شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مُستشرق ألماني ينتقد تحيُّز بعض الدارسين الغربيين ويمتدح علم الإسناد عند المسلمين
لم تكن في الغالب للمستعربين الألمان دوافع سياسية عند تناولهم للتراث العربي والإسلامي، ولقد برز من هؤلاء المستعربين الذين اشتهروا في عالم الاستشراق ودوائره المتعددة الباحث كارل بروكلمان، 1826- 1956م، وقد اشتهر بكتابة "تاريخ الأدب العربي"، والذي نُشر الجزءان الأول والثاني منه في برلين بين عامي 1897-1902م، ثم أعادت مؤسسة بريل طباعته 1937-1942م، وقد قام بعض الباحثين العرب مثل عبدالحليم النجار، والسيد يعقوب بكر، والدكتور رمضان عبدالتواب بنقل الكتاب إلى اللغة العربية، وصدر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وتحمل بعض الأجزاء تاريخ الإيداع فقط؛ وهو عام 1977م [انظر: تاريخ الأدب العربي، كارل برو كلمان، الجزء الأول، دار المعارف].
كما قام الباحث المعروف الدكتور صلاح الدين المنجِّد بتضمين كتابه "المنتقى من دراسات المستشرقين"، قائمة بمؤلفات الأستاذ برو كلمان الرئيسية؛ ولكن المنجِّد يعترف في ذيل الصفحة الأولى من هذه القائمة بأن الدكتور "يورج كريمر" الأستاذ المساعد في جامعة "توبنجن" بألمانيا، قام بنقل هذه القائمة من اللغة الألمانية. [انظر: المنتقي من دراسات المستشرقين، جمعها ونقلها إلى العربية وعلّق عليها الدكتور صلاح الدين المنجد، دار الكتاب الجديد، بيروت 1396هـ-1976م]، [انظر عن ترجمة برو كلمان: موسوعة المستشرقين، د. عبدالرحمن بدوي، بيروت، ط1 1984م ص57-66].
ويبرز لنا اسمٌ آخر من المستشرقين الألمان، وهو الدكتور فرانز روزنتال (Franz Rosenthal) والمولود في برلين عام 1914م، وقام بالتدريس في بعض الجامعات الأمريكية مثل جامعة بنلسفانيا، ثم أستاذًا في جامعة ييل، كما يذكر العقيقي في كتابه "المستشرقون ج3، ص 162-163، دار المعارف".
ولكن العقيقي لم يأتِ على ذكر واحد من أهم كتب "روزنتال" المتصلة بالبحث في التاريخ العربي والإسلامي وهو كتاب ذائع الصيت"A History Of Muslim Historiography" والصادر في طبعته الإنجليزية عام 1952م عن مؤسسة لايدن: A. J. Brill Leiden.
ولقد قام الباحث العربي المعروف الدكتور صالح العلي بترجمته إلى العربية تحت اسم: "علم التاريخ عند المسلمين"، وصدر عن مكتبة المثنى في بغداد، سنة 1963م، ويذكر المؤلف في تصديره لهذا الكتاب بأنه (ليس تاريخًا شاملاً لعلم التاريخ الإسلامي كما يبدو من العنوان، بل هو في خير الأحوال محاولة لتفهم المشكلات الأساسية في علم التاريخ الإسلامي).
** في القسم الأول من هذا الكتاب ترك الحديث على العموم للمؤلف، أما في القسم الثاني، فالحديث لعلماء التاريخ المسلمين أنفسهم، فهو يحتوي على نصوص الكتب التالية:
1 ـ الكافيجي: المختصر في علم التاريخ.
2 ـ السخاوي-الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ.
3 ـ الفصول الخاصة عن علم التاريخ من كتاب مفتاح السعادة لطاش كبري زادة.
ويذكر الباحث العربي المتخصص الأستاذ شاكر مصطفى، أن كتاب روزنتال (هو أول وأهم دراسة علمية جديدة موسعة في علم التاريخ العربي صدرت -حتى الآن- سواء بالعربية أو بالأجنبية وقد استند (روزنتال) في كتابه هذا المؤلف أي -علم التاريخ عند المسلمين- إلى قاعدة واسعة من الاطلاع على مختلف المؤلفات التاريخية العربية ومنها كمية واضحة في المخطوطات، واستخدم تلك المادة استخدامًا ناجحًا جدًّا في تنظيم البحث واستخلاص النتائج راسمًا بذلك لعلم التاريخ من الداخل ومن خلال المؤلفات التاريخية ملامحه الرئيسية، وجعل روزنتال كتابه قسمين الأول للدراسة والثاني للنصوص.
ولقد سبق روزنتال كما ذكرنا، علماء ألمان إلى تناول علم التاريخ عند المسلمين منهم المستشرق (وستنفلد) والذي نشر بحثه عن الكتابة التاريخية عند المسلمين سنة 1882م ثم تلاه بروكلمان، فخصص للمؤلفات التاريخية صفحات كثيرة في كتابه تاريخ الأدب العربي (مقدمة المترجم صالح العلي).
ولعل تجربة روزنتال في كتابة التاريخ العربي قادته إلى كتابة مؤلف آخر هام ذي صلة بالثقافة العربية والإسلامية ومناهجها العلمية التي استفاد منها الغربيون لاحقًا في نهضتهم العلمية والفلسفية الحديثة، فأخرج كتابه الموسوم باللغة الإنجليزية The Technique And Approach Of Muslim Scholarship.
وقد قام الدكتور أنيس فريحه بترجمة هذا الكتاب وهو (مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي)، وراجعه أستاذنا الراحل البروفسور وليد عرفات؛ أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بجامعتي لندن ولانكستر بالمملكة المتحدة، وصدر الكتاب عن الدار العربية للكتاب.
ويذكر روزنتال في مقدمة هذا الكتاب (أن القارئ سيجد في هذه الدراسة بعض الفوائد التي توضح نظرة العالم المسلم إلى المشكلات الأساسية التي تتعلق بالبحث العلمي أساليبه وطرائقه)، وينتقد الباحث الأساليب التي يستخدمها الباحثون الغربيون عند تعاطيهم مع التراث العربي والإسلامي؛ فيقول: (ومن المزالق التي ندر أن يتحاشاها الباحثون الغربيون عند تقديرهم البحث العلمي عند المسلمين، أنهم يضعون مقاييس صارمة يحكمون بموجبها على ما أنتجه الفكر الإسلامي، مقاييس أشد صرامة من تلك التي نطبقها على ذواتنا نحن الغربيين). ويقول أيضًا على تحيّز بعض الدارسين الغربيين إزاء التراث العربي والإسلامي ومستشهدًا بقضية الإسناد: (ومن جهة ثانية لماذا نبدي سخطنا على كاتب يجمع أسانيد تبعث على الضجر، أسانيد لا حصر لها تتعلق بسيرة رجل أو براوية من رواة الحديث الذين عاشوا في دمشق أو مروا بها لمامًا، بينما نحن إذا قرأنا مثل هذا في كتاب من كتب الغرب، قلنا صوابًا إنه عمل علمي وإن صاحبه قام بخدمات جليلة).
ويمتدح روزنتال طريقة ومنهج العالم المسلم أبي حامد الغزالي في تدوين كتابه القيّم (إحياء علوم الدين)؛ فيقول عنه بكل تجرد وموضوعية: (إن هذا الكاتب المسلم يتصف بالدقة العلمية والقدرة الفكرية الممتازة).. أليس غريبًا أن ينصف مستشرقون مثل روزنتال عالمًا مسلمًا مثل (الغزالي) بينما يغمطه حقه بعض بني قومه؟!
 
 
 
طباعة
 القراءات :337  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 18 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.