((كلمة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه |
ألقاها نيابة عنه معالي الأستاذ الدكتور رضا عبيد))
|
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين، وصحابته أجمعين. |
الأستاذات والأساتذة الأكارم.. |
السلام عليكم رحمة الله وبركاته: |
احتفت اثنينيتكم عبر مسيرتها التي دخلت عامها الثاني والثلاثين، بكثير من المبدعين، في شتى مجالات العطاء الإنساني.. ولم يقتصر دورها على الفكر والأدب والشعر، بل كان للطب حضور بارز في نشاطاتها.. وضيفنا في هذه الأمسية الدكتور زهير يوسف الهليس، الاستشاري المميز في جراحة القلب بمركز الملك فيصل للقلب.. أجلس نفسه على كرسي التكريم بما له من علم وفضل، ومسيرة زاخرة بالعمل الدؤوب والتضحيات الجسام، وصولاً إلى العالمية، في واحد من أندر التخصصات الطبية.. فابن جدة البار، الذي خرج منها طالباً لدراسة الطب في جامعة الملك سعود بالرياض، يعود إليها مكرماً ومحتفىً به في هذه الأمسية، كفاء ما قدم لوطنه ومواطنيه، فأهلاً وسهلاً به بين محبيه وعارفي فضله. |
لضيفنا الكريم محطات بارزة في حياته العلمية والعملية، نذكر منها دوره المحوري في عمله مع فريق متخصص في مركز الأبحاث في مستشفى الملك فيصل التخصصي، حيث عمل على تسجيل بيانات 15 ألف طفل يعانون من عيوب خلقية في قلوبهم منذ العام 1989م، موضحاً أنهم من مختلف مناطق المملكة.. كما أتاح له المركز دراسات كثيرة عن القلب مع تزايد أمراض القلب، وبخاصة تلك المتعلقة بالعيوب الخلقية في الأطفال. يرى ضيفنا الكريم أن زواج الأقارب يؤثر في ظهور مثل هذه الحالات، فطوّر تقنية جراحية، تعرف في الأوساط الطبية بعملية ((رس)) واستخدمها على جراحة قلوب الأطفال، ما دعا إلى اعتبار المملكة إحدى الدول الأكثر خبرة في مجال جراحة قلب الأطفال، وعلى رغم تطور جراحة القلب، إلا أنه استثنى عمليات زراعة القلب للأطفال دون السنتين، لصعوبة إجرائها وعدم توافر المتبرعين. |
إن المتتبع لمسيرة ضيفنا الكريم، تسترعي انتباهه كثرة التجاوب المثمرة، والحضور المتألق في الأروقة الطبية، والطموح المتصل، والرغبة الراسخة لبلوغ المرام، لأن يكون رقماً مهماً في خارطة الإبداع العلمي، آلى على نفسه الركض بإيقاع منتظم، وخطى واثقة صوب المعلومة العميقة، يثري بها ذخيرته العلمية والطبية، تشرب منذ يفاعته بمبدأ ظل هاجسه: العلم يبني صروح المجد والسؤدد، في عالم ينبض تطوراً متنامياً، واهتماماً متشعب الحلقات في مراكز البحوث العالمية المتفردة، والاكتشافات المثيرة، فالعَالم والعالِم يتسابقان مع الزمن لتسجيل ريادة مميزة يفخر بها الإنسان وتتفيأ ظلالها الأوطان، وأحسب أن ضيفنا الكريم ممن حباهم المولى عز وجل بسطوة الإصرار، وقوة الإبحار نحو مرافئ توجَّها بدرجات علمية في مناحٍ تخصصية، بعد أن يمم وجهه صوب منارات العلم الباسقة، وصروح الجامعات السامقة، مهدت له الإمكانات المادية والبشرية والبحثية، ساهمت في تنمية مواهبه المتعطشة، وتوسيع مداركه المشرئبة إلى آفاق أكثر رحابة وإيجابية. |
أطلق رصيداً علمياً وعملياً مقدراً من الإنجازات في فضاء عطائه المهني والإنساني الباذخ، تعزز من قيمة الناتج الثقافي لحضارة بلاد الحرمين الشريفين، وتؤكد نجاعة قدرتها على الإضافة، وأعاد تسليط الضوء على بلاده من زوايا جديدة تعمد البعض إغفال النظر من خلالها، فأسقط بمنجزه المهني والعلمي الساطع كثيفاً من الضوء مبصراً بمدنية هذه الأمة. |
ضيفنا الكريم من أوائل المبتعثين الذين توفروا على فرص التأهيل وعادوا مدفوعين بتلك الرغبة الأصيلة في الإسهام في تطوير المؤسسات العلاجية والطبية بالبلاد سعياً لتوطين العلاج بالداخل، ونقلاً أميناً للتجربة المكتسبة إلى الأجيال اللاحقة. فقد استمرت خدمته بتجرد فطري لأكثر من ثلاثين سنة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض دون انقطاع، مكرساً جهده لتطوير العمل في ميادين جراحة القلب، وتوسيع مظلة الخدمات العلاجية لتشمل كافة الشرائح في مستشفيات المملكة بعامة، فمنحته هذه الخبرات المهنية المتراكمة، وما أنجزه عبرها من أوراق عمل، ومدونات علمية فاقت ثلاثمائة وخمسين بحثاً وأطروحة، قدمها في ما يزيد عن ثلاثمائة مؤتمر وملتقى محلي، وإقليمي، ودولي، إلى جانب مجهوداته القيمة في تطوير قوالب الأساليب الجراحية، واستحداثه لبعض التقنيات في عمليات أمراض الصمام والعيوب الخلقية والتي تبارت في إبرازها كبريات المجلات العلمية، والنشرات الطبية الدولية، والمواقع الإلكترونية المتخصصة إقراراً بقيمتها، منحته كل تلك الخبرات ثقلاً دولياً مستحقاً ليحسب ضمن أفضل عشرة جراحي قلب للأطفال على مستوى العالم. |
ورغم كل ما حصل عليه من مناصب وما ازدان به صدره من أنواط وأوسمة، فهو لا يخفي ولاءه العميق لما قدمه إليه وطنه العزيز من رعاية، تمثلت في ابتعاثه للدراسة في أرقى جامعات العالم، فنجده قد بادل وطنه وفاء بوفاء شكلته أفعاله العديدة لا أقواله.. وتجسد واضحاً بانتماء صلب رصين تكسرت على متاريسه كل صنوف الإغراء بالوظائف والجاه والمال في المهاجر البعيدة، التي تمتص خيرة علمائنا ومبدعينا بصنوف إغراءاتها وفتنها، وقليل من المخلصين ممن تعينهم العناية وما يجيش في صدورهم من عشق لأوطانهم الغالية من يستطيعون مقاومة كل تلك المغريات، ولعل شيئاً من هذا هو ما جعل قيادتنا الرشيدة تبادل وفاءه عطاءً تمثل في تقليده وسام الملك عبد العزيز. |
مرة أخرى أرحب بسعادة ضيفنا الكريم آملاً أن يتجدد اللقاء الأسبوع القادم وأنتم بخير مع سعادة الدكتور عبد العزيز ناصر المانع، في رحلة يحفها الشعر والنثر، وهو أكاديمي معروف حائز على جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي عن موضوعه: ((تحقيق المؤلفات الأدبية الشعرية والنثرية المصنفة في المدة من 300هـ إلى 700 هـ))، وغير ذلك من أمهات الكتب التي قام بتحقيقها
(1)
.. |
طبتم وطابت بكم ولكم الحياة.... |
عريف الحفل: شكراً لمعالي الدكتور رضا عبيد وقد ألقى كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه شفاه الله ومتعه بالصحة والعافية.. أود أن أشير أيها الإخوة والأخوات أيضاً في قسم السيدات أنه بعد أن تعطى الكلمة لفارس الأمسية ستتم محاورته بعد أن نستمع إلى حديثه ومحاضرته الليلة، وستعطى الفرصة للأسئلة والمحاورة، فنرجو أن يتلطف السائلون والسائلات بإلقائها مباشرة على أن يكون سؤالاً واحداً لكل سائل وسائلة يلقى مباشرة ويعرف السائل أو السائلة بنفسيهما ومهنتيهما.. الآن هناك بعض الكلمات الترحيبية بضيفنا الكريم نبدأها بكلمة لسعادة الدكتور حمود أبو طالب الطبيب والكاتب الصحفي المعروف. |
|