يحف بك الإكبار في كل محفل |
ويكنفك التوفيق في كل مَنْزِلِ
(2)
|
فما رحت من قطرٍ لآخر غيرهِ |
تجوب وتطوى مجهلاً بعد مجهلِ |
سوى أن تُساوي بين أُمّتك التي |
عدت منك في ظل أمين مظللِ |
فإنصاف مظلومٍ وتخفيفُ كُرْبَةٍ |
وتنفيذ أحكام الكتاب المنزلِ |
وتشييدُ عُمْرَانٍ وإعلامُ نَهضةٍ |
بدت مثلَ برقِ العارضِ المتهللِ |
حكمت، فضاءتْ صفحة ذهبيةٌ |
لعهدِكَ موفورَ المزايا لتعتلي |
لتعلو بعهد ما تغنت بمثلهِ |
مآثر "هارون" ولا المتوكلِ
(3)
|
مآثركم يشدو بها كل شاعرٍ |
وينقلها العصرُ الحديث لِمقْبِلِ |
* * * |
لقد كانت الفوضى تَمدُّ رواقها |
وقد كان ركنُ الأمنِ جِدَّ مُزَلْزَلِ |
إذا اختل حبلُ الأمن في قُطرِ أُمَّةٍ |
فذلك عقدٌ حَلهُ جِدُّ مُشْكِلِ |
تعْمي عيون الناس كف ساسةٍ |
لتحجبَ تمويهَ الخداع المضلِلِ |
بها قد غدا شعب العروبة حائراً |
مصاباً بداءٍ لا يعالجُ معضِلِ |
عوامل تنتاب البلاد قويةً.. |
تهدد منها مقتلاً أيَّ مقتلِ |
إلى أن أتيتمْ فاغتنمتم دواءها |
وعالجتموها بالنظام المشكلِ |
هو اليوم، يوم لا يثنى بغيرهِ |
فلله من يومٍ أغرٍّ محجلِ |
به صرتَ في هذي الممالك عاهلاً |
وأصبحتَ فيها مَوْضِعاً لمؤملِ |
ألا فاجن أثمار الجهود فإنها |
على مركز سامٍ ومجدٍ مؤثلِ |
فإن الذي يبغي العلا بفعالهِ |
هنا، غيرَ مَنْ يبغي العلا بالتقولِ |
وذاك الذي يلقى الحياة مواجهاً |
ويصبح من كل القوى شِبه أعزَلِ |
فذاك امْرؤٌ خابي القريحة خاملٌ |
وذاك عن المجدِ العريق بمعزلِ |
فما العزم إلا عزمة أنتَ ربُّها |
لها الصعب يغدو وهو جد مذللِ |
وما الرّأي مشحوذُ القريحةِ نافذٌ |
سوى رأيكَ المشهورِ، ضربةُ صيقلِ |
وما الدين إلا والليالي شواهد |
فكم ليلةٍ أحييتها بالتبتلِ |
وما الحرب إلا أنتَ موقدُ نارِها |
يقاسِي لظاها كلُّ من جاء يصطلي |
وما الحِلمُ إلا أنت، فيك مجسمٌ |
غريزةُ طبعٍ راسخٍ متأصلِ |
وما الجودُ إلا أنت ناقل سيبهِ |
لتقويم محتاجٍ وتعضيدِ أرْملِ |
خلائقُ أبقاها الزّمانُ لقُدوةٍ |
غناءُ المغني، طرفةُ المتمثلِ |
فجُرَّ بها ذيلاً فأنتَ متوج |
بتاجٍ لمحمود المزايا مكلَّلِ |
ولا تطلَّب شيئاً فما من مزيةٍ |
عدتك، فخلِّ الفضل للمتسوِّلِ
(4)
|
* * * |
رحلت إلى نجدٍ يشيعكَ الوَرَى |
بحب، ألا لا كان يوم التَّرحُّلِ |
لشتان، يوم فيه تقدمُ عائداً |
ويومكَ في الترحالِ، عند التأملِ |
لقد خفقت عند الوداع قلوبنا |
وما القلب إلا بالشعورِ الممثَّلِ |
ويُفرح من أضحتْ مضاربُ دارِهِ |
"بسفح اللوى بين الدخول فحوملِ" |
* * * |
إذا صغت في هذا المديح بدائعاً |
فما أنا في هذا المديح بأوَّلِ |
تغنت بك الأطيار في وكناتها |
فترنيم حسونٍ وتغريدُ بلبلِ |
وأهداكَ من يستوحي الشّعر شعرَهُ |
عقوداً كحباتِ الجمانِ المسلسلِ |
فما أنا في مدحي لكمْ بمحَذْلِقٍ |
وما أنا بالثرثار في كل محفِلِ |
وما أبتغي في مدحك الصيت ذائعاً |
فحسبي من صيتي يراعي ومقولي |
ولكنما أُمْلي بما في سريرتي |
وذلك كاف عن طويلِ الترسُّلِ |
* * * |
ألا فاسمُ واستهزىء بأعدائكَ الأُولى |
كأنهم من غيظهم فوق مرجلِ
(5)
|
وعش ذائداً عن حرمِة الدين قائماً |
على العرب في قدر عظيم مبجلِ |
تسوس بلاداً تلبس المجد ضافياً |
وتنعم في حكميْ سعودٍ وفيصلِ |
لقد شئتُ تطويل المديحِ وإنما |
ينمُّ لكم إجمالهُ عن مفصَّلِ
(6)
|