شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى بها))
سؤال من الدكتور مدني علاقي: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الأستاذة الدكتورة حياة سندي، لقد أشعلتِ هذه ((الاثنينية)) في أول لقاء لها بعد انقطاع دام أكثر من سنة، ونحن نعتزّ بك كونك امرأة عربية تشكلين مثالاً يحتذى ليس في عالمنا العربي فحسب وإنما في العالم بقاراته ودوله. سؤالي للدكتورة: إلامَ ترجعين تطور البحث العلمي ومخرجاته في العالم الأول، هل إلى الإمكانيات والتجهيزات والأدوات، أم إلى الإيمان بأهمية البحث العلمي؟ أم هناك أسباب أخرى؟ لماذا بعد أن كنا في العالم العربي والإسلامي أئمة البحث والابتكار والاختراع، نحن اليوم في العالم الآخر؟ كيف ننهض؟ وكيف نبدأ؟ وعلى من تقع المسؤولية في إحياء هذا التراث العظيم للأمة العربية والإسلامية في البحث العلمي والاختراع والابتكار؟ شكراً.
الدكتورة حياة سندي: أرجع إلى بداية السؤال عندما قلت إننا كنا في العالم العربي والإسلامي أئمة البحث والابتكار وكيف أننا وصلنا الآن، نحن نضع أكثر اللوم على المخترعين، والابتكارات لا تأتي من فراغ بل من تهيئة بيئة، نحن لدينا شيء من الكسل ونريد أن نرجع كما كنا، فاعتبر ذلك مثل ركوب الدراجة، فلا يمكن، هذه بيئة متكاملة تقوم وتنهض بالابتكارات، ولا بد أن يكون للإنسان إيمان بالعمل وبالبحث العلمي. نحن عمرنا في البحث العلمي 80 إلى 100 سنة، مقارنة بالبحث العلمي في الدول المتقدمة، هذا ليس عذراً في أننا لم نتقدم، ولا بد من بيئة عمل جيدة تعتبر جنة العالِـم حيث توفر له الإمكانيات التي يحتاجها والحرية في التخيل والابتكار ويكون حوله العلماء الذين يستشيرهم ويتحاور معهم، ولا بد أن نشير إلى أنه لا يوجد مخترع أوجد شيئاً من العدم فكل اختراع يُبنى في الأساس على نظرية سابقة فلا بد من وصل هذه الجذور مع العلماء من قبل ومن بعد ليكون هنالك تطور. هذا الاختراع الذي اخترعته أنا أحتاج ربما إلى 17 باحثاً معي لأنتج شيئاً يكون له دور في الحياة، ثم لا بد أن يكون هنالك تقدير اجتماعي للباحث وأقصد به الجمهور والمسؤولين ورجال الأعمال الذين عليهم أن يضموا جهودهم إلى جهود الباحث للوصول إلى عمل ناجح. رجال الأعمال يتخوفون من الاستثمار في البحث العلمي وليست لديهم الجرأة ليضعوا أموالهم في البحث العلمي، كما لا بد من تهيئة البيئة المناسبة التي تؤمن لكل فرد من أفراد المجتمع دوراً لتكون لنا نهضة ونكون كما كنا مع العالم المتقدم.
عريفة الحفل: إذن السؤال سوف يلقيه الدكتور يوسف العارف.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أولاً أنا ربما واحد من هذه الوجوه الطيبة السعيدة جداً بعودة ((الاثنينية)) ونتمنى للشيخ عبد المقصود خوجه كل الصحة والعافية حتى تستمر.. صحيح أنها غابت عنا السنة الماضية لكن عودتها واستمرارها إن شاء الله سوف يتحقق، ولنا طلب عند الشيخ عبد المقصود هو أن تتحول هذه ((الاثنينية)) إلى مؤسسة نضمن تواجدنا فيها طوال العمر إن شاء الله بوجود شيخنا عبد المقصود خوجه.. سؤالي هو: د. حياة نحن فخورون جداً بك كمواطنة سعودية وكامرأة قدمت لهذا الوطن. هناك مقولة معروفة كل الناس يتحدثون بها وهي هجرة العقول العربية أو يقولون شراء العقول العربية أو سرقة العقول العربية.. أنت حياة سندي التي عملت ودرست وتعلمت في الغرب ماذا تقول في هذه المقولة؟ وأين تضع نفسها؟ أنا أعتقد بأن الغرب يصنع العقلية العربية والعقل العربي هو الذي يختار أن يهاجر أو يبقى.. إن شاء الله وجودك في جدة والمعهد الذي سنشارك في افتتاحه قريباً يؤكد على أن حياة سندي ابنة هذا البلد ستكون لهذا البلد. المسألة الثالثة: لقد تحدثت عن أسرتك المؤلفة من ثمانية أشخاص وبأن الوالد والوالدة قد عارضا سفرك إلى الخارج، أنا أتمنى أن نتعرف إلى الدور الحقيقي للأب والأم - وأنا لا أعرف اسم الوالد حتى من سيرتك ((حياة سندي)) - أتمنى أن نعرف دور الأب والأم وأنا متأكد أن دورهما كان كبيراً ويستحقان في الحقيقة أن ندعو لهما.. شكراً لك.
دكتورة حياة سندي: سوف أبدأ بالسؤال الثاني.. طبعاً ما كنت لأصل إلى شيء إلا بفضل أمي.. بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل ورضا الوالدين ودعمهما.. والدي رحمة الله عليه وأمي التي أدعو الله أن يعطيها الصحة والعافية وطول العمر كانا هما الداعمين، وبما أن والدي كان اتخذ القرار بدعمه لي بعدما اقتنع بأن يرسلني فإنه عندما كنت أكلمه لم يكن يشعرني يوماً بأنه تعبان أو يقول لي ارجعي، بل كان يسألني: كيف حالك هل أنتِ سعيدة؟ إذا كنت سعيدة فأنا سعيد.. والأمر نفسه بالنسبة لأمي. لقد نشأنا منذ صغرنا بعيداً عن الضغط، كأن يقال لي مثلاً أنه عليّ أن أحقق المركز الأول في الدراسة أو شيء من هذا القبيل.. لا.. كنا ثمانية أطفال تربينا جميعنا على تقدير العلم، لكن بعيداً عن أي ضغط.. وقد كان والدي من النوع الذي يحب العلم لذا فأنا متعلقة به جداً لأنني كنت دائماً بجانبه عندما كان يقرأ المجلات ويشغف بقراءة أو سماع أي شيء في العلوم والتكنولوجيا، وكنت أحب أن أقرأها قبله لكي أبهره بها.. طبعاً من غير رضاهم ومن غير دعائهم ما كنت لأكون شيئاً.. كنت أتمنى أن يكون أبي معنا هنا هذا اليوم، مع أني لم أعبّر عن إحساسي هذا في البداية لأن فرحتي بوجودي معكم هنا قد طغت على ما عداها من مشاعر.. أتمنى لو كان معي.. طبعاً هو عندما ودعني في المطار قال لي كلمة واحدة: ارفعي رأسي يا حياة.. فكانت هذه الكلمة دعماً كبيراً لي كلما كنت أتعب، وقد كانت السنة الأولى طبعاً صعبة جداً بالنسبة إلي أنا الفتاة المتعلقة بالأسرة والمتعلقة بأمي وقد كنت بينهما كل يوم، فكيف استطعت أن انفصل عنهما وأستمر.. إنه فقط اكتشافي بأن هدفي في الحياة أكبر من احتياجاتي، بأن هدفي هو خدمة الإنسان.. صحيح أنه كان أفضل بالنسبة إلي أن أكون بينهم وفي حضنهم حيث الحياة أسهل وأفضل، لكن رسالتي في الحياة جعلتني أضغط على نفسي، فكنت كلما كلمت أمي - وقد كنت أكلمها مرة في الشهر - أخشى أن أضعف أنا أو أن يتغير تفكيرها فتقول لي إرجعي، وفي تلك الحالة لا أستطيع أن أغضبها.. طبعاً لا أستطيع أن أغفل دعم إخوتي وأخواتي لي، ونحن كلنا متميزون لكني أنا الوحيدة العالمة في الأسرة، وقد اختار كل منا مجاله في الجامعة والحياة؛ من أدب إنجليزي أو شريعة.. وهذه كلها علوم يحتاجها أي مجتمع لأنها تكمل بعضها البعض. أما سؤالك الأول عن العقول المهاجرة فقد تطرقت إليه في كلمتي لكني أقول: أنا لم أسافر في حياتي وأترك الوطن إلا للدراسة، ولا أزال أذكر أول يوم سافرت فيه إلى بريطانيا حيث وصلت في ليلة ماطرة وباردة في فصل الشتاء طبعاً، فأخذوني إلى ما يشبه الفندق بهدف التوفير، حتى أن الكلمات القليلة التي تعلمتها في الطيارة لم أستطع استخدامها فجلست أبكي خائفة، ثم أوصلوني إلى غرفة صغيرة لأبيت فيها حتى الغد، وهناك جلست أبكي وقررت العودة ما إن يطلع الصباح، ثم تأكدت من تذكرة السفر ووجدت أن أبي قد حجز للعودة أيضاً فقلت الحمد لله، فنمت على أمل العودة حتى من دون أن أخلع حجابي وملابس السفر، ثم استيقظت في صباح اليوم التالي وفتحت الشباك فرأيت الشمس مشرقة.. شاهدت الناس يمشون في الشارع فطبعاً راجعت نفسي وقلت: لقد فعلتها، لقد جئت إلى هنا بعد صراع طويل وصبر وإصرار لكي أقنع أهلي. أعود لموضوع العقول المهاجرة، طبعاً أنا أجريت دراسة في عام 2005 قدمتها ضمن ورقة إلى الـEconomic Forum في جدة عن العقول المهاجرة. ورقة العمل هذه استغرق إعدادها معي حوالي ستة أشهر، وجدت خلالها أن أول دولة في العالم لديها أكبر عدد من العقول المهاجرة هي بريطانيا.. لماذا؟ لأن البريطانيين يملكون الإبداع بالطبع لكن حرية الإبداع تأتي من أمريكا. إذاً فإن مسألة العقول المهاجرة ليست حكراً على الدول العربية فحسب، بل هي تأتي من كون الجميع في العالم يبحثون عن مناخ الحرية الذي تكلمت عنه والذي يستطيع المبدع أن يعطي في ظله. وفي ما يتعلق بي فإن خروجي من بلد إلى بلد وكل اختراعاتي وكل دراساتي كانت كلها بهدف خدمة السعودية بلدي وخدمة البشرية، ووجود هذا المركز طبعاً كان مخططاً له منذ عشر سنين، لكن كل شيء سبحان الله يأخذ وقته والآن الحمد لله وصلنا إلى هذه المرحلة وانطلقنا وهذه الخدمة للشابات والشباب في العالم العربي من غير قيد إن لجهة الشكل أو الدين أو اللون أو الجنس أو النوع.. فالجميع ينتمون إلى هذا المركز ويهيّأ لهم المناخ الذي يستطيعون في ظله تجهيز اختراعاتهم وابتكاراتهم لشركات موجودة في العالم العربي بهدف خلق فرص العمل والتسويق وإيجاد بصمة لكل الدول العربية والإسلامية.. إن شاء الله أكون قد أجبت عن سؤالك.
عريفة الحفل: الزميلة نازك.
نازك الإمام: دكتورة حياة اسمحي لي بسؤال:
لقد ذكر البروفيسور كنغ رئيس قسم الدراسات العليا بمعهد دراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة لندن خلال جلسات مؤتمر المرأة الخليجية أنه يعدك بأنه بعد اليوم لن يرفض أوراق أي سعودي يتقدم إلى المعهد قبل أن يمنحه فرصاً كافية ومتكافئة مع غيره دون حكم مسبق. فماذا كان وقع هذا الوعد في نفسك؟ شكراً لك.
دكتورة حياة سندي: إن نظريتي في الحياة الإنسانية تقول بأن الإنسان عندما يعطي لوجوده شيئاً في الحياة كشيء يمتلكه مثلاً أو مهنة يعمل بها فإنه يجب عليه أن يعطي شيئاً مما لديه للمجتمع، من دون أن يجعل نفسه نجمة يهتدي الناس بها ومن دون أن يؤثر في حياتهم. وقد كانت لدي ورقة عمل عن دور المرأة السعودية في التعليم، فإذا بي أستعرض قصة حياتي وكيف تم في البداية رفض الأمر رفضاً تاماً وعارضوني بشدة من دون أن يمنحوني فرصة، حتى عندما بدأت أدرس المرحلة الثانوية رفض مديرو المدارس أن يقبلوني في المرحلة الثانوية وقالوا لي إنني سوف أُنزل من مستوى الفصل.. وما كان أحد يرضى بأن يصدقني بأنني فعلاً أستطيع أو يعطيني فرصة لكي أثبت له ذلك.. وهذا الأمر مؤلم جداً لأي إنسان في مرحلة مصيرية من حياته. والآن أشد ما يعانيه الشباب إحساسهم أن لا أحد يسمعهم أو أن قدراتهم أو مجهوداتهم ليس لها أي اعتبار، لذلك نراهم يحصرون حياتهم بسباق السيارات أو شيء آخر من هذا القبيل لأنهم سيشعرون أن بإمكانهم أن يعطوا شيئاً ما.. طبعاً أنا قدمت ورقتي حول هذا الكلام وكان رئيس اللجنة بروفيسور كنغ فتأسّف وقال لي: إن ما مررتِ به لا أستطيع أن أدع أي إنسان آخر يمر به وأعدك أن أي إنسان آخر يريد أن يقدم أوراقه للجامعة في لندن فسوف نعطيه الفرصة وأقرأ سيرته الذاتية وأقابله لكي أرى مؤهلاته التي ربما تكون غير كافية لكن على الأقل أعطيه الفرصة وأسمع منه ولا أرفضه من البداية. فكان هذا من ضمن ما استطعت أن أساعد به جيل الشباب لا سيما من نرسلهم لكي يتعلموا في الخارج، فبلادنا ومدارسنا ليست بنفس المستوى لذلك نحن نرسل بناتنا وأولادنا ليتعلموا في الخارج فنحن لدينا 80 سنة وفي الخارج متقدمون علينا بـ800 سنة وآخرون بـ400 سنة، لذا نحن نحتاج إلى تبادل هذه الثقافة ونحتاج إلى أن نعلم أولادنا في الخارج لكي يرجعوا وينفعوا بلدهم، وهم عندما يسافرون للدراسة يلاحظون في الواقع فجوة كبيرة وتواجههم صعوبات كبيرة من ناحية الثقافة من ناحية الغربة من ناحية الجو العاطفي لا سيما بالنسبة للفتيات، حيث تكون الفتاة بعيدة عن أهلها وعليها أن تتعلم كيف تتماشى وكيف تتأقلم وكيف تكون مقبولة من المجتمع وكيف تحافظ على هويتها في الوقت نفسه وماذا يجب أن تتخلى عنه وماذا يجب ألا تتخلّى عنه، فهناك صراع كبير بينك وبين نفسك وبالذات أننا نريدهم أن يتعلموا وينتجوا ويثابروا فينبغي أن نستطيع مساعدتهم لكي يكملوا طريقهم، وأنا طبعاً عندما قال لي بروفيسور كينغ هذه الكلمة شعرت بأنني ساعدت ولو بشيء بسيط جداً وهو ألا يتم رفضهم قبل أن يتم الاستماع إليهم.. لذا رأيت أن أنشئ هذا المركز لكي أسهل العقبات التي مررت بها لأن الناس لا يشبهون بعضهم ولا يملكون جميعهم القوة والصبر على تحمل الصعاب والتأقلم فمنهم من يضعف ومنهم من يعود وقد يكونون موهوبين أكثر مني بألف مرة لكنهم لم يجدوا من يعطيهم الأمل.. فالأمل جداً مهم.
عريفة الحفل: السؤال الآن للأستاذ سعود الشيخي مدير عام وزارة الثقافة والإعلام بمنطقة مكة المكرمة فليتفضل:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه السلام وأتم التسليم. مساء الخير، نشكر سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه الذي أتاح لنا فرصة اللقاء بعالمة سعودية موهوبة سعادة الدكتورة حياة سندي.. نحن فخورون كثيراً بك كبنت للوطن وكما قال لك خادم الحرمين فأنتِ موهوبة فعلاً وسيرتك العطرة خارج السعودية سبقت حضورك إلى المملكة. لقد ذكرتِ من ضمن ما ذكرتِ أنك أجريتِ أبحاثاً على مرض الربو ولا يخفى على الجميع فإنه لا تكاد تخلو أسرة من هذا المرض، فهل وصلت أبحاثك حول هذا المرض تحديداً إلى علاج فعال يقضي عليه؟ وشكراً.
دكتورة حياة سندي: : شكراً جزاك الله خيراً. إن الأبحاث على أمراض الرئة والصدر قد بدأت قبل 200 سنة وبالتحديد في بريطانيا، لكن إلى الآن لا يوجد علاج لمرض الربو. أنا آسفة لهذا الكلام لأن مرض الربو ليس له سبب واحد، بل هنالك عناصر كثيرة تؤدي إلى أزمة الربو، وقد اخترت الربو تحديداً لأن الوالد رحمه الله كان يشكو من هذا المرض فكنت أراه وهو يعاني خصوصاً عندما تأتيه الأزمة.. طبعاً فإن مرض الربو له عوامل عدة كما قلت، ونحن كل ما نبغيه من هذه الأدوية أن نخفف من هذه العوامل، ومرض الربو يتعلق بجهاز المناعة مثلما يتعلق بالجهاز العصبي والجهاز التنفسي، فيقال مثلاً إن أحدهم قد تعرض للبرد فأصابته أزمة لماذا؟ لأن الخلايا الحساسة في الرئة لا تتوفر فيها الطبقة التي تحميها، فأي برد يمكن له أن يهيج الخلايا فتبدأ الأزمة التي تطلقها كريات الدم البيضاء في الدم ما يؤدي إلى الحساسية، ويسمونها الحساسية لأنها عبارة عن نوع من أنواع الـIG التي تعمل كالمضادات الحيوية في الجسم فتساعد على حدوث هذه الأعراض. إلى الآن نحن لم نتوصل إلى حل لم يجرب، لكننا توصلنا إلى أدوية تساعد على تخفيض عدد كريات الدم البيضاء في الدم لأنها لو خففت فمن الممكن للإنسان أن يعيش طوال حياته من دون أن يصاب بأزمة وممكن أن يصاب بمعدل مرة واحدة في السنة، لكن العلاج الكامل فإني آسفة بأن أقول لك بأننا لم نتوصل إليه.
عريفة الحفل: الزميلة نازك الإمام.
نازك الإمام: السؤال من سيدة الأعمال الشابة سارة عسيري فلتتفضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مساء الخير سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه، الحمد لله على سلامتك ونشكرك جزيل الشكر لإعادة ((الاثنينية)) ونتمنى أن تستمر مدى العمر. دكتورة حياة: أسعد الله مساءك وجميع أيامك كما أسعدتنا وأثلجت صدورنا بكلامك الجميل والمحفز لنا، واسمحي لي أن أطلق عليك لقب ((سفيرة العلم)) في هذا المساء فأنت فعلاً تستحقين هذا اللقب لأنك قدوة لكل طالبات العلم في هذا الوطن. دكتورة حياة: خلافاً لجائزة الملك فيصل العالمية والتي تستكشف المبدعين في العلم مبكراً وبالتالي يحصل الفائزون بعد نيلها على جائزة نوبل العالمية.. ما أردت قوله هو خلافاً لذلك لا توجد ساحات للتكريم ترتقي لتكريم المبدعين في هذا الوطن إلا عندما يكون المكرم يدف على عجلتين أو أنه قد فارق الحياة.. سؤالي: هل ترين أن الوقت قد حان لإيجاد قناة دائمة ومبتكرة لتكريم كل غرس جميل في هذا الوطن ولكن مبكراً؟ وشكراً.
دكتورة حياة سندي: جزاك الله خيراً. طبعاً أنا لا أستطيع أن أدخل في ماهية الأسباب أو العناصر التي يختار على أساسها الفائزون بجائزة الملك فيصل العالمية، لكن كل الناس الذين يتم اختيارهم هم أناس رائعون جداً لكني أؤيدك في أنه يجب علينا في المعهد أن نتوج وأن نحتفل بالابتكار والإبداع.. نحتفل بالنماذج التي تساهم في نهضة المجتمع مثلما نحتفل بالمغنيات والمغنين والرياضيين، فتحتفل بالمبتكرين والمبدعين ونسلط الأضواء عليهم لأنهم سيكونون ملهمين لمجتمعهم وبلادهم ومدارسهم وجامعاتهم وهذا ما سوف نقوم به في معهد "I2" كل سنة يتخرج من عندنا 12 طالباً سوف نسلط عليهم الأضواء وسوف يكونون بالنسبة لي ولكل الناس أبطالاً في المجتمع. فأنا مثلاً عندما بدأت في مجلة التكنولوجيا والعلوم كان ملهما مسيرتي ألبرت آينشتاين وماري كوري، فكنت أسأل أبي وأنا صغيرة: ((هل هما من البشر؟))، لأنني لم أكن أرى هذه النماذج من حولي ومن الصعب أن تكون عندك قدوة في هذا المضمار على الصعيد الوطني كالممثلين والأدباء.. إذاً نحن نحتاج إلى هذه النماذج ونريد من هذا التكريم أن يتوّج رواداً وعباقرة في نهضة البشرية، وهنا أود أن أضع في بالكم أن الإنسان عندما يبدأ عملاً أو عندما يبدأ مسيرته في الحياة عليه إتقان عمله بإخلاص.. فالجوائز حلوة لها جمالها لكنها كمالية وليست أساسية، فإذا جاءت فالحمد لله وإذا لم تأتِ فهي ليست هدفي في الحياة، وأريد أن أقول أيضاً إنه لا ينبغي أن يكون في بالنا لدى دراستنا العلوم والتكنولوجيا أن الهدف منها هو الحصول على الإجازة الفلانية فهذا هدف ثانوي، لكن الهدف الأول هو كيف أستطيع باختراعي أن أغيّر حياة البشر -ولو حياة شخص واحد- إلى الأفضل.
عريفة الحفل: إذن عودة مرة أخرى إلى هنا وسؤال من الدكتور عبد الله الغيثي جرّاح مناظير وسمنة:
يقولون في الغرب "نرفع القبعة احتراماً"، أما أنا فأرفع لك العقال احتراماً وتقديراً. سؤالي من شقين: فيما يتعلق باختراع التشخيص المبكر، هل هناك خطوات عملية لإيجاده في مستشفياتنا؟ هل تكلمت مع متخصصين في وزارة الصحة وفي سواها؟ الشق الثاني: بما إني جراح سمنة فأنت تقولين إنك ستبادرين إلى سؤال الدكاترة عما يريدون، أنا هنا قد أتيت لأسألك كيف تستطيعين مساعدتنا للوقاية من مرض السمنة الفتاك حيث نعتبر في السعودية وللأسف الدولة الثانية في العالم العربي من حيث نسبة السمنة المفرطة والتي بلغت 33% من تعداد السكان ومعظم العمليات تعطي نتيجة لخمس سنوات ومن ثم يعود وزن المريض إلى الازدياد. شكراً جزيلاً.
دكتورة حياة سندي: شكراً. طبعاً الاختراعات كثيرة وأنا قابلت رجال أعمال هنا وكلهم للأسف لم يبدوا تشجيعاً لأنها لم تشكل بالنسبة إليهم ربحاً فلا يستطيعون أن يمولوا للأسف، لكن هذا الاختراع إذا اكتمل إن شاء الله فسوف يكون لجميع نساء العالم، لأن تكلفته ستكون بدل أن تشتري ماموغرام كلفته 50 ألف دولار فسوف تكون تكلفة الاختراع 100 دولار أو يمكن أن ينخفض بحسب المنطقة إلى 10 ريال، فإن شاء الله سوف يكون هذا لجميع نساء العالم.. كل خير وطبعاً أرباح هائلة.. تخيلي كل نساء العالم تستطيع أن تقتني الجهاز، لكن على رجل الأعمال أن يكون عنده بعد النظر والرؤية وأن يكون صابراً في البداية.. حتى الآن لم أجد هذا الشخص.. إن شاء الله أجده.. السمنة طبعاً يعاني منها العالم كله فعلاجها ليس في الجهاز وليس في الدواء رغم أنه قد يكون دواء في بعض الأحيان إذا ما كان السبب صحياً.. لكن علاجها يكمن في تعديل نوعية حياتنا حتى نجعل الميتابوليزم يعمل بطريقة فعالة، أي نستطيع أن نحرق ما نأكله مباشرة. صحيح أنني أحب العلم وأحب المختبرات لكني أحب الحياة أيضاً لجهة ضرورة أن أمارس الرياضة في كل يوم لأنني أؤمن بأن العقل السليم في الجسم السليم.. فأنا طبعاً أشجع كل إنسان أن يمارس الرياضة ويأكل طعاماً مفيداً.. نحن هنا لدينا مشكلة وهي أننا لا نجد طعاماً عضوياً (Organic) أي خالٍ من المبيدات الحشرية التي تساهم في تغيير نوعية الـ DNA في جسمنا عن جد أو طريقة الـ Packaging التي نقوم بها أو طريقة الأكل أو نوعية الأكل، كذلك فإن أحد أسباب السمنة هو التوتر المرتبط بالحالة النفسية وبنظرتنا للحياة وكيف نتقبل المصائب في الدنيا وكيف نواجه الحياة بكل ما فيها، وفي ما إذا كنا نهتم بالأشياء التافهة البسيطة أم عندنا هدف كبير في الحياة.. فالأشياء الثانوية هذه لا تخلق لي أي إشكالية في حياتي، فالناس الذين يكون هدفهم في الحياة كبيراً للغاية لا تؤثر بهم الأشياء البسيطة، في حين أن من تؤثر بهم الأشياء البسيطة كما لو أن أحد معارفي لم يسلّم علي أو أشياء ثانوية من هذا القبيل فإنهم يتأثرون بها ويمكن أن يدخلوا المستشفى بسببها.. إذاً الأمر يتعلق بأسلوب حياتنا وما هي اهتماماتنا في الحياة..
دكتور الغيثي: عفواً سؤالي كان حول الوقاية وليس العلاج..
دكتورة حياة سندي: أنا أتكلم عن الوقاية.
دكتور الغيثي: الوقاية أنا أعرف أن جزءاً منها وراثي لكن الجزء الآخر غير وراثي، فهل يمكن أن نوجد طريقة لنستكشف قبل أن يحدث المرض بأن هذا المريض لديه استعداد للسمنة؟
دكتورة حياة سندي: إذا كان وراثياً؟
دكتور الغيثي: غير وراثي.
دكتورة حياة سندي: غير وراثي.. طبعاً يظهر فوراً للطبيب إذا كان وراثياً أم لا، وذلك من خلال دراسة العائلة عبر سؤال المريضة عن نظام حياتها أو برامجها في الحياة، وهنا يظهر لدينا ما إذا كانت قد أجريت لها تحاليل دلت على خلل في عمل الغدة أو الهرمونات.. أعتقد أن أهم ما أنصح به حول السمنة هو أن يكون هناك وقاية وأسلوب حياة صحّي.
عريفة الحفل: سؤال من البروفيسور حامد الرفاعي رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار ننتقل من بعده إلى الزميلة نازك.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله. بداية أعبّر عن بالغ غبطتي وسعادتي كما هو غبطتكم وسعادتكم بإطلالة الأخ الكريم سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه واستئناف ((الاثنينية)) الأكاديمية الفكرية الثقافية التي نرتفع بها ونستفيد منها كثيراً، فالحمد لله على سلامتكم شيخ عبد المقصود فعافيتكم هي عافيتنا وعافية الثقافة وصحتكم هي صحة الفكر والثقافة. سألني ذات مرة عالم أمريكي رفيع المستوى قال لي: هل أستطيع أن أسمع منكم جواباً مختصراً عن تحديد دقيق لمعنى الإسلام غير الذي يُطرح تقليدياً؟ فقلت له الإسلام بكلمة واحدة هي "إقامة الحياة"، ونحن اليوم نفتخر ونعتز بأننا نحتفي بهدية أم العواصم أم القرى لمسيرة العالم في حركة الاستئناف الحضاري الراشد، وهي الأخت حياة.. لقد لفت نظري أو سمعي من خلال حديثها ظاهرة هي بمثابة الحلم عندي وتحدثت عنها في مسيرة كتبي التي كتبتها، وتتعلق بكيفية إعادة التكامل بين مسيرة الإبداع العلمي التكنولوجي ومسيرة الإبداع الأخلاقي. فالدكتورة حياة تمثل الآن رسالة إسلامية عظيمة مكاوية قرآنية تجعلنا نعيد تصحيح المسيرة البشرية في إعادة التكامل بين مسيرة الإبداع العلمي ومسيرة الإبداع الأخلاقي، لأن هذا هو الخلل الذي تواجهه المسيرة البشرية الآن؛ فهناك خلل وهنا أيضاً خلل: نحن هنا عطلنا مسيرة الإبداع العلمي وهناك عطلوا مسيرة الإبداع الأخلاقي، والدكتورة حياة الآن تقود هذه الحركة العظيمة في إعادة التكامل بين مسيرة الإبداع العلمي ومسيرة الإبداع الأخلاقي. أما لماذا العرب تخلفوا وغادروا ميادين الإبداع العلمي والحضاري فالسبب إخواني بسيط جداً: لأننا عطلنا حركة التكامل بين المسجد والسوق وعطلنا التواصل بين محاريب العبادة الروحية ومحاريب العبادة العمرانية في ميادين الإبداع التكنولوجي، وإذا أردنا أن نعود منصة الانطلاق لا بد من أن نعيد هذا التواصل بين المسجد والسوق وبين عبادتنا الروحية وعبادتانا العمرانية. كل التحية والتقدير لك د. حياة وأنا فخور كما الجميع فخورون وأنا معتز جداً بك وبظاهرتك العلمية الإبداعية المتميزة، بارك الله فيك وأكثر من أمثالك والأمة بخير ما دامت فيها حياة وكل أبناء الحياة وشكراً.
عريفة الحفل: الزميلة نازك وأرجو اختصار السؤال لأننا قاربنا على الانتهاء وشارفنا على نهاية هذه الاحتفالية الجميلة.
نازك: السؤال الآن للدكتورة ليلى حسن عبدالله القرشي، إدارة تربوية وتخطيط تربوي.
بسم الله الرحمن الرحيم، نشرف بوجودنا في أحضان بيت الثقافة الدافئ البيت العامر بالآداب والثقافة والمثابرة النابض بالعلم والعلماء والاحتفاء والاحتفال الدائم بهم، بيت الأستاذ الفاضل عبد المقصود خوجه، جزاه الله كل خير على هذا الإنجاز الرائع. أشرف الليلة بوجودي بينكم لتكريم العالمة الفاضلة ابنة مكة المكرمة وبنت الوطن الوفية حياة سندي جعل أعمالها واختراعاتها في ميزان حسناتها. أنا أريد أن أعرف ما هي الأسباب التي ساهمت في دخولك واختراقك للعالم البعيد.. أتمنى أن تكتبي كتاباً عن تجربتك ليحذو الشباب والشابات حذوك في العمل الجاد والتحدي، فقد كانت رسالتي للدكتوراه أيضاً عن القيادة الإبداعية والمناخ التنظيمي الإبداعي في الجامعات السعودية وهذا ما نفتقد كثيراً إليه، وشكراً..
دكتورة حياة سندي: جزاك الله خيراً. إن من الأسباب التي دفعتني لأتجه نحو هذا المجال أو أدرس في الخارج، هو أنني أحببت أن تكون لي بصمة في العالم، أن يكون لي دور.. والله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه العزيز وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (البقرة: 30)، لذلك فإني أؤمن بأن أي إنسان قادر على أن يخلق بصمة إيجابية، السؤال كان في أي مجال من المجالات؟ وما هو دوري في هذا الكون؟ هل هو حلقة وصل بين الناس؟ يجب أن نفكر في هذا الكلام عند كل مفترق في حياتنا، من هنا أريد التطرق إلى نقطة ثانية هي أن الناس يسألونني دائماً -وليس أنت فقط- بأنني لو لم أسافر إلى الخارج فهل كنت لأدرس أو أتميّز؟ الإجابة عن سؤالك في شطر منه أن الإنسان في حياته يمر بمراحل، وفي كل مرحلة هناك إنسان يؤثر فيك أو معلم يؤثر فيك فتتجهين اتجاهاً معيناً أو تعجبين بمادة أو تكرهينها أو تلهمين باختراع أو مجال معين.. صحيح أني ولدت ونشأت في أسرة تقليدية متديّنة حيث كنا نفيق كل يوم الساعة الثالثة والنصف على صوت أبي يقرأ القرآن للتهجد.. نشأنا في هذا الجو.. الذكر.. طبعاً لا شيء بالإكراه، فهو كان – رحمه الله - يقودنا هذه القيادة الصامتة فطبعاً نشأتي هنا أثرت في شخصيتي، فلما سافرت إلى الخارج كانت تلك ومنذ اليوم الأول نقلة كبيرة لي فكرياً وعلمياً، لكنها أثرت بي روحياً أيضاً بأن جعلتني أتعلق أكثر بجذوري فأهم شيء للإنسان أن تكون لديه جذور، فإنسان من دون جذور صعب أن تتعاملي معه إذ لا يوجد شيء يستطيع أن يعود إليه، فطبعاً إن تلك الفترة في بريطانيا قد أعطتني الـ platform، وفتحت لي المجال لأن أدرس في جامعاتها بعدما أثبتُّ قدراتي، وبالتالي أثّرت فيّ بالتأكيد وصقلتني ووجهت خياراتي نحو مجالات معينة من العلوم والتكنولوجيا كالبيوتكنولوجي، الذي كان بعيداً جداً عن مجال دراستي في ((علم الأدوية))، وطبعاً مرحلة أمريكا أثّرت فيّ بطريقة مختلفة تماماً، فما كنت أحلم به هو كيف آخذ الفكرة من المعمل، إذ إن الإنسان يبذل حياته كلها في المعمل وينتج اختراعات لا تبصر النور، فهذا بالنسبة لي حرام لجهة أنه ضياع للوقت وضياع للمجهود.. وهنا لا يُنتفَع بعلمي، فكيف بإمكاني أن آخذ الفكرة من المعمل إلى السوق، وفي العادة يكون العلماء والمهندسون حساسين جداً بحيث إنه لو طُرح على أحدهم سؤال وهو يلقي محاضرة فإنه يقع في ورطة ولا يعرف بم يجيب ذلك لأنه مغلق، فكل شيء في الحياة سبحان الله يجب أن يكون متوازناً فالموازنة حلوة.. إن كل مرحلة في حياتي قد أثّرت فيّ، وبما أن جذوري هنا فقد اخترتُ اختراعاتي بطريقة معينة.. لقد درست متنقلة في أحسن جامعات العالم؛ إذ إنني بعد كمبردج أكملت في أكسفورد ثم قليلاً في ستانفورد وبعد ستانفورد انتقلت إلى MIT وبعدها إلى تورونتو ومن هناك إلى هارفرد.. هذا كله أثّر في حياة سندي لكن كل هذا يرجع إلى أن بذرتي هنا، حيث خرجت من هنا وقد حفظت 13 جزءاً من القرآن ثم نسيتها في خلال سني دراستي هناك، لكني والحمد لله عدت وحفظت القرآن مرتين في بريطانيا حتى أعطاني الأنس ومنحني الثقة في النفس والهيبة وقوة الذاكرة وأعطاني أيضاً الروح، فإن شاء الله أكون قد أجبت عن سؤالك فقط أنا أحببت أن أتطرق لهذه الجزئية لأن أحداً لم يسألني عنها، فهذه الجزئية من حياتي جداً مهمة، وهي تعني كيف يكون للإنسان دور في الحياة، وكيف يصحو الإنسان كل صباح وقد تجدَّد عزمه على مواجهة مشاكله والتعامل معها واستجمع صبره على تخطيها، مع الابتعاد عن الأشياء الثانوية، لذا أتمنى أن يكون لنا جميعاً في هذه الأمسية وفي هذا الحوار الجميل هدف في الحياة، وأن تنغرس في أولادنا وبناتنا وفي طلابنا وموظفينا ورؤسائنا روح الانتماء إلى هذه الأرض وإلى هذا المجتمع.
عريفة الحفل: الآن السؤال من السيدة آن فاسبر سعادة القنصل العام للولايات المتحدة الأمريكية في مدينة جدة.
بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أشكر السيد عبد المقصود خوجه على الدعوة الكريمة هذه فهذا شرف لي أن أحضر الليلة، وأقول مبروك للدكتورة حياة على النجاح وما شاء الله عليك وأنا سعيدة جداً أنك استفدتِ في هارفرد، لكن الحقيقة أن هارفرد استفادت منك أيضاً وهذا ممتاز جداً، أيضاً أنا أعتقد أن الذين تعرفوا إليك في أمريكا قد استفادوا كثيراً منك فهذا شيء رائع وأشكرك على هذا. سؤالي بسيط: ما هي النصيحة التي توجهينها لبنات بلدك بالنسبة للدراسة والعلم، وهل سوف تكون لديك فرصة لأن تعطي البنات هنا أيضاً من خبرتك وعزمك؟
دكتورة حياة: في الحقيقة إن كل حياتي مكرسة لهن فهن إلهامي في الحياة وأنا أتواصل معهن دائماً وأجيب باستمرار على كل الرسائل الإلكترونية التي تردني على الفيس بوك وأي اتصال يردني أنا أرحب به لأنني أحب التواصل معهن وأحب إذا جئنني في أي مكان أن أصافحهن وأحضنهن لأنني لا أحب أن أشعرهن بأن هناك فجوة بين الدكتور أو البروفيسور والطالب، لأن هذا المفروض أن لا يكون عندنا، حتى بالمناسبة أقول لك إنني دائماً أدعو الجامعات لكي تستقبلني وأنا التي أطلب منها ذلك حتى أستطيع أن ألقي محاضرات وأجتمع بهم فأنا أحب دائماً أن أكون معهم وأسمع منهم، وأيضاً حول ما ذكرته عن هارفرد، فقد بلغني أول من أمس أن المهرجان العالمي الأمريكي قد اختارني للمرة الثانية لكي أكون من ضمن الخمسين لإلهام طلاب وطالبات المدارس حتى يكونوا علماء، لأن الابتكار والإبداع قد انخفضا في أمريكا كما تعلمين بنسبة 50%، وذلك لأن التفكير المادي هو المسيطر في كل أنحاء العالم فصار معظم الناس يفضلون عدم التوجه إلى العلم والتكنولوجيا لأنه بالنسبة إليهم طريق شاق وصعب وسيعيشون فقراء بسببه حتى يموتوا.. فأول المدارس التي طلبتني لكي أذهب وألهمها هي المدرسة الكاثوليكية فسألت لماذا أنا، فقالوا ببساطة لأنني ربطتُ بين الدين والعلم، إذ إن العائلات الكاثوليكية تخشى على أبنائها وبناتها من أنهم إذا توجهوا لدراسة العلوم فإنهم سوف يكونون ملحدين لأن التفكير السائد أن الإنسان المتدين لا يستطيع أن يبدع فكانوا يخافون من هذا الأمر. أيضاً هناك مدرسة أخرى في أمريكا لطالبات العلوم قد دعتني إليها لألهم البنات في العلوم، فدخلت القاعة وكانت البنات سعيدات وأتين ليرونني إلا واحدة منهن كانت تتجاهلني تماماً وتشغل نفسها بغزل الصوف رغم أن عينها كانت معي، طبعاً أنا لاحظتها لأنها كانت تجلس في الصف الأول، وكانت المدرسة تقول لها إن ما تفعله عيب لكنها استمرت تغزل الصوف حتى انتهينا من المحاضرة فوضعتها في بالي.. ثم دعونني إلى العشاء وكانت هي جالسة إلى جانبي ملتزمة الصمت الكامل، كلهن سألنني إلا هي.. ثم مرت بضعة شهور فتمت دعوتي إلى حفلة التخرج في المدرسة نفسها، فوجدت أن تلك الفتاة هي المتحدثة الرئيسية باسم البلد في حفلة التخرج، فقامت تتكلم طبعاً وما شاء الله عليها كانت رائعة ومتمكنة لذلك اختاروها هي للتحدّث، فآخر SLIDE شريحة مرئية كانت من نصيبها وقد وضعت صورة مكة المكرمة ، ثم قالت: شكراً لـ "مس سندي" لأنها عندما أتت أعطتني اعتزازاً بهويتي. الفتاة كانت إذاً مسلمة وقد اختارت الصورة نفسها التي وضعتها في برنامج Power Point، فشكراً لها لأنها أشعرتني بأنني قدمت شيئاً لها وثبتُّ انتماءها واعتزازها بهويتها، ولقد تعرفت فيما بعد إلى أمها وأبيها اللذين جاءا يشكرانني، إنه إحساس جميل فعلاً. أنا أنتمي لهذا العالم العربي وأنتمي لهذا العالم الإسلامي وأنا فخورة بهذا الانتماء، وما ذكرته نموذج صغير عن عطائي للخارج فما بالك عن عطائي هنا؟ أنا لهن دائماً ومتواصلة معهن باستمرار والمعهد هذا من أجلهن ونصيحتي لهن بأن ما يميز إنساناً عن آخر هو العلم.. فما الذي نجّى النبي يوسف عليه السلام من السجن؟ إنه علمه بتفسير الأحلام.. كذلك سيدنا موسى عندما ذهب في رحلته مع الخضر كان عنده علم... لكن العلم يحتاج أيضاً إلى فضيلة يجب أن تكون في الإنسان ألا وهي الإتقان.. الإتقان في التلقي الإتقان في العطاء ومن الإتقان يأتي التميز لأنك عندما تكوني متقنة في تلقي العلم وفي عطاء العلم يجب أن يأتي التميز، فنصيحتي لكن أن تُخلصن لما تقمن به وأن يكون لديكن هدف في الحياة، وأنتن كأي إنسان في العالم قادرات على الابتكار والإبداع فقط عليكن إيجاد الطريقة التي تناسب ظروفكن وتتخطين العواقب فتصلن إلى هدفكن، وإذا ما أوصد ربكنّ باباً فإنه يفتح آخر وشكراً.
 
 
طباعة
 القراءات :336  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 9 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج