(( الأسئلة الموجهة إلى معالي الضيف الكريم وإجاباته عليها ))
|
- شكراً لكم يا معالي الأستاذ الشاعر والأسئلة التي وردتنا من الجمهور الكريم الحاضرين، السؤال الأول من المهندس المحامي هاني إبراهيم زهران يقول لمعاليكم: ما هو أطرف موقف مر عليكم عندما كنتم أول وزير للحج والأوقاف وما هو أصعب موقف أيضاً. |
أصعب موقف جوبهت به في وزارة الحج والأوقاف أن الوزارة شكلت في شوال وقد كانت نية مبيتة عند جلالة الملك سعود بعدم قبول الكسوة التي تأتي من مصر، لما حصل من مصر من ادعاء وإتهام وأكاذيب من بعض الأشخاص، كلفت بإنجاز الكسوة في هذه المدة، وهي مدة شهر، الأمر غير مستحيل جداً، المادة موجودة الأشخاص موجودون للعمل لكن الزمن له أثر، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن توجد كسوة في شهر زمان، كي تكسى بها الكعبة، وحاولت الاستعانة بجلالة الملك فيصل رحمة الله عليه في أن يؤجل هذا الموضوع، أو توضع الكسوة بدون وضع اسم أحد الزعماء عليها، فقال لي: لا تدخلني في مشاكلك، اضطررنا إلى إيجاد الكسوة، كيف؟ سبق أن حصل خلاف بين الملك عبد العزيز ومصر عام 43 أيام المحمل وبعد الحج أمر الملك عبد العزيز بصنع الكسوة في مكة، وذهب أحد الأساتذة وجلب العمال لصناعة الكسوة، وكان في الوقت متسع، من أول السنة وأصبحت تصنع في مكة ولكن بعد عودة العلاقات السياسية مع مصر استمر وصولها من مصر، وكانت مع الأسف كسوة شوهاء وتتفتق من أدنى لمسة، ولونها باهت وحتى الكتابة عليها بالنحاس وليست بالذهب "القصب"، وجدنا كسوتين حاضرتين من ذلك التاريخ لكنها مر عليها الزمن وأصبحت في حجم ورقة السجارة … لا تتحمل، لكن هذا ما يمكن عمله، فأخذناها وركبناها أما المقصبات فقد طليناها بالذهب وركبانها في الموعـد المحـدد، ولكـن رفعناها باعتبار الكعبة محرمة في ذلك الوقت ولئلا تلمسها يد إنسان، وبعد الحج أرسلت أحد الأصدقاء إلى باكستان والهند ليتقاول على عمل كسوتين، شرط أن تصلنا في ظرف شهر واحد وبها أربعة واجهات للكعبة، فذهب الشخص وهو الشيخ عبد الله كعكي رحمة الله عليه، وأخبرني من الهند أن المطلوب حرير من اليابان، فأجبته اذهب إلى اليابان وآتهم بالحرير، فذهب وجاءهم بالحرير وعمل اتفاق معهم أنه بعد شهر تصلنا واجهة من الكسوة، وبالفعل أتت بعد شهر واجهة من الكسوة في آخر محرم وأول صفر فلبسناها وكنا قد عملنا المقصبات في هذا التاريخ واستطعنا في هذه المدة الموجزة أن نصنع كسوة حقيقية شريفة، لا يتغير لونها ولا يتشقق أوصالها وها أنتم ترونها الآن مثلما يركبونها مثلما ينزعونها... الموقف كان صعباً ولكن أعاننا الله عليه والحمد لله رب العالمين. |
- الأستاذ علي المنقري يقول: فقد عالمنا العربي مؤخراً العديد من الأدباء والشعراء والمفكرين المتميزين مثل الجواهري وغيره رحمهم الله، فهل. سيؤثر ذلك على الساحة الأدبية والفكرية العربية؟ |
هو ما في شك أن العالم العربي أصيب بنكبات، التي تسمى انقلابات، أو ثورات، هذه النكبات حرمت العالم العربي سواء في مصر أو في العراق أو في سوريا أو في ليبيا أو في السودان من وجود نوابغ في الطب والأدب والموسيقى وفي أي شيء آخر، نضرب مثلاً الأزهر، كان جامعة علمية لعلوم القرآن واللغة العربية والنحو والصرف والبلاغة والحديث وكل ما يتعلق بهذا ومع الأسف أضافوا إليه كلية تربية، وكلية هندسة، وكلية طب، ليكون جامعة علمانية، والأزهر منذ محمود شلتوت ومَن سبقه لم يبرز لنا عالماً من هذا النوع مثل الشيخ الخضر حسين ومثل الشيخ شلتوت، والشيخ أبو زهرة وآخرين، كذلك ما وجدنا موسيقيين، جميع الموسيقيين الموهوبيـن توفـوا، عبد الوهاب والسنباطي، وعبد الحليم حافظ، والموجي وبليغ حمدي - انتهوا ولم يخلف غيرهم، كذلك الحال في سوريا، كذلك الحال في العراق، في ليبيا، في السودان، في كل مكان، أصيبت البلاد العربية بنكبات لو أصيبت بها أي أمة لانمحت من الوجود، ولكن الله قدر لهذه الأمة أن تعاني وأن تكابد وإن شاء الله سيكون في صبرها فرج قريب بأن يسترشد الضالون ويهتدي المهتدون إلى ما فيه خير الأمة العربية والإسلامية وصلاحها إن شاء الله، وشكراً. |
- الأستاذ محمد منصور الشامي يقول: لكم ملحمة شعرية عن الجولان فنرجو أن تعرفونا عن هذه الملحمة. |
الملحمة موجودة في الديوان، وقد قرأ بعض أبياتها الدكتور محمود زيني، والملحمة هذه كانت عن تجربة شخصية فقد سافرت إلى لبنان ثم إلى سوريا قبل 67 وكان أحد الأصدقاء السوريين معي فأخذني إلى الجولان فوجدت هضبة مرتفعة 2500 متر، وكانت هناك قلاع موجودة من أيام شكري القوتلي سمك سقف القلعة متر مسلح كي يتحمل القنابل، ومدفع القلعة تدور ماسورته بدوران كامل وله منظار، فأمسكت الماسورة واطلعت على المنظار ووجدت أن حيفا ويافا وتل أبيب ومطار بنقوريون كلها مثل علب الكبريت أمامنا... بحيث أنه لو كانت أمريكا في مكان إسرائيل لا تستطيع أن تحتل الجولان لأنه ليس هناك طريق إطلاقاً... لكن مع الأسف، لا أعرف... مهما قلت هي انهزامات بلا معركة، وخيانات وإن أنكروها، هذا قدر الأمة ولكن إن شاء الله ربنا يهبنا ما أفسدوه إن شاء الله. |
- الدكتور محمد محسن يقول هل يغلب على شعركم الفطرة والموهبة التي تكرس التجربة الشعورية المحضة، أم يغلب عليه إحكام العقـل ومبضع الجـراح إذا جـاز هذا التعبير، أو بمعنىً آخر هل تغلب عليه الصنعة وتغلب الحنكة على دفء التجربة الشعرية وإلى أي الاتجاهين يكتب الخلود للقصيدة؟ |
المهم في القصيدة أن تكون صادرة عن صدق نفسي وعاطفي من الشاعر، لا بأس أن تكون رومانسية أو كلاسيكية أو واقعية أو شيئاً من هذا، كلها بحور في الشعر العربي حتى في الشعر العربي القديم موجود هذا، فالمطلوب من كل شاعر أن يعالج كل فن من فنون الشعر بأسلوبه سواء رومانسياً أو واقعياً أو حربياً أو عملياً أو شيئاً من هذا القبيل، إذا استطاع الشاعر أن يكون كذلك فإنه يؤدي واجبه كأحسن ما يكون. |
الشعر كما يعرف الإخوان الدكاترة كلهم موهبة قبل أن يكون صنعة، فالشاعر يولد شاعراً، منذ نعومة أظفاره ويحس بحاجته للتغني بالشعر، أنا شخصياً كنت أسكن شِعب عامر وفتحت عيني على سكان شِعب عامر وهم من ثقيف وسليم وغيرها، وكانوا يتعاطون الشعر في بيوتهم أو في ليالي في الفرعي والحدري والمجرور والمجاسي وكل هذه سمعتها بأنغامها وكتبتها وأنا لم أكن أستطيع الكتابة، وقرأت الشعر وأنا لا أحسن فهم معناه ولكن الجرس الشعري والموسيقى الشعرية كانت تدفعني إلى أن أرتبط ارتباطاً كاملاً بالشعر ولا أدعي أنني جاوزت مختلف الأساليب في ديواني سواء كان هذا صحيحاً أو خطأ أتركه للنقاد. |
- الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول: نظمتم أشعاراً عن فلسطين والقدس والحرم القدسي وأبطال الحجارة، هل كان نظمكم لهذه الأشعار من وحي زيارتكم لفلسطين أم بعيداً عنها؟ |
زرت فلسطين فعلاً قبل 67م، أعرف القدس وأريحا وبيت لحم، وأماكن كثيرة، حتى أننا ذهبنا لبيت لحم وكان فيه كنيسة، وذكر لي القس الذي بها أن هذا مولد المسيح وهنا الصخرة المطهرة التي ولد فيها، ولكن حين خرجت وجدت منطقة جبلية ووجدتها غرب القدس، ووجدتها لا يطلع فيها النخل، وقلت للقس ليس هذا موضع مولد المسيح، قال إذاً ماذا؟ قلت القرآن يشير إلى أن السيدة مريم انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً، شرق القدس، وبعدين وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً، فكلي واشربي وقري عيناً، هنا الجو بارد والنخيل ما يطلع والأرض جبلية، قال في رواية أن السيد المسيح عليه السلام ولد في أريحا، قلت نعم هي أريحا بالفعل، هناك مولد المسيح، لأنها شرق القدس، ثم فيها نخيل. |
- المحامي محمد الشنقيطي يقول: |
سألتك عن رأي لديك عن الأدب |
أتنظم حر الشعـر يـا ابـن علـي عرب؟ |
|
حاولت أن أنظم الشعر الحر وشعر التفعيلة، ولكن يأبى قلمي أن يطاوعني لأنه في رأيي الشعر له مقاييس معروفة منذ العهد الجاهلي، وهي القافية والوزن، هذه عرفها الشعراء قبل الخليل الفراهيدي، الخليل لم يوجد أوزاناً وإنما سمى هذه الأوزان، سماها الطويل، البسيط، الخفيف، السريع... وهكذا... لكن أنا شخصياً ما استطعت أن أنظم شعراً حراً... ما طاوعتني يدي لأقول. |
- د. شوقي رياض أحمد: أعقب على حضرتك في هذا الموضوع... أبيات من شعرك ترد على هذا.. |
قال لي صاحبي أفي الشعر شعر |
غـير حـر وفيـه شعر حر |
قـلت كـلا وإنما الشعر فن |
ذو بحـور فـهن مد وجزر |
قـال في وزنه يقـولون قيد |
مسـتبد وفي قـوافيه حجرُ |
قلت في وزنـه جمال وإيقاع |
وأسر وفي قـوافيه سـحر |
إنما الشعر آية الله في الفصحى |
ولا يـفهم الـفصاحة غـر |
والـذي ظنـه الدعيون شعراً |
غمغمات من الكلام وعـجر |
|
هذه إجابة على السؤال. |
- كان لكم دور هام ورأي سديد في شأن العفو عن سجناء الحقوق الخاصة، فما هو تعليق معاليكم... السائل الأستاذ خالد أسعد. |
المعتاد أن ترفع قوائم المساجين عندما كنا نعمل في وزارة الداخلية مع الملك فيصل رحمة الله عليه، كنا نعمل في رمضان وعندنا كشوف شهرية للمساجين، فالسجن، كالدكان، أناس يدخلوا وأناس يخرجون، ومن الصعب لحظة العيد أن تكون إمكانية لكل سجين، فعندنا حوالي خمسين سجيناً، فنأخذ آخر الإحصاءات ونعمل بياناً فيه اسم السجين وقضيته إلى أين انتهت وماذا حكم عليه وماذا سبق من مدة الحكم وماذا بقي منها وبالتالي يسهل معرفة من يستحقون العفو ليصدر العفو عنهم، الآن هناك طريقة قد تكون أسهل، بالنسبة للحق العام والحق الخاص، الحق الخاص ما في شك أنه حق لطرف آخر، فله الحق في أن يطالب أو يسامح والحكومة تستجيب لصاحب الحق في حقه، إنما هي تعفيه في حقها إنما صاحب الحق لا يمكن مصادرة حقه. |
- الأستاذ سعيد الخوتاني مراسل المسلمون يقول: لا غبار على شاعريتكم الفذة ولكن هل تأثرتم بالشعراء السابقين؟ |
الشاعر عادة يكون تأثر بمن سبقه من الشعراء، وقائمة الشعر العربي مليئة بشعراء أمثال أمرئ القيس إلى وقتنا الحاضر... وفي العصر العباسي الثاني كان هناك شعراء عظماء جداً مثل المتنبي وأبو فراس الحمداني، والبحتري وأبو تمام وأبو نواس وآخرين كثير، كل هذا الشعر اجتمع في فترة معينة من شعراء عمالقة جداً، وقرأتهم وقـرأت الشعر الجاهلي والشعر المنظوم سواء في السابق أو اللاحق، ما في شك أن فترة العصر العباسي الثاني أنجبت شعراء من أعظم الشعراء العرب سواء في الجاهلية أو في العصر الأخير. |
- الأستاذ محمد الشناوي يقول: استمعنا الآن للمقابل العربي لكلمة رومانسي وهي وجدانية كما سمعنا رأياً آخر ينفي هذه السمة، نأمل سماع رأيكم فأنتم الأقدر على التحديد؟ |
الرومانسية في الصياغة والوجدان في التعبير، في المعنى، وبهذا لا يكون تناقض بين هذا وهذا، نذكر مثلاً: الشريف الرضي كان أمير الحج العراقي سنوياً، فمرة حصل بينه وبين الخليفة سوء تفاهم فأرسل غيره لأمارة الحج، واشتاق الشريف الرضي للحج كما كان كل سنة فأنشأ قصيدة يقول فيها: |
عــلى بـابي ركـب الحـجاز |
أسـائله مـتى أعدو بسكان جمعي |
وأوروبا لي حديث من سكن الجزء |
ولا تـــكتباه إلا بـــدمعي |
فـاتني أن أرى الــديار بـعيني |
فـلعلي أرى الــديار بسـمعي |
|
هذا الشعر في غاية الرومانسية وفي غاية الوجدان ولكنه في قصيدة أخرى يقول "باعد عنها وأنت مطوق" فأعطى كل موضوع حقه من التعبير ومن المعاني التي يستحقها. |
- يا معالي الأستاذ الأسئلة كثيرة وربما تكون بعضها متشابهة ولكن هنا سؤال يفرض نفسه خاصة وهو الأخير طبعاً من ابنكم ومحدثكم... غدا ذكرى اليوم الوطني للمملكة فحبذا لو تعرفنا على موقف واحد لكم مع الملك عبد العزيز يرحمه الله. |
بصراحة في عهد الملك عبد العزيز كنت طالباً في المدرسة، فمـا كنت موظفـاً يعني، لا أرتقي لمقابلة الملك عبد العزيز، وإن كان مجلس الملك عبد العزيز فما كنت أحضر مجالس الملك عبد العزيز إلا أنني قابلته مرة أو مرتين وسلمت عليه، الملك عبد العزيز، لا يحتاج إلى أن أتكلم عنه تكلم عنه من هم أعظم مني، وآثاره باقية حتى الآن في إيجاد هذه الدولة الواسعة الكبيرة من الخليج الفارسي إلى البحر الأحمر، من الشمال إلى الجنوب، انحبكت كلها في بوتقة واحدة سواء في الوظائف، أو في الاستثمار، أو في الجهاد وكل شيء، الآن عندنا شعراء من جيزان ومن الجوف وعندنا أدباء من كل مكان.. في الوقت السابق ما كان هؤلاء موجودين.. لكن إتاحة الفرصة لكل من يريد الظهور عليه أن يثابر، ولقد أصبحنا بحمد الله في موقف ربما نحسد عليه، وإني أذكر قبل ثلاثين عاماً، الذي يريد أن يعمل عملية زائدة دودية أو لوزات يذهب إلى مصر، الآن عندنا فريق من أطباء القلب يقوده الدكتور حسان رفه انطلق من السعودية إلى اليمن فأجرى آلاف العمليات وإلى السودان فأجرى آلاف العمليات ومنها إلى مصر واسكندرية، ومصر فيها من هم فيها وأجرى آلاف العمليات، هذا ليس شيئاً قليلاً، شيء كبير جداً... وأصبح عندنا مستشفيات ومشافي وكل شيء، نسأل الله أن يهبنا شكر النعمة وأن يديمها علينا وأن يعم الجميع بخيره وبركته إن شاء الله. |
|