((كلمة معالي الأستاذ إياد بن أمين مدني))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى الرسل أجمعين. |
الإخوة والأخوات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بداية أود أن أشكر للأخ الكريم الأستاذ عبد المقصود دعوته الكريمة لأشارك في هذه الأمسية وطلبه إلي ونحن نخطو إلى هذه المنصة أن أتحدث في هذه المناسبة، وهو أمر في الحقيقة عزيز على نفسي لما يربطني بمعالي الضيف العزيز معالي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو من صلة تمتد إلى سنوات طويلة ماضية، لكن الأخ أبو محمد سعيد قد وضعني في حرج إذ تمنى عليّ في خطاب الدعوة أن أقول كلمة حق في معالي الدكتور، وكلمة الحق تقتضي ذكر الإنجازات وتقتضي أيضاً ذكر الإخفاقات وسأبدأ بالإخفاقات، ولعل الإخفاق الأكبر لمعالي الدكتور أكمل الدين هو أنه لم ينجح في إفهام أي منا أن أوغلو ليست اسماً؛ فالجميع يناديه بمعالي الدكتور أوغلو، ذهب أوغلو وجاء أوغلو وتفضل أوغلو، مع أن أوغلو في التركية -حسبما فهمت من معاليه لعشر أو عشرين مرة- تعني آل فلان أو ابن فلان، فهو إذاً لم ينجح في هذا ولكن تكفيراً عن خطئي الدائم في استخدام أوغلو سأسمي نفسي من الآن فصاعداً إياد أمين أوغلو وهي تعني إياد بن أمين، ولعل علاقة معاليه بمصر قد أكسبته روح الدعابة التي يشتهر بها إخواننا هناك، إذ كنا نتجادل كثيراً أيام الإعلام حول بقاء وكالة الأنباء الإسلامية من عدمه، وهي واحدة من المؤسسات التابعة للمنظمة، الحروف الأولى لمنظمة الأنباء الإسلامية بالإنجليزية هي "إينا" (INA) Islamic News Agency، فكان معاليه كلما احتدم النقاش بيننا يقول لي يا إياد (إِنَا) لله وإنا إليه راجعون خلاص اقرؤوا عليها الفاتحة (وخلصونا). في الحقيقة طالما أنني ما زلت في حكومة الظل فلعل الحديث عنها أسهل علي من المنظمة وما تواجهه من تحديات لأن المثل يقول "من يداه في الماء ليس كمن يداه في النار"؛ فالذي يؤدي عمله ويواجه ويتصدى لكل التحديات ليس كمثل من يصف وينظِّر قبل أن يكلف نفسه عناء البحث والقراءة والمتابعة، لكن في ما أرى أن هناك قضايا شائكة تواجه المنظمة وستظل تواجهها، بعضها قد تعايشنا معه ونحن في سن الصبا، كقضية الصراع العربي-الإسرائيلي، وقضية كشمير، وأخرى جدت علينا والحمد لله العالم الإسلامي تجدُّ عليه قضايا باستمرار، قضية دول الساحل الأفريقي، الآن قضية الأقلية المسلمة في ميانمار، أقول هذه قضايا ستظل معنا لكن لا بد من أن يكون للمنظمة دور في مواجهتها وفي التعامل معها، غير أنها لا تملك في الحقيقة القرار منفردة في مثل هذه القضايا، هي قضايا تشارك فيها قوى عالمية ومنظمات عديدة، أو تتفاعل معها أو تسهم في حلها أو تعيق حلها، لكن هذا لا يعني أن لا يكون للمنظمة دور وأن لا يكون لها تفكير مستقل، ولعلها تنجح في أن تفكر كما يذهب المثل الإداري (من خارج الصندوق). |
وثمة تحدٍّ آخر في الحقيقة وهو أن المنظمة كما نعلم جميعاً يبلغ عدد أعضائها 57 دولة تتوزع على القارات الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، وربما أيضاً أمريكا الجنوبية حيث هناك عضو أيضاً، وهي بذلك أكبر منظمة عالمية بعد الأمم المتحدة من حيث عدد الدول الأعضاء؛ فالتحدي هو داخل المنظمة كيف نجعل المنظمة ممثلة في الأولويات والتفكير الاستراتيجي لكل دولة من هذه الدول الأعضاء، هذه الدول الأعضاء لها مصالحها الوطنية ولها ارتباطاتها الإقليمية ولها علاقاتها الخارجية ولها عضويتها في أكثر من منظمة عالمية وإقليمية، فكيف تكون منظمة التعاون الإسلامي في أعلى سلم أولويات هذه الدول وفي تفكيرها وفي استراتيجياتها؟ أيضاً من التحديات التي أعتقد أنه من الضروري أن يكون للمنظمة دور في التصدي لها هي الصور النمطية التي يحملها بعضنا لبعض. نحن طبعاً ولله الحمد في كل هذه الدول يجمعنا الإسلام، حتى أولئك الإخوة غير المسلمين يجمعهم الإسلام كثقافة وكمدنية وكحضارة، لكن الصورة النمطية لا تزال تحكمنا بسبب معلوماتنا القليلة عن الآخر؛ فلو أخذنا الآن شريحة من الحضور أو من أي مجموعة من المجموعات وسألناهم أسئلة تتعلق بثقافة وسياسة ومجتمع وفنون ورياضة الدول الغربية وأمريكا، ثم سألناهم الأسئلة نفسها عما يحدث في السنغال وبوركينا فاسو وإندونيسيا، فإنني أعتقد أن الإلمام والمعرفة والمتابعة لما يحدث في الساحات الأخرى أكبر وأعمق وأشمل وأكثر تفصيلاً من الإلمام والاهتمام بما يحدث في ساحات الدول التي تتشارك عضوية المنظمة، لذلك فإن التبادل الثقافي والإنساني داخل المنظمة وبين دولها هو بأهمية تنمية التبادل التجاري الذي ينمو الآن، كما تفضل الأخ أبو محمد سعيد فإن معالي الدكتور أكمل الدين هو الأمين العام التاسع لهذه المنظمة ومن دون شك فإن كل الإخوة الأفاضل الذين مروا بها قد تركوا أثراً ووضعوا لبنة، لكن الحقيقة أن معاليه قد أعلى بناءها وجعل لها صوتاً وثقلاً ومكانةً واحتراماً ليس فقط بين الدول الأعضاء بل في جميع المحافل الدولية، وهذا أمر غاية في الحيوية والأهمية لأن هناك منظمات عالمية كانت تحتكر الشأن العالمي سواء السياسي منه أو الاقتصادي أو الإغاثي. لقد أصبحت المنظمة الآن تحت قيادة معالي الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو لاعباً نشطاً فاعلاً مؤثراً معترفاً به، وفي بعض الأحيان يطلب منه أن يكون له دور أو صلة في حل بعض المشاكل، وقد تفضل معالي الدكتور واصطحبني معه في جلسة عقدها مجلس الأمن في الأمم المتحدة جلسة خصصت قبل أسبوعين لبحث آفاق التعاون وتكريس العمل المشترك ما بين مجلس الأمن ومنظمات الأمم المتحدة وبين منظمة التعاون الإسلامي، وكانت جلسة جادة دسمة في الواقع تحدث فيها كل سفراء الدول الأعضاء دائمي العضوية والأعضاء الآخرين، وقد سمعت من كلٍّ منهم -وهؤلاء ليس ديدنهم المجاملة إذ لم يكن الأمر احتفالياً ولا المنصة مخصصة للاحتفاء بشخص معين، بل هو حديث جاد حول التعاون بين المنظمات- سمعت عن الدور المتنامي للمنظمة وقيادة معالي الدكتور أكمل الدين، فكنا جميعاً فخورين بما سمعنا، لذا فمعاليه هو أهل لكل تكريم ولكل مكانة رفيعة، وأنا على يقين أن السنوات القادمة ستسجل له إن شاء الله أدواراً أخرى على القدر نفسه من الأهمية ومن التأثير، وأتمنى عليه أن يكتب لنا تجربته بتفصيل أكثر مما فعل في كتابه الذي طبع ويوزع الآن، وقد توقعت من أبي محمد سعيد أن يكون متاحاً أمام السادة والضيوف، فلعله يأمر في هذه الليلة بشراء ألف نسخة وتوزيعها على ضيوف ((الاثنينية))، لأن الدكتور يروي في كتابه قصة المنظمة منذ نشأتها وهيكلتها، نأمل أن يكون الآن لدى معالي الدكتور وقت ليكتب لنا قصته ومعاناته وتجربته، فلا بد من أنه يحتفظ ببعض الأمور لنفسه على الأقل للخمسين سنة القادمة، لكن ربما يكون قد قال ما يستحسن أن يقال، وسيكون هذا في الحقيقة كتاباً هاماً لأن الإخوة الأعزاء الذين تسلموا هذا المنصب لم يتركوا لنا أثراً نقرؤه عن المنظمة وعن الصعوبات التي واجهتها والتحديات التي مرُّوا بها، ولعل معاليه يفعل. وإن كان لي من كلمة أخيرة أقول إن من حظي أنني تعرفت بمعالي الدكتور منذ سنوات طويلة سابقة حين كان على رأس "إرسيكا" في اسطنبول، ولعل الكثير منا قد مروا بإرسيكا وتعرفوا على أعمالها وأنشطتها وإنجازاتها العديدة. أرجو إن شاء الله أن نظل على تواصل دائم وأن يكون للأمين العام السابق أياً كان تواصل مع من يأتي بعده، ولعلنا نفكر في لجنة من الحكماء تُعين أي أمين عام بإمكانه أن يضع حلولاً للمشاكل التي أمامه. كان من حظي أن أحظى بتكريم الدكتور حامد الغابد في هذا المكان وهو أحد الأمناء العامّين السابقين، والآن نسعد جميعنا بتكريم معالي الدكتور أكمل الدين وتقليد تكريمه هنا تقليد حميد يا أبا محمد سعيد أرجو أن تستمر فيه فتكون للأمناء القادمين حصة إن شاء الله. في الحقيقة لقد جئنا إلى هنا وأنتم جئتم إلى هنا لكي نحاور معالي الدكتور أكمل الدين ونستفزه ونجعله يحدثنا أكثر وأكثر عن تجربته التي امتدت تسعة أعوام على رأس منظمة التعاون الإسلامي. أشكركم مرة أخرى لإتاحتكم لي هذه الفرصة لأتحدث عنه وعن المنظمة، وأختتم بتكرار شكري وثنائي وتقديري لأبي محمد سعيد لإتاحته الفرصة لنا جميعاً للقاء معاليه ومحاورته، شكراً لكم. |
عريف الحفل: شكراً لمعالي الأستاذ إياد أمين مدني أوغلو، الذي تفضل بإلقاء كلمة ولأنه الأمين العام القادم فقد تجاوزنا الخمس دقائق المحددة للكلمات واستمعنا إليه لأكثر من خمس دقائق، على ألاّ تتجاوز الكلمات القادمة إن شاء الله هذه المدة، فأتمنى التقيد بوقت الأمسية التي نحاول ألا يتجاوز الحادية عشرة إن شاء الله ولدينا كلمات كثيرة. |
سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه: أولاً أهلاً وسهلاً ومرحباً بك في أي وقت، وقد استمعنا إلى كلمات في الحقيقة غاية في النبل والمعرفة نحن في حاجة إليها وقد وجدت من يدلي بشهادة أحسن مني وبمعرفة أكبر. نستمع إلى البقية الباقية من الإخوان الذين سيتفضلون بإلقاء كلماتهم ويا كثرة ما تلقيت الليلة من طلبات في هذه الأمسية للحديث عن معالي ضيفنا الكريم وعن المنظمة، إلا أننا سنكتفي بمن تتاح له الفرصة ومتأسف مقدماً لمن حجبنا عنهم الفرصة على أمل أن نلتقي في أمسياتنا الأخرى المستمرة القادمة بإذن الله. |
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود، وقبل أن ننتقل إلى الكلمة القادمة هذه أيضاً كلمة أرسلت إلى الأمسية خطياً وطلب مرسلها أن تقرأ بالنيابة، هي من معالي الأستاذ جميل الحجيلان يقول فيها: |
|
((كلمة معالي الأستاذ جميل الحجيلان يقرؤها عريف الحفل بالنيابة عنه))
|
معالي البروفيسور الأخ أكمل الدين إحسان أوغلو سلَّمه الله أمين عام منظمة التعاون الإسلامي. |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
سرَّني أن أجد بعد عودتي مؤخراً من الخارج رسالتكم بتاريخ 28 من يناير 2012م وما حملته من مشاعر أخوية هي موضع تقديري واعتزازي، ولقد أسعدني حقاً أن وافيتموني بنسخة من مؤلفكم التوثيقي الموضوعي القيِّم الذي تناول التعريف بالمنظمة وجاء على قضاياها وهمومها وتطلعاتها بتحليل العارف المقتدر على نحو لم يأتِ أحد من قبلكم عليه، وبذلك تضيفون إلى سجل أعوامكم الموفقة في خدمة المنظمة عملاً يعزِّز من مصداقية الجهود التي لم تضِنُّوا بها على منظمة التعاون الإسلامي يوماً من الأيام. |
كما أنكم أيضاً بعملكم هذا تقدمون إلى الباحثين في شؤون المنظمة والعالم الإسلامي مرجعاً توثيقياً ربما كان المصدر الجاد الوحيد الذي كُتب عنها. |
معالي الأخ اطلعت على ما كتبتم عن أخيكم لإحدى الصحف السعودية، لقد حملتكم مشاعر المودة وحسن الظن بأخيكم على نحو تجاوز ما أنا عليه من صفات متواضعة وهذا من كرم أخلاقكم وطيب معشركم، أدام الله توفيقه عليكم ودمتم في خير وهناء. |
((أخوكم جميل الحجيلان)) |
عريف الحفل: أما الكلمة الآن فلسعادة السفير محمد أحمد طيِّب مدير فرع وزارة الخارجية بجدة فليتفضل مشكوراً. |
|
|