شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
محمد عبده يماني.. تواضع العلماء وشهامة الرجال
عندما أنهيت دارسة المرحلة الثانوية في طيبة الطيبة، لم يكن أمامي إلا البلد الذي أحبه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم وأحببته لحب النبي الرحيم له -أعني مكة البلد- حيث البيت الذي يطوف به الناس عابدين وعند حطيمه مستغفرين وتائبين.
أكرمني الله بأن أكون طالبًا في قسم اللغة العربية بكلية الشريعة، وهي أقدم الكليات في بلادنا، وكان ذلك بين عامي 1392-1393هـ، وفي هذه الحقبة عُيّن معالي الدكتور محمد عبده يماني مديرًا لجامعة الملك عبدالعزيز، وألحقت كليتا الشريعة والتربية بالجامعة في جدة، وكان لك من فضيلة الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان والدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة في مقدمة الشخصيات العلمية والإدارية التي أسست وعيًا جديدًا في شطر الجامعة بمكة، وكما أعطى الدكتور محمد عبده يماني جهده ورعايته للجامعة في جدة؛ فإنه في نفس الوقت كان مهتمًا بكليات مكة، وكنا طلابًا -آنذاك- نجد في أبي ياسر أُبوّة روحية، فقد رزقه الله مع العلم حُسن الخلق، فقد كان متواضعًا مع من يكبرونه سنًّا، وعطوفًا على شباب الأمس وكهول اليوم، ومراعيًا لأحوالهم، وحافظًا لكرامتهم وإنسانيتهم، لم تَحُل المناصب التي تبوّأها معالي الدكتور محمد عبده يماني من أن يعطي والديه كل الرعاية، فكان إذا قدم في نهاية الأسبوع يقصد حي "المسفلة" حيث نشأ ويسأل عن رجال الحي، ولقد أخبرني الوالد المرحوم السيد عقيل حمدي، وكان مأذونًا شرعيًّا معروفًا بمكة ومن أعيان حي الهجلة، والذي يقع بين المسفلة والشبيكة؛ بأن أستاذنا الدكتور عبده يسأل عنه إذا ما قدم مكة خصوصًا بعد أن لزم السيد عقيل داره، وإذا ذكر أهل العلم في البلد الحرام كان السيد عقيل في مقدمتهم، فلقد أخذ العلم عن محدث الحرمين الشيخ عمر حمدان المحرسي، وكذلك فضيلة شيخنا العلاّمة الزاهد والورع فضيلة السيد محمد أمين كتبي، كما كان أبو ياسر حفيًّا برجال من أمثال السيد إسحاق عزوز، وعبدالله كعكي، وعبدالله بصنوي. وهو المسلك الذي وجدته عند رجال عرفتهم مكة أمثلة مضيئة وحيّة من أمثال السيد علوي المالكي، والشيخ محمد سفر، والسيد صالح شطا، والشيخ عباس قطّان، والشيخ الوالد عبدالله محمد بصنوي، والشيخ بكر تونسي، والفريق طه خصيفان، وابنه معالي الأستاذ صالح خصيفان، والشريف شاكر بن هواع، والشريف حسين الفعر، والشيخ محمد سرور الصبان، والشيخ عبدالله بن سعيد، والشيخ عبدالله بن ظافر، وسواهم من القامات الشامخة التي كانت تبذل الكثير من مالها في أوجه الخير والبر والإصلاح، كما كانت لا تبخل بجاهها على أحد، ولقد رأيت بعيني كيف يطرق الناس باب البصنوي في وقت الظهيرة حيث تقيل الناس وتستريح، فيترك غداءه وأبناءه ليخرج إلى الطارق ويعود إلى داره وربما لم يعد إليها إلا في وقت متأخّر، وبعد أن يكون الناس قد آووا إلى مضاجعهم.
محمد عبده يماني الإنسان، من هذا الطراز الفريد من الرجال، يبتسم في وجه الصغير والكبير من الناس، يشارك الناس أفراحهم ويؤازرهم في أحزانهم في جميع أرجاء الوطن، ويبذل لهم كل جاهه وماله من غير منّة ولا فضل، ولقد سمعته يثني على دور أساتذته في جامعة الملك سعود من أمثال الدكتور عبدالعزيز الخويطر، ومعالي الدكتور رضا محمد سعيد عبيد، واتصل بي ذات يوم ليقول لي: دوّنوا ما يقوله معالي السيد أحمد زكي يماني ففي قوله علم كثير.
ومع أن تخصص أستاذنا معالي الدكتور محمد عبده يماني في علم الجيولوجيا، إلا إنه كتب في فن السيرة النبوية ما يعد فتحًا جديدًا في كتابة سيرة سيد ولد عدنان وصحابته وآل بيته رضي الله عنهم، وسلك في ذلك مسلك العلماء من تأصيل للمنهج العلمي في كتابة السيرة، ويذكّرني في كتاباته بالشيخ العلاّمة محمد الصادق عرجون، صاحب كتاب محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منهج ورسالة، وبفضيلة الدكتور عبدالحليم محمود -رحمهما الله-.
وعلى رغم مما تبوّأ معاليه من مناصب؛ فهو لم ينقطع عن الاتصال بزملائه وطلابه في قسم الجيولوجيا بكلية علوم الأرض، وهذا يشبه معالي الدكتور عبدالله عمر نصيف والذي يفتقده أبناؤه في كلية علية علوم الأرض وفي جمعية الكشافة وسواها.
وفي الختام أتوجه لمعالي الصديق الدكتور ناصر بن عبدالله بن عثمان الصالح مدير جامعة أم القرى، لتكريم هذا الرجل الذي خدم وطنه بكل صدق وحب وتواضع، وهو ورجال من أمثال الأستاذ عبدالله عبدالجبّار، وفضيلة الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان، وفضيلة الدكتور عبدالملك بن دهيش، ومعالي السيد أحمد زكي يماني، والشيخ عبدالمقصود خوجه، والشيخ عبدالرحمن فقيه، والأستاذ المؤرّخ عاتق بن غيث البلادي، وسواهم؛ فكل منهم قدّم للبلد الأمين من علمه وفضله وذلك فضل من الله ومنّة عليهم تستحق الشكر لرب العباد، وتستحق منا الاعتراف بدور الرجال المخلصين لأمتهم ووطنهم.
حفظ الله علينا ديننا، وآمننا ورزقنا من بركات البيت الحرام، ومثوى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما رزق به عباده الصالحين.
 
 
طباعة
 القراءات :442  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .