أعـرني بـعضَ موهبـةٍ تـناهى |
إليـكَ زمـامُها وهفَتْ خطاها |
وهَـبني ومـضةً تهبُ القـوافي |
جمـالاً وهـي تمرحُ في سَناهـا |
وأكـرِمْني، ومـا أغناكَ نبضاً |
مـن الأنـفاسِ فـوّاحاً شذاها |
ومُـرها أن تمرَّ عـلى قصيدي |
فـتنفحـَه ليعبـقَ في فضاهـا |
وخُـذْ بـيدي إلى بِـكر المعاني |
فأنـتَ المبتغـى لمـن ابـتغاها |
وأنـت المنبـعُ الصـافي تروّي |
نفـوسُ الـظامئـينَ بـه ظماها |
أعّـني أن أقـولَ فـإنَّ فكـري |
تـجوّلَ في ريـاضِـك ثم تـاها |
وقـد فُتِنَ اللسانُ وراحَ زهـواً |
يُسابق أن يخـاطبكَ الشـفاهـا |
فـلا عـجبٌ إذا الكلماتُ ألغت |
مخـارجَ بـعضها ممـا اعتراهـا |
* * * * * * |
وأنجِـدْني بـروحٍ منـك تقدحْ |
بشـعري جمـرةً يذكو لظاهـا |
تـأجج فـي الحشا لذعاً خفيـاً |
أكـابدُها وغـيري لا يَـراهـا |
أُعاـنيها عـلى بُـعدٍ وأشقـى |
وأنـفثُ حـرَّها آهاً... فآهـا |
عـزيزٌ أن أرى بـلدي وأهـلي |
وقـد نُـكبت بمكروهٍ دهاهـا |
تحـكَّم في مصـائرها دعـيٌّ |
لـئيمُ الأصـلِ بالشرّ ابتلاهـا |
وسـلَّطَ مـن صنـائعه لصوصاً |
مـن النـكراتِ للبغي اصطفاها |
بـلادي والأسى قَـدرٌ رمـاها |
بـكفيّ عـابثٍ لا عَـنْ رضاها |
ومـا أثمـتْ لتلقى مـا تلاقي |
ومـرتكبُ الخـطيئةِ من أتاها |
يـعومُ بـدجلةٍ والـغيْظُ طاغٍ |
وبـالثاراتِ يـهتفُ شـاطئاها |
فـلو عـقلتْ لـكانت قد طوتْهُ |
غـريقاً واستـراحتْ ضـفِّتاها |
بـلادي، كـلُّ ما فيهـا حزينٌ |
كسيرُ الطَّرف مـنتَهكٌ حِماهـا |
بـلادي، ليسَ للشعـراءِ فيهــا |
مـنابـرُ كنَّ دومــاً مُرتقاهـا |
فـإن حكمتْ بغربتهـا المنايـا |
فليـسَ لـهم مقابـرُ في ثَراها |
سلوا (نجفَ) العراق وليسَ فيها |
مـلايـينٌ بـمقـبرةٍ سواهـا |
فلـن تجدوا رُفات (أبى فراتٍ) |
بتربتهـا، ولكـنْ في سَـماها |
تُحـوِّمُ روحـُهُ شـوقـاً إليها |
وآلافٌ تـحومُ علـى سُراهـا |
* * * * * * |
فتى الشعـراءِ قد وهبتـكَ كنزاً |
بلادُكَ حبهـا فأغنـمْ هواهـا |
ويـا سَعديـكَ في بـلدٍ حباها |
صنوفَ الخير ربُّـكَ واجـتباها |
أقـامَ بأرضـهـا بيتـاً إلـيه |
تحـجُّ النـاسُ يحملهـا تُـقاها |
وأكرمَها بـ (أحمدَ) يومَ أوحَى |
لـه فاستلهمـتْ منـهُ هُداهـا |
كـرامٌ أهـلُهـا أبـداً تراهـا |
لأهـل الفكـرِ موفوراً عطاهـا |
تضـمُّ لصـدرها الأحياء منهـم |
وتمنـحُ مَيْتَهـم قدراً وجاهـا |
تسامى الشعـرُ ممـلكـةً إليهـا |
تضُمُّـكَ يا ابنَ جِلدتِها يداهـا |
زهَـتْ حين اصطفتكَ فتىً إليها |
وحـتى الآن لم تـبرحْ فـتاها |
* * * * * * |
فـتى الشعراء مـا كرَّت لـيالٍ |
ومـزَّق سـترها فـجرٌ تلاها |
وأعـقبتِ السـنيُّ بهـا سـنياً |
وأجـيالٌ تَـعاقَبُ في مـداها |
تـظلّ الخالداتُ مـن القـوافي |
على طولِ المـدى حيّاً صـداها |
تـضاهي الشمسَ لحمتها صـفاءً |
ويـهفو البدرُ أن يـغدو سَداها |
تـوشِّحُ مـن صدور الأهل فخراً |
بـــأوسمةٍ عـليّات ذُراهــا |
فـلا عجبٌ إذا وُشِّحتَ عنهـا |
وسـاماً بـأسمهِ عقدت لـواها |
وسـامٌ حسبُ حـاملهِ انتسابا |
إلى (عبد العزيز) إذا تبـاهى |