شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المستعربون الإنجليز والموقف من التراث العربي والإسلامي
لا ينكر الباحثون والدارسون لظاهرة الاستشراق بأن العلماء المعنيين بدراسة الشرق، (كانوا بالضرورة متأثرين بالأفكار السائدة في عصرهم، وكانوا ككل الناس مقتنعين بحق شعوبهم ودولهم في التقدم والانتشار، بل إن منهم من اعتقد أن من واجب العالِم خدمة وطنه بعلمه، وكانت الإدارة السياسية تستفيد منهم وتستشيرهم من حين لآخر، وطبعا منهم من تخصص في مجالات لم تكن لها صبغة سياسية؛ فالمستشرق (سيلفستر دي ساسي) مثلاً قام بنشر مقامات الحريري والتعاليق التي كتبت حولها بالعربية، هذا الميل -كما يرى الباحث (بنسالم حميش)- لم تكن له أية منفعة بالنسبة للاستعمار، عدا تعلم اللغة العربية طبعًا) [انظر: "بنسالم حميش في معرفة الآخر"، منشورات الزمن الكتاب 30 الرباط، 2001م، ص69-70].
ولقد تحدثنا في الحلقة السابقة عن أعمال المستشرق ديفيد صموئيل مارجليوث Margolious، 1858 - 1940م وتأثر الأديب الدكتور طه حسين بآرائه حول صحة الشعر الجاهلي، ومع أن الباحث المعروف الراحل إدوارد سعيد يسلك مرجليوث ضمن منظومة الباحثين الغربيين الذين أسسوا إطارًا مرجعيًا لمن بعدهم [انظر: إدوارد سعيد، الاستشراق، نقله إلى العربية كمال أبو ديب، ط2، 1984م، ص233].
إلا أن الباحث المتعمق في الدراسات الغربية والمعروف بانفتاحه المعرفي الدكتور عبدالرحمن بدوي يرى (أن محاضرات مرجليوث عن تطور الإسلام في بدايته)، وكتابه "محمد ونشأة الإسلام" وكتابه الآخر الذي حمل اسم الإسلام "Mohammedanism"، يرى أنه كانت تسري في هذه الأعمال التي اتخذت صبغة علمية بروح غير علمية ومتعصبة، مما جعلها تثير السخط عليه ليس فقط عند المسلمين، بل وعند كثير من المستشرقين. [انظر د. عبد الرحمن بدوي ـ موسوعة المستشرقين بيروت، ط1، 1984م، ص379].
ويعترف المستشرق والباحث في تاريخ الاستشراق الإنجليزي في القرن العشرين ليزلي مكلوجلين Leslie Macloughlin، أن مرجليوث أثار كثيرًا من غيظ وحنق المسلمين عليه جراء نشره لكتابيه Mohammed and the Rise of Islam، محمد ونشأة الإسلام وMohammedanism الإسلام، ومن المحطات التي توقّف عندها "مكلو جلين" في حياة "مرجليوث" يبوح ‏هذا الباحث الغربي بمعلومة هامة وهي أن هذا المستشرق الذي أثار ‏كثيرًا من الضجيج من خلال موقعه في جامعة "أكسفورد" الشهيرة ‏بانفتاحها على التراث العربي - منذ ما يقرب من حوالي أربعمائه ‏عام بأنه -أي مرجليوث- ينتمي لأسرة ذات جذور يهودية، وأن ‏والده كان يحتلّ موقعًا دينيًا هامًا في المؤسسة اليهودية، وهي رتبة ‏حاخام لكنه؛ أي والده بعد مدة تحول إلى المذهب الإنجليكاني ‏المسيحي والذي يمثل المذهب الديني الرسمي في المملكة المتحدة ‏البريطانية، وأنه في عام 1889م انتخب ليملأ كرسي الأستاذية في ‏جامعة أكسفورد التي قصدها من قبل دارسًا ‏New College‏ وسنه ‏آنذاك لم يتجاوز "19" عامًا، والأغرب من هذا أن الباحث نفسه (مكلوجين) يذكر أن مرجليوث بدأ حياته العلمية دارسًا للتراث ‏الإغريقي، ولكنه فشل في هذا الميدان العلمي، وهذا ما جعله بعد ذلك ‏‏يتحول إلى ميدان الدراسات العربية وذلك بعد خلو كرسي ‏الدراسات العربية في جامعة أكسفورد سنة "1889م"، وأنه اختار ‏تخصصاً هامًا ـ وهو الدراسات اللغوية العربية، وهذا أعطاه القدرة ‏بعد ذلك للتحدث بطلاقة باللغتين العربية والتركية، انظر كتاب ‏المستعرب "مكلوجين" الموسوم: في بحر المعرفة،
IN, SEA, OF ‎KNOWLEDGE BY: LESLIE, MCIOUGTILIN, 2002, P63-64
"إلا أنه كان ‏‏"مرجليوث" قد قاده تعصبه الديني لإثارة حنق المسلمين من خلال ‏دراساته عن الإسلام والمسلمين، إلا أننا نجد الباحث عبدالرحمن ‏بدوي يستدرك في خاتمة ترجمته ماجليوث قائلاً: ولهذا فإن فضل ‏‏"مرجليوث" الحقيقي ينبغي أن يلتمس لا في هذه الأبحاث المغرضة ‏أي "محمد ونشأة الإسلام" و"الإسلام" و "تطور الإسلام في بدايته" ‏و"العلاقة بين العرب واليهود" بل في نشراته الكثيرة وعلى رأسها ‏نشره لكتاب "معجم الأدباء" لياقوت "1907-1927م"، و"الرسائل لأبي ‏العلاء المعري "1898م" و"نشوار المحاضرة" للتنوخي "1921"، ثم ‏في ترجمته لقسم من تاريخ "مسكويه" [انظر: موسوعة المستشرقين، ‏ص:379]، وسوف نعرض في حلقة قادمة لعمله في كتاب "إرشاد ‏الأريب إلى معرفة الأديب" أو ما عرف باسم "معجم الأدباء أو طبقات ‏الأدباء" في مقارنة بين جهده البارز في نشر هذا الكتاب والطبعات ‏الأخرى التي خلفته.
 
 
طباعة
 القراءات :312  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج