شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، أحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين، وصحابته الغر الميامين.
الأستاذات والأساتذة الأفاضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
تفتقت زنابق وعيه بجوار البيت العتيق، وحفظ القرآن الكريم.. ثم نهل العلم من بيت علم وأدب وفضل، فكان شامة بين أقرانه، حقيق بنا أن نحتفي به الليلة، كما احتفينا دائماً بعلمه، وندي صوته، إماماً وخطيباً بالمسجد الحرام.
فالتحية أعمقها وأجملها لضيفنا الكبير معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، عضو هيئة كبار العلماء، رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقاً، المستشار بالديوان الملكي.
نشأ وتلقى تعليمه على بطحاء مكة المكرمة الزكية.. وبين هذه الأجواء الروحانية، العبقة بمجامع الإيمان وتسامي الوجدان، وطَّن ضيفنا الكريم نفسه على حمل أمانة الكلمة، فسار على دربها متعلماً، وعالماً، ومعلماً.. فتحصيل العلم مبدؤه جثو على الركب، ومزاحمة المناكب في حلق الدرس والتحصيل.. فضلاً عن كونه مسؤولية الشرفاء، ومقاصد النبلاء، ورسالة الأنبياء.. فمهَّد المولى عز وجل له طريق الوصول إلى أعلى الدرجات الأكاديمية، ثم نبغ في مجال الخطابة، فزانته هيبة العلم، ورفعه تواضعه، وقربه نحو العُلى جليل علمه، وعميق فكره، وثاقب رأيه.
إن المتتبع لخطب معالي ضيفنا الكبير، يجد أنها قريبة من ذائقة وهموم وشواغل المسلمين في كل مكان.. فهو لا يحصر نفسه وعلمه في دائرة ضيقة تجعل من ((الأنا)) قطب رحى، ولا من ((المحلي)) أنموذجاً يسود الإقليمي والعالمي، بل تتسع رؤاه ليصل صوته جميع أركان العالم الإسلامي.. متمكناً من حفظ التوازن بين عطائه الفكري على المستوى النظري، والعملي على مستوى التطبيق.. حتى وجد مسلمو الشتات والأقليات لشوارد همومهم متسعاً في نبض ضيفنا الكريم.. تناول معاليه في كتابه الموسوم ((خطب المسجد الحرام)) موضوعات عصرية بلغة مبهرة، يتطابق فيها المقال بمقتضيات الأحوال؛ تناول الأمانة والمسؤولية، وصنائع المعروف، والاتباع لا الابتداع وغيرها كثير، بأسلوب موجز مرتبة أفكاره، يهدئ بها الثائر، ويبعث الفاتر، ويطفئ بها حدة الغريزة، ويخفي بها حدة الأحقاد، ويشيع روح المودة، ويثبت الاختلاف والفضائل والمكارم.. وكأني به يستحضر قول أفلاطون ((لكل أمر حقيقة، ولكل زمان طريقة، ولكل إنسان خليقة، فالتمس من الأمور حقائقها، وأجر الأزمنة على طرائقها، وعامل الناس على خلائقها)). فهو كتاب مفتوح للجميع.. يستطيع كل من يتعامل مع الكلمة والواقع الاجتماعي بأبعاده المختلفة أن يقرأ عناوين عطائه، ومن أراد المزيد فليبحر بين السطور ليرسم الصورة التي تحقق مبتغاه فهماً وإدراكاً لشخصية عامة. فهو وإن رضع لبانة علمه وفضله من البلد الأمين، إلا أن مجامع علمه استوعبت متغيرات العالم من حوله، فمنحها الكثير من الاهتمام والرعاية والعناية ما أسهم في ترابط بنيان الأمة، ولم يزل الشوط طويلاً، والشقة بعيدة، وصولاً إلى ما يصبو إليه من وحدة الصف، وتكامل العطاء، ليصبح العالم الإسلامي لحمة واحدة في زمن التكتلات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، التي استحوذت على صناعة القرار عالمياً.
وبجانب الخطب والمحاضرات والندوات، التي جمعها في أربعة مجلدات بعنوان ((توجيهات وذكرى))، تأتي مؤلفات ضيفنا الكبير لتكشف جوانب من اهتماماته المتشعبة، فهو بمنأى عن كهوف الجمود.. وغياهب الجحود.. مدركاً بحسه الفطري أن الخطاب الديني في تطور مستمر، فجاءت منظومة مؤلفاته جامعة بشفافية واعية بين الشريعة والحياة العامة التي تموج بين جنبات المجتمع.. فمن ((أدب الخلاف)) إلى ((البيت السعيد وخلاف الزوجين)) إلى ((القدوة)) إلى ((التربية وتغيير السلوك)) نجد مجموعة من القيم السامية التي تؤطر علاقة المسلم ببيئته وحياته الاجتماعية، وتسعى إلى النهوض به كإنسان كرمه المولى عز وجل. إن المجتمعات الإسلامية في أمس الحاجة إلى التمسك بهذه القيم كلما اتسع الخرق على الراتق، وفاض كيل الكتابات العبثية، مع انتشار بعض التغريدات على شبكة الإنترنت في محاولات بئيسة لقلب موازين الكلمة من كونها صولة فكر إلى نفق عكر.
وأحسب أن من أهم ما صدر لضيفنا الكبير كتابه الموسوم "تاريخ أمة في سير أئمة" الذي صدر مؤخراً عن مركز تاريخ مكة المكرمة في خمسة أجزاء، فهو يترجم لأئمة الحرمين الشريفين منذ عصر النبوة، الذي شرف بإمام المرسلين وقائد الغر المحجلين صلّى الله عليه و سلم معلماً للبشرية جمعاء، مروراً بما تلاه من عصور تراوحت بين مد وجزر في عطائها وتمكينها، توسعها وانحسارها.. وصولاً إلى عصرنا الحاضر الذي نأمل أن يفضي إلى خير منه.
وقد بلور معالي ضيفنا الكريم تاريخ الأمة من خلال سير أئمة الحرمين الشريفين، ويدرك المتلقي مدى المعاناة التي تكبّدها فضيلة شيخنا المفضال لتوثيق هذا العمل الرائد في بابه، وإضاءته السير الذاتية حتى تتكامل مع مختلف جوانب الحياة السائدة في زمن المُترجَم له، وبالتالي أضحت بعض السير محوراً تدور حوله سلسلة أحداث تكشف جانباً من مكنونات التاريخ، والأدب، والاقتصاد، والسياسة، التي واكبت الفترة الزمنية التي عاشها صاحب الترجمة من أئمة الحرمين الشريفين.. ولم يغفل فضيلته الإشارة إلى نماذج من إبداعات أصحاب التراجم سواء كانت شعراً، أو نثراً، أو فتاوى، أو تدريساً بالمقامات المختلفة.
سعداء أن نجلس اليوم إلى عالِم جليل في قامة وقيمة معالي شيخنا الكريم، آملين أن يتحفنا مشكوراً بدرر قوله، وجميل فضله، حتى نعيش معاً متعة التجول في بساتين هذا السفر الكبير.
فهنيئاً له محبة ملايين المسلمين التي غمرت مسيرة دربه الحافل بالعطاء، وهنيئاً لنا عالماً عاملاً له في البذل علامات، وفي مرافئ الخير شارات وإضاءات.
آملين أن نلتقي الأسبوع القادم لنحتفي بالأستاذ الدكتور زهير الهليس، الحائز على وسام الملك عبد العزيز.. وهو من أعمدة مستشفى الملك فيصل التخصصي، أجرى أكثر من خمسة عشر ألف عملية قلب مفتوح على مدى ثلاثين سنة، أكثر من نصفها للأطفال، فله سبحانه الحمد والمنة.
طبتم وطابت لكم الحياة.
والسلام عليكم ورحمة الله...
الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه: لي كلمة صغيرة.. الحقيقة أن كلمتي أحب دائماً أن أعبر عنها أو أعبر من خلالها عن فضل الضيف وعلمه بما يجعله يستحق أن يقتعد مقعده، لأن ((الاثنينية)) أو الأشخاص الذين يشرفون بمجلس الرعاة ليس لهم من الأمر شيئاً فالمجلس الذي يقتعده فضيلة الدكتور هو مقعده وهو صاحبه ولسنا نحن إلا تلامذة بين يديه نجثو على الركب لنستمع إليه، فأرجو من السادة الأفاضل الذين سيتكلمون أن يوجزوا في كلماتهم لنعطي أكبر مساحة لما سيقوله أستاذنا وللحوار الذي سيدور بينه وبين الموجودين وشكراً لكم.
عريف الحفل: شكراً سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه على هذه الكلمة الترحيبية ونضم صوتنا إلى صوته في ضرورة الاختصار في الكلمات التي ستعطى لبعض الإخوة للحديث عن ضيفنا. قبل أن نستمع ونشرف جميعاً بالاستماع إلى كلمته في هذه الأمسية أود أن أشير إلى أنه بعد أن تعطى الكلمة أيضاً لفارس الأمسية فضيلة الشيخ الدكتور ضيفنا هذه الليلة، ستتم محاورته عن طريق الأسئلة التي نرجو أيضاً أن تتفضلوا بإلقائها مباشرة سواء في قسم الرجال هنا أو في قسم السيدات، على أن يكون سؤالاً واحداً لكل سائل أو سائلة ويكون مختصراً بعد أن يعرّف السائل أو السائلة بأنفسهم ومهنتهم. الآن الكلمات الترحيبية من بعض الإخوة الذين طلبوا التحدث عن ضيفنا وفارس أمسيتنا فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد. أولاً الكلمة لمعالي فضيلة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان المفكر الإسلامي عضو هيئة كبار العلماء.
 
طباعة
 القراءات :458  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 32 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.