الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

روائع القصيد على ألسنة المنشدين

شُغِلتْ الصحافة في الأسابيع الأخيرة بقضية جدلية، وهي مبادرة أحد الفنانين بإنشاد قصيدة ذات مضمون سامٍ لأحد الدعاة المعروفين، ولعلّه ممّا يثير الاستغراب أن هذه ليست المرة الأولى التي يلتقي فيها الفنّ والعلم والإبداع، فمَن أدرك من الأجيال حقبة السبعينيات والثمانينيات وبداية التسعينيات الهجرية يتذكر، كيف كان المنشدون وبعض من الفنانين يتسابقون لإنشاد الابتهالات الدينية، والمدائح النبوية، وربما قليل من جيل -اليوم- يتذكر رائعة الشاعر طاهر زمخشري التي أنشدها سعيد أبو خشبة (ربّاه)، بل إن هذا الأخير اختار بعض قائد الفقيه الشافعي المعروف الشيخ إبراهيم فطاني، -ولا نعلم أين ذهب ديوانه بعد رحيله- نعم لقد لحن أبو خشبة قصائد الشيخ الفطاني، وأنشدها، وكان أبو خشبة وأمثاله من المنشدين: حسن جاوة، حسن لبني، ومحمد بن شاهين، وحسين بخاري، ومحمود نعمان، وحسين هاشم وسواهم يحرصون على الأداء السليم لهذه القصائد، والتي يحسنون اختيارهم لها بذوقهم الإبداعي الرفيع، واشتهر كذلك الشيخ زيني بويان، وهو أحد حفظة القرآن الكريم المجودين، وصاحب صوت شجي بإنشاده لقصائد العلاّمة اللغوي المعروف شيخنا السيد محمد بن أمين كتبي -أحد علماء الحرم المكي في الحقبة الماضية- وكان الناس يتجمعون لسماع المنشد المعروف السيد حسين هاشم وهو يُنشد قصيدة الشاعر حسن الصيرفي المعروفة (أمجاد المدينة).

ومن المفارقات العجيبة أن كثيرًا من هذه القصائد كانت تذاع من إذاعتنا السعودية، ولكن وطأة التشدد حالت دون سماع هذه الأصوات الخاشعة والمُتبتّلة وأخيرًا أشير إلى أن الموسيقار التونسي الدكتور محمد صالح المهدي قام بتلحين قصيدة نبوية للشيخ عمر الرفاعي، ورائعة الشاعر عبدالعزيز الرفاعي (السلام عليك) والتي يقول مطلعها البديع:

المبدعون وكيف لي أن أُبدعا

قطفوا الروائع لم أجدْ لي مطلعا

ضفروا لسدُّتك النجوم فزاحموا

فيها، فما تركوا هنالك موضعا

ذهبوا بمدحك حيثما ذهب الهوى

فحسبتم أهدوا إليك روائعا

الحبُ يشفع إن حبوت مقصرًا

ورجوتُ في الدارين أن يشفعا