طيوف من الذكرى تمر ببالي |
وقد آذنت شمس الضحى بزوالِ |
تذكرني روضاً من العلم زاهراً |
تيممته خصباً فسيح مجالِ |
لأقطف من أغصانه يانع الجنى |
وأمرح منه في مديد ظِلالِ |
فأنهلت ذهني من عيون معارفٍ |
وحلق في رحب الفضاءِ خيالي |
مدى زمنٍ ما طال، لكن وقعهُ |
كوقع الحيا في مجدبات رمالِ |
وللمرءِ حدُّ ليس يعدوهُ، والمنى |
كبارقِ صيف، أو كلامع آل |
وإني على ما قد تركت لنادمٌ |
كما ندم المغلوبُ بعد قتال |
* * * |
ومدرسة معقودةٌ جنباتها |
على كل طماحٍ شديد محالِ
(2)
|
يشيد بإطراءٍ لها غيرُ كاذب |
وينضح عنها الذم غيرُ مغالي |
يمر عليها ربع قرنٍ ولم تزل |
تفيض بنبع -لا يغيض زلال |
ويخدم فيها العلمَ سامو مبادىءٍ |
مُجَلُّو مضامير، كرام سبال
(3)
|
أساتذة فاقوا ونالوا بجِدهمْ |
من الفهم والعرفانِ كل منالِ |
هم وقفوا منهم على العلم أنفساً |
مدى الدّهر ما ذلت لأي سؤالِ |
* * * |
ويا محسناً من بين قومٍ أشحة |
مماليك أطماع أحبة مالِ |
فما ذب فيهم واحد عن فضيلةٍ |
ولا جاد منهم واحد بنوالِ
(4)
|
سننت لهم في النبل أطيب سنة |
وكنت لهم في الجودِ خير مثالِ |
وقمت بمجهود تكاءد أُمةً |
بقوة نفس زُيّنتْ بفعالِ
(5)
|
مآثر فردٍ مستقيم طويةٍ |
مهذب أخلاقٍ حميد خصالِ |
* * * |
أنيري سبيل الناشئين ورددي |
صدى العلم في قفر هنالك خالي |
وقومي مقامَ الأم تعنى بنسْلها |
وتذخرهم للمنصب المتعالي |
وتدني لهم ما شط من رُتبِ العُلا |
وتهديهم للحق بعد ضلال |
وتمنحهم من نصحها ما يعينُهُم |
على نصبٍ من دهرهم ونضالِ |
فإنك أنت النور في حلكِ الدجى |
يسير عليه النشء دون كلالِ |
يشق طريقاً في الحياة ويرتقي |
إلى الذروة الشماءِ غير مبالي |
فما ضل من يهدي إلى نور دعوةٍ |
ولا خاب من يسعى لنيلِ معالي |