارة الثقافة والإعلام السابق، نائب رئيس المجلس العربي للعلوم الاجتماعية... زميل مدى الحياة بجامعة كمبردج، وأستاذ وباحث زائر في العديد من الجامعات الأمريكية والإسلامية، الأستاذ الدكتور أبوبكر أحمد باقادر فمرحباً به وبكم. |
إن المتتبع لمسيرة ضيفنا الكريم يجد ذلك الكم الكبير من المؤلفات والكتب المترجمة التي رفد بها مكتبتنا العربية، مما يشي بسعة الأفق، وعمق الاهتمام بأعمال إبداعية تساهم في الثراء المعرفي، وتضع خطوطاً عريضة حول قضايا وميادين جديرة بالبحث والاستقصاء، وتسليط الأضواء، فسلسلة "دراسات الرحلات المكية" تبرز مدى أهمية التجربة التاريخية في أهمية الحج في انتشار الثقافة الإسلامية والعربية ونقل التجارب التاريخية، وأحسب أن ذلك إحياءً لأدب الرحلات التي تُعد من أهم المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية، لاستقاء الكاتب معلوماته من مشاهداته الحية، وتصويره المباشر لتفاصيل كثير من المظاهر التي يستل منها حقائق يدونها بثقة ودراية، وليست بعيدة من أذهاننا رحلة أمير البيان شكيب أرسلان: "الارتسامات اللِّطاف في خاطر الحاج إلى أقدس مطاف". التي تبنى فيها طريقة القدماء، بشكل عفوي وسرد شفيف. كما سجل شيخ المؤرخين أستاذنا حمد الجاسر رحلاته من مكتبات أوروبا بحثاً عن المخطوطات المتصلة بالجزيرة العربية، وسرد أسماء العديد من المخطوطات ومحتوياتها وآراءه عنها، مع تضمينه بعض النوادر والمواقف، التي تدخل الرحلات في مجال الأدب الشائق الطريف، كما أولى ضيفنا الكريم أهمية كبيرة لشريحة مهمة في المجتمع السعودي فأفرد دراسة عن "الشباب في المملكة العربية السعودية"، من حيث تقسيمهم ديموغرافيا وتنموياً، تعليماً وتدريباً، مشخصاً عوالمهم المتشابكة من الزوايا الأسرية، والدينية، والجسدية، واصفاً المجتمع العربي بالتقليدي المتدين، الذي يغلب ما درج الاجتماعيون على تسميته "المجتمع البطريركي،" الذي تتمحور فيه سلطة الأب الأكبر، الذي يأمر فيطاع. |
لم تكن وزارة الثقافة والإعلام لشؤون العلاقات الثقافية الدولية، محطة عابرة في حياة ضيفنا الكريم فقد عمل مع أركان وكالته على تقديم الشخصية المتميزة والوجه الإنساني للوطن، بتوسيع القوى الناعمة الدبلوماسية، لتحقيق ما لم تحققه السياسة والاقتصاد بالطرق التقليدية، باعتبار أن المملكة متعددة الوجوه جغرافياً واجتماعياً، تتميز مناطقها بصفات ثقافية ومعمارية وحضارية وتراثية، تشكل مع المناطق الأخرى منظومة ثقافية متكاملة، غنية بتاريخها... فمُدت الجسور ومُهدت أواصر التواصل إلى مناطق تغيير الصورة النمطية، فجاءت فكرة الأيام الثقافية؛ لتقديم المشهد الثقافي بشكل حضاري وأسلوب واقعي، وفي هذا الإطار اهتم ضيفنا الكريم بترجمة الكتب الثقافية والأدبية إلى اللغات الحية تسويقاً لبانوراما الأدب السعودي بمختلف الأطر في كثير من المناسبات والملتقيات الثقافية في الخارج،،كما عمل على إصدار بعض الكتب عن الجوانب الاجتماعية في المملكة باللغات الحية كالإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، فضلاً عن اللغات الأفريقية، منافحاً بذلك عما ينشر سلبياً عن المملكة، مما يستوجب ضرورة استمرارية التصدي لكل ذلك، وفق برنامج مؤطر وأسلوب علمي حصيف. |
ومن جهة أخرى، يشير الدكتور باقادر في كتاباته إلى أن الكتابة التاريخية، وكتابة السير تعكس الواقع بشكل كبير، وتختلف الصورة عند النظر إليها باعتبارها مصدر بيانات، مُشدّداً على أهمية إعادة النظر في الكتابة التاريخية، فالتاريخ يدرس من حيث مضامين وواقع، ولا يُخصّص للشخصيات أو التقرب إلى أصحاب النفوذ، وركز على أهميَّة شموليَّة حياة الناس عند الكتابة إلى جانب محركي التاريخ، مشيراً إلى أن العلوم الإنسانية التي ظهرت مؤخراً فتحت آفاقاً واسعة أمام المؤرخين، كما يتناول تميز مؤسسة القضاء في التاريخ الإسلامي، منوهاً إلى أن قيام مؤسسة القضاء جهازاً منظماً ومستقلاً وفي مستوى إرساء أصول الفقه، لم يتأسس إلا بعد مرور قرون من الزمان، مطالباً أهل الفقه بالاستفادة من العلوم الاجتماعية، طالما كان ما يقوم به الفقه في تناغم مع الشريعة، وما دام التعريف الكلاسيكي والشهير للفقه يفيد بأنه عبارة عن إنزال النصوص على أرض الواقع. |
ولعل ضيفنا الكريم بانتمائه إلى المؤسسة الأكاديمية الجامعية يلاحظ معنا غياب الجامعات عن المشهد الثقافي والفكري، وفي الملتقيات والمنتديات التي تنتظم في البلاد، فالجامعة كما هو معروف مؤسسة استشرافية اجتماعية متعددة الوجوه... ينتظر أن تكون إسهاماتها جماعية مميزة، وأن تكون منابر تنوير ثقافي ومنابر إشعاع، لتصدير المعرفة المتمثلة في الكم الهائل من الرسائل العلمية النظرية منها والعلمية التي تذخر بها، في وقت أصبحت فيه ثقافة الرقمنة مسألة ضرورية ومهمة، كونها تساهم في التعجيل في إنجاز الأعمال، وتقديم الأفكار بشكل سريع ومتاح. |
آملين أن نرى قريباً ما يعكف عليه ضيفنا الكريم، دراسة اجتماعية لتاريخ مكة المكرمة، تركز على تجليات الاسم والنسب عند سكانها، وتعاقب الأسر وتداخلها، ودور الوقف والإرث، وسلاسل المدارس التي مرَّت بها عبر العصور، ومشروع موسوعي آخر يتناول فيه قضايا الوقف وقانون الأسرة، ونشأة المذاهب الفقهية، والفقهيات التطبيقية، ونشأة أصول الفقه عند السنة والشيعة. |
إلى هنا أترككم في معية ضيفنا الكريم لقضاء أوقات ممتعة بصحبته على أمل الالتقاء بكم الأسبوع القادم لتكريم الأكاديمية والصحافية والأديبة المعروفة الدكتورة أميرة قشقري آملاً أن نلتف حولها عرفاناً بدورها في المشهد الثقافي والفكري ... |
طبتم بخير وطابت لكم الحياة. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه مؤسس ((الاثنينية)) في كلمته الترحيبية. |
أيها الإخوة والأخوات الآن سنستمع وإياكم إلى بعض الكلمات التي تتحدث عن ضيفنا وترحب به معكم، نبدأ بكلمة لسعادة الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني، أستاذ النقد والأدب والأكاديمي المعروف... رئيس النادي الأدبي بجدة سابقاً. |
|
|