شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التّراثُ العربيُّ والإسلاميُّ في دائرة الاهتمام الغربي
(1) ديفيد مرجليوث
تعتبر بريطانيا بجامعاتها ودوائرها العلمية الاستشراقية مصدرًا هامًّا من مصادر التراث العربي والإسلامي - مع اختلاف البواعث والتوجّهات- وقد لعب الرحّالةُ الإيرلنديون دورًا هامًّا في هذا الميدان؛ "حيث بدأت رحلاتهم من منتصف القرن الثالث الميلادي، يرحلون إلى مصر، ومن ثم إلى سوريا وفلسطين قاصدين زيارة الأراضي المقدسة، وقد كان لظهور الإسلام، واتّساع رقعة البلاد العربية، وكذلك إنشاء المدارس العربية في إسبانيا وصقلية، وإيطاليا، والعالم المسيحي، وبفضل هذا التوسّع العربي استطاع الأوروبيون أن يأخذوا الفلسفة اليونانية عن العرب، كما أخذوا الكثير من المفاهيم العلمية من كيمياء، وجبر، ورياضيات بالطبع بعد اطّلاعهم على الفلسفة العربية، كما أن عددًا كبيرًا من علماء القرون الوسطى الذين واصلوا دراسة اللغة العربية على المستوى الجامعي كانوا من البريطانيين". [انظر: الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا، د. ميشال جحا، مجلة الفكر العربي، العدد 32، حزيران ـ يونيو، 1983، ص182 – 183].
ومن أكثر المستشرقين الإنجليز شهرة وإثارة في العصر الحديث (ديفيد صمويل مرجليوث 1858- 1940م) D.S.MARGOLIOUS (انظر: ترجمته في العقيقي، ج2، ص77-79، وموسوعة المستشرقين، ص379).
ومن أكثر كتبه إثارة للجدل ما سمّاه (محمد ونشأة الإسلام)، والذي يقع في 481 صفحة، وبين يديَّ النسخة الإنجليزية من الكتاب (MOHAMMED AND THE RISE OF ISLAM) وهي من منشورات: G P PUTNANMS SONS,1905، ويتحدث المؤلف في الفصل السادس عن هجرة النبي ‘ للمدينة، وفي الفصل السابع، عن موقعة بدر، وخصص الفصل الثامن عن موقعة أحد. ومن البداية تظهر النزعة العدائية للرسول محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، وخصوصًا في حديثه عن علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم بربيبه ومولاه زيد بن حارثة، وزواج هذا الأخير من زينب بنت جحش، ثم زواج الرسول صلّى الله عليه وسلم بأمر الوحي الإلهي بها، حتى تبطل العادة الجاهلية المعروفة، وهي تحريم الزواج من مطلقات الأبناء بالتبنّي، وهو -أي مرجليوث- كعادة عدد من المستشرقين، يفسر كثيرًا من الأحداث في ضوء الفكر الاقتصادي والسياسي الغربي، محاولاً تطبيق ذلك المنهج في خبث وهدوء على الأحداث الإسلامية التي يختلف سياقها عن السياق الفكري الغربي. أمّا الفصل التاسع فهو يختار له عنوانًا يتناسب وتعاطف الأوروبيين إيديولوجيًّا مع الحركة الصهيونية في العصر الحديث؛ فيصف ما حدث لبني قريظة بأنه إبادة جماعية، دون أن يتطرق لوثيقة المدينة التي عاملت اليهود منذ هجرة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كمواطنين مثل الأوس والخزرج، وأن اليهود نقضوا عهود المواطنة، وخصوصًا في موقعة الأحزاب، حيث تحالفوا مع كفار قريش كجبهة واحدة ضد الرسول وأتباعه، والوثيقة المعروفة لدى العديد من المستشرقين تدين عداءهم السافر ضد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم أثار (مرجليوث) زوبعة أخرى عندما نشر بحثه (أصول الشعر العربي) في مجلة الجمعية الآسيوية الملكية THE JOURNAL OF THE ROYAL A SIATIC SOCIETY , LONDON 1925.
** وقد قام الباحث المعروف الدكتور عبدالرحمن بدوي بترجمة هذا البحث ضمن بحوث أخرى عن صحة الشعر الجاهلي، في كتابه الموسوم (دراسات المستشرقين حول صحة الشعر الجاهلي) دار العلم للملايين، بيروت، ط1، نوفمبر 1979م، ص: 87-129. وفي نفس العام الذي صدرت فيه ترجمة د. بدوي لبحث (مرجليوث)، قام الباحث المتخصص في الأدب الجاهلي الدكتور يحيى الجبوري بترجمته، وتضمن الكتاب ملحقًا بـ(نصوص وتحقيقات وتعقيبات للمترجم)، وعاد الجبوري فضمّن بحث (مرجليوث) كتابه (المستشرقون والشعر الجاهلي) الصادر عن دار الغرب الإسلامي في طبعته الأولى سنة 1979م، ورد الجبوري على الشبهة التي أثارها مرجليوث، وهي أن الشعر الجاهلي لا يصوّر الدِّين الوثني في تلك المرحلة بقوله (وتناول-أي مرجليوث- الجانب الدِّيني في الشعر الجاهلي، وهي الحجة التي بنى (مرجليوث) وغيره عليها رفضهم للشعر بأنه لا يصوّر الدِّين الوثني، وزعموا بأن المسلمين استبعدوا كل ما له صلة بالدِّين الجاهلي. ويقول المؤلف -أي الجبوري- ربما حدث في بعض الأحيان، لكنه ينبغي علينا ألا نبالغ في تقدير هذه التغيرات، وذلك لأن البدو أصحاب هذا الشعر كانوا في كل الأزمان قليلي الحظ من التديّن، وأخبارهم في الجاهلية تدل على عدم تمسّكهم بالدِّين مثل الحضر أهل مكة". (المستشرقون والشعر الجاهلي، ص:59).
** ويرى الباحث الجبوري أن الدكتور طه حسين تأثر بآراء المستشرقين الذين سبقوه أو عاصروه، فأعاد صياغتها، وبالغ في أهميتها، وألحّ على جوانب منها، ومال إلى الغلو في الشكّ، والمبالغة في إطلاق الأحكام، والتعميم، واصطياد الشبهات وتضخيمها، وقد يسعفه أحيانًا شاهد مضطرب، ولم يوفق في أحيان كثيرة في إيجاد شاهد أو دليل على بعض أحكامه وتعميماته”. (المصدر السابق، ص78).
** وذكر الناشر د. أحمد حسن جغّام في تقديمه لكتاب الشعر الجاهلي لطه حسين أن الأخير “اقتبس من مناهج البحث العلمي وطرق الدراسة العصرية، في الغرب أفانين جديدة تختلف عمّا اعتاده الدارسون التقليديون من أساليب في معالجة الأدب العربي ودراسته”. (في الشعر الجاهلي طه حسين دار المعارف للطباعة والنشر، تونس).
** وحاول الدكتور طه حسين أن يبعد عنه تهمة التأثر بآراء المستشرقين وخصوصًا “مرجليوث” حول الشعر الجاهلي، وذلك عندما هاجم بحث المستشرق الفرنسي: “كليمان هيوار CLEMENT HUART” والذي نشره في المجلة الآسيوية سنة 1804م، والذي حاول فيه، "هيوار" التزييف من حيث ربطه بين شعر أمية بن الصلت، وآيات الوحي المنزل (القرآن الكريم)، واتّهمهم -أي المستشرقين- بالتعصّب الذي يرمون به الباحثين من أصحاب الديانات؟ ولعلّه يقصد -أي طه حسين- بالعبارة الأخيرة الباحثين العرب والمسلمين. (انظر: في الشعر الجاهلي، ص 94 - 96). إلاَّ أنه أمام الزوبعة التي ثارت ضد طه حسين سنة 1927م، حذف المؤلف نفسه ما كان سببًا في إثارة الضجة، وأعاد نشر الكتاب من جديد تحت عنوان “في الأدب الجاهلي".
** بين يديَّ كتاب آخر هام لـ "مرجليوث" بعنوان "دراسات عن المؤرخين العرب"، وقام بترجمته الدكتور حسين نصار: والكتاب صدر بالإنجليزية في أكسفورد عام 1929م، إلاَّ أن موضوع الانتحال ظل مسيطرًا على عقلية “مرجليوث”؛ فهو يشك مثلاً في نسبة كتاب تاريخ الدينوري لمؤلفه، إلاَّ أنه يقف وقفة نقدية موضوعية عند أرجوزة عبدالله بن المعتز الشعرية، والتي كتبها عن الخليفة العباسي "المعتضد"، وكذلك أرجوزة الأديب الأندلسي ابن عبدربه في وصف أعمال الخليفة عبدالرحمن الثالث -شعرًا- وهو يدرج هذين العملين ضمن ما سمّاه بـ“الملحمة” مقارنًا بينهما، وبين قصيدة تاسو Tasso، الموسومة "خلاص بيت المقدس"، وكذلك الملاحم الهندية العظيمة، ويتعرّض مرجليوث في الكتاب لمدونات محمد بن إسحاق، والمدائني، وهشام الكلبي، والهيثم بن عدي، والزبير بن بكار، والطبري، وأبي حنيفة الدينوري، وأحمد بن أبي طاهر طيفور، والبلاذري، وابن قتيبة، واليعقوبي، وابن مسكويه، ومحسن بن علي التنوخي، وابن عساكر، وابن الجوزي، وابن خلدون، ويرى مارجليوث "أنه لم يوجد كاتب عربي آخر سار على نهج شبيه بنهج ابن خلدون"، كما يتوقف عند نمط كتابة التاريخ في الحقبتين الأيوبية والمملوكية، ويرى أن المؤرخ المقريزي "تتفوق خططه في وصف طبوغرافية (مصر) على أي وصف آخر لدينا في العربية لأية مدينة أخرى، كما يصفها بأنها تكشف عن جهد في الإعداد والبحث أعظم ممّا كان لدى أولئك المؤلفين السابقين.
 
طباعة
 القراءات :398  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 15 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج