شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( في حفل تكريم أعضاء مجمع الفقه الإسلامي)) (1)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أشكر لأخي الأستاذ عبد المقصود خوجه هذه اللحظات التي يعطينا إياها لنلتقي بهذه الصفوة من رجال الفكر والعلم والأدب فجزاه الله خير الجزاء، وعفى الله عنه يزج بي دائماً في مناسبات أجد فيها حرجاً شديداً في الحديث لأني أكون أصلاً على غير علم بمجريات الموضوع الذي يتحدث فيه كما حدث الليلة فقد جئت متأخراً لظرف يعلمه، ولذلك من الصعب علي أن أعلق على ما لم أسمعه ولكني لاحظت القضية التي أثيرت وهي قضية الاقتصاد الإِسلامي والضوء الذي ألقي عليه والحقيقة كرجل مارس الاقتصاد الإِسلامي ولنا في مجال مشروعات "البركة" وما حولها من مؤسسات الاقتصاد الإِسلامي ممارسات ربما تفيد في إلقاء الضوء في أن القضية منطلقها الأساسية هو أن الناس مستخلفون في هذا المال وأن المال هو مال الله عز وجل وإن الناس يتصرفون من هذا المنطلق في إطار هذه الفلسفة يكون انطلاق أدوات الاقتصاد الإِسلامي ونحو ذلك، ولكن التجربة أثبتت أنَّ الأمة الإِسلامية تنقصها الجدية، ليس التنظير، النظريات موجودة وأسس الاقتصاد الإِسلامي كما ذكر معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم موجودة ولكن دعنا نرى ممارسات الناس، الناس يذهبون إلى الاقتصاد الإِسلامي وإلى البنوك الإِسلامية لتسأل فإذا وجدت أنَّ أرباحها أقل من البنوك الربوية ذهبت إلى البنوك الربوية، إذن القضية ما هي قضية تعبدية، إذا نحن أخذنا الموضوع بجدية واتجهنا لا يهمنا حينذاك الربح لأني أتعبد بهذا العمل وأتجه إلى الله عز وجل حتى وإن كان الربح أقل لأني أتطلع إلى رحمة الله عز وجل، لكن كثيراً من الدول ترددت لما جاءت البنوك الإِسلامية لظروف معينة أو لإِجراءات معينة كلها تدل على أننا أمة تنقصها الجدية عندما تأتي قضية أن تجعل هذا الأمر عبادة قبل كل شيء.
القضية الأخرى التي أود أن ألقي الضوء عليها نسبة لما ذكره الإِخوان الحقيقة قضية الإِعلام التي تطرقوا إليها، المؤلم أننا أصبحنا نتسلى بهذه القضية مع أن المخاطر أصبحت على الأبواب. كنا في ندوات قبل عشر سنوات نناقش عن البث المباشر وما نحو ذلك وأصبحنا اليوم وجهاً لوجه أمام هذا التحدي وفي السنوات الخمس القادمة يصبح ابني وابنك وابنتي وابنتك معرضين حتى في مخادعهم، فالطفل يستطيع أن يشتري تلفزيوناً صغيراً ويرى من خلاله أربعين محطة ولا يستطيع أن يشوش أحد عليها ولا بد أن نتصرف مع هذا الحدث بواقعية وتصرف حضاري وأن ندرك أن هذا الشر قادم وعلينا أن نستفيد مما يمكن أن نستفيد منه وأن نستعد الاستعداد اللازم له بالطروحات التي طرحت، ومع ذلك نظل في هذا الإِطار إطار الفلسفة وكأن هذا الأمر ما زال غامضاً أو لا زال الخطر القادم خطراً غير ملموس مع أنه من أكبر الأخطار التي يمكن أن تهدد الأمة في المرحلة القادمة ناهيك عمن سيمتطي هذا الأثير وما يمتطيه من عمليات التنصير وغيرها ومخاطرها التي لا تجهلونها جميعاً.. ونظراً لأني لم أحط بجميع المناقشات علماً فأود أن أقول ولعلي أستهدي بالهدهد، جئتكم من سبأ بنبأ يقين، أما ما حططت عصا الترحال إلاَّ البارحة والحقيقة أنني تجولت في مناطق إسلامية في الجمهوريات الإِسلامية في روسيا والأمر المؤلم جداً أنك تشاهد هؤلاء الناس يحملون مسؤولية أمام الله عز وجل هؤلاء لا يطلبون خبزاً ولا يطلبون عيشاً، يطلبون من يعلِّم أبناءهم، يطلبون من يتواصل معهم وبعض الأحيان نظرتنا إلى هؤلاء قد تكون نظرة شاذة ولا ندرك أبعاد المخاطر التي مروا بها مررنا بطاشقند وببخارى وعشق آباد الخ.. وكان معنا في الوفد من العقلاء من الرجال ومع ذلك لم يتحملوا عندما قمنا للصلاة وبدأنا نصلي قام مجموعة من هؤلاء وتركونا، فغضب الإِخوة وأخيراً عرفوا أنهم لم يشاهدوا أحداً يصلي قبل اليوم لا يعرفون الصلاة إذن لا بد أن نتواصل مع هؤلاء ولا بد أن نعينهم لأنهم مسؤولون أمام الله عز وجل وفي طاشقند وبخارى ولله الحمد مجموعات كبيرة من الرجال والعلماء ولكن المناطق الأخرى مسح منها الإِسلام، ظلموا، عزلوا، خاصة الشباب، اليوم كل ما نطلبه أن نؤهل أبناءهم أن يتبنى كل منا أن يعلم هؤلاء حتى يعودوا إلى بلادهم قادة للعلم، قادة للتعليم هم يطلبون أن نتواصل معهم، من كان عنده فضل طب، من كان عنده فضل علم، عليه أن يتصل بهم ليسأل عنهم، هذا تحدٍّ جديد للأمة الإِسلامية لأن هؤلاء في ذمتنا ناهيك عن المخاطر التي فوجئنا بها. حينما كنا نتجول ظننا أننا من أوائل الناس وإذا بي أرى البهائية والقاديانية والإِسماعيلية وأرى ثلاث مجموعات من جماعات الكنائس من كوريا وليس من أمريكا، كلها تريد أن تتسابق إلى هؤلاء الأشقاء وهم يكافحون بقدر ما يستطيعون ولذلك أصبحت مسؤولية أمام الله عز وجل أن نترك الحديث جانباً وأن نبدأ بجدية وأن يدرك كل منا أن باستطاعته أن يفعل شيئاً لوجه الله تعالى ولو بكلمة طيبة يقولها، ولو المجتمع كله تنادى بالحق لاستطعنا أن نؤثر في هذا العالم الذي أصبح يظلم هذه الأمة الإِسلامية ويظلم أبناءها ونحن نشاهد ونتسلى وكأنها مباريات كرة قدم، اليوم يُقتل الصربُ المسلمون في البوسنة والهرسك ذبحاً ومع ذلك نكتفي بعض الأحيان ببيانات وأحياناً بلقاءات والعالم لا يتحرك، العالم لا يحس بنا لأننا لم نشعر بهؤلاء لو وظف كل منا طاقته العلمية، الاقتصادية، الأدبية، ولو بكلمة لاستطعنا أن نتحرك ولكن صدقوني عندما تكونوا بجوار هؤلاء الناس عندما تتجولوا بأوساطهم عندها تحسون بالألم، أنا ما كنت أظن أننا وحدنا مثلاً صدمنا بقضية الجهاد الأفغاني والتشويش الذي حصل فيه ولكني فوجئت في مناطق مثل سمرقند وجدنا مجموعة من الناس وأول ما التقيت أخذوا يبكون وقالوا ما هكذا كنا نتمنى أن تكون نهاية الجهاد بالصراع لأنهم رأوا الجهاد الذي يتحدث عنه أستاذنا معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم، وأن رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم حدد لنا هذه القضية عندما قال: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، إلى جهاد النفس".. هنا عندما تأمرك النفس بأن البنك الربوي أفضل ترى أنت أن الاستثمار في البنك الإِسلامي وإن كان أقل أحسن، هنا عندما تأمرك نفسك أن الجهاد تجير لك شخصياً تعتقد أنها كلمة الله ويجب أن تعمل الشيء من أجل الله هنا تستطيع أن تروض نفسك وكما قال الشاعر:
والنفس كالطفل إن تتركه شبَّ علـى
حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فإذا كانت هذه النفس الخبيثة دائماً لا تنهاك عن باطل وتدعوك إلى إيثار نفسك على الآخرين إذن أنت فرد غير صالح في هذا المجتمع الذي حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يربي أصحابه على هذه الفضيلة وعلى هذه الدعوة.. فأنا آسف أنني نقلتكم إلى هموم العالم الإِسلامي ولكن لا بد لي من مخرج من هذا المأزق الذي وضعني فيه أخي وصديقي الأستاذ عبد المقصود خوجه، وشكراً لكم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة
 القراءات :332  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.