((كلمة سعادة السفير محمد أحمد طيب))
|
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين الحمد لله الذي رفع الذين أوتوا العلم درجات وأصلي وأسلم على نبينا محمد بن عبد الله. |
أصحاب المعالي السيدات والسادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وكل عام وأنتم بخير. |
إنه لمن دواعي سروري واعتزازي أن أشارك الليلة في افتتاح الموسم الجديد للاثنينية، اثنينية شيخ الثقافة والأدب الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه. |
وأشعر في الواقع بسعادة خاصة لأن تستهل "الاثنينية" موسمها الجديد بتكريم رمز من رموز الفكر والثقافة، وعلم من أعلام الدبلوماسية وأستاذ من أساتذة الإدارة الدولية، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي. إن المحتفى به الليلة هو شخصية مميزة ومرموقة ومعروفة على المستوى العربي والإسلامي والدولي. فالبروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو هو: |
- عربي المولد والنشأة. |
- إسلامي المنبت والمشرب. |
- تركي العائلة والمواطنة. |
- إنساني الثقافة والمعرفة. |
وهو علمي في طروحاته، عملي في فكره، دبلوماسي في حواره، وأديب في لغته وكلامه. |
لقد ارتوى من نيل مصر، وتغذى على رحيق قيم الحضارة الإسلامية، واستطعم من مجد آبائه العثمانيين، ونهل من معين حضارة الغرب، فجاءت شخصيته جامعةً شاملةً متنوعة. |
هو تاسع أمين عام لمنظمة التعاون الإسلامي، لكنه أول أمين عام للمنظمة يتم اختياره بطريقة الانتخاب الحر؛ فقد كان على مؤتمر وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة الذي انعقد في اسطنبول في صيف عام 2004م أن يختار مرشحاً واحداً لمنصب الأمين العام من بين أربعة مرشحين، من بينهم البروفيسور أكمل الدين وقرر المؤتمر منح كل مرشح فرصة لتقديم نفسه والتعريف بإنجازاته قبل بدء عملية الاقتراع ولا زلت أذكر، وكان لي شرف الحضور ضمن وفد المملكة، كيف لامست كلمات البروفيسور إحسان أوغلو قلوب الحاضرين ونفذت إلى عقولهم، وأذكر أنه استهل بيانه بالتساؤل: هل أحتاج إلى تعريف نفسي إليكم وقد قضيت خمسة وعشرين عاماً في خدمة المنظمة كمدير عام لمركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية التابع للمنظمة. لقد جاء انتخاب البروفسور أكمل الدين أوغلو بأغلبية ساحقة لتعكس المكانة المرموقة التي تحتلها بلاده تركيا واحترام الدول الأعضاء لها، وكذلك تقديراً لشخص معاليه وما يتمتع به من حنكة وكفاءة وحماس في خدمة المنظمة وتحقيق أهدافها ومقاصدها. |
في الواقع أثبت البروفيسور أكمل الدين أنه على مستوى ثقة بلاده فيه، وعلى قدر طموحات الدول الأعضاء، حيث شهدت المنظمة في عهد إدارته إنجازات غير مسبوقة، ولعل أهم ما يميز شخصية معاليه في إدارة المنظمة قدرته على تجسيد رؤية قادة الدول الأعضاء، وعلى وجه الخصوص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في النهوض بالمنظمة وتفعيل دورها بما يمكنها من تحقيق طموحات وآمال الأمة الإسلامية. |
وأحسب أن هناك عوامل مشتركة تضافرت فساعدت على إنجاز ما تم إنجازه ولعل من أهمها: |
- الدعم الكبير الذي حظي به معاليه من قِبل قادة الدول الإسلامية بصفة عامة ومن قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بصفة خاصة الذي وهبه الله رؤية استراتيجية واضحة المعالم ورغبة جامحة في استعادة الأمة الإسلامية لمجدها وريادتها. |
- العامل الآخر: إيمان معالي الأمين العام القوي بالمنظمة وبالدور البارز الذي ينبغي أن تضطلع به في تحقيق التضامن الإسلامي وفي خدمة قضايا الأمة الإسلامية على الصعد الإقليمية والدولية، حاضراً ومستقبلاً، ليكون للمنظمة صوت مسموع، ودور معلوم في كل ما يهم شؤون الأمة الإسلامية. |
- العامل الثالث: قدرات معاليه العالية في التخطيط الاستراتيجي واستيعابه لقضايا الأمة والتحديات المعاصرة والمستقبلية التي تواجهها، وسبل التغلب عليها. |
- العامل الرابع: تبني معاليه مبدأ "الاعتدال والتحديث" moderation and modernization كمبدأ أساسي في إدارته للمنظمة. |
- العامل الخامس: امتلاكه مخزوناً ثقافياً وفكرياً متنوعاً وخبرات دولية واسعة. |
وبتوفيق من الله سبحانه وتعالى وبتضافر تلك العوامل لم يمضِ العام الأول من ولاية معالي الأمين العام حتى أقرت القمة الإسلامية الاستثنائية التي انعقدت في الرحاب الطاهرة بمكة المكرمة في شهر ديسمبر 2005م أول برنامج عشري للمنظمة، وهو برنامج طموح وخلاّق وبمثابة خارطة طريق للتعامل الواضح والشامل مع قضايا الأمة والتحديات التي تواجهها. |
وبعد نحو عامين اعتمدت القمة الإسلامية الحادية عشرة في شهر مارس 2008م تعديل ميثاق المنظمة ليتم بموجبه تغيير مسمى المنظمة من منظمة المؤتمر الإسلامي إلى منظمة التعاون الإسلامي، كما تغير شعارها وتم في الميثاق المعدل أيضاً إدراج المبادئ الواردة في البرنامج العشري في الميثاق بما في ذلك تكريم قيم التسامح والوسطية والاعتدال واحترام الآخر والحوار مع الحضارات والثقافات الأخرى وحقوق الإنسان المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. |
وفي الواقع أن المقام لا يسمح بذكر كل المنجزات التي تحققت في عهد معالي الأمين العام، إلا أنني أستطيع القول دون مبالغة أو مجاملة أن بصمات البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلو في الأمانة العامة للمنظمة ستبقى لآماد بعيدة، وسنذكر اسمه طويلاً... وإنني على يقين بأن معاليه عندما يترجل عن منصبه في نهاية الشهر الميلادي القادم سيظل قريباً بروحه وقلبه وعقله من هذه المنظمة العتيدة كونها المؤسسة التي تمثل بارقة أمل في النهوض بالأمة واستعادة أمجادها وصفة الخيرية التي خصها الله بها. |
ولا يسعني في ختام كلمتي إلا أن أعرب عن تفاؤلنا أيضاً بقدوم معالي الأستاذ إياد أمين مدني وحمله أمانة الأمانة العامة للمنظمة، وأجزم أنه إن شاء الله سيكون خير خلف لخير سلف وسوف يكمل البنيان.. وعزاؤنا في مغادرة معالي البروفيسور إحسان أوغلو هو قدوم معالي الأستاذ إياد مدني. |
وفقنا الله جميعاً.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
عريف الحفل: شكراً سعادة السفير محمد أحمد طيب، مدير فرع وزارة الخارجية بجدة. أنقل الكلمة الآن إلى معالي فضيلة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، عضو هيئة كبار العلماء فليتفضل. |
|
|