شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
محمّد علي حافظ وكلمات للتاريخ
- لا تزال ذاكرة الطفولة تحتفظ بانطباعات وجدانية خاصة عن صحيفة المدينة المنورة إبان صدورها من المدينة المنورة، وهي ذكريات تعود لأواخر السبعينيات، وبداية الثمانينيات الهجريّة، حيث كنت أدرس في المراحل الأولى بمدرسة العلوم الشرعية، فلقد كنت أقطع المسافة بين منزلنا في (السيح) أو مدخل باب قباء، وشارع العينية لأسأل ذلك الشخص الطيّب والعامل في مكتبة المرحوم ضياء عن الجريدة، وكانت المكتبة الوحيدة التي توزّع الصحف والمجلات في المدينة في هذه الحقبة التي استدعي ذكرياتها في فضاء البلدة الطاهرة.
نعم: لقد كان الإنسان (محمّد)، وأخي الكريم الأستاذ منصور ضياء يتذكّره تمامًا، يرقّ لتعلّق الفتى بالمطبوعة، فيعطيني إيّاها خلسة ليلاً قبل توزيعها في صباح اليوم التالي، وإنني لأدين -بعد الله- لهذا الشّخص بتوثيق صلتي مع هذه الجريدة، وإذا كانت صلتي بهذه الصحيفة تعود لحوالي خمسين عامًا، فإنّ غيري من أبناء المدينة المنورة، وفي مقدّمتهم معالي الصّديق الدكتور غازي عبيد مدني تعود لحقبة أطول، وخصوصًا أنّ السيدين عبيد وأمين مدني، ومحمّد شويل، وضياء الدين رجب، ومحمّد حسين زيدان، قد آزروا الرائدين الجليلين السيدين علي وعثمان حافظ عند صدور الجريدة، والتي صدر العدد الأول منها بتاريخ 26 محرم 1356هـ الموافق 8 إبريل عام 1937م.
- وقد سبق السيدان -رحمهما الله- زمنهما، فاستشرفا الأفق، وأنشآ مدرسة الصحراء بالمسيجيد في بادية المدينة، وفي وقت كان فيه أبناء الحاضرة والبادية معًا في حاجة ماسة إلى التعليم، ومن دون أن تكون لهما منافع ذاتية، والشهادة تتطلب التوثيق، فكاتب هذه السطور يروي عن والده -رحمه الله- الذي خرج من مدينته، ولم يتجاوز بعد العقد الثاني من عمره، وسكن المسيجيد لمدة ثلاثين عامًا بحثًا عن لقمة العيش الحلال.
- وكان كذلك برفقة السيد عثمان حافظ في رحلته المرهقة آنذاك لاستلام مطبعة الجريدة من ميناء مدينة ينبع (انظر: تطور الصحافة في المملكة العربية السعودية، الجزء الثاني، 1396هـ - 1976م، ص 78).
- في شارع العينية ولدت مواهب هشام ومحمّد علي حافظ الصحافية، ويرتبط اسم السيد محمّد علي حافظ بهذه الجريدة ارتباطًا وثيقًا، فلقد ولد يوم صدور أول عدد منها، حتى إنّ السيد عثمان يروي في سفره الهام عن الصحافة أنّه فكّر شخصيًّا في تسميته (صحافة)، إلا أنّ والده السيد علي حافظ تيمنًا باسم خاتم الأنبياء والمرسلين - عليه صلاة الله وسلامه- سمّاه (محمّداً)، ومن وجهة نظري الخاصة فإنّه كان للجيل الصّاعد من آل حافظ وهشام ومحمّد علي دور تاريخي هام في نقل الجريدة إلى جدة عام 1382هـ، لتعذر وجود الإمكانيات آنذاك بصدورها يوميًّا من مدينة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، لإدراكهما أنّ السّياق الفكري والأدبي الذي كان موجودًا في الخمسينيات والستينيات الهجرية قد ضعف بعض الشيء بنزوح أعداد كبيرة من أبناء المدينة للمشاركة في بناء الوطن، وفي مقدمتهم الأدباء والكتّاب، فتهيّأ لصحيفة المدينة أن تزاحم الصّحف الأخرى الموجودة آنذاك في جدة، ولقد تولّى السيّد محمّد علي حافظ رئاسة تحريرها مع بداية عهد المؤسسات الصحفية، وأستطيع القول بأنّ فكرة إنشاء صحيفة الشرق الأوسط الدولية هي -إن صحّ التعبير- من بركات صحيفة المدينة.
-إنني لأعلم أنّ السيّد محمّد علي حافظ قد فقد توأمه في مهنة المتاعب، وأنّ لذلك الفقد أثره على نفس مرهفة وحسّاسة، وإنني لأدعو متجرّدًا -بإذن الله- من أي مصلحة خاصّة، ولكنّه شيء من الوفاء نحمله نحن أبناء البلد الطّاهر للصحيفة، التي ساهمت في توعيتنا فكريًّا وثقافيًّا وأدبيًّا، نعم إنّني أدعو وزارة الثقافة والإعلام ممثّلة في وزيرها النّابه معالي الصديق إياد مدني بأن تكرّم السيد محمّد علي حافظ، وكثيرة هي مآثرك يا أبا مازن.
 
طباعة
 القراءات :284  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 39 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.