شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حرب العراق في أدبيّات غربيّة
* يقرّ خصوم "توني بلير" قبل رفاقه على أنّه من أذكى الشخصيّات السّياسية العمّالية، فإذا كان "هارولد ويلسون" يعتبر ثعلبًا في سياق رؤساء وزراء بريطانيا الذين دخلوا "داوننغ ستريت"؛ إلا أنّه عجز عن تحقيق أغلبية عمّالية كبيرة سواء في انتخابات عام 1964م أو في انتخابات عام 1974م والتي استقال بعدها بمحض إرادته عام 1976م، تاركًا لـ"جيمس كالاهان" تركة ثقيلة من اليسار المتشدّد والنّقابات العمّالية المتمردة، بينما استطاع "بلير" تحقيق انتصار ساحق في ثلاثة انتخابات متتالية، وهو بهذا يسجّل سباقًا مع رئيسة الوزراء المحافظة مارغريت تاتشر التي لم تقلع عن "داوننغ ستريت" إلا عندما ضاق رفاقها بأسلوبها الأحادي في إدارة شؤون البلاد.
* لو لم تأتِ عمليّة الغزو الأمريكي للعراق ثمّ لاحقًا الحرب الإسرائيلية على لبنان واندفاع "بلير" للتحالف مع محور "بوش-شارون" أولاً ثم محور "بوش- أوليمرت" ثانيًّا، لخرج "بلير" بسجلّ نظيف سياسيًّا؛ خصوصًا أنّه استطاع مع وزير ماليته "جوردون براون" أن يدفع بالاقتصاد البريطاني إلى الأمام ليكوّن بالتساوي مع ألمانيا أقوى اقتصاد في أوروبا.
* كتب الكثيرون عن أخطاء "بلير" السياسية، ولكن ما كتبه وزير المالية الأسبق في حكومة "تاتشر" ميجور نورمان لامونت Norman Lamont في صحيفة الديلي تلغراف The Daily Telegraph المصنّفة على أنّها محافظة ومعروفة بولائها لإسرائيل، في 10 نوفمبر 2006م أُعتبر وثيقة تاريخية هامة من أرفع مسؤول بريطاني سياسي خصوصًا للمؤسسات العربية الصحافية وسواها، والتي يبدو أحيانًا أنها تحيط نفسها بسياج عازل عما يدور حولها من أحداث هامة ومؤثرة، حيث وضع نورمان يده على الأخطاء المتراكمة للسياسة البريطانية في الشرق الأوسط، ففي مقالة "لامونت" التي اختار لها عنوانًا مثيرًا وهو: "على الأمريكيين والبريطانيين مغادرة العراق في أسرع وقت" يرى أن حرب العراق تمثل إذلالاً Humiliation للسياسة الخارجية البريطانية منذ عام 1930م، وأنها -أي هذه السّياسة-كانت بالنّسبة للعراقيين أمرًا كارثيًّا، وإذا كان الأمريكان وحلفاؤهم البريطانيون-من وجهة نظر لامونت- قد قاد غزوهم للديكتاتورية الصدامية لتحقيق انتخابات حرّة، ولكنّها أخفقت في تشكيل حكومة فاعلة ومؤثّرة تساعد العراقيين للخروج من أزماتهم.
يذكّر هذا السّياسي اللامع الغرب بأنّه كان يسعى في جملة علاقاته مع الشّرق الأوسط للحفاظ فقط على مصالحه وامتيازاته ضاربًا المثل بتعامل الأمريكيين والبريطانيين مع حركة "مصدّق" الديمقراطية في إيران والقضاء عليها في سبيل الحصول على إمدادات النفط.
ثمّ يتتبّع "لامونت" في مقالته مسار الحركات التّصحيحية التي تمّت من قبل العرب إزاء الهيمنة الغربية، وفي مقدمتها تأميم قناة السويس من قبل الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، والتي-من وجهة نظره- انحرفت بالمشاعر القوميّة العربية عن الغرب إلى المعسكر الآخر المتمثّل في الاتحاد السوفييتي. ويعترف "لامونت" بأنّ الكيان الصهيوني تم إنشاؤه بمؤازرة اليمين واليسار في المؤسسة السّياسية البريطانية ضاربًا المثل بأكثر المناصرين لإسرائيل في حكومة "إيدان" جوليان أميري Julian Amery، معتقدًا أنّ العرب رأوا في تلك المناصرة والمؤازرة الغربيّة للحركة الصهيونيّة ضربًا آخر من ضروب الاستعمار الغربي، طالبًا من "بلير" أن يبذل الجهد لنصرة الشّعب الفلسطيني وإقامة الدولتين المتجاورتين والمستقلّتين، كما بذل البريطانيون بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء الصراع البروتستانتي-الكاثوليكي في أيرلندا.
ويؤكد "لامونت" أنّه بعد الهجوم البربري الإسرائيلي على لبنان رأى العرب في المقولة المتطرفة -من وجهة النّظر الغربيّة- بإزاحة إسرائيل عن الخارطة شيئًا قابلاً للتحقق. وحظيت تلك الأقوال المنتقدة عالميًّا بزخم شعبي عربي، وأن فشل الثنائي "بوش-بلير" في تفهّم الضّيم الذي لحق بالعرب سوف يقود إلى أمر غير محمود العواقب؛ ألا وهو صدام الحضارات، وأنّ السّعي لتسويق نموذج حضاري واحد هو الخطر الحقيقي على الحضارة العالميّة التي يفترض فيها التعدّد والتنوّع والتّمايز.
 
طباعة
 القراءات :242  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج