((كلمة سعادة الدكتور هاشم عبده هاشم))
|
صاحب المعالي الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ.. أخي وصديقي الشيخ عبد المقصود خوجه.. أصحاب المعالي والسعادة.. الإخوة والأخوات. |
مساؤكم سعيد.. وليلتكم خالية من المخاوف والتحسبات من الهيئة والمحتسبين! |
لا بد من الاعتراف منذ البداية بوجود مشكلة، وهي مشكلة حقيقية بين المجتمع والهيئة، مهما تفاوتت وطأتها بين منطقة وأخرى. وتتلخص هذه المشكلة في غياب حُسن الظن ووجود أزمة الثقة بين الطرفين، وفي سيطرتها على التعامل بين موظف الهيئة وأفراد المجتمع ذكوراً وإناثاً.. مواطنين وغير مواطنين.. وبالذات بينهم وبين فئة الشباب. |
أما سبب هذه المشكلة فهو عدم وضوح سمات وظيفة الهيئة حتى بالنسبة إلى منسوبيها، ما يؤدي إلى حدوث سوء معاملة، وعدم حُسن تصرف، وربما -في بعض الأحيان- تعدٍ على حقوق الأفراد وحرياتهم بذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. |
بداية لا بدّ من الاعتراف بأن هناك ممارسات خاطئة يرتكبها البعض، فتقابلها فظاظةِ وسوء تعامل وتجاوز للمهام والمسؤوليات من قِبَلِ موظف الهيئة، أو من قِبَلِ المحتسب أيضاً. |
وبداية علينا أن نعترف أيضاً أن مجتمعنا ليس مجتمع ملائكة، كما أنه ليس سيئاً ذلك السوء، مقارنة بما نشهده ونراه في مجتمعات أُخرى. |
وبداية أيضاً لا بدّ أن نعترف بأن جهاز الهيئة يتصرف -في بعض الأحيان- كأنه شرطة، فيقوم بعمليات مداهمة لمحلات عامة، أو لمنازل مستورة، أو لتجمعات خاصة في بعض المنتجعات وأماكن الترفيه. وفي ذلك تعدٍ –في رأي المجتمع– على حق الإنسان في الستر، وفي التصرف بما لا يتعدى على حقوق الأفراد، أو يتسبب في ضرر عام، أو خطر غير محسوب. وفي ذلك مخالفة للنصوص القرآنية ولتوجيهات السنة النبوية المطهرة، والتي تنص على أن يكون الأمر "بالمعروف"، وليس بالقوة والعنف، أو بكشف عورات الناس، أو التعدي على حقوقهم المكتسبة قانونياً وإنسانياً. |
هذا كله موجود، سواء في المجتمع وبعض أفراده، أو في الهيئة وبعض منسوبيها. وقد أوجد هذا الوضع أزمة ثقة، وأورثنا تراكماً سلبياً، انعكس على العلاقة بين الطرفين. |
لكن المفارقة الطريفة في كل هذا وذاك، هي في "أنه لا يوجد فرد واحد في مجتمعنا يطالب بإلغاء دور الهيئة، أو يرفض قيامها بمهامها ومسؤولياتها في حدود الاحترام الكامل للحقوق الشخصية والإنسانية". وهذا يعني أن هناك أرضية مشتركة للعمل وللتعاون وللتكامل معاً. وقد جاء معاليكم إلى موقع المسؤولية،واستثمر هذه الأرضية منذ البداية، وبذل -ولا يزال يبذل- جهوداً مضنية لتجسير الهوّة بين الطرفين.. وقد اتخذتم الكثير من الإجراءات، وعقدتم العديد من اللقاءات مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، ومنها صحيفتنا "عكاظ" التي استضافت معاليكم مساء يوم الاثنين 11 رمضان 1433هـ في مركزها الرئيسي بجدة، وكان اللقاء معكم مفيداً للغاية. |
ولكن الممارسات التي يرى فيها المجتمع تجاوزاً لحقوقه الطبيعية استمرت حتى الآن، في صور مختلفة. |
والسؤال الآن هو: ما العمل لكي يستمر دور الهيئة وتتواصل نجاحاتها في أداء وظائفها الطبيعية من دون مساس بحقوق الفرد، أو العائلة، أو المجتمع ككل؟ |
أسأل وأنا أدرك أن لديكم رغبة قوية لتحقيق هذه الغاية، وأن لدى جهاز الهيئة المنتشر في المملكة الرغبة نفسها، كما أن لديه إدراكاً بأهمية تصحيح العلاقة بين الطرفين لإيقاف التجاوزات التي تؤدي أحياناً إلى التسبب بجرائم قتل، أو اغتيال سمعة. |
ولا شك في أن هذه الأمسية المباركة ستكون معنية – كما فهمت من أخي أبى محمد سعيد – بالخروج بتصور شامل لمعالجة هذه المسألة، وإن كنت أرى أن وظيفة رجل أو سيدة الهيئة تبدأ وتنتهي بمراجعة نظام الهيئة وتحديد وظائفها بدقة، ومنع أي تعارض بينها وبين حقوق الإنسان، ابتداءً من إلغاء حالة سوء الظن، وبتأهيل منسوبي الهيئة وتدريبهم وتوعيتهم، وحظر هذه المهمة على ما عداهم، لأنه لا يوجد نظام في الدنيا يسمح لأي أحد أن يقوم بما بدا له، بمجرد أنه اعتبر نفسه محتسباً. |
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
عريف الحفل: شكراً للدكتور هاشم عبده هاشم. وهنا تنتهي كلمات المتحدثين، فشكراً لهم.. والآن أيها الإخوة والأخوات نترككم مع ضيفنا الكريم معالي الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليتحدث إليكم في هذه الأمسية المباركة، فليتفضل مشكوراً. |
|