محمد إن عمك قد تناءى |
وخلى الأرض واعتنق السماء
(2)
|
وراح إلى الجهاد رواح بازٍ |
ألحَّ على قوادمه اعتلاء |
وظلنا نحن في عيش خفيض |
رجالاً -نحن ويحك- أم نساء؟ |
نلقم زادنا، فنشيم قتلى |
ونجرع ماءنا فنرى دماء |
وهل (ليت) بنافعةٍ إذا ما |
تمنيت الردى من حيثُ جاء؟ |
ومُذْكٍ ليس يعوزه وقود |
لنار ما نملُّ لها اصْطلاءَ |
أبى (صهيُونُ) إلا خوض حربٍ |
فزدنا فوقَ مأْباهُ إباءَ |
وخفَّ إليه فتيان إذا ما |
دعا داعي الوغى استبقوا الدعاء |
أكرَّ من الصدى مرحاً، وأمضَى |
من النور الغزير إذا أضاءَ |
مرارة أنْفس، قطرت زعافاً |
ونظرة أوجهٍ بهرت سناءَ
(3)
|
وكم وجهٍ نضير، قد نراهُ |
بحيث ترى الحرائر والإماءَ |
يمضك أن يذكر منه إسمٌ |
وقد كانت رجولته طلاءَ |
ثرى أرضٍ منحناهُ الحنايا |
وزدنا فوقها المهج الظّماءَ |
نقبل تربها، ونشمُّ منه |
شذى عدنٍ، ونمنحها الفداءَ |
وهل لك موطن، إن كنت فيه |
تهاب الموت أو تخشى اللقاءَ؟ |
إذا أدركتَ أن الموتَ حَقُّ |
ففيمَ تخاف في الله الفناءَ؟ |
وكم حُرٍّ إذا ما النفس جاشت |
من الأعداء، ناصبها العداءَ |
إذا الموت أطَّبَاه بنأْي دارٍ |
أغذَّ لهُ المسير بحيثُ شاءَ |
* * * |
فقل لله: نصرك. إن هوداً |
أبت إلا افتراءً واعتداءَ |
ونح يا (إرميا) نوحاً طويلاً |
وعلم (بنت يفتاح) البكاءَ
(4)
|
أراني الله فيهم يوم سوءٍ |
وكم أمرٍ يسر بحيث ساءَ |
متى تمسي هياكلهم تراباً |
ويُضحِي ربع أهلهمُ قواءَ؟
(5)
|
وننظم من جماجمهم عقوداً |
وننثر من عقائلهمْ سباءَ؟ |
* * * |
أخي! كُنْ كالحسام مضاءَ حدٍّ |
وكن كالموت إعضالاً وداءَ |
على قومٍ أضلَّ الله نهجاً |
لهم، وأضاع سَعيهمُ هَباءَ |
وكن في دارهم زلزال خَسْفٍ |
وَهُزْ على روابيها اللواءَ |
* * * |
وصية أشوسٍ، كم ود لو أنْ |
غدا كالذئب حيث أراغَ شاءَ
(6)
|
وسابق في نفوسهم المنايا |
وجاوز في تحديه القضاءَ |
فيا رباه. سق لي في حياتي |
كؤوس ردى أدور بها انتشاءَ |
فكم شئت السكون، ولا سكوناً |
وكم رمت العزاء، ولا عزاءَ |