الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الدكتور محمد سليم العوا وخطاب الوسطية والاعتدال

في زمن التشدد الفكري يميناً أو يساراً وفي حقبة انتكست الأمة فيها حضارياً وفكرياً، بعد أن كانت في عصور الظلام الأوروبي رائدة في كل الميادين بجهود علمائها الذين وجدوا في آيات الله الكريم ووحيه المنزَّل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما يدعوهم إلى التفكر والتدبر والتأمل في آياته الكونية الناطقة بوحدانيته وعظمته، حتى إذا ما انغلقت الأمة على نفسها وتحول العلم فيها إلى حواشٍ وهوامش مستفيضة أخذ الآخرون زمام التفوق الحضاري، وظلت مجتمعاتنا الإسلامية والعربية تراوح في مكانها بين دعاة إلى الانغلاق على النفس وغلق لباب الاجتهاد العلمي المنضبط، وبين دعاة إلى التخلص من كل التراث الذي قامت عليه حضارتنا والقطيعة معه واستبداله بكل ما هو غربي محض حتى وإن كان من القشور.

في هذا الزمن الذي طالت فيه هجعة الأمة وتكالبت عليها فيه عوامل الفرقة والشتات، والتي كان من دواعيها وأسبابها سوء ظن كل فريق بالآخر وكل جماعة بنظيرتها، استيقظنا على أصوات تعيد إلينا الأمل وتشعرنا بكينونتنا الحضارية القائمة على الوسطية والاعتدال والتسامح وفي مقدمة هذه الأصوات المفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا، ففي كل مناسبة يكون فيها ضيفاً على بعض منتديات العلم والفكر في بلادنا ومنها دارة معالي الأستاذ المفكر أحمد زكي يماني، يزداد إعجابي بإنسان يجمع في شخصيته بين العلم الشرعي وأساليب الدعوة والإقناع القائمة على الحوار وهو يذكرني بالعلماء الموسوعيين الذين عرفوا في مسيرتنا الحضارية بالتنوع والثراء الفكري والثقافي، ويقبل الناس عليهم لأنهم يتوددون إلى الآخرين ويشعرونهم بوجودهم، وقد أحسن صديقنا الشيخ الأديب عبدالمقصود خوجه لتكريمه في اثنينيته التي ترتادها كل الأطياف الفكرية ويسعى إليها رجال العلم من داخل بلادنا وخارجها.